عادت العاصمة الأوكرانية كييف إلى واجهة المشهد الدبلوماسي الأوروبي، مع تكثف زيارات القادة الأوروبيين في الأسابيع الأخيرة، وسط تصعيد متواصل في الحرب الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وبينما تصف العواصم الغربية هذه الزيارات بأنها تعبير عن التضامن والدعم السياسي والإنساني، تعتبرها موسكو دليلًا إضافيًّا على انخراط أوروبا في "حرب بالوكالة" ضد روسيا، وتوظفها لصالح أوكرانيا في صراع جيوسياسي متصاعد.

وجهة النظر الروسية: مؤامرة غربية مغلفة بالدبلوماسية


تُشكك موسكو في نوايا الزوار الأوروبيين، وترى في زياراتهم رسائل سياسية تستهدف رفع معنويات كييف المنهكة. وتعتبر القيادة الروسية أن أي حديث عن وقف لإطلاق النار -حتى وإن كان مؤقتًا- ما هو إلا وسيلة لإعادة تموضع الجيش الأوكراني وتجديد موارده.

وترفض موسكو أي تسوية لا تضمن انسحاب الناتو من محيطها الإقليمي، أو تُبقي على خطوط تماس لا تتوافق مع مكاسبها الميدانية.

وفي هذا السياق، تبعث روسيا برسائل واضحة تؤكد مضيها في العملية العسكرية، وتروج عبر إعلامها لهشاشة الموقف الأوروبي وتآكله، سياسيًا واقتصاديًا، في ظل استمرار الحرب.

كييف: رسائل دعم في توقيت حساس
في المقابل، تنظر أوكرانيا لهذه الزيارات بوصفها ضرورية لإعادة الزخم إلى دعم غربي بدأ يتراجع تدريجيًا، خاصة مع تصاعد النقاشات في أوروبا حول كلفة الحرب. وتُصرّ كييف على أن أي حل سياسي يجب أن يُبنى على انسحاب روسي كامل وضمانات أمنية، لا على تجميد الصراع.

أوروبا منقسمة: دعم مشروط أم إصرار على الحسم؟

 


التباين الأوروبي واضح. فدول أوروبا الشرقية، مثل بولندا ودول البلطيق، تواصل الضغط لتصعيد الدعم حتى "الانتصار الكامل"، بينما تميل عواصم مثل برلين وباريس إلى خيارات أكثر واقعية، تعكس تململًا داخليًّا من استمرار الحرب.

وفي هذا السياق، أثار كشف بريطانيا عن خطة طوارئ سرية لمواجهة هجوم روسي محتمل جدلًا واسعًا حول احتمالية توسيع موسكو لحربها. لكن مراقبين، من بينهم الكاتب المقيم في موسكو سعد خلف، يرون أن الحديث عن هجوم مباشر على بريطانيا أو ألمانيا يدخل في إطار التضخيم السياسي والدعائي، وليس على أجندة القيادة الروسية الحالية.

روسيا والغرب: صراع ممتد دون مواجهة مباشرة


يؤكد خلف، في تحليله المبني على متابعة دقيقة للخطاب الرسمي الروسي، أن موسكو لا تسعى لمواجهة عسكرية مباشرة مع دول الناتو الكبرى. بل إنها تركز على حماية مجالها الحيوي، وردع توسع الحلف نحو حدودها. كما يرى أن التهويل من "الخطر الروسي" يخدم أهدافًا غربية تتعلق بتبرير رفع ميزانيات الدفاع وتوحيد الرأي العام الداخلي.

في النهاية رغم أن الحديث عن مواجهة شاملة يبدو مستبعدًا في المرحلة الحالية، إلا أن زيارات القادة الأوروبيين إلى كييف تعكس إدراكًا بأن الحرب دخلت مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا.

وبينما تتجنب روسيا المواجهة المباشرة، فإن أوروبا تسير على خيط رفيع بين دعم أوكرانيا وتجنب الانزلاق إلى صدام مباشر مع موسكو. ويبدو أن مرحلة "الصراع البارد المفتوح" باتت واقعًا يصعب تجاهله.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: زيارات كييف القادة الأوروبيين موسكو أوكرانيا الناتو الحرب الدعم الغربي روسيا المواجهة المباشرة الصراع الجيوسياسي أوروبا الشرقية بولندا برلين باريس خطة طوارئ هجوم روسي التحليل السياسي سعد خلف ميزانيات الدفاع الخطاب الروسي انسحاب روسي الضمانات الأمنية خطوط التماس الحرب بالوكالة

إقرأ أيضاً:

من كييف.. زعماء أوروبيون يدعون روسيا لوقف إطلاق النار

دعا عدد من الزعماء الأوروبيين، السبت، روسيا إلى قبول وقف إطلاق النار بشكل كامل وغير مشروط لمدة 30 يوم في أوكرانيا.

ووصل المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ونظيره البولندي دونالد توسك، إلى كييف، السبت، لتأكيد دعمهم لأوكرانيا والضغط من أجل وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في الحرب مع روسيا.

وفي بيان صدر قبل المحادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعا الزعماء الأوروبيون روسيا إلى قبول "وقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار، يستمر لمدة 30 يوما، لإيجاد مساحة للمحادثات بشأن سلام عادل ودائم"، مما يعكس اقتراحا طرحه في بادئ الأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتعهد الزعماء بمواصلة "زيادة الضغط على آلة الحرب الروسية" حتى توافق موسكو على وقف إطلاق نار دائم.

وتتزامن زيارة الوفد مع تجدد الجهود الدبلوماسية الأوروبية التي تبذلها مجموعة أوسع نطاقا تضم 30 دولة بقيادة فرنسا وبريطانيا تسمى "تحالف الراغبين"، تجتمع للإعداد لدعم محتمل لأوكرانيا بعد وقف إطلاق النار.

وكان سفير أوكرانيا لدى ألمانيا أوليكسي ماكييف، أعرب في وقت سابق من السبت عن توقعه بأن يتعهد ميرتس بإرسال شحنات جديدة من الأسلحة الألمانية إلى أوكرانيا، وذلك خلال زيارته لكييف.

وذكرت دوائر مطلعة أن الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المحافظين في برلين تعتزم إبقاء تسليم الأسلحة الألمانية لأوكرانيا بشكل سري إلى حد كبير.

وقال مصدر حكومي مساء الجمعة، إن الهدف الرئيسي هو "حرمان المعتدي من أي مزايا عسكرية في حرب أوكرانيا".

مقالات مشابهة

  • روسيا ترد على ضغوط الغرب لوقف الحرب: لغة الإنذار غير مقبولة
  • ماكرون: الهدنة لا تفترض وقف توريد الأسلحة إلى كييف من قبل الاتحاد الأوروبي
  • للضغط من اجل الهدنة ..قادة أوروبا في كييف
  • قادة أوروبا في كييف: مساعٍ لتكثيف الضغط على روسيا ودفعها إلى هدنة
  • إذا استمرت الحرب.. أوروبا تهدد موسكو بعقوبات جديدة
  • من كييف.. زعماء أوروبيون يدعون روسيا لوقف إطلاق النار
  • قادة وزعماء أوروبيون يزورون كييف إحياء لما يعرف في أوكرانيا بيوم أوروبا
  • بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الدولة تحتفل بـ«يوم أوروبا»
  • الاتحاد الأوروبي يعلن تشكيل محكمة خاصة لمحاسبة قادة روسيا