القاهرة- بدأت وزارة البترول منذ أمس استقبال شكاوى مضخات الوقود بالسيارات "طرمبة البنزين" بحد أقصى 2000 جنيه للتعويض (الدولار يساوي 51 جنيها) باستخدام رقم الشكوى المسجل خلال الفترة 4-10 مايو/أيار الحالي، مع تقديم مستندات ملكية السيارة وفاتورة الاستبدال المعتمدة.

وخلال الأيام القليلة الماضية تكدست طوابير السيارات أمام مراكز الصيانة لاستبدال مضخات الوقود التالفة، في القاهرة وعدة محافظات مصرية، بالتزامن مع تصاعد الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود "بنزين مغشوش"، خصوصا في نوعي 92 و95، الأكثر استخداما.

وبينما انتشرت منشورات وشهادات تفيد بتضرر مضخات الوقود بالسيارات، تساءل مراقبون ومستهلكون عمّا إذا كانت الأزمة حقيقية وتعود إلى فساد أو إهمال أدى لتلوث الوقود، أم أن هناك شيئا آخر.

من جانبهم، بات المستهلكون أقل ثقة في الروايات الرسمية، ومع تكرار التغيرات الغامضة في السوق، والانقطاع المفاجئ لبعض الأنواع ثم عودتها بأسعار أعلى، تنمو قناعة بوجود تلاعب.

شكاوى المستهلكين تحوّلت إلى قضية رأي عام تتطلب تدخلا رقابيا (مواقع التواصل)

وفي جولة ميدانية للجزيرة نت بعدد من محطات الوقود المزدحمة، أفاد عمال المحطات بوجود أزمة حقيقية مصدرها الموردون لا المحطات.

إعلان

وأكد مدير إحدى المحطات، متحفظا على ذكر اسمه، أن المحطات تخضع لتفتيش دوري، ويجري فحص خزانات البنزين بدقة لضمان عدم اختلاطه بالماء.

بدورها، تقدمت النائبة فاطمة سليم بطلب إحاطة عاجل لرئيس الحكومة ووزيري البترول والتموين، بعد تصاعد شكاوى المواطنين من بنزين "مغشوش" أو منخفض الجودة تسبب في أعطال مفاجئة لسياراتهم، خاصة في مضخات البنزين، وسط توقف مفاجئ لعدد من المحطات.

وقالت في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: "المطلوب الآن ليس فقط إجابات واضحة من الحكومة، بل إجراء تحقيق فوري ومستقل وشفاف لكشف ملابسات الموضوع وإعلان نتائجه للرأي العام دون تأخير".

 موقف الحكومة

في المقابل، خرجت وزارة البترول ببيان رسمي حاسم، أكدت فيه التزام الدولة الكامل بالجودة والمواصفات القياسية، في محاولة لتهدئة المخاوف وطمأنة المواطنين، قبل أن تراجع الوزارة موقفها وتعترف بالأزمة ثم تقرر تعويض المستخدمين وفق ضوابط أثارت جدلا.

وكان أول رد فعل رسمي على ما أثير من مخاوف، تشديد وزارة البترول والثروة المعدنية في بيان لها على أن "جميع المنتجات البترولية، بما في ذلك البنزين المسوق محليا، تخضع لرقابة وفحوصات دورية دقيقة ضمن عمليات الإنتاج والتوزيع المختلفة لضمان مطابقتها للمواصفات القياسية المصرية".

وأوضحت الوزارة أنه تم تحليل عينات من البنزين المسوق في مختلف أنحاء البلاد، سواء من مستودعات شركات التوزيع أو من شركات التكرير المنتجة، وأظهرت النتائج -حتى تاريخه- مطابقة تامة للمواصفات القياسية.

وأضاف البيان أنه "تم التواصل مع كافة شركات التسويق الكبرى، ومن بينها شركتا مصر للبترول والتعاون، إلى جانب الشركات الخاصة الأخرى، وأكدت جميعها عدم تلقيها أي شكاوى من العملاء تتعلق بجودة البنزين".

وبحسب وزارة البترول، فإن شهادات تحليل البنزين لشهر أبريل/نيسان الماضي، وحتى تاريخ البيان، أظهرت استمرار مطابقة المنتج للمواصفات. كما دفعت الوزارة بمجموعات تفتيش إضافية لسحب عينات مباشرة من محطات الوقود على مستوى البلاد، ضمن خطة لتعزيز إجراءات الرقابة والمتابعة.

إعلان

وأكدت الوزارة في ختام بيانها أن قنوات الاتصال الرسمية مفتوحة لتلقي أية شكاوى عبر الخط الساخن 16528، مشددة على التزامها الكامل بضمان جودة المنتجات البترولية وتحقيق استقرار السوق المحلية.

تحذير من جيوب الغش

ورغم النفي الرسمي، واصل مستخدمو السيارات الشكوى من تلف مخضات البنزين في سياراتهم، وبعيدا عن الضجة الشعبية، سعى خبراء القطاع إلى تقديم قراءة فنية ومتزنة للوضع الراهن.

ورأى أستاذ اقتصاديات البترول، جمال القليوبي، أن احتمالية وجود بنزين مغشوش بشكل واسع في مصر "مستبعدة تماما"، مرجحا أن تكون بعض الحالات المرتبطة بتراجع الجودة قد ظهرت في مناطق نائية أو ساحلية تفتقر إلى محطات توزيع معتمدة.

الموقف الرسمي يستند إلى نتائج فحوصات تؤكد مطابقة البنزين للمواصفات (شترستوك)

وقال القليوبي: "الأمر قد يتعلق ببعض الممارسات في بعض المناطق النائية والساحلية التي قد تغيب عنها الرقابة، خصوصا التي لا يوجد بها بنزين معتمد، وقد توجد بها بعض ممارسات الغش من أجل التربح".

وأشار إلى أن بعض الجهات قد تلجأ إلى خلط بنزين 95 عالي الجودة بكميات كبيرة من بنزين أوكتين 80 وبيعه على أنه بنزين 92، لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.

ورغم هذه المخاوف، شدد القليوبي على أن أكثر من 5 آلاف محطة بنزين في مصر تخضع لرقابة الهيئة العامة للبترول، مدعومة بآليات فنية ورقابية صارمة، تشمل معهد بحوث البترول واللجان الفنية التي تجوب المحافظات لتحليل عينات البنزين.

كما أوضح أن بعض الأعطال التي أبلغ عنها المستهلكون قد تكون ناجمة عن عوامل فنية، مثل:

ضعف صيانة بعض المحطات. استخدام مضخات منخفضة الجودة بسبب اللجوء إلى قطع غيار رخيصة في ظل ارتفاع سعر الدولار. اختلاط البنزين بالمياه نتيجة خلل في بعض التجهيزات.

وأكد القليوبي أن "بنزين 92 الموجود في مصر يتمتع بالجودة ومطابق للمواصفات، لكن الأمر يتطلب إحكام الرقابة على بعض مراكز التوزيع غير المرخصة، التي تقع خارج نطاق الرقابة المباشرة".

إعلان

كما نفى وجود أي توجه حكومي لإلغاء بنزين 92 لصالح بنزين 95، مشيرا إلى أن النوع الحالي صالح لأكثر من 95% من السيارات، باستثناء الفئات الفارهة أو عالية الأداء.

الرقابة موجودة

من جهته، أكد وزير بترول مصري سابق -فضل عدم ذكر اسمه- أن تداول بنزين غير مطابق للمواصفات في محطات التوزيع المرخصة "أمر غير وارد"، نظرا لوجود رقابة مركزية شديدة تشمل مختلف المحافظات.

وقال الوزير السابق: "الأغلبية الساحقة من بنزين 92 الموجود في الأسواق مطابق للمواصفات ويتمتع بالجودة".
لكنه لم يستبعد تماما إمكانية حدوث "تجاوزات محدودة" نتيجة مشكلات لوجستية، مثل:

تسرّب مياه إلى بعض شحنات البنزين القادمة بحرا. أو أخطاء في محطات توزيع محدودة قد تؤدي إلى اختلاط البنزين بالماء أو خلط غير مقصود بأنواع أخرى.

واختتم حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على ضرورة "تشديد الرقابة على محطات الوقود في بعض المناطق النائية، وكشف المتلاعبين بشفافية تامة، لضمان استقرار السوق ومنع البلبلة، خصوصا أن وقف بعض ممارسات الغش يبدو شديد السهولة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزارة البترول مضخات الوقود بنزین 92

إقرأ أيضاً:

لماذا وقود الديزل أغلى من البنزين في أمريكا.. لكنه ليس كذلك في أوروبا؟

تختلف العلاقة السعرية بين وقود الديزل والبنزين بشكل جذري بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. 

فبينما ظل الديزل في الولايات المتحدة أغلى من البنزين لما يقرب من عقدين من الزمان، نجد أن معظم الدول الأوروبية تعكس هذا الاتجاه، حيث يكون الديزل أرخص من البنزين للمستهلكين. ويعود هذا الاختلاف إلى ثلاثة عوامل رئيسية: تكلفة التكرير، والطلب الموسمي، والأهم من ذلك، السياسات الضريبية الحكومية.

التكلفة في أمريكا: التنظيم البيئي وضرائب الطرق

في الولايات المتحدة، ارتفعت تكلفة إنتاج الديزل بشكل دائم منذ عام 2006 بسبب تطبيق القواعد الجديدة المتعلقة بـ الديزل النظيف، والتي تتطلب حداً أدنى لمحتوى الكبريت (15 جزء في المليون). 

أجبر هذا التنظيم مصافي التكرير على تشغيل عمليات معالجة إضافية، واستهلاك المزيد من الطاقة، وتحديث معداتها، مما رفع التكلفة الإجمالية لصناعة الديزل.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب الضرائب الفيدرالية والمحلية دورًا حاسمًا. 

يفرض على الديزل ضريبة فيدرالية أعلى (24.3 سنتًا للغالون) مقارنة بالبنزين (18.3 سنتًا)، وذلك لتمويل صيانة الطرق السريعة التي تتأثر بشكل أكبر بالشاحنات الثقيلة والحافلات التي تستخدم الديزل. 

هذا المعدل الضريبي المرتفع يضمن بقاء الديزل أغلى عند المضخة.

السبب الأوروبي: الهندسة الضريبية لدعم الديزل

يعود السبب الرئيسي وراء انخفاض سعر الديزل مقارنة بالبنزين في معظم الدول الأوروبية إلى نظام الضرائب العكسي. 

تاريخيًا، سعت الحكومات الأوروبية إلى تحفيز السائقين ومشغلي الشحن على استخدام وقود الديزل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن الديزل يحرق طاقة أقل لكل لتر مقارنة بالبنزين.

ولتحقيق ذلك، فرضت الحكومات الأوروبية ضرائب أثقل على البنزين وضرائب أخف على الديزل. 

ووفقًا للبيانات، يفرض البنزين في أوروبا متوسط ضريبي أعلى بكثير مقارنة بالديزل، حيث يبلغ متوسط الضريبة على البنزين حوالي 0.548 يورو للتر، بينما تبلغ على الديزل حوالي 0.445 يورو للتر. 

نظرًا لأن الضرائب تشكل جزءًا كبيرًا من سعر الوقود النهائي، فإن هذا الفرق الضريبي يخلق خصمًا داخليًا على الديزل لا وجود له في النظام الأمريكي.

الطلب والتقلبات العالمية

تساهم عوامل الطلب في اتساع الفجوة السعرية في الولايات المتحدة الأمريكية. 

ينتج برميل النفط الخام كمية بنزين أكبر بكثير من الديزل، بينما يظل الطلب على الديزل مرتفعًا بشكل مستمر للاستخدامات الصناعية مثل الشحن، والبناء، والزراعة، والمولدات، والتدفئة المنزلية. 

عندما يرتفع الطلب الموسمي (خاصة في الشتاء)، يزداد الضغط على إمدادات الديزل، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعاره بوتيرة أسرع من البنزين، وتزيد الاضطرابات الأخيرة (مثل فقدان واردات الديزل الروسية) من حدة هذه التقلبات.

طباعة شارك البنزين أسعار البنزين وقود الديزل أسعار وقود الديزل سيارات

مقالات مشابهة

  • بلدية غزة تحذر من خطر انهيار البنية التحتية مع اشتداد المنخفض الجوي
  • «التفويلة بكام؟».. أسعار البنزين والسولار اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025
  • أسعار البنزين والسولار اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025
  • ترامب يعلن حزمة دعم بقيمة 12 مليار دولار لحماية المزارعين المتضررين من سياساته
  • إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع
  • ارتفاع أسعار بنزين أوكتان 90 وانخفاض بقية المشتقات عالمياً
  • حملة موسعة لضبط الاسواق بالبحيرة
  • مدير الفاو يثمن جهود الرئيس السيسي والحكومة في دعم جهود المنظمة بمصر
  • لماذا أجّلت إيران زيادة أسعار البنزين؟
  • لماذا وقود الديزل أغلى من البنزين في أمريكا.. لكنه ليس كذلك في أوروبا؟