وسام زغبر *

في مشهد يبعث الأمل ويعيد الاعتبار لقوة الشعوب أمام صمت الأنظمة، تتصاعد في العواصم الأوروبية موجات تضامن جماهيري هادرة، رافعةً راية الحرية للشعب الفلسطيني، ومؤكدةً أن معركة عزل الاحتلال الإسرائيلي لم تعد محصورة بين جدران المؤسسات، بل باتت عنواناً رئيسياً في شوارع أوسلو ومدريد ودبلن وغيرها من العواصم.


هذه الانتفاضة الشعبية العالمية، التي تأخذ شكل تظاهرات مليونية وقرارات مؤسساتية ونقابية داعمة لحركة المقاطعة (BDS) تعبّر عن تحول نوعي في المزاج الأوروبي. فقد خرج عشرات الآلاف في العاصمة النرويجية أوسلو في ذكرى نكبة فلسطين الـ77، استجابة لدعوة أكثر من 80 مؤسسة وحزباً ومنظمة شبابية، مطالبين بوقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، ومعلنين بصوت عالٍ دعمهم الكامل لمقاطعة دولة الاحتلال.
لا شك أن هذه الفعالية جاءت تتويجاً لموقف نرويجي بالغ الأهمية، تمثل في تصويت الأغلبية في اتحاد النقابات العمالية على توصية تاريخية تدعو لمقاطعة «إسرائيل»، إن لم تنهِ احتلالها قبل سبتمبر القادم. إنه موقف يعكس عمق التحول الشعبي والمؤسساتي في أوروبا، ويمنح حركة المقاطعة دفعة استراتيجية في معركتها ضد الاحتلال.
أما في مدريد، فقد تحوّلت العاصمة الإسبانية إلى ساحة غضب شعبي، اجتاحها أكثر من مئة ألف متظاهر من مختلف المدن والمقاطعات، رافعين شعار «أوقفوا العدوان، قاطعوا إسرائيل». هذا الطوفان الشعبي، المنظم من قبل أحزاب ونقابات ومؤسسات داعمة لفلسطين، لم يكتف بالمطالبة بوقف العدوان، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مطالباً بفرض عقوبات وقطع العلاقات مع «إسرائيل»، في مشهد يؤكد أن الشعوب الأوروبية لم تعد تصمت على جرائم الاحتلال، بل تسعى بجدية لمحاسبته ومقاطعته.
وفي إيرلندا، التي طالما عُرفت بتعاطفها مع نضال الشعوب المستعمَرة، لم تتأخر دبلن عن المشهد، إذ تصاعدت فيها الأصوات الشعبية والنقابية الرافضة للتطبيع، والداعية إلى فرض إجراءات حقيقية لعزل الاحتلال، سياسياً واقتصادياً. هذا التفاعل الإيرلندي العميق، بما يحمله من رمزية تاريخية، يؤكد أن نضال الفلسطينيين يلقى صدىً لدى شعوب خَبِرت الاستعمار وقاومته.
ما يجمع بين هذه العواصم هو إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية، ورفضها للمجازر المستمرة بحق أهل غزة، ووعيها المتزايد بأن بقاء الاحتلال دون محاسبة، هو وصمة في جبين الإنسانية جمعاء. هذا التحول الجماهيري يُلزم القيادة الفلسطينية بمضاعفة الجهد على صعيد توحيد الصف الوطني، واستثمار هذا المد التضامني في تعزيز حملات الضغط والمقاطعة.
خلاصة القول: إن الجماهير الأوروبية تكتب اليوم فصلاً جديداً في تاريخ التضامن مع فلسطين. من أوسلو إلى مدريد، ومن دبلن إلى باقي عواصم العالم، تتشكل جبهة عالمية لعزل الاحتلال ومقاطعته، وعلى القوى الفلسطينية أن تكون بمستوى هذا الطوفان، وتعمل على تحويله إلى طاقة نضالية متواصلة، حتى نيل الحقوق الوطنية كاملة: بالحرية، والعودة، وتقرير المصير.

*مسؤول دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

فلسطين ترد على السفير الأميركي في إسرائيل: الاستيطان جميعه غير شرعي

شددت الرئاسة الفلسطينية، اليوم السبت، على أن الاستيطان الإسرائيلي جميعه غير شرعي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

جاء ذلك في بيان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، ردا على سفير الولايات المتحدة لدى تل أبيب مايك هاكابي، بشأن سماح إسرائيل بإنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية.

وقال هاكابي، في تدوينة نشرها عبر منصة إكس، لا داعي لأي رد فعل تجاه سماح إسرائيل بإنشاء 19 مستوطنة، هذا ليس ضما ولا إعلانا للسيادة.

وأضاف هاكابي أن إسرائيل أصدرت 35 ترخيصا منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2024، جميعها في المنطقة ج (الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية) ولا يوجد أي منها في ولاية بنسلفانيا الأميركية ولا يعد ذلك انتهاكا للقانون، بحسب وصفه.

وردّاً على ذلك، قال أبو ردينة، إن الاستيطان جميعه غير شرعي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وفق البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأضاف أن تصريحات السفير الأميركي المؤيدة للاستيطان مرفوضة ومدانة، وهي مخالفة للإجماع الدولي في القرار 2334 ضد الاستيطان.

وأردف أبو ردينة، أنه لا يوجد أحد مخوّل بإعطاء الشرعية للاحتلال وسياساته، مطالبا الإدارة الأميركية بضرورة الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية إذا كانت مهتمة بوقف العنف والتصعيد وتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

وأكد أبو ردينة، أن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة الطريق الوحيدة لتحقيق السلام والأمن للجميع.

خطة سموتريتش

وصادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، مساء الخميس الماضي، على خطة قدمها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لترخيص 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما أفادت به القناة 14.

إعلان

ووصفت القناة، الخطوة بأنها "ثورة يقودها سموتريتش، وزلزال في عالم الاستيطان".

وأشارت إلى أنه من المقرر البدء بعملية تخطيط مسرّعة لتنفيذ القرار وفق توجيهات المستوى السياسي.

وتشير "حركة السلام الآن" الإسرائيلية إلى أن نحو 500 ألف مستوطن يقيمون حاليا في مستوطنات الضفة الغربية، إضافة إلى نحو 250 ألفا في مستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية.

ويُنظر لخطوات إسرائيلية كهذه باعتبارها تمهيدا لمزيد من ضمّ الضفة الغربية، بما يقوّض إمكانية تنفيذ حل الدولتين الذي تنص عليه قرارات الأمم المتحدة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتدعو منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.

مقالات مشابهة

  • الأوقاف الفلسطينية تستنكر استهداف الاحتلال للحرم الإبراهيمي
  • رسائل تهديد للأكاديميين في إسرائيل والموساد توصي بالتخفي
  • فلسطين ترد على السفير الأميركي في إسرائيل: الاستيطان جميعه غير شرعي
  • الرئاسة الفلسطينية ترد على تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل
  • «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»: حماية «الأونروا» في غزة واجب للحفاظ على القضية الفلسطينية
  • عضو بمنظمة التحرير الفلسطينية: الأوضاع في غزة كارثية
  • "مقاومة الجدار": قرار إقامة المستوطنات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية
  • مقاومة الجدار: قرار إقامة المستوطنات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية
  • معركة العقول: كيف تسيطر إسرائيل على السردية العالمية؟
  • شرطة الاحتلال تقتحم الشيخ جراح وتفرض غرامات على المركبات الفلسطينية