عربي21:
2025-06-29@15:13:48 GMT

سمعة تونس في الخارج!

تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT

«ما الذي يجري عندكم في تونس ؟!»..
في نوع من البهتة، يسارع كثر إلى هذا السؤال ظنا منهم أنك قد تكون من بين من يُفترض أنهم على اطلاع أوسع من غيرهم بحقائق الأمور هناك، بل وقد يطرح السؤال نفسه بلهفة أكبر بين التونسيين أنفسهم في محاولة للفهم غالبا ما تنتهي بمزيج قاس من المرارة والفشل: مرارة استعراض العبث الجاري هناك، وفشل العثور على بصيص نور في نهاية هذا النفق.



الصحافة العربية والدولية وشبكات التلفزيون العالمية لم تقف عند هذا الحد، فقد استقرت لديها، تدريجيا وبشكل متصاعد، صورة سلبية للغاية عن تونس وحاكمها، تسندها في كل مرة ما تقوله المنظمات الدولية عن واقع الحريات وحقوق الانسان، وما تورده التقارير الاقتصادية عن حال البلاد والعباد، وما تعبّر عنه نخبة البلاد السياسية والاجتماعية بخصوص حالة اختناق لا أحد يدري متى تنتهي.
في كل ما يكتب ويقال اليوم عن تونس في مختلف المنابر العالمية، لا شيء إيجابيا على الاطلاق!! ما من صحيفة أو مجلة أو إذاعة أو تلفزيون تطرّق إلى الشأن التونسي إلا ووجد من المعطيات الصارخة ما يؤثث به صورة سلبية للغاية عن الكيفية التي تدار بها البلاد حاليا على أكثر من صعيد.. فهل كل ذلك افتراء وتجن؟! بالتأكيد لا.

لا شيء يرفع صورة أي دولة في الخارج ويجمّلها إلا ما يفعله القائمون على شؤونها في الداخل في المقام الأول، ولا شيء يشينها ويشوّهها سواه، ولا فائدة هنا في اجترار حديث سمج مفاده أن الدوائر الأجنبية لا تضمر لنا خيرا ومغتاظة من سياستنا المرتكزة على السيادة الوطنية واستقلال القرار، أو أن لوسائل الاعلام الدولية أجندة غير عادلة في تقييم ما يجري في هذا العالم ففي هذا الكلام بعض الحق الذي يراد به كل الباطل.

لقد مرت سمعة تونس العالمية بمراحل مد وجزر طوال العقود الماضية كانت أبهاها في السنوات الأولى بعد استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 وبروز اسم الحبيب بورقيبة زعيما كبيرا تكاد البلاد لا تُعرف إلا به، وكذلك في السنوات الأولى بعد ثورتها على نظام زين العابدين بن علي عام 2011.

من الصعب، على سبيل المثال لا غير، أن ننسى تلك الزيارة التاريخية التي أدّاها بورقيبة إلى الولايات المتحدة في مايو/ أيار 1961 وفيها حظي باستقبال حار للغاية سواء من الرئيس جون كينيدي أو من عشرات الآلاف الذين خرجوا لاستقباله في شوارع وشرفات مدينة نيويورك. من الصعب كذلك أن ننسى ما حظيت به تونس من صيت عالمي حين خاطب الرئيس محمد منصف المرزوقي البرلمان الأوروبي في فبراير/ شباط 2013، أو حصول 4 منظمات تونسية على جائزة نوبل للسلام عام 2015، أو حين حضر الرئيس الباجي قايد السبسي قمة الدول السبع في إيطاليا في مايو/ أيار 2017.

من أوجز وأوجع ما كتب عن تونس مؤخرا ما جاء في مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» للكاتب اللبناني المعروف سمير عطاء الله في عموده اليومي المواظب عليه منذ 1987 حين كتب في 12 مايو/ أيار الحالي تحت عنوان «التونسية في السجن» أن « تونس كانت بعيدة عنا جغرافياً، وصلاتنا معها قليلة، وليس بيننا، على سبيل المثال، طيران مباشر. لكن بورقيبة أتقن كيف يجعل كل الدنيا قريبة من تونس. وفي الداخل أقام حكماً راقياً وعادلاً، وجعل التعليم إلزامياً. ولم تكن تونس دولة غنية، لكنها كانت دولة محترمة (…) وجاء من بعده زين العابدين بن علي، فلم يكن ممكناً أن يكون بورقيبة آخر، كما أنه أُحيط بحاشية أفسدت عليه الحكم. لكن بناء الدولة بقي قائماً (…) ثم مضى وقت وتونس لم تعد تونس. وفي كرسي بورقيبة، بعد 60 عاماً، حلّت أمزجة متوترة، وقلوب غاضبة، وتسامح قليل، وإدارات لا تعرف كيف تستقر على سكة الحكمة».

وأضاف الكاتب، وكأنه يعتذر عن أنه اضطر للكتابة عن تونس، خاصة بعد ما تم الزج بنساء تونسيات في السجون، لأنشطتهن الاجتماعية السلمية أو لآرائهن السياسية، بعد أن كانت البلاد نفسها تفخر بمكاسبها المختلفة في مجال المرأة، بأنه «منذ سنوات وأنا أمنع نفسي عن الكتابة في الشأن التونسي، لأن معرفتي به لا تؤهلني، ولذلك، وفي الآونة الأخيرة، تكاثرت وتراكمت وتفاقمت السياسات المسيئة لسمعة الدولة، التي كانت نموذجاً ذات يوم».

موجعة للغاية تلك الإشارة بأن تونس زمن بورقيبة «لم تكن غنية لكنها كانت دولة محترمة»، وبأن في زمن بن علي «بناء الدولة بقي قائما»، مع ما يعنيه ذلك للأسف بأنها اليوم لم تعد لا هذه ولا تلك. كلام يبقى مع ذلك أقل بكثير مما يقال اليوم في كبريات الصحف والمجلات العالمية مما رسّخ صورة قاتمة عن هذا البلد في محنته الحالية. ومع ذلك، ما من شيء يدل على أن القوم هناك مستعدّون لمراجعات تفرضهما المصلحة والحس السليم معا، قبل أن تقتضيها أصول السياسة في حدّها الأدنى.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه تونس بورقيبة السجون تونس سجون بورقيبة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عن تونس

إقرأ أيضاً:

الإنقاذ الدولية: آلية توزيع مساعدات غزة خطيرة للغاية والمجاعة تقترب بسرعة مخيفة

أكدت مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، زوي دانيلز، أن "احتمالية وقوع المجاعة في قطاع غزة تقترب شيئا فشيئا بسرعة مخيفة، وسيكون لها تداعيات كارثية"، داعية إلى "وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الحصار، وضمان وصول المساعدات دون أي عوائق".

وقالت دانيلز، في مقابلة مصوّرة مع "عربي21": "كل تأخير يكلف أرواحا كثيرة، وكل استهداف لطواقم الإغاثة أو المراكز الطبية أو قوافل المساعدات يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويجب أن يتوقف فورا".

وشدّدت على أن قطاع غزة يعيش اليوم "واحدة من أسوأ وأخطر الكوارث الإنسانية في العالم"، مؤكدة أن "أكثر من مليوني فلسطيني – نصفهم من الأطفال – يفتقرون إلى الماء والطعام والرعاية الصحية، ويواجهون خطر الموت في ظل انهيار شبه كامل لنظام الصحة".


وكشفت دانيلز أن فرق لجنة الإنقاذ الدولية وشركاءها المحليين في غزة يُسجّلون "ارتفاعا مُقلقا جدا في كل من سوء التغذية المعتدل والحاد بين الأطفال"، مضيفة أن العديد من العائلات "تتقاسم رغيف خبز واحد بين خمسة أو ستة أفراد، فيما يضطر الأطفال إلى النوم جائعين يوميا، ويستيقظون على أمل العثور على شيء يأكلونه، لكنهم لا يجدون سوى الفراغ".

وانتقدت مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في فلسطين بشدة آلية توزيع المساعدات التي وضعتها إسرائيل وتنفذها مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، ووصفتها بأنها "قاتلة وغير فعّالة".

وزادت: "هذه الآلية تهمّش النظام الإنساني الدولي الذي تقوده الأمم المتحدة، وأدّت إلى فوضى ومشاهد دامية قُتل فيها العشرات من المدنيين عند نقاط التوزيع. إنها لا تراعي أبسط المعايير الإنسانية، وتمنع وصول المساعدات إلى مَن هم في أمسّ الحاجة إليها، خصوصا كبار السن وذوي الإعاقة والأطفال".

وتاليا نص المقابلة المصوّرة مع "عربي21":

كيف تقيّم لجنة الإنقاذ الدولية حجم الكارثة الإنسانية الحالية في غزة اليوم؟


تسبّب النزاع في معاناة إنسانية كارثية في غزة؛ حيث إن كل شخص في غزة الآن بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. أكثر من مليوني فلسطيني، نصفهم من الأطفال، يعيشون من دون توفير مياه كافية أو طعام أو رعاية صحية ملائمة.

أسفرت الغارات الجوية المتجددة التي شنّتها إسرائيل على غزة في منتصف آذار/ مارس الماضي عن مقتل مئات المدنيين، بمن فيهم الأطفال، في مدينة غزة ودير البلح وخان يونس ورفح. حتى الآن، قُتل آلاف آخرون، وارتفع عدد القتلى ليتجاوز 55 ألفا، مع إصابة العديد من الأشخاص.

بدأت إسرائيل السماح بدخول كمية محدودة من المساعدات إلى غزة منذ فرض الحصار في بداية آذار/ مارس، لكن هذا لم يلامس سطح الاحتياجات الهائلة المنتشرة في أنحاء غزة.

مشاهد الفوضى وقتل المدنيين اندلعت أثناء توزيع الطعام ضمن خطة المساعدات الجديدة التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية، وتشرف عليها "مؤسسة غزة الإنسانية" وشركة الأمن الخاصة الأمريكية في غزة.

يعيش الناس في خيام أو ملاجئ مبنية يدويا، في مواقع مؤقتة غير مناسبة للطقس القاسي، ما يؤدي إلى تفاقم المخاطر، ويفشل في توفير أي نوع من الخصوصية أو الكرامة.

ظروف الاكتظاظ ونقص النظافة الأساسية والمنزلية تخلق خطرا على الصحة العامة، في وقت يكون فيه نظام الرعاية الصحية في غزة على وشك الانهيار. لقد انهار نظام الرعاية الصحية تقريبا؛ حيث إن حوالي نصف المستشفيات تعمل جزئيا فقط في كافة أنحاء غزة.

العاملون في مجال الصحة مرهقون، وغالبا ما يعملون من دون أجر، والإمدادات التي تُعتبر ضرورية للبقاء - بما في ذلك الطعام، والماء، والوقود، والإمدادات الطبية - تنفد بشكل خطير جدا.

وفقا للتقييم الذي أُجري مع أكثر من 200 أسرة في غزة ودير البلح وشمال غزة في نيسان/ أبريل الماضي، فإن حوالي 3 من كل 5 عائلات ذكرت أنها غير قادرة على العثور على الخبز أو الطعام الطازج. أكثر من 60% قالوا إنهم يجدون صعوبة في الحصول على مياه الشرب، وذكر حوالي الثلثين أن الأطعمة المعلبة بدأت تقل في الأسواق.

هل تعتبرون ما يحدث في غزة "مجاعة حقيقية" أو في طريقه لأن يصبح كذلك؟

أظهر أحدث تصنيف شامل للأمن الغذائي (IPC) أن جميع السكان في غزة الآن يواجهون مستويات مرتفعة من نقص الغذاء الحاد، حيث يعاني نصف مليون شخص - أي واحد من كل خمسة أشخاص - من خطر المجاعة التي تقترب شيئا فشيئا بسرعة مخيفة، وسيكون لها تداعيات كارثية.

نظام IPC العالمي، المُعتمد من وكالات الأمم المتحدة والحكومات والمنظمات الإنسانية لقياس مستوى الجوع، يخبرنا متى يكون الناس في أزمة أو يعانون من نقص حاد في الغذاء. لا تزال المجاعة في غزة قابلة للتجنّب، ولكن فقط إذا تم إيصال وتوزيع المساعدات بشكل فعّال، ويجب تعزيزها فورا والحفاظ عليها، وهذا لا يشمل الغذاء فقط، بل أيضا المياه النقية، والإمدادات الطبية، والوقود.

من دون وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ستستمر هذه الأزمة في التفاقم مع خطر المجاعة. لقد بدأ الكثير من الناس بالفعل يعانون من الجوع الشديد والخطير، وهذه هي الأزمة يجب تجنّبها مهما كان الثمن.

فرق الصحة المتنقلة التابعة للجنة الإنقاذ الدولية، بالشراكة مع جمعية الرعاية الصحية والتنموية، تشهد زيادة واضحة في كل من سوء التغذية المعتدل والحاد بين الأطفال، مع تضاعف الحالات في الشهر الماضي أو نحوه.

يبلغ موظفو لجنة الإنقاذ الدولية العاملون على الأرض عن أن الأسر تتقاسم رغيف خبز واحد بين خمسة أو ستة أفراد من العائلة، ويضطر الأطفال في كثير من الأحيان إلى الذهاب للنوم وهم جائعون.

أخبرنا موظفونا أن الجوع هو واقع يومي: الدقيق، إذا وُجد، يكون غالبا فاسدا، والرفوف من الفواكه أو الخضروات فارغة.

سكان غزة يستيقظون وهم جائعون آملين أن يجدوا شيئا يأكلونه، لكنهم لا يجدون سوى الفراغ، والطعام الذي لديهم لا يقدم أي قيمة غذائية، بل هو مجرد محاولة يائسة لملء الفراغ.

تلاحظ لجنة الإنقاذ الدولية وشركاؤها أن الأطفال هم الأكثر تأثرا، خاصة مع تزايد حالات سوء التغذية التي تواصل الارتفاع بشكل ملحوظ.

ما أبرز المعوقات التي تحول دون إدخال المساعدات إلى غزة؟

هناك العديد من العقبات التي تمنع وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، وتشمل هذه العقبات التحديات البيروقراطية، وانعدام الأمن المستمر، والحظر الجزئي على إدخال البضائع أيضا. لذلك، لا يزال لدى لجنة الإنقاذ الدولية 27 منصة من المواد الطبية عالقة خارج غزة في انتظار التصريح بالدخول. بمجرد دخولها إلى غزة، ستوفر هذه المواد مساعدة طارئة ومنقذة للحياة لآلاف الأشخاص، وستقدّم دعما حيويا لنظام صحي انهار تقريبا بالكامل.

تشهد معدلات سوء التغذية ارتفاعا ملحوظا، وتشير تقارير شركائنا إلى أن عدد الحالات بين الأطفال قد تضاعف في الشهر الماضي، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الحصار المطوّل على المساعدات.

ما طبيعة الدور الذي تلعبه لجنة الإنقاذ الدولية حاليا في غزة؟

في غزة، تعمل لجنة الإنقاذ الدولية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة على توفير مياه شرب نقية، إلى جانب خدمات الصرف الصحي والنظافة، بما في ذلك إنشاء مراحيض الطوارئ وتوزيع مجموعات النظافة والصحة الشهرية.

نحن نقدم أيضا مساعدات مالية لمساعدة العائلات على تلبية الاحتياجات العاجلة.

برامج الحماية لدينا تعطي الأولوية لسلامة ورفاهية النساء والأطفال، بالإضافة إلى إدارة الحالات، نحن نساعد الأطفال ومُقدّمي الرعاية على التعامل مع الضغوط من خلال الدعم النفسي والاجتماعي، معا مع الشركاء المحليين.

فرق لجنة الإنقاذ الدولية تعالج سوء التغذية وتقدم التغذية، والإرشاد، والرعاية للأطفال ومُقدّمي الرعاية لهم.

نحن نُقدّم أيضا أنشطة لتنمية الطفولة المبكرة، لمساعدة الأطفال على النمو والازدهار.

في وقت سابق من الاستجابة، وزّعت لجنة الإنقاذ الدولية المواد الغذائية المدعومة، والخدمات الطبية الطارئة في عدد قليل من المستشفيات العاملة المتبقية، ونشرت فرقا طبية متنقلة لتقديم الرعاية الأساسية، بما في ذلك الأدوية والإمدادات.

هل توجد لديكم شراكات مع منظمات محلية داخل غزة لتسهيل العمل الإنساني؟

عملت لجنة الإنقاذ الدولية من خلال 11 شراكة في غزة حتى الآن، سواء كانت نشطة أو مكتملة، مما يبرز التزامنا المستمر والراسخ، والتزاما دائما بالتعاون مع الجهات المحلية لتلبية الاحتياجات العاجلة على الأرض.

حاليا، لدينا ثلاثة مشاريع شراكة نشطة مع جمعية أصدقاء بلا محدود (UFA)، حيث نقدم مساعدات نقدية.

تقوم جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل بتنفيذ حالات الطوارئ، وإدارة الصحة النفسية، والدعم النفسي الاجتماعي.

كما تدعم جمعية إنقاذ المستقبل الشبابي الطفولة المبكرة والتنمية، وحماية وتمكين المرأة والطفل من خلال توفير الوصول إلى بيئة آمنة وراعية للأطفال في غزة.

ما هي رؤيتكم للآلية الجديدة الخاصة بإدخال وتوزيع المساعدات في غزة؟

ما نعرفه وما تم إثباته هو أن آلية توزيع المساعدات الحالية غير فعّالة وخطيرة للغاية. تم تهميش الجهات الإنسانية ذات الخبرة، وتقييد الوصول إلى مَن هم في أمسّ الحاجة، مما عرّض الأرواح للخطر. قُتل العشرات من المدنيين في نقاط توزيع فوضوية، يضطر الناس للانتظار لساعات، وحمل إمدادات ثقيلة عبر مسافات غير آمنة، وتجريدهم من كرامتهم.

ما لم يتم استبدال هذا النهج بنهج مبدئي ومنسّق، نظام يضع المدنيين في المقام الأول، ويعمل مع المجتمع الإنساني وليس من حوله، فسيستمر في الفشل.

نحن بحاجة ماسّة إلى وسيلة تضمن وصول المساعدات للناس أينما كانوا، وليس وسيلة تزيد من تهجيرهم أو تترك الأكثر ضعفا خلفها.

نحن، جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة وبقية الفاعلين في المجال الإنساني، نرفع الصوت عاليا وواضحا للمطالبة بالتغيير، ونقول: افتحوا المزيد من المعابر، وارفعوا القيود عن السلع الأساسية، وعزّزوا النظام الحالي الذي تقوده الأمم المتحدة. أي شيء أقل من ذلك يُعد تقصيرا في الواجب تجاه الناس الذين يعيشون بالفعل في ظروف لا تُطاق.

كيف تنظرون للدور الذي تقوم به مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل والمدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل؟

خطط إسرائيل الجديدة لتوزيع المساعدات، التي تنفذها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) وشركات الأمن الخاصة الأمريكية، تُهمّش النظام الإنساني الحالي الذي تقوده الأمم المتحدة، وقد ثبت أنها قاتلة وغير فعّالة.

مشاهد الفوضى وقتل المدنيين أثناء توزيع المواد الغذائية تُظهر أن هذه الطريقة لا تفي بالمبادئ والمعايير الإنسانية، وقد أدّت إلى زيادة المعاناة، مع مقتل عشرات الأشخاص أثناء عمليات التوزيع، وإغلاق مراكز التوزيع خلال فترة وجيزة.

يتطلب توزيع المساعدات الإنسانية العمل جنبا إلى جنب مع الأفراد المتأثرين لضمان فعاليتها، والوصول إلى الفئات الأكثر احتياجا. كما حذّرنا سابقا، فإن هذه الخطة تجعل المساعدات تقتصر بشكل صارم على نقاط توزيع خاضعة للرقابة، مما يمنع المنظمات الإنسانية من الوصول إلى أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.

إن لجنة الإنقاذ الدولية، إلى جانب الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الأخرى، قلقة جدا من أن طريقة المساعدة الجديدة من شأنها أن تؤدي إلى نزوح جماعي قسري للسكان المدنيين، وتمنع الفئات الضعيفة مثل الأشخاص الذين لديهم صعوبة في الحركة، والأطفال، ومَن يجدون مشقة في الوصول إلى المساعدات، مما يُعقّد عملية تقديم استجابة إنسانية سريعة.

العمل الخيري لا يقتصر فقط على توفير الإمدادات؛ فمعالجة سوء التغذية، على سبيل المثال، تحتاج إلى رعاية طبية، ومتابعة، وتعليم. كل هذه الأمور غير قابلة للتنفيذ تماما تحت النظام المقترح.

الآن، تمكّنت لجنة الإنقاذ الدولية وبقية الشركاء الدوليين من الوصول إلى أكثر من 24 ألف طفل في غزة من خلال برامج التغذية، وأكثر من 180 ألف شخص في جميع أنحاء منطقة عملنا. ببساطة، بموجب هذه الخطط الجديدة، لن يكون هذا ممكنا بعد الآن.

الحلول بسيطة: تسهيل الوصول دون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة، فتح المزيد من المعابر، وتعزيز الآليات الحالية للأمم المتحدة التي أثبتت نجاحها في التعاون والنمو، وإزالة العقبات غير الضرورية عن العناصر الأساسية مثل الطعام والدواء.

اضطر الناس للانتظار لساعات، وحمل أوزان ثقيلة لمسافات طويلة. هذا الأسلوب يُضعف كرامة الأشخاص المحتاجين للمساعدة ويعرّضهم للخطر.

نحثّ المانحين ومن لهم تأثير على الوضع على رفض هذا النموذج، ونحثّ السلطات الإسرائيلية على التعاون مع المنظمات الإنسانية لضمان نظام فعّال وموثوق لتوصيل المساعدات — نهج يركّز على السرعة والانتشار، واحترام كرامة المدنيين، ويشمل تدابير قوية للحد من سوء استخدام المساعدات، بشفافية ومسؤولية.

ما الرسائل التي توجهها لجنة الإنقاذ الدولية للمجتمع الدولي بخصوص حماية المدنيين والطواقم الطبية والإنسانية؟

رسالتنا واضحة: حماية المدنيين والعاملين في المجال الطبي والإنساني واجب لا بد منه. إنه واجب قانوني وأخلاقي. هذا هو نداءنا للعمل من أجل زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية ومنع المزيد من فقدان الأرواح.

تدعو لجنة الإنقاذ الدولية بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار الفوري والمستمر، وإنهاء الحصار على المساعدات، والإفراج الآمن عن جميع الرهائن، وإتاحة الوصول الإنساني دون عوائق في جميع أنحاء غزة.

نُذكّر المجتمع الدولي: بصفتها القوة المحتلة، تتحمل إسرائيل التزاما قانونيا ملزما بموجب القانون الإنساني الدولي بضمان تقديم المساعدة وتسهيل، وليس عرقلة، العمل الإنساني.

كل تأخير يكلف أرواحا كثيرة، وكل هجوم على عامل صحي، أو قافلة مساعدات، أو ملجأ، يُعد انتهاكا للقواعد الأساسية للحرب، ويقوّض الحماية الدولية التي يعتمد عليها المدنيون.

حان الوقت للتحرك الآن لإيقاف إراقة الدماء، حماية القيم الإنسانية، والتمسك بالمبادئ التي تُشكّل أساس إنسانيتنا المشتركة.

ما تصوراتكم لمستقبل العمل الإنساني في غزة بعد الحرب؟

رؤيتنا هي مستقبل يكون فيه العمل الإنساني في غزة ليس فقط حول الاستجابة للأزمات، بل حول إعادة بناء الأنظمة، واستعادة الكرامة، ودعم الفلسطينيين لقيادة تعافيهم بشروطهم الخاصة. هذا يعني الاستثمار في بناء قوي.

العمل الإنساني بقيادة محلية وهياكل المجتمع المدني، يعني حماية العمل الإنساني، ودعم المعايير الدولية، والقانون الإنساني دائما وليس فقط عندما يكون ذلك مناسبا، ويعني ضمان ألا يُسمح بانهيار أنظمة الصحة، والمياه، والتعليم، والحماية مرة أخرى تحت وطأة الحصار، والصراع، والإهمال.

لقد كشفت هذه الحرب عن نتيجة سنوات من القيود المفروضة، ونقص الدعم المالي. الانهيار الذي نشهده لم يكن حتميا، وكان بالإمكان تفاديه.

من الآن فصاعدا، يجب أن نضمن أن الجهود الإنسانية منسّقة، مبدئية، وشاملة. يجب على المجتمع الدولي الانتقال من الحلول المؤقتة إلى الدعم المستدام الذي يعزّز القدرة على التحمل، ويعالج الأسباب الأساسية في المقام الأول.

الطريقة الوحيدة لمنع المستقبل من الانهيار الإنساني هي السعي لحل سياسي يُنهي النزوح بسبب دورات العنف، لأن أي قدر من المساعدات لا يمكن أن يعوّض عن السلام، والعدالة، والمحاسبة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: وقف إطلاق النار بغزة الأسبوع المقبل واقعي للغاية
  • برلماني: 30 يونيو كانت لحظة تصحيح المسار وتفويض شعبي لبناء دولة قوية وحديثة
  • عبد العاطي: السفراء خط الدفاع الأول عن مصالح مصر في الخارج
  • معادلة الشهادات شرط أساسي لقبول الطلبة القادمين من الخارج عبر "قبول"
  • عدد مؤلم للغاية| عمرو أديب يعلق على حادث المنوفية
  • مصر والإمارات.. استحواذ في الداخل وتطويق في الخارج
  • 200 ألف طالب في امتحانات الشهادة السودانية.. امتحان بديل للطلاب اللاجئين في تشاد
  • الإنقاذ الدولية: آلية توزيع مساعدات غزة خطيرة للغاية والمجاعة تقترب بسرعة مخيفة
  • تحذير من "مسكن ألم" شائع .. عواقبه خطيرة للغاية على الكبد
  • السفير الإيطالي: ليبيا لا تزال دولة مجزأة سياسياً