تشهد الساحة اليمنية تصاعداً في حالة الغضب الشعبي تجاه الحكومة المعترف بها دولياً، عقب اتهامات واسعة بإهدار فرصة نادرة لاستكمال تحرير المحافظات من قبضة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

وجاءت الانتقادات في وقت كانت فيه المليشيا تمر بحالة ارتباك غير مسبوقة نتيجة ضربات جوية أمريكية مركّزة استهدفت مواقعها الحيوية منذ منتصف مارس وحتى مطلع مايو الجاري.

ويرى محللون أن الحكومة أخفقت في استغلال لحظة الضعف التي ضربت صفوف الحوثيين، ما فاقم الاستياء الشعبي، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، حيث يعاني السكان من جبايات مستمرة، وتضييق على الحريات، وتجريف ممنهج للمؤسسات الحكومية عبر إحلال عناصر من السلالة الحوثية في مواقع الدولة، فضلاً عن فرض فكر طائفي في المناهج الدراسية والمراكز الصيفية، مع استمرار رفض صرف رواتب الموظفين منذ أكثر من سبع سنوات.

الضربات الأمريكية، التي بدأت في 15 مارس/آذار الماضي، ركّزت على مراكز القيادة والسيطرة للحوثيين في صنعاء وصعدة والحديدة والجوف وذمار وإب وغيرها، إضافة إلى منشآت عسكرية ومستودعات أسلحة.

وتوسّعت لاحقاً لتستهدف بنى تحتية حيوية، في ظل عجز المليشيا عن صدّها نتيجة غياب الدفاعات الجوية، ما جعل موانئ الحديدة ومطار صنعاء عرضة للقصف المتكرر، الأمر الذي زاد من موجة السخط الشعبي تجاه الحكومة احتجاجاً على عدم التحرك لتحرير البلاد وإنقاذ ما تبقى من البنى التحتية، حد قولهم.

وقال مسؤول أمني –فضّل عدم الكشف عن اسمه– لوكالة خبر: "كانت الضربات الأمريكية فعّالة بشكل غير مسبوق، وشلّت حركة قيادات الحوثيين لأسبوعين على الأقل. كنا ننتظر تحركًا ميدانيًا من الحكومة لاستغلال الموقف، لكن ذلك لم يحدث للأسف."

غياب القيادة

الخذلان المستمر من الحكومة منذ انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، دفع الشارع اليمني إلى فقدان الثقة تدريجياً، خاصة أن مثل هذه الفرصة كانت كفيلة باستعادة الحكومة لحاضنتها الشعبية التي تتآكل عاماً بعد آخر.

ويؤكد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما جرى هو "فشل قيادي"، مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمراجعة أداء وزارتي الدفاع والداخلية.

وقالوا إن ضياع هذه الفرصة "ليس مجرد هفوة، بل خيانة لتضحيات آلاف الشهداء والمقاتلين".

وفي تصريح خاص لوكالة خبر، قال عميد متقاعد إن "الضربات الجوية كانت بمثابة هدية استراتيجية. لو جرى تنسيق فعلي بين القوات العسكرية والمشايخ القبليين، وتم الدفع بجبهات مأرب وتعز والضالع والحديدة والبيضاء، لكان من الممكن إحداث اختراق حقيقي في المعادلة العسكرية".

وأضاف: "غياب القرار العسكري الفعّال أضاع هذه اللحظة الذهبية."

من جهته، أشار محللون سياسيون إلى أن التردد الحكومي قد يعود لخلافات داخلية أو لضغوط دولية تسعى لإبقاء الوضع تحت السيطرة، لكنهم حذّروا من أن استمرار الجمود قد يؤدي إلى انهيار ما تبقى من الثقة الشعبية.

وأكد باحثون وخبراء في الشؤون الاستراتيجية، أن ما حدث سيُسجل في ذاكرة التاريخ كفشل سياسي وعسكري، ما لم تبادر الحكومة لتصحيح المسار بجرأة وشفافية.

تحذيرات

ويحذر مراقبون من أن هذا التراخي قد يضعف موقف الحكومة في أي مفاوضات مقبلة، وسط دعوات متزايدة لإعادة هيكلة الشرعية وتعيين قيادات ميدانية جديدة تمتلك الرؤية والقدرة على المبادرة، بدلاً من الاكتفاء بردود الأفعال.

ويتفق كثير من الخبراء العسكريين أن الحكومة الشرعية تقف اليوم أمام اختبار وجودي، إما استعادة زمام المبادرة، أو مواجهة انهيار وشيك في شرعيتها السياسية والشعبية.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

الحكومة اليمنية توجه طلبا جديداً للإدارة الأمريكية والزنداني يصر على تمسكه بالسلام مع الحوثيين

  

دعت الحكومة اليمنية، الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي لممارسة الضغوط على جماعة الحوثي الإرهابية ودفعها للإنخراط بعملية السلام لإنهاء الصراع المستمر في البلاد الغارقة بالحرب منذ أكثر من عشر سنوات.

 

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شائع الزنداني، مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى اليمن، جوناثان بيتشيا.

 

وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن الزنداني ثمن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية مؤخراً، بما في ذلك فرض عقوبات على عدد من الأفراد والكيانات المرتبطة بتمويل جماعة الحوثي الإرهابية.

 

وشدد وزير الخارجية اليمني، على أهمية استمرار الضغوط الدولية لدفع جماعة الحوثي نحو الانخراط الجاد في مسار السلام، وإنهاء معاناة الشعب اليمني.

 

بدوره، جدد القائم بالأعمال الأمريكي، تأكيد دعم بلاده لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، والتزامها بمحاسبة كل من يساهم في تمويل الجماعة الحوثية المصنفة كمنظمة إرهابية أجنبية.

 

وأكد حرص الولايات المتحدة على تعزيز التعاون والتنسيق مع الحكومة اليمنية دعماً للجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في اليمن

 

مقالات مشابهة

  • مجدي الجلاد: أداء الحكومة بعد حادث المنوفية يعكس غياب الوعي السياسي
  • واشنطن بوست عن مسؤولين إيرانيين: الضربات على النووي كانت أقل تدميرًا مما توقعنا
  • الحكومة اليمنية توجه طلبا جديداً للإدارة الأمريكية والزنداني يصر على تمسكه بالسلام مع الحوثيين
  • عاجل. القناة 12 الإسرائيلية: إلغاء جلسات محاكمة نتنياهو التي كانت مقررة خلال الأسبوع المقبل
  • الرئيس الإيراني يؤكد ضرورة الحفاظ على الرصيد الشعبي العظيم
  • الحكومة العراقية قد تضطر إلى دفع رواتب الحشد الشعبي باليد
  • محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية
  • ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغون تفاصيل جديدة
  • إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضربات الأمريكية
  • بعد انتهاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني| ترامب يهاجم الإعلام الأمريكي.. وخبير: كانت تمثيلية