شبكة انباء العراق:
2025-12-12@17:35:04 GMT

بوخات استعراضية وفوحة لبلبي

تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

بداية لابد من تعريف بعض المفردات العراقية الدارجة التي وردت هنا حتى لا تختلط معانيها مع اللهجات العربية الشائعة, فالبوخة: وأصلها عربي فصيح. قالوا: باخت النار: سكنت وفترت, وقالوا: باخ الرجل وسقم: أعيا ومرض, وباخ النار: أخمدها وأطفئها. بيد أنها في لهجتنا العراقية تعني البخار الخفيف المتسرب من القدور الموضوعة على مواقد الطهي, وغالبا ما نستعيرها للتعبير عن الكذب الصريح, أو للتعبير عن المبالغة المكشوفة, يقولون: فلان يبوّخ, وتعني يكذب, ويبالغ في كلامه.


من المفارقات العجيبة أن كلمة (بوخة) لها معنى آخر في اللهجة الليبية, فهي عندهم نوع من أنواع الخمور المحلية الرخيصة, وتصنع من نقيع الفواكه, ثم يضاف إليها الميثانول, وجاء في لهجتهم: فلان يبوّخ أو مبوّخ, بمعنى: مخمور ويفتري ويثرثر من شدة السكر, ولا علاقة لهذه الكلمة بالسياسي الليبي (سليمان بوخة), وهذا هو اسمه الحقيقي.
أما (الفوحة) فهي في الفصحى مشتقة من (فوح), وتعني انتشار الرائحة. قولهم: فاح يفوح فهو فائح. فاحت القدور: غلت وتطايرت منها الفقاعات من شدة الغليان, وفاح الجرح: نزف, وفاحت رائحة فلان: انتشرت أخباره السيئة. .
والفوح في العراق: يعني عصارة الرز المغلي, أو الحساء الناتج من الرز المسلوق, ويُعد من أفضل الأغذية التي يتناولها الأطفال في القرى والأرياف والبوادي. .
أما اللبلبي: فهو الحمص المسلوق, ويسمونه في الخليج (نِخِّي), ويعد من الأطباق الشهية في موسم الشتاء. تتصاعد أبخرة اللبلبي الفواحة في الصباح الباكر, فتتعالى أصوات الباعة في أزقة الأحياء الشعبية, وهم يرددون نداءاتهم الموروثة: (لبلبي يا لبلوب, يداوي كل القلوب), (اللبلبي يدبي دبي, حار وكواني اللبلبي). وهو من البقوليات, لكنه يختلف عنها عند بلوغه درجة الغليان, إذ تفوح منه الفقاعات المتبخرة لبضعة دقائق فقط, ثم تختفي وتتلاشي على الرغم من استمرار بقاء القدور فوق النار.
من هنا جاء المثل العراقي (فوحة لبلبي) للتعبير عن المشاريع السطحية الكاذبة, ولتشخيص الفعاليات الاجتماعية الزائفة, أو لتصوير خيبة الأمل المتمخضة عن المواقف السياسية المصطنعة. يقولون: أن تصريحات فلان مثل فوحة اللبلبي, وكلامه فوحة لبلبي, أي أن وعوده مجرد سحابة صيفية عابرة سرعان ما تختفي في كبد السماء. .
تصاعدت هذه الأيام بوخات المسؤولين وفوحاتهم باقتراب العد التنازلي لموعد الانتخابات البرلمانية, وتغير سلوك مدراء بعض الدوائر الخدمية بزاوية منفرجة, غادروا فيها مكاتبهم الوثيرة, وخلعوا بدلاتهم الأنيقة, وأزالوا من وجوههم ملامح التجهم والتبختر والتعالي, وتجلببوا بجلباب الورع والتقوى, ثم تصنعوا التواضع, وراحوا يتنقلون بين المراجعين بحثاً عن الطلبات المتأخرة, من دون أن يبخلوا عليهم بإظهار الابتسامات الودودة, وترديد العبارات المنمقة, وإطلاق الكلمات الدافئة, متظاهرين فجأة بخدمة الناس.
ربما يقول قائل منكم: أنها صحوة موت, أو أنها حالة طارئة من حالات عودة الوعي إلى ضمائر بعض المدراء, الذين أرهقونا بتعاملهم السيئ, وتسببوا في تأخيرنا وتعطيل مصالحنا. ترى ما الذي يمنعهم من التعامل معنا بلطف في السنوات الماضية ؟, ولماذا تحسنت طباعهم فجأة هذه الأيام ؟.
هل هي مجرد بوخة طارئة من بوخات مدراء المحاصصة سرعان ما تنكشف بعد زوال مفعول عقاقير البحث عن الأصوات الانتخابية ؟, أم أنها عبارة عن فوحة متطايرة من فوحات اللبلبي سرعان ما تنقشع وتزول بعد زوال حمى الانتخابات ؟. .

د. كمال فتاح حيدر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

«جوجل» تطلق نظارات ذكية العام المقبل

البلاد (وكالات)
كشفت شركة”جوجل” الأمريكية عن تعاونها مع شركة “إكس ريل”؛ من أجل إطلاق نظارات ذكية جديدة خلال العام المقبل 2026.
وأوضحت الشركة الأمريكية أن هذا التعاون أسفر عن إطلاق نظارات “أورا” الذكية بمعالجات”إكس 1 إس”، التي طورتها”إكس ريل”.وذكرت”جوجل” أن جميع عمليات البحث والتطوير والتصنيع المتعلقة بهذه النظارات الذكية، قامت بها فرق صينية.
واستطردت أنها قامت بتطوير نظام “إكس-بريزم” البصري بشكل مستقل، وأنتجت كميات كبيرة من المعالجات الخاصة بالنظارة عن طريق فريق”إكس ريل” في الصين.
ولم تكشف”جوجل” عن أي معلومات بشأن مواصفات تلك النظارة الجديدة ولا الوقت الفعلي المتوقع طرحها فيه، ولكنها أشارت إلى أنها ستتمتع بميزات تنافسية كبيرة من حيث الامكانيات والسعر.

مقالات مشابهة

  • منة شلبي تبحث عن كنوز «نورماندي»
  • ياسمين عبدالعزيز: 2025 علمتني ألا أثق إلا بالله
  • القبض على شخص تعلق بعامود إنارة بالقاهرة في حركات استعراضية فوق كوبري
  • معرضاً حياته والآخرين للخطر.. ضبط صانع محتوى لآداء حركات استعراضية بحدائق القبة
  • ماتشادو تتحدى مادورو: سأعود بنوبل إلى فنزويلا
  • هل تلقين الميت بعد دفنه بدعة؟!
  • الغذاء والدواء توضح وضع مستحضرات NAD+ في الأردن
  • أم ضحية «فسخ الخطوبة» بالدقهلية : ابني وجوزي ماتوا في ثانية
  • «جوجل» تطلق نظارات ذكية العام المقبل
  • تنظيم الإعلام يعاقب 9 أشخاص لنشرهم «محتوى محرضاً»