جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@15:12:36 GMT

الرسالة العُمانية للعالم

تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT

الرسالة العُمانية للعالم

 

حاتم الطائي

 

الموقف العُماني تجاه القضية الفلسطينية راسخ لا يتغير

الرسالة العُمانية كانت جلية للغاية.. ونعتقد أن الرئيس الأمريكي استوعب فحواها

محاولات التهدئة ستفشل ما لم ينتهِ الظلم ضد الفلسطينيين

 

رسالة ذات دلالات عميقة بعثت بها سلطنة عُمان خلال مشاركتها في القمة الخليجية الأمريكية التي عُقدت الأسبوع المُنصرم في العاصمة السعودية الرياض، هذه الرسالة أكدت على الثوابت العُمانية في السياسة الخارجية وأعلنت بوضوح رؤيتها الحكيمة لكافة القضايا والملفات الإقليمية والدولية، والتي ترتكز على قاعدة أصيلة ورئيسة، ألا وهي: تغليب لغة الحوار والدبلوماسية، وإرساء السلام الشامل والأمن الدائم.

والحقيقة أنَّ قراءة موضوعية في كلمة سلطنة عُمان التي ألقاها نيابة عن جلالة السلطان، صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاصّ لجلالة السُّلطان، تؤكد أن الموقف العُماني لم يتغير وأن رؤية سلطنة عُمان لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني لم تتبدل؛ سواء أكان ذلك في تصريحات رسمية على لسان كبار المسؤولين، ومن خلال بيانات وزارة الخارجية، أو في حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، الذي تقف بلاده خلف الاحتلال الإسرائيلي وتُقدِّم له كل سُبُل الدعم من سلاح وقنابل فتّاكة وأموال لدعم الاقتصاد الإسرائيلي المُنهار.

لم تتردد سلطنة عُمان في أن تؤكد أمام هذه القمة أنَّ الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية هو ظلم مستمر ويجب أن يتوقف، لا سيما وأنَّ حرب الإبادة على غزة حوّلت القطاع إلى مكان غير صالح للعيش، وهو ما سعت إليه إسرائيل منذ بدء العدوان، وتعمّدت قصف كل صور الحياة وتدميرها والقضاء على الإنسان الفلسطيني بالقتل والتنكيل والاعتقال تارة، وبسلاح التجويع والحرمان من أبسط مقومات الحياة تارة أخرى، فلا دواء ولا طعام ولا ماء ولا كسوة ولا أي مظهر من مظاهر الحياة يُمكن رؤيته اليوم في غزة، فقط الموت ورائحة الموت، الجثث تتناثر في كل مكان، تحت الركام وفوقه، أطفالًا ونساءً وشيوخًا وشبابًا ورجالًا، الجميع لم يسلم من جرائم الإبادة التي تُنفذها إسرائيل على مرأى ومسمع من العالم. نُتابع كل يوم كيف أنَّ هؤلاء المغلوب على أمرهم يئِنون ويصرخون من ألم الجروح ووجع فراق الأحبة، كل ذلك وأمعاؤهم خاوية، وأفواههم جافة لانعدام المياه أو أي سوائل صالحة للشرب.

الرسالة العُمانية إلى القمة الخليجية الأمريكية، كانت صادقة في كل حرف وكل كلمة وكل وصف، فقد أوضحت عُمان رؤيتها للعلاقات الخليجية الأمريكية، وهي علاقات ترتكز على أبعاد "استراتيجية طويلة الأمد" وتضع "إرساء دعائم الأمن والاستقرار والازدهار" أهدافًا وغايات لهذه العلاقات. لكن ورغم ذلك فإنَّ دول الخليج تقف أمام "لحظة تاريخية فارقة" وهو وصف بالغ الدقة يؤكد مدى وعي عُمان بالمخاطر التي تحدق بالإقليم والعالم، غير أنها في الوقت نفسه تمثل فرصة لبناء مستقبل أفضل لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، وليس فقط دول الخليج العربي، مستقبل يقوم على العدالة والخير والنماء لجميع دوله، مُستقبل تكون فيه العدالة ركيزة أساسية ومنطلقًا لبناء إقليم خالٍ من الصراعات والحروب.

ومع تأكيد سلطنة عُمان على أهمية الشراكة بين دول الخليج والولايات المُتحدة في العديد من المجالات، فإنَّ هذه الشراكة تفرض على واشنطن ضرورة التدخل لإنهاء الوضع المأساوي في قطاع غزة، في ترسيخ لمواقف عُمان المُشرِّفة تجاه القضية الفلسطينية. ولذلك عندما استمع الجميع لكلمة صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد، خلال القمة، انتابتهم مشاعر الفخر بموقف بلادهم المُؤيد للحق الفلسطيني والرافض رفضًا قاطعًا لكل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل في ظل "عجز المجتمع الدولي عن تحقيق سلام عادل"، لتُؤكد السلطنة في هذا السياق أن "الظلم المستمر" الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني يمثل "جوهر العديد من التحديات الإقليمية"، ما يعني أن أية محاولات لتهدئة الأوضاع في الشرق ستفشل ما لم ينتهِ ذلك الظلم وأن تتوقف تلك الجرائم البشعة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ عقود طويلة.

لقد عكست كلمة سلطنة عُمان، مدى الحنكة السياسية التي تمارسها دبلوماسيتنا العريقة، فبينما تشدد في كلمتها على مواقفها ورفضها التام لكافة أشكال الظلم وانعدام العدالة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلّا أنها تؤكد أن "هناك بصيص من الأمل". وهذا البصيص- باعتقادنا- يعتمد في المقام الأول على مدى جدية الرئيس الأمريكي في إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، خاصةً وأنه كثيرًا ما يُعبِّر عن رغبته في إنهاء كل الصراعات في العالم، فماذا عن القضية الفلسطينية؟ وماذا عن موقفه من الحليف الإسرائيلي الذي يتلقى الأموال والسلاح ليواصل جرائمه في غزة؟

لا نستطيع أن نُخفي مدى تأييدنا لدور وطننا الحبيب، عُمان، في إقناع الطرفين اليمني والأمريكي بوقف إطلاق النار، وإبرام اتفاق يُنهي أي عدوان أمريكي على الجار اليمني، بعد فترة طويلة من القصف الغاشم راح ضحيته الكثير من المدنيين. هذا التطور الكبير وصفه صاحب السُّمو السيد أسعد بن طارق في كلمة سلطنة عُمان بأنَّه "خطوات تاريخيّة نحو السّلام والاستقرار"، ساهمت في "إنهاء الصراع مع اليمن وعودة انسياب الملاحة الآمنة في البحر الأحمر"، وهو ما يدفعنا لأن نطلق أشرعة التفاؤل بأن يكون هذا الاتفاق تمهيدًا لسلام دائم وازدهار في جارنا الذي وصفته الكلمة العُمانية بأنه "البلد العربي العريق"، في تأكيد واضح على مكانة اليمن في السياسة الخارجية لعُمان؛ باعتباره الجار الجُنب الذي يجب دعمه لكي ينعم بالسلام والاستقرار.

الرسالة العُمانية إلى القمة الخليجية الأمريكية، تناولت مجمل الأوضاع الإقليمية، ومن بينها الملف النووي الإيراني، والذي تتوسط فيه كذلك بلادنا الحبيبة، عُمان، ما يبعث على التفاؤل بأن يتم التوصل لاتفاق يصرف شبح الحرب الإقليمية الشاملة في منطقتنا.

وقد وصلت هذه الرسالة في فحواها إلى ذروتها، عندما أكد سمو السيد أسعد بن طارق، على "استحالة تحقيق السلام الشامل، والأمن الدائم، والازدهار المنشود للجميع، إلّا من خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة"، وهنا جوهر هذه الكلمة ورسالتها الأساسية؛ إذ لا سلام بدون فلسطين، ولا سلام في المنطقة وشعب فلسطين يُنكَّل به ويتعرض لأقصى الضغوط، ولا سلام وغزة تُباد وتُمحى من على وجه الأرض، ولا سلام وإسرائيل تمارس أبشع جرائم الحرب والإبادة بكل وقاحة.

ويبقى القول.. إنَّ الدبلوماسية العُمانية وإذ تضع دائمًا الخطوط العريضة لسياساتها الرصينة، فإنها تستند على قيم العدالة والحق والسلام، وترفض كل أشكال الظلم والعدوان، وتتطلع إلى الإسهام في بناء سلام شامل وعادل، يجني الجميع ثماره اليانعة، ويُنهي عقودًا من الحروب وسفك الدماء.. فهل وصلت الرسالة؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جامعة قنا تناقش رسالة دكتوراه للباحثة «شيماء مسلم» حول جراحة منظار الصدر بمستشفى قنا الجامعي

شهدت جامعة قنا، اليوم، مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الطبيبة شيماء أحمد محمد مسلم، أخصائي جراحة القلب والصدر بمستشفى قنا الجامعي، وذلك بعنوان

“جراحة منظار الصدر بمساعدة الفيديو والكاميرا التوضيحية من خلال فتحة واحدة لا تتجاوز 3 سم لعلاج مرضى الطوارئ والإصابات”.

جرت المناقشة بحضور الدكتور أحمد عكاوي رئيس جامعة قنا، والدكتور محمود خضاري نائب رئيس جامعة جنوب الوادي الأسبق، إلى جانب نخبة من أساتذة جراحة القلب والصدر وأمراض الصدر، في أجواء علمية متميزة تعكس دعم الجامعة للبحث العلمي والتطوير الطبي.

وتناولت الرسالة الاستخدامات الحديثة لمنظار الصدر الجراحي، ودوره المتنامي في التعامل مع الحالات الطارئة والإصابات، حيث يستخدم في تفريغ التجمعات الدموية، وأخذ عينات من الغشاء البلوري، واستئصال أجزاء من الرئة، أو فص كامل متضرر، بالإضافة إلى استئصال أورام الصدر، وذلك من خلال تدخل جراحي محدود.

أوضحت نتائج الرسالة الأهمية الكبيرة لمنظار الصدر الجراحي، لما يتميز به من مستوى عالٍ من الأمان، وتقليل زمن العملية، وسرعة تعافي المرضى، فضلًا عن الميزة التجميلية الناتجة عن صِغر حجم الفتحة الجراحية وعدم ترك ندوب، مقارنة بالجراحات التقليدية ذات الشقوق الكبيرة.

كما استعرضت الباحثة خبرتها العملية من خلال إجراء عدد من العمليات الجراحية باستخدام منظار الصدر لمرضى الطوارئ بمستشفى قنا الجامعي، وما حققته من نتائج إيجابية.

وجاءت الرسالة تحت إشراف كل من الدكتور كرم مسلم عيسى، أستاذ جراحة القلب والصدر بجامعه قنا، الدكتور محمد عبد الباري أستاذ ورئيس قسم جراحة القلب والصدر بجامعه قنا، و الدكتور أحمد فرغل مدرس بقسم جراحة القلب والصدر.

وضمت لجنة المناقشة والتحكيم، الدكتور علاء رشاد رئيس قسم أمراض الصدر بجامعه قنا، الأستاذ الدكتور معتز رزق أستاذ جراحة القلب والصدر بجامعة بنها.

وفي ختام المناقشة، قررت اللجنة قبول الرسالة ومنح الباحثة درجة الدكتوراه في جراحة القلب والصدر، لتصبح استشاري جراحة القلب والصدر، مع الإشادة بالمستوى العلمي والتطبيقي للبحث، وأهميته في تطوير أساليب الجراحة الحديثة داخل المستشفيات الجامعية.

مقالات مشابهة

  • جامعة قنا تناقش رسالة دكتوراه للباحثة «شيماء مسلم» حول جراحة منظار الصدر بمستشفى قنا الجامعي
  • استراتيجية الأمن القومي 2025 الأمريكية تعيد تشكيل نظرة واشنطن للعالم
  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • تحرك استيطاني جديد.. الائتلاف يضغط لرفع العلم الإسرائيلي شمال غزة
  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • اللجنة العُمانية القطرية المشتركة تستعرض مسارات تعزيز التعاون الثنائي
  • أعضاء في الكنيست والكونغرس يطالبان بمنح ترامب نوبل لعام 2026
  • أعضاء في الكنيست والكونغرس يطالبان بمنح ترامب جائزة نوبل للسلام لعام 2026
  • الرئيس اللبناني لـ"العُمانية": نتطلع لتحقيق شراكة استراتيجية مبنيّة على المصالح المشتركة
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني