يرى الرئيس التونسي السابق، الدكتور المنصف المرزوقي والكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر أن البيان الختامي للقمة العربية لم يكن في مستوى ما يحدث في قطاع غزة من مجازر وتجويع، وطالبا -في حديثهما لبرنامج "ما وراء الخبر"- الحكومات والشعوب العربية بتحرك عملي.
وحث البيان الختامي للقمة العربية التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد -اليوم السبت- المجتمع الدولي على الضغط من أجل وقف إراقة الدماء في قطاع، وأكد الرفض القاطع لكل أشكال التهجير والنزوح الفلسطيني، كما شدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وعلى أهمية التنسيق المشترك لفتح جميع المعابر وتمكين الوكالات الأممية من القيام بدورها، وأكد "مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني".
وفي تعليقه على البيان الختامي، قال الرئيس التونسي السابق لبرنامج "ما وراء الخبر" إن الدول العربية لا تزال تطالب وكأنها تتسول، ولكنها لن تحصل على شيء، لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يهتم بقرارات القمم العربية ويسخر منها، وهو لا يريد من العرب سوى الاستسلام لغطرسته فقط.
وأوضح أن السياسات العربية لاتزال تمارس ما سماها سياسة النعامة التي تضع رأسها في الرمل ولا تريد رؤية الواقع، مشيرا إلى أن على الزعماء أن يفهموا أن إسرائيل دخلت في حرب إبادة ضد الفلسطينيين وضد الأمة وستواصل عملية الإبادة الجماعية، وبعد تهجير الفلسطينيين في غزة ستحاول تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية.
إعلانواستغرب المرزوقي من أن بعض الزعماء العرب "لايزالون يؤمنون بالتطبيع مع دولة انتحارية تريد التمدد والتوسع وانطلقت في مشروع تدمير كامل المنطقة"، وقال "نحن نعيش الآن مرحلة من أخطر مراحل الأمة وعلى هذه الأمة أن تنتبه أننا أمام عدو شرس لا يريد إلّا الاستسلام والتهجير"، داعيا الدول العربية إلى أن "يستعدوا للحرب".
ويعتقد المرزوقي أن ما وصفها بدولة إسرائيل ستختفي إما سلما على طريقة جنوب أفريقيا، أو حربا على يد رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، ولكن بعد تدمير نفسها وتدمير المنطقة.
موقف غير مشجعومن جهته، وصف الكاتب والباحث في الشؤون الدولية، حسام شاكر، خطاب الزعماء العرب في القمة العربية بأنه كان فاترا، وقال إن البيان الختامي لقمة بغداد تضمن تعبيرات مخففة جدا، رغم بعض الأمور الإيجابية مثل رفض التهجير.
وتساءل شاكر عن سبب إحجام العرب عن اتخاذ خطوات عملية مثل مراجعة اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وحشد الوفود الشعبية والرسمية عند المعابر والسماح بالتحركات الميدانية من أجل الضغط على الاحتلال.
ويرى شاكر أن الموقف العربي الذي عبرت عنه القمة لا يشجع الموقف الأوروبي الذي قال إنه يتنامى في المدة الأخيرة ويعبر عن انزعاجه من المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وفي مداخلته بالقمة العربية، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على غزة، مشيرا إلى أن بلاده تعد مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب إسرائيل بوقف هجماتها والسماح بإدخال المساعدات إلى غزة.
وعن موقف الشعوب العربية، تساءل شاكر عن غياب صوت هذه الشعوب وصوت النقابات والقيادات الشعبية والسياسية، وقال إن التحركات الميدانية والتظاهرات ستؤدي إلى تغيير في المعادلة.
ومن جهته، شدد المرزوقي على أهمية المظاهرات، وقال إن الشعوب العربية مقهورة ومظلومة وأضناها الفقر والإذلال، لكنها ستنفجر عاجلا أم آجلا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البیان الختامی
إقرأ أيضاً:
البيان الختامي لقمة بغداد .. عبارات جوفاء في زمن المجازر
يمانيون / تقرير
انعقدت القمة العربية في بغداد، اليوم السبت 19 ذو القعدة 1446هـ الموافق 17 مايو 2025م، وسط مشهد دموي متفاقم في قطاع غزة بفلسطين المحتلة، وتفكك كارثي في السودان، وتوغلات إسرائيلية يومية في سوريا ولبنان، لكن البيان الختامي جاء باهتًا، مُفرغًا من المضمون، وعاجزًا عن أن يشكل ولو حدًا أدنى من الرد العربي الجاد على الجرائم والانتهاكات التي تحدث في غزة ولبنان وسوريا والسودان.
غزة تُباد والعرب يكتفون بالتنديد اللفظي
يستمر الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتجويع بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة، بينما يكتفي القادة العرب بعبارات منمقة عن “القلق” و”ضرورة وقف القتال”.. لم يتضمّن البيان أي آلية فعلية للضغط، لا دبلوماسية ولا اقتصادية، ولم يطرح حتى الحد الأدنى من الإجراءات الرمزي. هذا الصمت العملي بمثابة ضوء أخضر لاستمرار المجازر، ورسالة مخزية إلى الشعب الفلسطيني بأن الدم الفلسطيني ليس أولوية عربية.. وأن ما يحدث في المناطق العربية من اقتتال تشعله دول الاستكبار وتزكيه دول عربية من مهام قيادات ثنائي الخليج العربي “السعودية والإمارات” أبرز الحلفاء
تجاهل فاضح للدور التخريبي في السودان
لم يأت البيان على ذكر السودان إلا بوصفه “قلقًا”، دون الاعتراف الصريح بمسؤولية دول عربية – وعلى رأسها الإمارات – في تسليح الميليشيات المتمردة ودعمها سياسيًا ولوجستيًا في خدمة مشاريع التفتيت.. هذا التجاهل ليس بريئًا، بل يعكس رضوخ الجامعة العربية لمراكز النفوذ والمال على حساب دماء الشعب السوداني وسيادة أراضيه.
سوريا ولبنان: الصمت عن الاحتلال والعدوان
رغم تكرار الإشادة بـ”وحدة سوريا”، تجاهل البيان الإشارة إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية واللبنانية، وغيّب أي دعوة صريحة لتحرك عربي جماعي لمواجهتها. كما لم يطرح أي مبادرة عملية لرفع الحصار والعقوبات التي تخنق الشعب السوري وتعيق إعادة الإعمار، ما يعكس أن السياسات الغربية لا تزال تتحكم في الإيقاع العربي.
غياب الرؤية وضعف الإرادة
افتقر البيان لأي مشروع سياسي جاد أو خارطة طريق لمواجهة الانهيارات الإقليمية. لا دعوة لعقد قمة طارئة بشأن غزة، ولا مبادرة للتعامل مع الانهيار العربي المتسارع، ولا حتى موقف موحد واضح من المخاطر الوجودية التي تواجه المنطقة. كان بيانًا لإدارة الصورة لا إدارة المصير.
قمة بلا روح… وبيان بلا أثر
ما صدر عن قمة بغداد لا يرقى لأن يُسمى موقفًا سياسيًا، بل أقرب إلى بروتوكول بارد في زمن نازف يخدم العدو وقوى الاستكبار.. كما أنه انعكاس لشلل الإرادة العربية، وتحول القمم إلى طقوس شكلية، تفتقر للكرامة قبل أن تفتقر للقرار.. وبينما تُباد غزة، وتُقسم السودان، وتُقصف سوريا، وتنهار لبنان، ويشعل فتيل القتال في ليبيا، يبقى النظام العربي الرسمي سجين العجز والتواطؤ، في وقت تحتاج فيه الشعوب إلى موقف لا إلى مجاملة أو عمالة صاخبة.