صرخة مرضى السكري في غزة وسط مجاعة خانقة
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
الثورة /وكالات
بصوت خافت تقطعه أنفاس متعبة ودموع مكبوتة، عبّر الحاج أحمد درابية (87 عامًا) عن واقعه القاسي كمريض سكري محاصر بالجوع والمرض في قطاع غزة، حيث يستمر بروز المجاعة مجددا للشهر الثالث على التوالي بفعل الحصار والإغلاق المستمر للمعابر، منذ بدء العدوان الإسرائيلي قبل أكثر من عام ونصف.
منذ عقد من الزمن، كان درابية يلتزم يوميًا بأخذ جرعات الأنسولين.
علامات الهزال تظهر على وجهه، ويداه المرتجفتان تعكسان تدهورًا صحيًا عميقًا، يعاني من تقرحات القدم السكرية، ما يزيد ألمه ومخاوفه.. “أشعر كمن يسير في طريق موحش نحو نهاية محتومة”، يضيف بصوت يرتجف.
ومعاناة درابية ليست سوى صورة من واقع آلاف المرضى في غزة.
الحاجة عبير البيرم (75 عامًا) تحكي قصتها مع هذا الواقع القاسي. تعيش على وجبات تُقدمها التكايا القريبة، لكن محتواها الغذائي ضعيف لا يكفي لحماية جسدها من نوبات هبوط السكر المتكررة.
“لم أعد أتناول دوائي لأن الطعام لا يناسبه، أفقد الوعي أحيانًا أكثر من مرة في اليوم”، تقول بمرارة.
خطر مزدوج وأزمة صحية خانقة
تحذر منظمات صحية، بينها منظمة الصحة العالمية، من تدهور خطير في أوضاع المرضى المزمنين، خصوصًا مرضى السكري الذين يقدر عددهم في غزة بأكثر من 60 ألف شخص.
وتشير إلى أن غياب التوازن بين الغذاء والعلاج يعرض حياتهم للخطر.
وفي هذا السياق، توضح خبيرة التغذية العلاجية د. سعاد عبيد أن “مريض السكري يعتمد على توازن دقيق بين الوجبات والأدوية. هذا التوازن لم يعد ممكنًا وسط الأزمة الغذائية الحالية”.
وتتابع: “الاختيار بين تناول الدواء بلا طعام أو العكس، كلاهما يؤدي إلى نتائج خطيرة كالغيبوبة أو حتى الموت”.
وتلفت عبيد إلى أن المساعدات الغذائية التي تصل غالبًا ما تقتصر على الأرز والخبز وبعض النشويات، وهي أطعمة ترفع نسبة السكر في الدم وتزيد من تدهور صحة المرضى، في حين تغيب بشكل شبه تام الفواكه والخضروات والبروتينات الضرورية.
ووفقا للاختصاصي في داء السكري الدكتور محمد صيام، فإن “المريض الذي لديه داء السكري من النوع الأول قد يفقد حياته إذا أصيب بنوبة من الحماض الكيتوني السكري ولم تتوفر أسرّة في وحدات العناية المركزة”.
الجوع يفتك
تقرير دولي حديث يكشف أن 96% من سكان غزة يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي، فيما يعيش أكثر من نصف مليون شخص في مستويات تُصنَّف على أنها “كارثية”.
ويحذر التقرير من أن المجاعة الشاملة قد تصبح واقعًا وشيكًا إذا استمرت القيود على إدخال المساعدات.
في غزة، لم يعد السكري مجرد مرض مزمن، بل تحوّل إلى معركة قاسية مع الحياة، حيث يتحول كل يوم إلى اختبار للبقاء. مع كل وجبة مفقودة، وكل دواء لا يُؤخذ في وقته، تتقلص فرص النجاة وتقترب النهاية أكثر.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دعوات متصاعدة لإعادة تصدير النفط في اليمن وسط أزمة اقتصادية خانقة
تتسارع الخطوات والتحركات السياسية والاقتصادية في اليمن نحو استئناف تصدير النفط الخام، بعد توقف دام أكثر من عامين نتيجة هجمات مليشيا الحوثي على المنشآت النفطية، وهي خطوة يراها مراقبون ضرورية لإنقاذ الاقتصاد الوطني الذي يمر بواحدة من أشد أزماته في تاريخه الحديث.
ومنذ الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على ميناءي الضبة والنشيمة أواخر عام 2022، توقفت صادرات النفط اليمني بشكل تام، ما تسبب في خسارة الحكومة لأكثر من 70% من إيراداتها، ودفع البلاد إلى أزمة تمويلية خانقة أثّرت بشكل مباشر على قدرتها في الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين وتمويل الخدمات الأساسية.
ومع التدهور المتواصل للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية وارتفاع أسعار المواد الأساسية واتساع رقعة الفقر، تتصاعد في الأوساط السياسية والاقتصادية دعوات جادة لاستئناف تصدير النفط كأولوية وطنية تقتضي تحركًا سريعًا من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليًا، باعتبار النفط شريانًا رئيسيًا لإنعاش الاقتصاد واستقرار الدولة.
وخلال اجتماع له في عدن، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إن الاعتداءات الحوثية على منشآت التصدير "لم تكن مجرد هجمات عسكرية"، بل كانت تهدف إلى ضرب زخم التحالف الجمهوري وإغراق البلاد في أزمة إنسانية وأزمة ثقة داخلية وخارجية"، مشددًا على أهمية "تحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية لتقوية الاعتماد على الذات".
وأضاف العليمي، خلال لقائه بقيادات المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، أن المجلس لن يتردد في مصارحة المواطنين بحقيقة الأوضاع الاقتصادية، مؤكدًا أن ما تحقق من صمود لم يكن ليتحقق لولا صبر المواطنين ودعم الأشقاء في السعودية والإمارات والمجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، أكدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي أن الإجراءات المؤقتة لم تعد مجدية ما لم تُتخذ خطوات استراتيجية شاملة تشمل إصلاح المنظومة المالية واستئناف تصدير النفط وتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي في عدن، باعتبارها مدخلًا حتميًا لإعادة تنشيط الدورة النقدية وضمان الاستقرار المالي.
وشددت الهيئة، خلال اجتماع ترأسه القائم بأعمال رئيس المجلس علي عبدالله الكثيري، على دعمها الكامل لتوجهات رئيس الوزراء الدكتور سالم بن بريك، والجهود الحكومية الرامية إلى تحقيق إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية، داعية إلى توفير البيئة السياسية والإدارية المناسبة لضمان نجاح هذه الجهود.
وبدورها، كثّفت الحكومة الشرعية تحركاتها خلال الأيام الماضية بهدف استئناف عملية تصدير النفط. وأكد وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد الشماسي، في اجتماع عبر تقنية الاتصال المرئي مع القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى اليمن، أن استعادة نشاط التصدير بات مسألة إنقاذ وطني ملحّة في ظل ما تعانيه الدولة من تدهور اقتصادي غير مسبوق.
وأشار الشماسي إلى أن الحكومة تعمل ضمن خطة متكاملة على تأمين البنية التحتية لقطاع النفط والمنشآت الحيوية، بالتعاون مع تحالف دعم الشرعية وشركاء دوليين، تمهيدًا لاستعادة النشاط التصديري. كما ثمّن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد الكيانات الداعمة للحوثيين، واصفًا إياها بأنها "خطوات نوعية تضيّق الخناق على مصادر تمويل المليشيا وتسهم في تمكين الدولة من استعادة السيطرة على مواردها".
ويرى مراقبون أن إعادة تصدير النفط لا تمثل فقط ضرورة اقتصادية ملحّة، بل هي أيضًا خطوة استراتيجية لاستعادة زمام المبادرة في معركة الدولة ضد الانهيار المالي والإداري، خصوصًا وأن توقف التصدير أدى إلى اعتماد الحكومة على إجراءات طارئة مثل تنظيم مزادات العملة وضخ الاحتياطي النقدي المحدود، وهي حلول مؤقتة لم تنجح في وقف الانحدار الحاد للعملة المحلية أو تهدئة الأسواق.
وفي ظل هذه الظروف، تتحول دعوات استئناف التصدير إلى مطلب شعبي واقتصادي واسع النطاق، تتقاطع عنده آمال المواطنين في تحسين أوضاعهم المعيشية، وآمال الدولة في استعادة أدواتها المالية وخروجها من نفق الأزمة.