الجزيرة:
2025-05-20@22:43:01 GMT

3 نجاحات استثنائية لأردوغان

تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT

3 نجاحات استثنائية لأردوغان

شهدت تركيا في الأسبوع الماضي حركة غير مسبوقة في تاريخها. فقد أمضى الدبلوماسيون والصحفيون ورجال الأمن والمسؤولون الرسميون ليالي بلا نوم، وعانوا من إرهاق شديد أنهك قواهم.

وبصفتي صحفيًا حاول أن يواكب كل ما جرى، ويكتب المقالات، ويُفسّر الأحداث التي عرضت على الشاشات ليل نهار، نالني نصيبي من هذا الأسبوع المذهل على هيئة تعبٍ شديد.

كانت التطورات سريعة إلى حد أن ما نكتبه من مقالات، أو ما ننشره من مشاركات، كان يفقد راهنيته في غضون ساعات قليلة.

لعل هذا ما دفع القنوات التلفزيونية إلى التخلّي عن إعداد التقارير الخبرية، واللجوء عوضًا عن ذلك إلى البثّ المباشر المتواصل، حيث راحوا يربطون المراسلين بالأحداث ليرووها لحظة بلحظة.

كيف شارك أردوغان في اجتماع الرياض؟

كان العالم بأسره يترقب زيارة ترامب التاريخية لثلاث دول خليجية، وكان الإعلام التركي يغطي التطورات على رأس كل ساعة. لكن عندما أُعلن فجأة عن لقاء سيُعقد بين ترامب وأحمد الشرع، تحوّلت الأنظار كلها إلى الرياض.
وكأنّ ذلك لم يكن كافيًا، فقد أُعلن أيضًا عن انضمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وترامب، والشَرع، مما جعل من هذا الحدث محور اهتمام عالمي.

إعلان

في تلك الأثناء، كانت وزارات خارجية 32 دولةً عضوًا في حلف الناتو تعقد اجتماعًا في أنطاليا، وحين وصل خبر اللقاء الرباعي إلى هواتفهم المحمولة، كتب المساعدون ملاحظات خاصة وأبلغوا الوزراء به. فبدأت مئات القنوات التلفزيونية، المتواجدة هناك، بتحويل تغطيتها من أنطاليا إلى الرياض.

سألتُ مسؤولًا رفيع المستوى يتابع مجريات اللقاء عن كيفية انضمام أردوغان للاجتماع، فأجابني:
"ولي العهد السعودي هو من دعا أردوغان إلى الاجتماع. في الواقع، كان أردوغان يودّ الحضور إلى الرياض شخصيًا، لكن لأسبابٍ لوجيستية لم يكن ذلك ممكنًا، فشارك عبر نظام الاتصال المرئي".

اللقاء الرباعي يُغضب إسرائيل بشدة

يحمل هذا الاجتماع الرباعي في الرياض أهمية مصيرية لمستقبل سوريا.
فالرجل الذي كان رأسه مطلوبًا سابقًا، بات يجلس أمام ترامب بوصفه رئيس دولة، وقد أصبح فاعلًا جديدًا في معادلة متغيرة بالمنطقة، وهذا التحول قد تمّ تثبيته بالفعل.

في الحقيقة، من منح الشرع هذا الموقع الفريد، وأوصله إلى موقع الندّ لترامب، هما القائدان المشاركان في الاجتماع: محمد بن سلمان، ورجب طيب أردوغان.

فلو لم تقدّم السعودية وتركيا هذا القدر من الدعم لسوريا، لما وافق ترامب على اللقاء. ومن هذا نفهم أنّ تحالف السعودية وتركيا قادر على حلّ مشاكل المنطقة.

وقد انعكست أصداء هذا اللقاء بهتافات فرح في سوريا، وفخر في تركيا والسعودية، وغضب في إسرائيل. إذ تلقّت إسرائيل، التي كانت تخطّط لتقسيم سوريا وابتلاعها تدريجيًا، كلمات ترامب بشأن الشرع كصفعة مدوّية: "شاب، وسيم، حازم، ومقاتل…".

وخلال اللقاء، قال ترامب للقادة الثلاثة: "سأطلب من إسرائيل أن تكف عن سلوكها العدائي تجاه سوريا وأن تلتزم التهدئة". أما الإعلام الإسرائيلي، فقد أفاض في نشر كل الكلمات القاسية التي كان نتنياهو يتمنّى لو قالها لترامب.
ويا للأسف، فقد صبّت إسرائيل غضبها من هذا اللقاء في غزة، حيث قتلت مئات الفلسطينيين الأبرياء، وبدأت من جديد عملية احتلال مادي للأرض.

إعلان عجز مليشيا YPG سيصيب إسرائيل بالذعر

أكثر ما كانت تتحسّس منه تركيا هو رفض مليشيا YPG تسليم أسلحتها داخل سوريا، وإخلالها بالاتفاق المبرم مع دمشق.
والسبب الوحيد وراء رفض YPG التخلي عن السلاح بينما يتخلى عنه حزب العمال الكردستاني (PKK)، هو الدعم الإسرائيلي لهم.

وفي الاجتماع الرباعي، التفت ترامب إلى الشرع قائلًا: "تسلّم أنت السيطرة على سجون ومخيمات الدواعش، وسيد أردوغان، نرجو منكم دعم دمشق في هذا الأمر". مع أنّ هذا الموضوع لم يكن مطروحًا ضمن أجندة الاجتماع، إلا أنّ ترامب فتحه بنفسه. والمعنى من ذلك أنّ ذريعة دعم قوات سوريا الديمقراطية (YPG)، بالسلاح والمال، كانت محاربة تنظيم الدولة.

فالمليشيا كانت تتولى إدارة تلك السجون والمخيمات، وتحصل بذلك من الولايات المتحدة على 142 مليون دولار سنويًا من الأموال والأسلحة. ومع زوال هذه المهمة، ستصبح YPG بلا دور، وستنقطع عنها المساعدات الأميركية، ولن تجد بدًا من الاندماج في الدولة السورية. وقد استقبل كلّ من أردوغان والشرع هذا التفاهم بارتياح كبير.

وختم المسؤول التركي الذي قدّم هذه المعلومات قائلًا: "ستحزن إسرائيل كثيرًا من هذا، ونحن بدورنا نتحلى بالحذر. وغالبًا ما تكون اللوبيات الإسرائيلية قد بدأت العمل بالفعل لتغيير هذا القرار".

لماذا لم يأتِ بوتين؟

فيما كنا نتابع المباحثات المتعلقة بسوريا في الرياض، دخل الرئيس الأوكراني زيلينسكي الأجواء التركية على متن طائرة خاصة متجهًا مباشرة إلى أنقرة. وكان ترامب في ذلك الوقت يصرّح من الرياض والإمارات قائلًا: "إن حضر بوتين، فأنا أيضًا سأحضر".

وقد بذلت تركيا جهودًا كبيرة لإقناع بوتين بالحضور، لكنه أصرّ كعادته على موقفه، ورفض المشاركة في الاجتماع الذي فُرض عليه فرضًا من قبل زيلينسكي.

وقد التقى زيلينسكي بأردوغان في أنقرة، ثم قرّر عدم المشاركة في المباحثات الروسية- الأوكرانية في إسطنبول، قبل أن يُقنعه أردوغان والمسؤولون الأتراك بالعدول عن قراره. فاجتمعت الوفود في قصر دولما بهتشه بإسطنبول، بعد أن أُنهك وزير الخارجية هاكان فيدان من اجتماعات أنطاليا، وانضم إليه رئيس الاستخبارات إبراهيم كالن، الذي كان لاعبًا رئيسًا في كواليس كل هذه الأحداث.

إعلان

لم يُتوصل إلى وقف إطلاق النار خلال الاجتماع، لكن تمّ الاتفاق على تبادل ألف أسير بين الطرفين، وهو ما ستساهم تركيا في إنجازه. وقد هيّأ هذا الاجتماع الأرضية المناسبة للقاء القادة لاحقًا.

سألتُ مسؤولًا مطّلعًا: لماذا لم يأتِ بوتين؟
فقال: "بصراحة، شعرنا ببعض الانزعاج لعدم حضوره. فقد بذلنا جهودًا كبيرة لحلّ هذه الأزمة. لكن بوتين لا يريد لقاء زيلينسكي، بل يريد التوصل إلى اتفاق مع الغرب.

وسيبدأ ذلك بالاجتماع مع ترامب أولًا، ثم التوافق على شروط الاتفاق مع الغرب، وبعدها يبحث السلام مع أوكرانيا. ولو حضر إلى إسطنبول ووجد ترامب هناك، لكان مضطرًا لتوقيع اتفاق لا يريده. كما أنّ فرض زيلينسكي للأمر الواقع قد أغضبه كثيرًا".

غزة.. الحزن الوحيد المتبقي

بينما لم تكن المباحثات بين أوكرانيا وروسيا قد انتهت بعد، انطلقت في إسطنبول مباحثات أخرى بشأن البرنامج النووي الإيراني داخل مبنى القنصلية الإيرانية التاريخي، وشاركت فيها وفود من بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيران، لمناقشة التهديدات التي كان ترامب يوجّهها لإيران من حين لآخر. لكن وسط كل هذه التطورات المتسارعة، بقيت هذه المباحثات في الظل.

وبعد انتهاء جولته الخليجية، عاد ترامب إلى أميركا حاملًا في جعبته اتفاقات جعلته سعيدًا، وصرّح قائلًا: "طلب مني أحد القادة الثلاثة في الخليج أن أتدخّل، لأن الناس يموتون جوعًا في غزة".

في تركيا، سعيت لمعرفة إن كان اجتماع أردوغان في الرياض قد أسفر عن قرار بخصوص غزة.
وقد علمت أنّ أردوغان طرح موضوع غزة، لكن ترامب لم يصدر قرارًا واضحًا بشأنها.
وما إن انتهت زيارة ترامب، حتى بدأت إسرائيل عدوانًا شاملًا على غزة بكل وحشيتها، متحدّية بذلك ترامب والعالم بأسره.
ويا للأسى، فقد كانت غزة، وسط كل تلك اللقاءات الرامية للسلام، الموضوع الحزين الوحيد الذي بقي بلا حلّ.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات من هذا قائل ا

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي بعد اجتماعات في الفاتيكان: نريد وقفًا فوريًا لإطلاق النار في أوكرانيا

صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن الأسبوع المقبل سيكون "حاسمًا" في ما يخص مباحثات السلام المرتقبة. اعلان

أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط في أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه ناقش هذا المطلب مع نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال لقاء جمعهم في العاصمة الإيطالية روما.

وقال زيلينسكي، في بيان عقب اللقاء، إن المحادثات تطرقت أيضًا إلى أهمية مواصلة الضغط على روسيا من أجل إنهاء الحرب، ومتابعة ملف العقوبات والتبادل المحتمل للأسرى بين الطرفين.

وأضاف الرئيس الأوكراني أن بلاده مستعدة للدخول في محادثات بأي شكل أو إطار من أجل تحقيق نتائج إيجابية تُنهي الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، مشيرًا إلى أن كييف منفتحة على جميع المبادرات التي تدفع نحو سلام حقيقي ومستدام.

ويأتي اللقاء في وقت حساس، قبيل مكالمة هاتفية مرتقبة يوم الإثنين بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها خطوة محتملة في سياق تحريك ملف المفاوضات.

وكان اللقاء بين زيلينسكي ونائب الرئيس الأميركي هو الأول منذ التوتر الذي شهدته أروقة البيت الأبيض بين الجانبين في 28 فبراير/شباط الماضي، بمشاركة الرئيس ترامب. وقد صافح زيلينسكي وفانس بعضهما صباح الأحد في ساحة القديس بطرس، على هامش قداس تنصيب البابا لاوون الرابع عشر.

وفي السياق ذاته، أعلن زيلينسكي أنه التقى البابا لاوون الرابع عشر بعد القداس، معربًا عن تقدير أوكرانيا لاستعداد الفاتيكان لاستضافة محادثات مباشرة بين كييف وموسكو، ومشيدًا بما وصفه بـ"الصوت الواضح للفاتيكان دفاعًا عن السلام العادل والدائم".

Relatedبوتين يحدد أهداف الكرملين في حرب أوكرانيا: القضاء على أسباب النزاع وضمان الأمنمتناولًا الأوضاع في غزة وأوكرانيا.. ويتكوف: أتوقع أن تنجح المكالمة بين ترامب وبوتين

من جهتها، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن الأسبوع المقبل سيكون "حاسمًا" في ما يخص مباحثات السلام المرتقبة، خاصة في ظل الاتصال المرتقب بين ترامب وبوتين.

وقالت في مستهل لقائها مع فانس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني: "المرحلة الآن تتطلب المزيد من الضغط، وأعتقد أن الأسبوع المقبل قد يشهد تحوّلات مهمة على هذا المسار".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: أردوغان زعيم عالمي لا يُستهان به
  • كيف أصبح أردوغان “زعيمًا عالميًا”؟
  • انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس محافظي مجلس البحوث العالمي في الرياض
  • الرياض عاصمة القرار السياسي في الشرق الأوسط
  • جهاز غامض أمام «ترامب» خلال لقائه الرئيس السوري في الرياض يشعل التكهنات
  • مهم للغاية| أحمد موسى يكشف كواليس لقاء مدير المخابرات وكبير مستشاري ترامب
  • زيلينسكي بعد اجتماعات في الفاتيكان: نريد وقفًا فوريًا لإطلاق النار في أوكرانيا
  • هاكان فيدان يلتقي نظيره السعودي في الرياض
  • حفاوة استثنائية رافقت زيارة ترامب إلى الخليج: مكاسب شخصية أم مصالح أميركية؟