أن الحق تبارك وتعالى حميدٌ يُحب الحمد، والحميد في حقه تعالى أي: الْمَحْمُود الْمُثنَى عَلَيْهِ، وَالله عز وَجل هُوَ الحميد بِحَمْدِهِ لنَفسِهِ أزلًا وبحمد عباده لَهُ أبدًا. يُنظر: "المقصد الأسنى" لحجة الإسلام الغزالي (ص: 130، ط. دار ابن حزم).

وأستشهد مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكتروينة، بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ».

[أخرجه الطبراني]
فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سُلطانك . 

هل يجوز أن نقول الحمدلله حتى يبلغ الحمد منتهاه؟

ورد عن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَدَحْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِمَحَامِدَ، قَالَ: «أَمَا إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والإمام البخاري في "الأدب المفرد" واللفظ له.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْحَمْدِ»، أخرجه البَيْهَقِي في "شعب الإيمان"، وأبو يَعْلَى الموصلي في "مسنده".

أجمل دعاء في الصباح .. أذكار وأدعية ردّدها بعد صلاة الفجردعاء الثلث الأخير من الليل .. اغتنمه فهو مُستجاب

ونبَّه النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم على أنَّ أفضل العباد يوم القيامة وأول من يُدعى إلى الجنة: مَن يَحمدون الله كثيرًا وفي جميع أحوالهم؛ فعن عمران بن حُصَيْن رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ» أخرجه الحاكم في "المستدرك" واللفظ له، والطبراني في "المعجم الكبير".

قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (2/ 428، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(الْحَمَّادُونَ) لله أي: الذين يكثرون حمد الله أي: وصفه بالجميل المستحق له من جميع الخلق على السَّرَّاء والضَّرَّاء فهو المستحق للحمد من كافة الأنام] اهـ.

والحمد: فعلٌ ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعمًا على الحامد أو غيره، ومورده اللسان، وقد يكون مُتَعَلِّقًا بنعمةٍ أو لا، بخلاف الشكر فمورده اللسان وغيره، ولا يكون مُتَعَلِّقًا إلا بنعمة، فالحمد أعمُّ من الشكر باعتبار المتعلَّق، وأخص باعتبار المورِد، والشكر بالعكس. والحمد مأمورٌ به مطلقًا. يُنظر: "البناية شرح الهداية" لبدر الدين العَيْنِي الحنفي (1/ 110-111، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل" للعلامة الخَرَشِي المالكي (1/ 17-18، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (1/ 90، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع في شرح المقنع" لبرهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي (1/ 14، ط. دار الكتب العلمية).

ما ورد في السنة النبوية من صيغ المبالغة في حمد الله تعالى قد وردت في الأحاديث النبوية عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيغٌ فيها المبالغة في حمد الله تعالى، منها: ما جاء عن أبي أُمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رفع مائدته قال: «الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا» أخرجه البخاري في "صحيحه".

وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنَا أحرك شفتي، فقال: «مَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟» قلت: أذكر الله، قال: «أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ اللهَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ؟ تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللهَ مِثْلَهُنَّ»، ثم قال: «تُعَلِّمُهُنَّ عَقِبَكَ مِنْ بَعْدِكَ»، أخرجه الطَّبَرَانِي في "المعجم الكبير".

حكم قول الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه

صيغة "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه" جائزة شرعًا؛ حيث يقولها القائل قاصدًا المبالغة في حمد الله عز وجل، وقد قَبِل العلماء نحو هذه الصيغة، بل وافتتح بمثلها بعض الفقهاء والمحدثين كتبهم: فمن الفقهاء الإمام النووي الشافعي؛ حيث افتتح بمثلها كتابه "المنهاج" (ص: 7، ط. دار الفكر) فقال: [أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ وَأَكْمَلَهُ، وَأَزْكَاهُ وَأَشْمَلَهُ] اهـ.

قال الإمام ابن حجر الهَيْتَمِي في "تحفة المحتاج" (1/ 22، ط. المكتبة التجارية) شارحًا: [(أَبْلَغَ حَمْدٍ) أي: أنهاه من حيث الإجمال لا التفصيل لعجز الخلق عنه حتى الرسل حتى أكملهم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»، (وَأَكْمَلَهُ) أي: أتمه] اهـ.

ومن المحدثين الإمام ابن الصلاح؛ فقد افتتح بمثلها "مقدمته في علوم الحديث" (ص: 5، ط. دار الفكر) فقال: [الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه، الكافي من تحرى رضاه، حمدًا بالغًا أمد التمام ومنتهاه] اهـ.

والصيغة المسؤول عنها وإن لم ترد في نص آية أو حديث فإنه لا يعني عدم جواز الذكر بها؛ وذلك لأنَّ الذكر بابه واسع، وقد أُمِرنا بذكر الله تعالى بالأمر العام في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]، وبالحمد بالأمر الخاص في خطاب الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الإسراء: 111]، فالأمر العام بالذكر والأمر الخاص بالحمد كلاهما يشمل عموم الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة؛ فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية أدائه أكثر من وجهٍ، فإنه يؤخذ على عمومه أو إطلاقه وسعته، ولا يصح تخصيصه أو تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل؛ كما هو مُقرَّرٌ في علم الأصول.

وليس في الذكر بهذه الصيغة إحداث في الدين ما ليس منه، بل إحداث فيه ما هو منه، وهذا يُفهم من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين؛ فعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: كنَّا يومًا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلمَّا رفع رأسه من الركعة قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

فالصحابي رفاعة رضي الله عنه قد دعا بما لم يَسبق بخصوصه بيان نبوي، وأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يُنكر عليه، بل بشَّره بأنَّه رأى الملائكة يتنافسون على كتابتها، مما يدل على جواز إحداث ما هو من الدين ومندرج تحت نصوصه.

ولا يمنع الجواز أنَّه لا يمكن لشخص أن يحمد الله حمدًا يبلغ منتهى التمام؛ لأنَّ الفرض أنَّ الخلق كلهم لو اجتمع حمدهم لم يبلغ بعض ما يستحقه الله تعالى من الحمد فضلًا عن تمامه؛ وذلك أنَّ الحامد بهذه الصيغة لم يدَّع أنَّ الحمد الذي صدر منه بلغ التمام، وإنَّما أخبر أنَّ الحمد الذي يجب لله تعالى هذه صفته، وكأنَّه أراد أنَّ الله تعالى مستحقٌّ لتمام الحمد، وهذا بيِّن من سياق كلامه، فمراده أن ينسب إلى ذات الله تعالى المقدسة أبلغ المحامد، وليس مراده أنَّ حمده أبلغ حمد، ينظر: "النكت على كتاب ابن الصلاح" لابن حجر العسقلاني (ص: 73-74، ط. دار الميمان).

طباعة شارك هل يجوز أن نقول الحمدلله حتى يبلغ الحمد منتهاه حكم قول الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه من هم أفضل عباد الله يوم القيامة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم قول الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه النبی صلى الله علیه وآله وسلم لله حتى یبلغ الحمد منتهاه رضی الله عنه الله تعالى لله تعالى الحمد لله ال ح م د حمد الله

إقرأ أيضاً:

هل إدراك الإمام قبل الرفع من الركوع تحسب ركعة؟ الأزهر للفتوى يوضح الضوابط

أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى أن الصلاة في وقتها من أحب العبادات إلى الله، وأن أداءها في جماعة بالمسجد له فضل عظيم، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق» [رواه الترمذي].

وأكد المركز أن من فاته جزء من الصلاة، يُسن له أن يتوجه للمسجد بسكينة وهدوء، مستدلًا بقول النبي ﷺ: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» [رواه مسلم].

وبيَّن المركز أن من كَبَّر ودخل مع الإمام قبل أن يرفع من الركوع تُحسب له ركعة، حتى وإن لم يدرك قراءة الفاتحة أو السورة. أما من دخل والإمام في وضع السجود أو الجلوس أو الركوع، فعليه أن يُكبِّر تكبيرتين: الأولى للإحرام، وهي واجبة، والثانية للانتقال إلى الوضع الذي وجده فيه الإمام.

هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر؟.. دار الإفتاء تجيبدعاء ردده النبي بعد كل صلاة.. واظب عليهأمين الإفتاء يكشف علاج السهو في الصلاة ونسيان عدد الركعاتهل صلاة العشاء بعد منتصف الليل حاضر أم قضاء؟.. لها 5 أوقات

وأوضح المركز أن ما يُدركه المأموم مع الإمام يُعد أول صلاته، وما يُكمله بعد سلام الإمام يكون بمثابة الجزء الأخير منها، وعليه أن يُراعي ترتيب الركعات، كأن يقرأ السورة مع الفاتحة في الركعات الأولى فقط.

كما يتابع المسبوق الإمام في كل الأركان، ويبني على ما أدركه، ويُكمل صلاته بعد تسليم الإمام، حتى لو أدى ذلك إلى تكرار هيئة غير معتادة مثل تعدد التشهدات.

وشدد المركز على أن من أدرك ركعة واحدة مع الإمام في أي صلاة فقد أدرك الجماعة، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام، فقد أدرك الصلاة» [رواه مسلم].

وأشار أيضًا إلى أن صلاة الجمعة تُدرك بإدراك ركعة كاملة، فإن لم يدرك المأموم ركوع الركعة الثانية مع الإمام، فعليه أن يُصليها ظهرًا.

وفيما يخص صلاة الجنازة، فعلى المسبوق أن يُكبِّر تكبيرة الإحرام ثم يتابع الإمام، ويقضي ما فاته بنفس الترتيب: الفاتحة بعد الأولى، ثم الصلاة على النبي ﷺ، ثم الدعاء للميت، وأخيرًا الدعاء للمسلمين قبل أن يُسلِّم.

أما في صلاة العيد، فإذا فاتت الركعة الأولى، أتمها بعد سلام الإمام، ويُكبِّر فيها خمس تكبيرات.

طباعة شارك الصلاة تكبيرة الإحرام الركوع الأزهر العالمي للفتوى

مقالات مشابهة

  • متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 2025 ؟.. خير أيام الدنيا
  • أذكار ختم الصلاة .. اعرف ماذا يُقال بعدها؟
  • صلاة الشكر .. حكمها ودعائها وشروط صحتها
  • حكم طواف الحاج بالأدوار العلوية أثناء أدائه المناسك.. الأزهر للفتوى يوضح
  • الشروط الشرعية الواجب توافرها في الأضحية.. الإفتاء توضح
  • فضل حج بيت الله الحرام.. الأزهر للفتوى يوضح
  • ضوابط الألعاب الإلكترونية من الناحية الشرعية .. تعرف عليها
  • ما حكم الوقوف بعرفة للحائض والجنب؟.. الإفتاء تجيب
  • هل إدراك الإمام قبل الرفع من الركوع تحسب ركعة؟ الأزهر للفتوى يوضح الضوابط