الثورة / يحيى الربيعي
في قرية الجرف وعزلتي بني موسى ووادي الخشب -مديرية وصاب السافل- محافظة ذمار، وبينما كانت الحياة تسير بوتيرة طبيعية، إذا بها في لحظات معدودة، تنقلب الموازين، ويُروى أن سداً قديماً لم يستطع الصمود أمام قوة المياه المتدفقة، فانفجر، مطلِقاً العنان لكتلة هائلة من المياه اجتاحت كل شيء في طريقها فهدمت المنازل، وجرفت معها الجدران، الأثاث، والممتلكات، سمع السكان أصوات الانهيار وصيحات الرعب، كانت المياه ترتفع بسرعة مخيفة، تحاصر الأسر داخل بيوتها، أو تجرفهم مع تيارها القوي.


فقد الأب ابنه، والأم طفلها، والرجل زوجته، اختلطت قصص الفقدان مع مشاهد الدمار.. كانت فرق الإنقاذ المكونة من رجال الدفاع المدني والمتطوعين الشجعان من أبناء المنطقة، يتسابقون مع الزمن لانتشال ما يمكن إنقاذه، والبحث عن المفقودين في مسارات الأودية الموحلة التي امتدت لمسافات طويلة، كل ساعة تمر كانت تزيد من قسوة المشهد، وكل جثمان يتم انتشاله كان يمزق قلوب الأهالي. ارتفع عدد الضحايا ليبلغ ثلاثين جثماناً تم العثور عليها، فيما بقي مصير آخرين مجهولاً، ابتلعتهم مياه السيول الغادرة.
لم تتوقف الكارثة عند الخسائر البشرية، بل فقدت العائلات منازلها التي كانت ملاذها الآمن، تحولت حوالي 23 منزلاً إلى أكوام من الأنقاض، وتضررت مئات المنازل الأخرى بشكل بالغ، كما جرفت السيول 4 سيارات، ودراجتين ناريتين، ومحلاً تجارياً واحداً في عزلة وادي الأخشب، فقد الفلاحون كل شيء؛ أراضيهم الزراعية التي غمرتها المياه، ومواشيهم التي جرفتها السيول. كانت الكارثة عميقة، خلفت ما بين 8 إلى 10 إصابات، وأسراً تبحث عن مفقوديها.
وسط هذه المأساة، تجلت أسمى معاني التكاتف والإخاء، هب أبناء وصاب السافل لمساعدة بعضهم البعض، غير آبهين بالمخاطر، وصلت فرق الإغاثة من محافظات أخرى، تحمل معها المساعدات وتشارك في عمليات البحث والإنقاذ، كما أعلنت السلطات المحلية المناطق المتضررة “مناطق منكوبة”، إدراكاً منها لحجم الكارثة والحاجة الماسة للمساعدة، وانطلقت نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تناشد القلوب الرحيمة لتقديم العون للمنكوبين الذين فقدوا كل شيء.

بصيص أمل من رحم المعاناة
لم تكن الكارثة نهاية المطاف، بل كانت دافعاً للعمل والبناء. استجابة لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، والتي أكدت على ضرورة الوقوف إلى جانب المتضررين وتحويل الأزمة إلى فرصة، انطلق “البرنامج الطارئ لإعادة الإعمار”، ولم يكن الهدف مجرد إعادة بناء الجدران المنهارة، بل تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الكوارث المستقبلية.
اعتمد البرنامج منهجية تشاركية فريدة، تضع المجتمع في قلب عملية إعادة الإعمار، لم تكن المؤسسات تعمل بمعزل عن الناس، بل جنباً إلى جنب معهم، وتم إشراك الأهالي في كل خطوة، من تقييم الأضرار وتحديد الاحتياجات، إلى التخطيط والتنفيذ والمتابعة. كان الهدف هو كسر ثقافة الاتكالية التي قد تنمو بعد الكوارث، وتحفيز الناس على تحمل مسؤولية إعادة بناء حياتهم بأيديهم.
واجهت فرق العمل تحديات جمة، فبالإضافة إلى حجم الدمار الهائل ووعورة التضاريس التي جعلت نقل مواد البناء أمراً بالغ الصعوبة، كان هناك تحد لتغيير النظرة السائدة التي تعتمد على المساعدات الخارجية، لكن من خلال حملات التوعية والعمل الميداني الدؤوب، تمكن البرنامج من تحفيز المجتمع وتفعيل المبادرات المحلية.

الأرقام تتحدث: حجم الكارثة وإنجازات إعادة الإعمار
لتوضيح حجم الكارثة والجهود المبذولة في إعادة الإعمار بشكل أكثر دقة، التقينا بمنسق مؤسسة بنيان التنموية صالح القاسمي، والذي بدوره أوضح قصة الصمود والبناء قائلا: في وصاب السافل وحدها، تم حصر 560 متضرراً في دراسات المسح الأولية لتحديد الأسر الأشد حاجة، وأكد أنه تم الانتهاء من بناء الجدران الخارجية والداخلية لـ 38 منزلاً، وحفر وبناء الأساسات لـ 31 منزلاً، ومرحلة التوعية والمتابعة لـ 22 منزلاً، ليبلغ الإجمالي في وصاب السافل.91 منزلاً متضرراً كلياً في المديرية ضمن المرحلة الأولى لإعادة الإعمار بالمناطق المتضررة في المحافظات الثلاث.
لم تكن هذه الجهود لتتحقق لولا تكاتف الجميع، حيث بلغت مساهمة مؤسسة بنيان التنموية في وصاب السافل وحدها 10,500,000 ريال يمني، لكن المساهمة الأكبر والأكثر تأثيراً جاءت من المجتمع وفاعلي الخير الذين قدموا مبلغاً كبيراً وصل إلى 134,950,000 ريال يمني، كما ساهم الشركاء من الحكومة والقطاعين العام والخاص بمبلغ 31,750,000 ريال يمني، ليبلغ إجمالي الإنفاق في وصاب السافل وحدها 177,200,000 ريال يمني، وكل ذلك ضمن إجمالي عام للمساهمات في كافة المديريات المتضررة بلغ 340,424,000 ريال يمني.
لم تقتصر الأنشطة على البناء المباشر، فقد تم حصر 5 من فاقدي مصادر الدخل في وصاب السافل ضمن جهود تمكين المتضررين، كما تم تدريب 30 فارساً للتنمية من أبناء المديرية لتأهيل قادة مبادرات مجتمعية قادرة على قيادة جهود البناء المستقبلية، وعقدت 17 جلسة لتفعيل المشاركة المجتمعية ورفع الوعي بأهمية التطوع في إعادة الإعمار، كما تم عقد ورشة عمل واحدة لتأهيل الجمعيات المحلية وتعزيز قدراتها.

قصص صمود وولادة جديدة
من بين ركام المنازل المنهارة، بدأت تبرز قصص نجاح تبعث على الأمل، حيث تحولت الكارثة من مأساة إلى شهادة على قوة التكاتف المجتمعي، وهب أبناء المناطق لنجدة المتضررين، ووفروا لهم أرضاً بديلة آمنة، لم يكتفِ الأهالي بالخيام المؤقتة التي وفرتها الجهات الإغاثية، بل تشاركوا مع السلطة المحلية والمؤسسات الداعمة في تسوية أرض جديدة وتخطيط منازلهم المستقبلية.. عملوا جنباً إلى جنب، يحفرون الأساسات ويرفعون الجدران، مدعومين بمواد البناء التي وفرها البرنامج وفاعلو الخير، وتحولت القرى المتضررة من ركام إلى ورش عمل، يحدوها الأمل في العودة إلى حياة كريمة.
ومع كل هذه الجهود، الدمار واسع، والحاجة ماسة لاستكمال جهود إعادة الإعمار وتوفير الدعم اللازم للأسر المتضررة، ولكن رغم حجم الفاجعة، التي لا تزال آثارها بادية للعيان، تذكر بقسوة ما حدث، يظل الأمل يحدو أبناء وصاب السافل، بل ويجعلهم يتشبثون بأرضهم وبتكاتفهم، ويؤمنون بأنهم سيتجاوزون هذه المحنة بالعمل التعاوني التكافلي والمشترك بين الجهات المعنية في الحكومة والمجتمع وكل من يمد إليهم يد العون.. قصة وصاب السافل هي قصة حزن عميق، ولكنها أيضاً قصة صمود وإنسانية تتجلى في أبهى صورها في أوقات الشدائد، وقصة برنامج تحويلي يسعى لتحويل الدمار إلى بناء، والأزمة إلى فرصة للتنمية المستدامة، إنهم يواصلون رحلتهم نحو التعافي، يخطون خطوات ثابتة نحو مستقبل أكثر أمناً واستقراراً.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تركيب ربع مليون متر مربع من الإنترلوك في موط وحى البرى بالداخلة

تستكمل محافظة الوادى الجديد خطتها لتطوير المظهر الحضاري للأحياء وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وخاصة في المناطق العشوائية والغير مخططة على مستوى مراكز المحافظة حيث بجرى العمل فى تركيب الانترلوك فى شوارع عدد من المناطق برعاية اللواء الدكتور محمد سالمان الزملوط، محافظ الإقليم، وبناءً على توجيهاته الداعمة لتطوير المدن وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين

 حيث تشهد مدينة موط بالداخلة استمرار العمل فى رصف الشوارع الداخلية بالانترلوك بمناطق عين بطور وشندوم ودروسه بمدينة موط ، مما يساهم في تحسين جاذبية هذه المناطق وتوفير بيئة ملائمة وآمنة لجميع مستخدميها ، وذلك فى إطار الحرص الدائم على سلامة وراحة المواطنين وتحقيق أهداف التنمية_المستدامة وتعزيز النمو الحضارى.

وأكد اللواء ياسر كمال الدين رئيس مركز الداخلة ، بأن المركز يعمل وفق خطة شاملة لتحسين المظهر العام للمركز وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ، مشددا على أهمية تضافر الجهود بين الأجهزة التنفيذية والمواطنين للحفاظ على المكتسبات ضمن خطة أعمال  خطة لتركيب أكثر من 250 ألف متر بلاط انترلوك على مستوى المحافظة وتم الانتهاء من تركيب حوالي 12 آلاف متر مسطح فى حى البرى بمدينة الخارجة من إجمالي 15 ألف متر مستهدف تنفيذها وكذلك استكمال الأعمال بحي البري وباقي أحياء المدينة تباعًا عقب انتهاء كافة أعمال توصيل شبكات الغاز الطبيعي والمياه والصرف الصحي، كما تم تركيب بلاط الإنترلوك بحي السبط الشرقي والتي تم تنفيذها على مساحة 23 ألف متر مسطح؛ لتيسير حركة المواطنين وتطوير المظهر الحضاري للأحياء، ووجّه بسرعة استكمال الأعمال بباقي أحياء المدينة بعد انتهاء أعمال توصيل شبكات الغاز الطبيعي.

وتم تركيب بلاط الإنترلوك على مساحة 10 آلاف متر مسطح حتى الآن بمنطقة موط القديمة (دروسه - عين بطور)، بالإضافة إلى تركيب بلاط بفناء مدرسة الأمل للصم والبكم ضمن خطة تطوير أفنية المدارس ، بالإضافة إلى الانتهاء من مساحة 8 آلاف متر مسطح بعدد من مناطق الفرافرة شملت شوارع رئيسية أبرزها (قصر الفرافرة، المسجد العتيق، الشيخ مرزوق) ، مؤكدا إستمرار العمل لاستكمال كافة المراحل المخطط لها ضمن الجدول الزمني المحدد وفى مركز الداخلة يجرى تنفيذ اعمال رصف الشوارع الداخلية بالانترلوك والتى بدأت بمنطقة مسجد الرحمة بمدينة موط ضمن خطة مركز الداخلة لتطوير المظهر الحضاري للأحياء وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، كما يجرى تركيب بلاط الانترلوك بشوارع مدينه باريس.

وكانت محافظة الوادي الجديد فى تنفيذ خطة شاملة للقضاء على المناطق العشوائية ضمن أعمال التطوير الحضرى وشملت عدة مناطق بتكلفة اجمالية بلغت حوالى 170 مليون جنيه وبدأ تنفيذها على عدة مراحل تضمنت تنفيذ أعمال تطوير ورفع كفاءة لبعض المناطق بالمحافظة بتكلفه تتجاوز 85 مليون جنيه و إنشاء أسواق حضارية بمدن الداخلة و بلاط و باريس بإجمالى 6.1 مليون جنيه، وتطوير منطقة موط القديمة وبلاط الإسلامية بإجمالى 71 مليون جنيه وتطوير منطقه مشربية غيث بتكلفه تتجاوز 7.3 مليون جنيه بالإضافة لتطوير منطقه شمال مقابر باريس وسوق حضارى بمدينه الفرافرة واستكمال تطوير باقى المناطق غير المخططة بالمحافظة وتنفيذ عمارة سكنية تستوعب الحالات المقيمة بالأكشاك الخشبية بحى ميتالكو.

وتضمنت أعمال التطوير فى المناطق العشوائية توحيد ألوان المنازل والشوارع ورصف كل ممراتها وحواريها بالإنترلوك والانتهاء من تركيب شبكات الصرف الصحى والمياه والغاء شبكات الاسبستوس ضمن أكبر مشروع لتطوير العشوائيات بمدينة الخارجة بتوجيهات من اللواء محمد الزملوط محافظ الإقليم وإشراف ومتابعة ادارة التطوير الحضرى بالمحافظة وبالتنسيق مع كافة الأجهزة المختصة .

واستهدفت خطة التطوير رفع كفاءة مرافق مياه الشرب والصرف الصحى والطرق واستحداث مساحات خضراء للمناطق المحرومة والعشوائية والعمل على توفير مسكن آمن ومستوى حياة أفضل لقاطنى تلك المناطق عمرانياً وصحياً وبيئياً واجتماعياً تحقيقاً للعدالة الاجتماعية ، كما جرى تنفيذ المرحلة الثانية تنفيذ مشروع تطوير حى السبط الشرقى والمجاهدين والسبط البحرى بمدينة الخارجة فى إطار البروتوكول الموقع ما بين المحافظة وصندوق تطوير المناطق العشوائية لتطوير منطقة حى السبط الشرقى والمجاهدين وتشمل أعمال التطوير إحلال شبكة الصرف الصحى ومياه الشرب وأعمال الرصف وصيانة شبكة الكهرباء ودهان المبانى وإزالة المبانى الخطورة الداهمة بالمنطقة.

طباعة شارك الوادي الجديد اخبار الوادي الجديد تطوير مناطق غير مخططة

مقالات مشابهة

  • فاينانشيال تايمز تكشف: شركة أمريكية أعدّت نموذجًا لتهجير فلسطينيي غزة بتكلفة 9 آلاف دولار للفرد
  • ‏القناة 12 الإسرائيلية: ستكون "المنطقة الإنسانية" المكان الذي سيعيش فيه سكان قطاع غزة "حتى إعادة إعمار القطاع
  • وكيل رياضة أسيوط يعلن عن الانتهاء من أعمال التطوير بمبنى صالات الأنشطة بمركز شباب البدارى بتكلفة أربعة ونصف مليون جنية
  • الاحتلال يسرق ركام غزة لحرمان الفلسطينيين من إعادة الإعمار
  • الرئيس السيسي: استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من أمن مصر.. وملتزمون بدعم إعادة الإعمار
  • الانتهاء من محطة معالجة صرف صحي نامول بطوخ بتكلفة 141 مليون جنيه
  • منان: منطقة آبيي تتمتع باستقرار نسبي غير متوفر في المناطق التي دخلتها الميلشيا
  • تركيب ربع مليون متر مربع من الإنترلوك في موط وحى البرى بالداخلة
  • حركة أمل: نرفض أي محاولة لربط ملف إعادة الإعمار بأي التزامات سياسية تتعارض مع ثوابت لبنان
  • في إطار اللقاءات التي ينظمها المرصد..حملاوي تستقبل عدد من الجمعيات