لم يكن الثاني والعشرون من مايو 1990 يوماً عادياً في تاريخ اليمن والمنطقة، بل كان تتويجاً لمسيرة نضال وطني قادها الزعيم الراحل علي عبدالله صالح، الذي حمل مشروع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية كأولوية وطنية منذ توليه الحكم عام 1978، واستطاع بعزيمته السياسية ورؤيته الوحدوية أن يُحوّل الحلم إلى واقع، رغم التحديات المحلية والإقليمية والدولية.

لقد واجه الرئيس صالح صعوبات وتعقيدات كبيرة في سبيل إنجاز هذا المشروع التاريخي، لكنه تمكّن – من خلال الحوار والشراكة – من تحقيق وحدة اندماجية سلمية بين شطري الوطن، لتولد جمهورية اليمن الموحدة، ويُسجَّل له هذا الحدث كأعظم منجز سياسي في تاريخ اليمن المعاصر، وأحد أبرز المنعطفات القومية في الوجدان العربي الحديث.

ورغم أن هذا الإنجاز تحقق على مستوى قطري، إلا أن صداه تجاوز الجغرافيا اليمنية، وأحدث حينها تفاعلاً واسعاً في الشارع العربي، على المستويات الرسمية والشعبية، وأحيا الحلم العربي الكبير في التوحد، وسط واقع كان يشهد آنذاك تشظياً سياسياً وجغرافياً في معظم الدول العربية.

ويرى مراقبون أن إعادة توحيد اليمن جاءت في توقيت بالغ الحساسية، حيث كانت المنطقة تمر بحالة تفكك غير مسبوقة، وهو ما جعل من هذا الحدث اليمني بُعداً رمزياً قومياً، أثار قلق القوى الدولية التي لا ترى في استعادة العرب لوحدتهم مصلحة استراتيجية لها، الأمر الذي جعل هذا المنجز عرضة للاستهداف منذ لحظة ميلاده.

ويؤكد محللون أن الوحدة اليمنية، ورغم ما واجهته من عثرات وصراعات ومحطات صعبة، فإنها لا تزال تُشكل في الوعي الجمعي اليمني والعربي منجزاً حيوياً قابلاً للتطوير لا للنسف، ومشروعاً وطنياً يحتاج إلى تجديد أدواته وتحقيق العدالة فيه، وليس تقويضه أو التراجع عنه.

وفي الذكرى السنوية لتحقيق الوحدة، يرى مراقبون أن المشروع الوحدوي بات يواجه اليوم أكبر التحديات منذ نشأته، ليس فقط بسبب الحروب والانقسامات الداخلية، بل أيضاً نتيجة الأطماع التي تحاول إعادة رسم خارطة اليمن، بما يخدم مصالحها الاقتصادية والعسكرية، ويُضعف أي مشروع وطني جامع.

ويحذر محللون من أن إضعاف وحدة اليمن لا يُهدد اليمنيين فقط، بل يمثل ضربة مباشرة لمشروع الوحدة العربية برمته، معتبرين أن الحفاظ على منجز الوحدة اليمنية يمثل صمام أمان ليس لليمن وحده، بل لكل من لا يزال يؤمن بجدوى الهوية القومية الجامعة، ومفهوم الدولة الواحدة التي تضمن الشراكة والعدالة والسيادة.

 

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الوحدة الیمنیة

إقرأ أيضاً:

صالون فاطمة العلياني يستضيف البروفيسور نضال الشمالي في سرد الرحلة والهوية

نظّم صالون فاطمة العلياني الأدبي، بالتعاون مع كلية التربية والآداب بجامعة صحار، جلسة أدبية بعنوان "سرد الرحلة سؤال الهوية وتأويل الآخر"، استضاف خلالها البروفيسور نضال الشمالي، وأدارت الجلسة الدكتورة هاجر حراثي.

واستُهلت الجلسة بتقديم سيرة ذاتية موجزة للضيف، ثم تناولت الدكتورة حراثي كتاب البروفيسور الشمالي الذي يحمل عنوان الجلسة، منطلقة من قراءة تحليلية لغلاف الكتاب من حيث الصور، والألوان، والعنوان.

وانطلقت بعد ذلك سلسلة من المداخلات والنقاشات، تلاها استعراض محاور الكتاب الذي يتضمن أربعة فصول، حيث ركز الفصل الأول على إشكالية الهوية من خلال رحلة الأمير فخر الدين المعني إلى إيطاليا، وتناول الفصل الثاني إيديولوجية الإقصاء وإثبات الهوية في "مختصر رحلة أفوقاي الأندلسي"، أما الفصل الثالث فناقش الوعي بالآخر في "رحلة باريس 1867"، بينما تناول الفصل الرابع مظاهر العون السردي في "تنزيه الأبصار والأفكار" كأحد نماذج خطاب الرحلة السلطانية.

شهدت الجلسة تفاعلًا ملحوظًا بين الضيف والحضور، إضافة إلى حوار معمّق بين البروفيسور الشمالي ورئيسة الجلسة، حيث تطرقا إلى المشروع النقدي للضيف واستمراريته ضمن خط موضوعي واضح.

مقالات مشابهة

  • التضاريس الوعرة والذخائر غير المنفجرة أبرز التحديات التي تواجهها فرق الدفاع المدني أثناء عملها لإخماد الحرائق في ريف اللاذقية
  • ملامح مرحلة أمنية استراتيجية جديدة في الخليج العربي
  • إعادة افتتاح سينما الأمبير.. حدث ثقافي وطني يعيد الأمل للفن اللبناني
  • الرئيس السيسي: استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من أمن مصر.. وملتزمون بدعم إعادة الإعمار
  • «تبون»: الجزائر اليوم تتعامل مع الرهانات بنفَس جديد وتتطلع إلى رفع التحديات
  • اليمنية تعلن تدشين رحلات جديدة إلى 3 دول تمر عبر 3 مطارات في اليمن
  • البرلمان العربي يدعو للاستثمار في الشباب وتمكينهم من مواجهة التحديات
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • صالون فاطمة العلياني يستضيف البروفيسور نضال الشمالي في سرد الرحلة والهوية
  • حكومة اليمن تدين قتل الحوثي معلم قرآن سبعيني والجماعة تتهمه بالتمرد