صواريخ غزة تكشف ثغرات منظومات حماية الدبابات الإسرائيلية
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
القدس المحتلة– تتعرض أنظمة الحماية والدفاع الإسرائيلية، وفي مقدمتها منظومة "معطف الريح"، لموجة من الانتقادات المتصاعدة، في ضوء ما تكشفه الحرب في قطاع غزة من ثغرات خطيرة في أدائها الميداني، مما يقوض الثقة بفاعليتها التي لطالما روجت لها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
ورغم التقديرات العسكرية التي صورت "معطف الريح" بوصفه درعا حصينة ضد الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، فإن المعارك الجارية في غزة رسمت صورة مغايرة، مع تسجيل حالات إخفاق واضحة في التصدي لهجمات قريبة، أودت بحياة جنود كانوا يعوّلون على هذه المنظومات لحمايتهم.
ولا تقتصر الانتقادات على الجانب العسكري، بل تمتد إلى الأبعاد الأخلاقية والإنسانية، إذ تُتهم إسرائيل باستخدام الحرب في غزة ميدانا لاختبار الأنظمة الدفاعية الجديدة، على حساب أرواح المدنيين الفلسطينيين.
ويكشف العدوان الإسرائيلي على غزة أن التكنولوجيا الإسرائيلية، رغم تطورها، تواجه تحديات فعلية على أرض المعركة، يدفع ثمنها الجنود والمدنيون، ممن يتحولون إلى أهداف داخل ساحة تجارب ميدانية دموية.
منافسة محتدمةفي ظل هذه المعطيات، تشهد الساحة الدفاعية الإسرائيلية صراعا محتدما بين شركتي "رافائيل" و"إلبيت" الصناعيتين العملاقتين، في سباق محموم للسيطرة على سوق أنظمة الحماية للدبابات وناقلات الجند المدرعة، سواء في الداخل الإسرائيلي أو على مستوى الصادرات العالمية.
إعلانورغم الإشادات الواسعة التي حظي بها نظام "معطف الريح" الذي طورته شركة "رافائيل"، فإن تقارير ميدانية كشفت عن ثغرات كبيرة في أدائه، لا سيما في مواجهات المسافات القصيرة، حيث أخفق النظام في اعتراض صواريخ مضادة للدروع، مما أدى إلى مقتل جنود داخل آليات مدرعة.
وحسب تقرير نشرته صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية، أعده الصحفي حاجي عميت، فقد قُتل في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، 8 جنود من لواء "غفعاتي"، إثر إصابة ناقلة جند من طراز "ميركافا" بصاروخ مضاد للدبابات، رغم تزويدها بمنظومة "معطف الريح".
وتكرر المشهد ذاته في يونيو/حزيران 2024، حين استهدف صاروخ مضاد للدروع ناقلة "نمر" المتطورة في رفح، مما أدى إلى مقتل 8 جنود من وحدة الهندسة القتالية.
ووفقا لعميت، فإن هذه الوقائع تثير أسئلة عميقة بشأن استخدام الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع شركات تصنيع الأسلحة، لساحات القتال كمنصات لتجريب تقنيات وأسلحة جديدة، في إطار علاقة معقدة بين الأمن القومي والمصالح التجارية.
ويشير التحقيق إلى أن إطالة أمد الحرب في غزة ربما لا يُفسَّر فقط بأهداف عسكرية بحتة، بل أيضا بالحاجة لتجربة وتطوير أنظمة تسليح جديدة لأغراض تسويقية وتجارية على حساب الجنود والمدنيين.
هذا التداخل بين الأبعاد الأمنية والاقتصادية، يطرح تحديات حساسة تتعلق بكلفة هذه التجارب البشرية، والثمن الذي يدفعه الجنود في معارك تُستخدم فيها أدوات غير مكتملة التطوير.
وخلال عمليات التوغل في غزة، واجهت قوات الاحتلال كما كبيرا من الصواريخ المضادة للدبابات، بعضها من أنواع لم تستخدم سابقا، مما أربك جيش الاحتلال، رغم علمه المسبق بامتلاك المقاومة الفلسطينية هذه الأسلحة.
ورغم أن نظام "معطف الريح" أظهر قدرة على اعتراض أكثر من 90% من التهديدات، خاصة في البيئات الحضرية، فإن فعاليته تراجعت في الهجمات القريبة، حيث أخفق في التصدي لصواريخ أُطلقت من مسافات لا تتيح للنظام الوقت الكافي للرد.
إعلانهذا الواقع كشف عن فجوات واضحة في قدرة النظام على الحماية الفورية، في ظل تعقيد التضاريس وسرعة الاشتباك في غزة.
بدوره، طرح يوآف زيتون، مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت، تساؤلات حرجة بشأن أسباب فشل "معطف الريح" في اعتراض الصواريخ، خاصة تلك التي تُطلق من مسافات قصيرة.
وتساءل: لماذا لم يتمكن النظام من حماية الجنود داخل المدرعات؟ وهل تتحول بيئة غزة إلى ميدان مناورات حية للأسلحة؟ وكيف يمكن للجندي الإسرائيلي مواجهة هذه التهديدات وسط هذه الثغرات؟
وأشار زيتون إلى أن إسرائيل وقعت صفقة كبرى مع بريطانيا لتزويد دباباتها بنظام "معطف الريح"، الذي يُسوَّق على أنه "القبة الحديدية" للقوات البرية. بيد أن الأداء الفعلي للنظام في معارك غزة ولبنان أثار علامات استفهام كبيرة، بعد أن قُتل وأصيب جنود، وتعرضت آليات لأضرار جسيمة.
وكشف التحقيق عن عيب آخر في "معطف الريح" يتمثل في الحاجة لإعادة تعبئة القذائف الاعتراضية يدويا، مما يعرض طواقم الدبابات لخطر مباشر في أثناء القتال.
وفي ظل هذه الثغرات، برز نظام بديل هو "سهم ديربان"، الذي طورته شركة "إلبيت"، ويعتمد على مزيج من الرادارات والمجسات البصرية، ويعمل بطريقة أقل عنفا، حيث يفجر الصاروخ المعادي بالقرب منه دون توليد شظايا، ويستهلك طاقة أقل، ويمكن دمجه بسهولة في منصات خفيفة.
ورغم أن النظام الجديد لم يُستخدم ميدانيا على نطاق واسع مثل "معطف الريح"، فإن تجربته الأولية في غزة مكّنته من إبرام عقود مع جيوش الولايات المتحدة وأستراليا وهولندا.
وتحتفظ شركة "رافائيل" بريادتها في مجال الأنظمة الدفاعية النشطة، بفضل تفوقها التقني ونجاحها التسويقي في دول مثل ألمانيا والسويد وإسبانيا، مما يعزز مكانتها موردا رئيسيا لهذه التكنولوجيا.
إعلانفي المقابل، تحقق شركة "إلبيت" تقدما ملحوظا في ميدان الحماية لناقلات الجنود، مستفيدة من مرونة نظامها وخفة وزنه، مما يجعله أكثر ملاءمة للمنصات الخفيفة والمتوسطة، ويطرح نفسه بديلا عمليا وأقل تكلفة.
ورغم هذا التقدم، فإن عميت يقول إن وزارة الدفاع الإسرائيلية لم تتوصل إلى قرار موحد بشأن توحيد النظام الدفاعي لجميع المدرعات، مما يعكس صراعا داخليا بين اعتبارات الجاهزية العملياتية والتنوع التكنولوجي والاستقلال الصناعي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ترامب: الولايات المتحدة تصنع صواريخ فرط صوتية بكميات كبيرة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تنتج صواريخ فرط صوتية بكميات كبيرة، مشيرا إلى أن بلاده قامت بتطويرها سابقا وتقوم بتصنيعها على نطاق واسع حاليًا.
وخلال كلمة له في حفل رسمي أقيم بالأكاديمية العسكرية في ويست بوينت قال ترامب: "لقد قمنا بتصميم صواريخ فرط صوتية، والآن نُنتجها بكميات ضخمة".
وادعى الرئيس الأمريكي أن تصميمات هذه الصواريخ سُرقت خلال فترة حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، متهما روسيا بذلك دون تقديم أي دليل. قائلا: "أنتم تعلمون، لقد سُرقت تصاميمنا. نحن من قام بتطويرها، لكنهم سرقوها في عهد أوباما. لقد سرقوها. هل تعلمون من؟ الروس هم من سرقها. لقد حدث أمر سيئ فعلا".
وهذه ليست المرة التي يصدر فيها ترامب اتهامات من هذا النوع بحق روسيا. ففي عام 2023، زعم ترامب خلال تجمع جماهيري في نيو هامبشاير، بأن الروس سرقوا خلال إدارة أوباما، تصاميم "لصاروخ خارق جدا يطير بسرعة خارقة" من الولايات المتحدة.
وفي عام 2020، ألقى ترامب باللوم أيضا على باراك أوباما فيما يتعلق بقدرة روسيا على صنع أسلحة فرط صوتية. وقبل ذلك تحدث عن بداية تصنيع صاروخ "سوبر خارق". ووفقا له، سيكون هذا الصاروخ أسرع من النماذج المتوفرة لدى روسيا والصين.
ويبقى غامضا حتى الآن، عن أية صواريخ "مسروقة" يتحدث ترامب. وخلال الرد على ذلك ذكرت مصادر في الكرملين أن روسيا تملك صواريخها فرط الصوتية الفريدة من نوعها والتي لا يوجد لها نظائر في العالم. وفي عام 2018، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لأول مرة عن اختبار منظومة صواريخ كينجال فرط الصوتية.
يُشار إلى أن الولايات المتحدة تتأخر في تطوير الأسلحة الفرط صوتية مقارنة بروسيا والصين. أما روسيا، فقد أدخلت هذا النوع من الأسلحة إلى الخدمة الفعلية واستخدمته بالفعل في العمليات القتالية.
وتمتلك القوات الروسية أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت في الخدمة وقد تم استخدامها في عمليات قتالية حقيقية.
ومن أبرز الصواريخ الفرط صوتية الروسية:
صاروخ "تسيركون":
هو صاروخ فرط صوتي روسي متطور يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة، ما يجعله من أكثر الأسلحة تعقيدًا وصعوبة في الاعتراض من قبل أنظمة الدفاع الجوي، إذ تبلغ سرعته ما بين 8 إلى 9 ماخ (نحو 9800 إلى 11000 كم/ساعة)، أي أسرع بثماني إلى تسع مرات من سرعة الصوت، ما يسمح له ببلوغ أهدافه خلال دقائق معدودة ويقلل بشكل كبير من قدرة أنظمة الدفاع على الرد. ويقدّر مدى الصاروخ ما بين 1000 إلى 1500 كيلومتر حسب المصادر الروسية، فيما تشير بعض التقارير إلى أن مداه قد يصل إلى 2000 كيلومتر في ظروف تشغيلية معينة. يستخدم تسيركون نظام توجيه ملاحي واستمراري، بالإضافة إلى رادار نشط سلبي لرصد الأهداف، وتم تزويده بتقنيات مناورة متقدمة تتيح له تفادي أنظمة الدفاع الصاروخي مثل "ثاد" و"باتريوت".
ويحمل الصاروخ رأسا حربيا تقليديا يُقدّر وزنه ما بين 200 إلى 300 كغ، وتشير بعض المصادر إلى إمكانية تزويده برأس نووي.
ويُطلق تسيركون من منصات بحرية تشمل المدمرات والفرقاطات، مثل فرقاطة "الأدميرال غورشكوف"، إضافة إلى قدرته على الإطلاق من غواصات هجومية مثل تلك التابعة لمشروع "ياسن – إم".
صاروخ "كينجال" (الخنجر): هو أحدث المجمعات الصاروخية الباليستية الروسية فرط الصوتية و يُطلق من الجو.
ويتمتع الصاروخ بسرعة ضعف سرعة الصوت بعشر مرات، ومداه أكثر من ألفي كيلومتر، كما يتمتع بقدرته على المناورة في جميع مراحل مساره، ما يسمح له بالتغلب على جميع أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي، ولديه إمكانية التزود برؤوس حرب تقليدية أو نووية، ويتميز بتوقيع راداري منخفض وقدرة عالية على المناورة، ومصمم لتدمير الأهداف البرية والبحرية.
صاروخ "أفانغارد":
هو منظومة صاروخية استراتيجية مزودة برأس قتالي فرط صوتي موجه. ويحمل الصاروخ 3 رؤوس قتالية بقدرة 250 كيلوطن لكل رأس.
ويحمل هذه الرؤوس القتالية صاروخ "أور – 100 إن УТТХ"، وتبلغ سرعة الرأس القتالي بعد انفصاله عن الصاروخ 28 ماخ (ما يعادل نحو 33000 كيلومتر في الساعة)، وفي بعض الأحيان قد تصل السرعة 37000 كلم/ساعة. أما نظام التحكم فيها فيسمح بتحقيق مناورات مختلفة في أثناء التحليق واجتياز أي درع صاروخية حالية ومستقبلية.