وفروا على أنفسكم عناء الانتقال لعقد القمم لأنها لا قيمة لها. ووفروا على كَسَلِكُم عناء التفكير، ووفروا على شعوبكم عناء تحمل الكذب والنفاق. فنحن نعرف وهم يعرفون أنكم كاذبون. تعودنا عليكم، وإن شئتم نقرأ لكم بياناتكم قبل صدورها، بل قبل انعقاد قِمَمِكُم المزعومة؛ فهي سهلة الصياغة لأنها تكرارٌ واجترارٌ لسابقاتها.
لم نعد نؤمن بكم لشدة ضعفكم وتخاذلكم، وخير ستر لكم أن تستتروا في قصوركم ريثما تستفيق شعوبكم من خدورها.
لم نعد نؤمن إلا بقِمَّةٍ واحدةٍ لا شريك لها في الأمة. إنها قمة صنعاء. فهي ما تبقى لنا من أمل البقاء. وهي الوحيدة الجديرة بقيادتنا إلى شط الأمان والإيمان والحكمة والعزة والكرامة.
صنعاء هي الراية والبداية ومسك الختام. بشعبها وجيشها وقيادتها ونخوتها وشموخها.
في صنعاء تؤخذ القرارات. وتُصان الكرامات. وتتمثل آمال الأمة. القول الفصل في كلام قائدها الرباني الفذ. والقرار الحُكم هو الذي يأخذه هذا الرجلٌ الأطهر بين البشر، ينطق بالفعل قبل القول حتى صار قوله هو الفصل.
بيانات صنعاء التي يتلوها العميد يحي سريع، هي نشرة أخبار العز والفخر، وسطوع الحقيقة والقوة والبأس الشديد.
عندما نقول صنعاء هي القمة، لا نعني حصر ذلك بصنعاء العاصمة، بل نعني اليمن الذي تمثله صنعاء، الممتد من شماله إلى جنوبه بكل شرفائه، وليس بالمتعاملين منه مع أعدائه.
صنعاء هي القمة في خطاب قائدها السيد عبد الملك الحوثي، الذي يحيط بهموم الأمة، بشعوبها ودولها وحدودها وأحوالها، في حين أن القمم لا تحيط إلا بإملاءات المشرفين عليها وواضعي جداول أعمالها.
صنعاء هي القمة بخروجها الجماهيري المليوني، والقبضات المرفوعة، والحناجر الصادحة، دعماً لغزة وفلسطين، ومطالبةً بفتح حدود دول القمم لها لتزحف وتدافع عن شرف الأمة.
صنعاء هي القمة بقواتها المسلحة التي تجترح القوة من العدم، والتي أدهشت العالم بأدائها وصناعاتها وشجاعتها، وبرزت براً وبحراً وجواً، وفي كل الميادين للدفاع عن فلسطين وطرد المعتدين، فضربت حاملات الطائرات الأميركية التي لم يتجرأ أحدٌ قبلها على ضربها، وطردتها من البحر الأحمر، ثم لاحقتها في البحر العربي والمحيط الهادي. وحاصرت إسرائيل بموانئها ومطاراتها واقتصادها، من مسافة آلاف الكيلومترات، في حين أن دول القمم العربية المحاذية لإسرائيل تواطأت وتخاذلت، بل نصرت المعتدي على بني جلدتها.
صنعاء هي القمة بإعلامها الذي انتصر على إعلامهم الخبيث والمنافق والمهيمن على الأثير والشبكات والقنوات والصفحات. انتصر اليمن عليهم بِطَلة قائده التي كانت أقوى من امبراطورياتهم الإعلامية، وبهتافات جماهيره التي زلزلت جبروتهم، وبِبَيانِ عميده يحي سريع الذي اخترق جدرانهم وحصونهم، أقوى من الصواريخ البالستية الفرط صوتية. وأقوى من إعلام القمم العربية والإسلامية الزاحف نحو التطبيع.
صنعاء هي القمة برجالها ونسائها، بشيبها وشبانها وأطفالها، وبكل المقاييس التي تقاس بها الأمم، ويقاس بها ارتفاع القمم.
صنعاء هي القمة، تقود الأمة إلى مجدها، وإذا أراد العرب والمسلمون، أن يرتقوا إلى العلياء ويعرفوا كيف يكون مفهوم القمم، فليحجزوا لهم مقعداً في مدارس اليمن وجامعاته وميادين جهاده، بل ليحجزوا لأنفسهم موطئ قدم في إحدى ساحاته وبين أطفاله. ربما هناك يمكنهم أن يتعلموا بعض العزة والكرامة، وإلا فليلملموا قممهم وقمامتهم وليتبوَّؤا مقاعدهم في مزابل التاريخ.
كاتب وباحث سياسي وتربوي من لبنان
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حصار اليمن ينهك الاقتصاد الصهيوني.. خبراء: العمليات العسكرية تُفكك منظومة كيان العدو من الداخل
يمانيون../
في ظل تصاعد العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، تتكشف آثار استراتيجية واسعة النطاق على كيان العدو الصهيوني، خاصة في بنيته الاقتصادية والأمنية، التي باتت تتعرض لضربات مزدوجة: من الجو والبحر، ومن الداخل والخارج.
مطار اللد المحتل – المعروف صهيونيًا باسم “بن غوريون” – يشهد حالة شلل شبه تامة نتيجة إحجام شركات الطيران العالمية عن تسيير رحلات إليه، بفعل الحظر الجوي الذي فرضته صنعاء، والذي امتد في الأيام الأخيرة ليطال ميناء حيفا، أحد أبرز المنافذ البحرية للكيان، ما فاقم الأزمة الخانقة التي تعصف بالاقتصاد الصهيوني.
هزة في العمق الاستراتيجي للعدو
يؤكد العميد عابد الثور، الخبير العسكري اليمني، أن التكنولوجيا العسكرية التي طورتها القوات اليمنية تمثل تحديًا مباشرًا للتقنيات الأمريكية والصهيونية، مشيرًا إلى أن “التصعيد العسكري اليمني أربك منظومة العدو الصهيوني، ونسف مخططاته الهادفة لتصفية المقاومة في غزة”. ويضيف أن “العمليات اليمنية لا تؤدي فقط إلى خسائر مادية مباشرة، بل تعزز من الموقف العسكري والتفاوضي للمقاومة الفلسطينية”.
ويعتبر الثور أن التحام العمليات العسكرية اليمنية بالمظاهرات الجماهيرية الأسبوعية في مختلف المدن اليمنية، يمثل عاملًا حاسمًا في صد المخططات التهجيرية الأمريكية والصهيونية بحق سكان غزة، مؤكدًا أن “صمود أهل القطاع مرتبط وجدانًا وشعبيًا بالموقف اليمني الثابت”.
فجوة في الردع.. وانهيار الهيبة الأمريكية
ويشير الخبير العسكري إلى أن القوات المسلحة اليمنية، بأسلحتها المطورة محليًا، “أحدثت فجوة حقيقية في منظومة الردع الأمريكي والإسرائيلي”، موضحًا أن الرهان الصهيوني على تدخل واشنطن لردع صنعاء كان وهمًا، خصوصًا بعد الانكشاف الميداني الكامل في معركتَي البحر الأحمر. ولفت إلى أن عمليات “الفتح الموعود” و”الجهاد المقدس” اليمنية غيرت المعادلة الإقليمية، ورسخت اليمن كلاعب لا يمكن تجاوزه في الصراع.
ولم تفلح محاولات العدو وأدواته في التقليل من القدرات اليمنية عبر اتهام طهران بتزويد صنعاء بالسلاح، خاصة بعد إقرار ترامب ذاته بأن اليمنيين يصنّعون أسلحتهم داخل البلاد، وهو ما أسقط الخطاب التضليلي الذي طالما استخدم لتشويه المقاومة اليمنية.
إرادة يمنية تصنع فارقًا
من جهته، يرى العميد علي أبو رعد، أن الإرادة السياسية والشعبية اليمنية “أعادت رسم مشهد النضال الفلسطيني على أسس جديدة”، مضيفًا أن ما ينقص الأنظمة العربية هو هذه الإرادة، التي وصفها بأنها أقوى من أي ترسانة عسكرية. وأضاف: “اليمن قدمت نموذجًا يؤكد أن بإمكان الشعوب كسر الحصار والهيمنة، والتأثير على معادلات الاحتلال، حتى تحت ضغط العدوان والحصار”.
ويشير أبو رعد إلى أن القوات اليمنية لم تُربك العدو الإسرائيلي وحده، بل وجهت صدمة استراتيجية لواشنطن نفسها، بعد إسقاط طائرات MQ9، وضرب حاملات طائرات أمريكية، في عمليات استثنائية لم يشهد العالم لها مثيل منذ عقود.
اقتصاد العدو ينهار تحت ضربات اليمن
ويؤكد أبو رعد في حديثه لـ”المسيرة” أن العمليات اليمنية، خصوصًا في جزئها البحري، “مزّقت المنظومة الاقتصادية الصهيونية، وفرضت واقعًا جديدًا في الموانئ والمطارات والمجال الجوي المحتل، حيث لم تعد أي بقعة آمنة من ضربات صنعاء”.
ويختم قائلاً: “ما نشهده ليس فقط تصعيدًا عسكريًا، بل انهيارًا تدريجيًا في البنية العميقة للكيان الصهيوني، من اقتصاد مهتز إلى مجتمع مذعور إلى حلفاء عاجزين”، مشيرًا إلى أن الأراضي المحتلة باتت مكشوفة كليًا أمام الصواريخ والطائرات اليمنية، في معادلة ردع لم تكن في الحسبان.
محمد حتروش – المسيرة