تحت رحمة المناخ| الأمن الغذائي الأوروبي في مهب التغيّر البيئي .. الكاكاو والقهوة والقمح في دائرة الخطر
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
بينما ينشغل العالم بالأزمات السياسية والاقتصادية، ثمة تهديد صامت يتسلل إلى موائدنا اليومية تغيُّر المناخ وفقدان التنوّع البيولوجي.
تقريرٌ جديد صادر عن "مؤسسة المناخ الأوروبية" يسلّط الضوء على تداعيات هذه الأزمة البيئية المتفاقمة على أمن الغذاء في أوروبا، محذّرًا من أن ستة من أهم المواد الغذائية التي تستوردها دول الاتحاد الأوروبي، أبرزها الكاكاو والقمح والقهوة، مهدّدة بشكل غير مسبوق.
تشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن أكثر من نصف واردات الاتحاد الأوروبي من الأغذية الأساسية، مثل القمح والذرة والأرز والكاكاو والقهوة وفول الصويا، تأتي من دول تعاني من هشاشة بيئية وضعف في القدرة على التكيّف مع التغيرات المناخية.
وعلى وجه الخصوص، فإن واردات الكاكاو والقمح والذرة – التي تشكّل جزءًا كبيرًا من استهلاك السوق الأوروبية – تُستورد في ثلثيها من دول لا تزال تحتفظ بتنوّع بيولوجي نسبي، لكنه مهدّد بالتآكل. وتكمن الخطورة هنا في أن تلك الدول غالبًا ما تفتقر إلى الموارد المالية والمؤسسية لمواجهة تداعيات المناخ.
القهوة والكاكاو... مستقبل مجهول للمذاق العالميتُمثّل صناعة الشوكولاتة في الاتحاد الأوروبي أحد أبرز القطاعات المتأثرة. فالاتحاد يُعدّ أكبر منتج ومُصدِّر للشوكولاتة في العالم، وتُقدَّر قيمة هذه الصناعة بحوالي 44 مليار يورو. إلا أن المكوّن الرئيسي للشوكولاتة، الكاكاو، يأتي بنسبة 97% من دول ذات مرونة مناخية منخفضة أو متوسطة، مثل ساحل العاج وغانا والكاميرون ونيجيريا.
تشير كاميلا هيسلوب، المؤلفة الرئيسية للتقرير، إلى أن هذه التهديدات "ليست افتراضية أو بعيدة"، بل تنعكس بالفعل في تذبذب سلاسل التوريد، وضغوط على الأسعار، وتهديد لوظائف عديدة في قطاع الصناعات الغذائية.
المناخ والسكرلم تقتصر الضغوط البيئية على الكاكاو فحسب، بل طالت أيضًا أسعار مدخلات أخرى، مثل السكر، الذي شهد بدوره ارتفاعًا مدفوعًا بالتغير المناخي، مما تسبب فيما يشبه الضرر المزدوج لصُنّاع الشوكولاتة والمنتجات الغذائية الحسّاسة بيئيًّا.
ووفقًا لتحليل حديث صادر عن وحدة الطاقة والاستخبارات المناخية (ECIU)، فقد ارتفعت أسعار الشوكولاتة بنسبة 43% خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أدّى إلى ظهور "علامات استفهام" واضحة على أرفف المتاجر الكبرى، حيث بات المستهلك يلاحظ تراجع الكميات وارتفاع الأسعار.
أزمة عالمية في طبقنا اليوميأصبح من الواضح أن تغيُّر المناخ لم يعد قضية بيئية فقط، بل تحوّل إلى تهديد حقيقي لأمن الغذاء والاقتصاد العالمي. وما لم تتخذ أوروبا خطوات جادّة لدعم الدول المورِّدة في بناء قدراتها المناخية والحفاظ على تنوّعها البيولوجي، فإن مستقبل العديد من المنتجات الأساسية، من فنجان القهوة الصباحي إلى قطعة الشوكولاتة، سيكون على المحك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المناخ أوروبا الكاكاو القمح القهوة الشوكولاتة
إقرأ أيضاً:
برنامج الأغذية العالمي: وضع الأمن الغذائي في اليمن حرج ويزداد تفاقماً
أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن وضع الأمن الغذائي في اليمن لا يزال يمر بمرحلة حرجة، محذرًا من تصاعد حدة الأزمة الإنسانية، لا سيما في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، نتيجة الغارات الجوية الأخيرة التي طالت موانئ الحديدة الحيوية.
وأوضح البرنامج في تقرير حديث عن حالة الأمن الغذائي في اليمن، أن التحسن الطفيف الذي سُجِّل خلال شهر مارس/آذار المنصرم، نتيجة المساعدات الموسمية المصاحبة لشهر رمضان، لم يكن كافيًا لعكس الاتجاه العام لتدهور الأوضاع المعيشية.
وأشار إلى أن المؤشرات الراهنة تعكس اتجاهاً مقلقاً نحو تفاقم الأزمة، في ظل استمرار العوامل المهددة للأمن الغذائي، وعلى رأسها النزاع المسلح، وتدهور الاقتصاد، وتراجع الدعم الإنساني الدولي.
وبحسب التقرير، فإن 57% من الأسر اليمنية التي شملها مسح الأمن الغذائي الأخير، لم تتمكن من الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية اليومية، مما يعكس حجم المأساة التي يعيشها ملايين اليمنيين.
كما أظهرت البيانات أن معدل انتشار الاستهلاك غير الكافي للغذاء ارتفع بنسبة 25% خلال مارس مقارنة بالأشهر السابقة، بينما شهدت مستويات الحرمان الغذائي الحاد (سوء استهلاك الغذاء) زيادة سنوية بلغت 12%.
وأضاف البرنامج أن عمليات تقديم المساعدات الغذائية ما زالت مستمرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، إلا أن هذه الجهود باتت مهددة بشكل مباشر بسبب تخفيضات التمويل المفاجئة، ما قد يحد من قدرة البرنامج على تلبية الاحتياجات الأساسية للفئات الأكثر ضعفًا، وسط استمرار ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية.
أما في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، فقد كشف التقرير أن البرنامج اضطر إلى تعليق شحناته الإنسانية بسبب العقبات السياسية والقيود المفروضة من قبل مليشيا الحوثي، إلى جانب التحديات الأمنية التي تفاقمت عقب الغارات الجوية على موانئ الحديدة خلال شهري أبريل ومايو.
وأشار إلى أن تلك الهجمات ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية للموانئ، ما قد يفضي إلى انخفاض كبير في القدرة على استقبال الشحنات التجارية والإنسانية، وبالتالي زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في هذه المناطق.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن تعطيل العمل في موانئ الحديدة، التي تعد شريانًا رئيسيًا لإمدادات الغذاء والوقود والدواء، من شأنه أن يفاقم معاناة السكان، خصوصًا في ظل القيود المفروضة على الوصول الإنساني، واستمرار الاحتياجات الإنسانية عند مستويات مرتفعة للغاية.
وجدد البرنامج دعوته للمجتمع الدولي والجهات المانحة إلى توفير تمويل عاجل ومستدام، بما يضمن استمرارية عمليات الإغاثة وتوسيع نطاقها لتشمل كافة المحتاجين، وتفادي كارثة إنسانية وشيكة قد تخرج عن السيطرة.