هل سيحيي أحمد الطنطاوي مشروعه السياسي بعد تحرره؟
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
أخيرا أفرجت السلطات المصرية عن السياسي المصري أحمد الطنطاوي بعد إنهاء فترة عقوبته؛ سجنا لمدة عام، على خلفية تحرك حملته لجمع توكيلات شعبية عوضا عن التوكيلات الرسمية المطلوبة للترشح للانتخابات الرئاسية والتي حُرم منها أنصاره بقوة السلطة.
قرار الإفراج رغم أنه مستحق إلا أنه كان مفاجئا للكثيرين، وذلك انطلاقا من خبرات وسوابق في تعامل السلطة مع خصومها السياسيين المعتقلين الذي أنهوا فترات حبسهم الاحتياطي، أو حتى فترات العقوبات المحكوم بها من القضاء، ومع ذلك تم إعادة تدويرهم في قضايا جديدة من داخل محابسهم، وتم حبسهم على ذمة تلك الاتهامات الجديدة ليدخلوا دورة حبس جديدة لا يعرف أحد متى ستنتهي.
شيء من هذا القبيل كان متوقعا بدرجة كبيرة مع الطنطاوي، خاصة أن السلطات وجهت له بالفعل في محبسه اتهامات في قضايا جديدة، وحققت معه النيابة لكنها لم تأمر بحبسه، وإن ظلت تلك القضايا مفتوحة يمكن استدعاؤه لاستكمال تحقيقاتها في أي وقت، ويمكن حبسه مجددا، فنحن أمام نظام لا يمكن التنبؤ بسلوكه.
هذه المفاجأة دفعت الكثيرين للتساؤل عن السبب الذي دفع السلطة للالتزام هذه المرة بالقانون، ومن ثم إطلاق سراح الطنطاوي عقب انتهاء محكوميته! لا أحد يعرف الأسباب على وجه الدقة، ولكن يمكن تخمينها في اكتفاء السلطة بهذه العقوبة (غير المبررة أصلا)، مع ما يصاحبها من عقوبة تكميلية تتعلق بحرمان الطنطاوي من ممارسة حقوقه السياسية لمدة خمس سنوات، بما يعنيه ذلك من حرمانه من الترشح للانتخابات البرلمانية التي ستجري في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
كما أن السلطة تنهدت الصعداء عقب إفشالها لخطة الطنطاوي في الترشح للانتخابات الرئاسية أواخر العام 2023، حيث كان هو المنافس الحقيقي للسيسي في تلك الانتخابات (لو تمكن من إكمال أوراق ترشحه). وربما لأن نهاية عقوبة الطنطاوي جاءت أيضا مواكبة لمعركة الأمعاء الخاوية التي تخوضها الدكتورة ليلى سويف، والدة المعتقل السياسي علاء عبد الفتاح؛ الذي أنهى عقوبته قبل 8 أشهر لكن السلطات رفضت الإفراج عنه، بحجة أن اكتمال المدة سيكون في كانون الثاني/ يناير المقبل، كما رفضت السلطة كل الوساطات الدولية لصالحه سواء من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، أو رئيس الوزراء البريطاني الذي حضر إلى مصر خصيصا في قمة المناخ على أمل أن يصطحب علاء في رحلة العودة، وهو ما لم يتم، وبناء على ذلك دخلت والدة علاء إضرابا عن الطعام منذ 8 أشهر حتى فقدت ما يقارب نصف وزنها، كما انخفض السكر في الدم إلى مستويات الخطر، وهي معرضة الآن للفظ أنفاسها الأخيرة بين لحظة وأخرى.
ومن شأن تكرار السلطات للتجربة مع الطنطاوي مضاعفة التوتر والضغوط، لأن أنصار طنطاوي كانوا سيتحركون بطريقة قوية أيضا للدفاع عنه، وربما أرادت السلطة تجنب الصدام مع التيار القومي الذي ينتسب له الطنطاوي بعد صدامها مع التيار اليساري الذي ينتسب له علاء، ناهيك بطيعة الحال عن الاضطرابات الإقليمية التي تثير هواجس النظام المصري.
حرمان أحمد الطنطاوي من مباشرة حقوقه السياسية لمدة خمس سنوات كجزء من العقوبة ليس ذا قيمة تذكر، فالحقيقة أن كل النشطاء والساسة الجادين في مصر محرومون من مباشرة حقوقهم السياسية بإرادة السلطة الحاكمة وليس وفقا لأحكام قضائية حتى لو كانت هزلية، بل إن أحمد نفسه حُرم من الترشح للانتخابات الرئاسية قبل أن يصدر حكم قضائي بالحرمان، وحرم غيره من قبله مثل سامي عنان وأحمد شفيق وهشام جنينة، وغيرهم، ولم تسمح السلطة بالترشح إلا لمن دعته للعب دور المنافس الشكلي (كومبارس)، وهو ما حدث مع المرشح حمدين صباحي في انتخابات 2014، ثم موسى مصطفى في انتخابات 2018، وأخيرا فريد زهران وحازم عمر وعبد السند يمامة في انتخابات 2023.
وفي الانتخابات البرلمانية فإن السلطات أصدرت مؤخرا قانون الانتخابات الذي فرض مجددا القائمة الانتخابية المطلقة، وهو ما يعني عمليا حرمان الأحزاب السياسية المعارضة من أي نواب من خلال هذه القائمة التي ستجري ترتيباتها في غرف أمنية مغلقة، كما حدث في الانتخابات الماضية عامي 2015 و2020، وستتبقى لهم فرص ضئيلة في المقاعد الفردية التي يصعب عليهم الفوز فيها. والخلاصة هي حرص النظام على استمرار الانسداد في الحياة السياسية والحزبية.
في ظل هكذا مشهد مغلق خرج الطنطاوي من محبسه، فهل سيستطيع إحياء مشروعه السياسي (تيار الأمل)، وهو التيار الذي تجمع حوله من خلفيات سياسية متنوعة إبان استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية أواخر العام 2023؟
الحقيقة أن الطنطاوي نجح في صناعة مساحة للأمل في تلك الانتخابات، والتف العديد من الشباب وحتى الكبار من داخل مصر وخارجها خلفه، ووقفوا بالساعات والأيام، وتعرضوا لاعتداءات بدنية ولفظية أمام مكاتب التوثيق (الشهر العقاري) لتحرير توكيلات لصالحه. وحسب بيانات حملته فقد تمكنت من جمع 14 ألف توكيل ( كان المطلوب 25 ألف توكيل)، وفي تحرك سياسي رمزي دعت الحملة إلى تحرير توكيلات شعبية رمزية، وأعدت برنامجا الكترونيا لذلك، لكن السلطة اعتبرت ذلك تزويرا لأوراق رسمية وأحالت بسببه طنطاوي وعشرين من أعضاء حملته للمحاكمة. وخلال تلك المعركة القصيرة طاف الطنطاوي العديد من المحافظات والمدن والمصرية، وأحدث حالة من الحراك السياسي، وطرح خطابا سياسيا وطنيا جامعا قبل أن تعتقله السلطة وتحيله للمحاكمة لتجرؤه على هذا الترشح!
خروج الطنطاوي من محبسه يعيد الروح والتفاؤل للكثيرين ممن أصابهم اليأس والإحباط عقب حبسه، وأعتقد أن الطنطاوي -وبعد فترة نقاهة قصيرة- سيعود لإعادة ترتيب تيار الأمل، عبر مواصلة التحرك لجمع التوكيلات اللازمة لتأسيس الحزب، اعتمادا على الكوادر الشبابية التي ناصرته في انتخابات الرئاسة، وإن كانت الشكوك قائمة في سماح السلطة بجمع توكيلات لتأسيس الحزب، وربما تتم المساومة مع طنطاوي ليترك رئاسة الحزب لشخص غيره، وفي هذه الحالة سيبقى الطنطاوي رئيسا شرفيا للحزب، أو لنقل المرشد الأعلى له، فلا القانون ولا الحكم القضائي يمنعه من ذلك.
ستكون الانتخابات البرلمانية المقبلة فرصة جديدة لطنطاوي للتحرك في محافظات مصر دعما لبعض المرشحين في المقاعد الفردية، وليس معروفا بعد كيف ستتعامل معه السلطة في هذه الحالة، وهل ستسمح له بذلك، أم ستعرقل هذه التحركات، أو تمنعها تماما، هذا ما ستكشفه الأيام.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المصرية أحمد الطنطاوي الانتخابات الأحزاب مصر السيسي انتخابات أحزاب أحمد طنطاوي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة للانتخابات الرئاسیة الطنطاوی من فی انتخابات
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يخطط لهندسة الانتخابات المقبلة لضمان بقائه في السلطة
كشف الصحفي والمحلل الاقتصادي الإسرائيلي يهودا شاروني في مقال بصحيفة معاريف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب- يسعى جاهدا للبقاء في السلطة عبر سلسلة من التحركات التكتيكية التي وصفها بـ"الهندسة الانتخابية" الشاملة. وتأتي هذه التحركات في ظل تعطل مداولات إعداد ميزانية 2025 وتزايد العجز وتضاؤل اليقين السياسي والاقتصادي.
ويعتزم نتنياهو الدفع نحو خفض العتبة الانتخابية من 3.25% إلى 2%، بهدف أساسي هو إنقاذ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد لا يجتاز العتبة الانتخابية إذا ترشح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت.
ويهدف هذا التخفيض إلى ترجيح كفة الائتلاف الحالي وضمان بقاء نتنياهو في الحكم، حيث يرى شاروني أن "4 مقاعد فقط قد تكون الفارق بين بقاء نتنياهو في الحكم أو اضطراره للجلوس في مقاعد المعارضة".
تتزامن هذه التحركات السياسية مع حالة من الشلل في دوائر صنع القرار المالي في إسرائيل، حيث يشير شاروني إلى جمود شبه تام بوزارة المالية، في ظل بقاء ميزانية 2025 "غير مفعّلة"، ولم تُعرض أي مسودات رسمية لها بعد.
وتتجاوز تقديرات العجز حاجز 10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار)، مع توقعات بوجود 20 مليار شيكل إضافية (5.4 مليارات دولار) للإنفاق العسكري.
ورغم الحديث المتزايد عن قرب إسقاط الحكومة، يرى شاروني أن نتنياهو قد يلجأ إلى أدوات قانونية لكسب المزيد من الوقت، مثل تعديل موعد المصادقة على ميزانية 2026.
إعلانويذكّر شاروني بمثال سابق في عام 2020، حين جرى تمرير "أمر مؤقت" سمح بتأجيل التصويت على الميزانية. ويعتقد المحلل الاقتصادي الإسرائيلي أن نتنياهو قد يكرر هذه "الخدعة الديكتاتورية"، مستبعدا أن تقف المحكمة العليا في وجهه بفعالية.
وفي المقابل، يرى المحلل الإسرائيلي أن تأجيل الانتخابات بشكل رسمي يظل صعبا بسبب "الغضب الشعبي المتصاعد"، لكن باب المناورة يبقى مفتوحا من خلال تدابير خاصة أو استغلال بنود قانون الطوارئ أو حتى التأثير في عمل لجنة الانتخابات.
وتعتبر عودة نفتالي بينيت إلى المشهد السياسي إحدى أبرز الجبهات التي يستعد نتنياهو لفتحها. فبحسب استطلاعات الرأي، إذا ترشح بينيت، فإن حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش قد لا يتجاوز العتبة الانتخابية.
لذلك، فإن خفض العتبة الانتخابية إلى 2% سيسمح لسموتريتش بالبقاء في الكنيست، وفي الوقت نفسه يضعف فرص أحزاب أخرى مثل حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يتزعمه المعارض أفيغدور ليبرمان أو أي حزب يميني معتدل محتمل بقيادة بينيت. إلا أن هذه الخطوة قد تواجه معارضة من الأحزاب الأرثوذكسية الحريدية المتشددة مثل شاس وديغل هتوراه، التي تخشى انشقاقات داخل جمهورها وظهور أحزاب منافسة.
إضافة إلى خفض العتبة، قد يفعل نتنياهو أدوات أخرى للتأثير في العملية الانتخابية، مثل نشر كاميرات في صناديق الاقتراع في البلدات العربية، أو التحكم في تركيبة لجنة الانتخابات المركزية، أو حتى تفعيل "التدابير الخاصة" لحالات الطوارئ، بحسب الصحفي والمحلل الإسرائيلي.
والأخطر من ذلك، وفقا لشاروني، هو تشغيل "آلة السم" بكامل طاقتها ضد خصوم نتنياهو، خاصة من داخل المعسكر اليميني. ويرجح شاروني أن هذه "الآلة" ستركز على التشهير بنفتالي بينيت، الذي وصفه نتنياهو مؤخرا بأنه "يميني مزيف يدعم الحركة الإسلامية".
إعلانويختتم شاروني مقاله بالقول: "قد تقول إنني مصاب بجنون الارتياب، لكن عندما يكون بيبي (بنيامين نتنياهو) في معركة من أجل حياته، علينا أن نستعد للأسوأ".