عربي21:
2025-12-15@05:37:01 GMT

تونس: تعدد المبادرات وغياب المراجعات

تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT

على وقع صعوبات اقتصادية وتوترات اجتماعية تمر بها تونس، وفي أجواء ساخنة بسبب استمرار المحاكمات السياسية وممارسات التنكيل ضد عدد من المعارضين، تتواتر هذه الأيام "مبادرات" سياسية ترفع شعار توحيد القوى الوطنية من أجل مواجهة منظومة 25 تموز/ يوليو، وبغاية استعادة الديمقراطية بعد أن فشل الجميع في ترسيخها وبعد أن صارت كل الأطراف السياسية تشعر بالاستهداف وبالاقصاء من قِبل "إدارة 25 تموز/ يوليو".



ما مدى جدية تلك المبادرات وما حظوظ نجاحها وهل قام أصحابُها بمراجعات لتجاربهم السابقة؟

المبادرة التي حظيت باهتمام كبير وتضاربت حولها التقديرات، هي مبادرة الحزب الدستوري الحر، حيث انعقد في مقره يوم 5 أيار/ مايو 2025 اجتماع حضره عدد من قيادييه، كما حضر وزير التربية السابق والناشط السياسي ناجي جلول وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، وهو أحد أبرز مناصري إجراءات 25 تموز/ يوليو قبل أن يصبح معارضا لها، وكذلك بعض الأسماء السياسية والحقوقية والأكاديمية.

الذين يُعلنون "مبادرات" لحوار وطني، ثم يُحدّدون هوية المعنيين بتلكمُ المبادرات فإنهم يُعلنون من البداية أن "مبادراتهم" ليست وطنية؛ لكونها لا تتسع للجميع وإنما تستثني خصوما أيديولوجيين يُحمّلونهم لوحدهم مسؤولية كل الخيبات ويُعلقون على أكتافهم تبعات ما قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021
وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع قال عضو الديوان السياسي للحزب ثامر سعد: "إن الحزب يطرح مبادرة سياسية جامعة للمؤمنين بالدولة المدنية".

ثم كانت المبادرة المشتركة بين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي؛ بالدعوة إلى عقد "مؤتمر وطني للحقوق والحريات ومن أجل دولة ديمقراطية". وقد أمضى رئيسا المنظمتين بيانا في ذلك، ثم جاء توضيح من المجلس الوطني للرابطة في بيانه الختامي يوم 16 أيار/ مايو حول الأطراف المعنية بالمشاركة، حيث ورد في النقطة السابعة منه: "يُعتبر مشروع تنظيم مؤتمر وطني للحقوق والحريات ومن أجل دولة ديمقراطية دعامة إضافية للعمل المشترك في مقاومة الاستبداد، ويؤكد أنه لا يشمل من ثبت تورطه في انتهاك حقوق الإنسان وإهدار مقدرات البلاد سواء كان ذلك قبل 14 جانفي (كانون الثاني/ يناير) 2011 أو قبل 25 جويلية (تموز/ يوليو) 2021 وبعدهما، ويؤكد المجلس أن نجاح هذه المبادرة يبقى رهين الإعداد الجيد لانجازها وتعميق التشاور في شانها".

هذه "المبادرات" كشفت عن حقيقتين في المشهد السياسي التونسي:

- الحقيقة الأولى: خيبة كل الأطراف السياسية التي ساندت إجراءات 25 تموز/ يوليو ظنا منها أنها ستستفيد من تغييب خصمها الذي عجزت عن هزمه ديمقراطيا، وأنها ستكون شريكا فاعلا وكامل "الحقوق" في "معركة التحرير" التي أعلن عنها قيس سعيد.

كل تلك الأطراف كانت تعمل بكل وضوح على إفشال ديمقراطية لم ينتصر فيها إلا خصمها التقليدي، أي حركة النهضة التي لم يكن ممكنا إخراجها من السلطة عبر صناديق الاقتراع، لذلك اتبع خصومها في تهرئتها كل الأساليب. وقد عبر عن ذلك الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي في كتابه "تونس والفرص المهدورة".

الاتحاد العام التونسي للشغل لم يكن مجرد منظمة عمالية، بل كان أشبه ما يكون بـ"ثكنة" أيديولوجية عالية التدريب ومُحكمَة التنظيم ووافرة الجرأة وسريعة الحركة، "ثكنة" يشترك في إدارتها ممثلون لمدارس أيديولوجية تختلف كثيرا وتلتقي دائما ضد خصم لدود هو "الإسلام السياسي".

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نشأت حقوقية خالصة، وانتهت أيديولوجية أيضا، فـ"الإنسانُ" عند "مسؤوليها" ليس هو الكائن المفرَد الجمع في هويته الإنسانية المقدسة، إنما هو إنسان وفق مواصفات محددة تخضع لمعايير السياسة والتحزّب والأيديولوجيا.

المنظمتان اللتان كانتا طرفين مهمين في الحوار الوطني سنة 2014 ونالتا جائزة نوبل، لم تتحررا من هيمنة أصحاب الحسابات السياسية والأهواء الأيديولوجية، وهما الآن لا تحظيان بأي تقدير من السلطة الراهنة التي لا تعترف بأي "جسم" يظن نفسه وسيطا بين الناس وبين الحاكم كما هو معتاد في بلادنا.

- الحقيقة الثانية: أن أغلب الأطراف التي ساهمت في إنتاج الأزمة السياسية والتي مهّدت لإجراءات 25 تموز/ يوليو، ما زالت لم تغادر تصوراتِها وأفهامَها وعُقدها النفسية، ما زالت تكابر وتعاند ولا تعترف بأخطائها ولا تعلن مراجعات واضحة وصريحة حتى يصدقها عموم الناس فيتعاطفون معها ويدعمون ما تعلنه من "مبادرات" لإخراج البلاد من مصاعبها السياسية ومتاعبها الاجتماعية.

الذين يُعلنون "مبادرات" لحوار وطني، ثم يُحدّدون هوية المعنيين بتلكمُ المبادرات فإنهم يُعلنون من البداية أن "مبادراتهم" ليست وطنية؛ لكونها لا تتسع للجميع وإنما تستثني خصوما أيديولوجيين يُحمّلونهم لوحدهم مسؤولية كل الخيبات ويُعلقون على أكتافهم تبعات ما قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021.

المعنيون بالاستثناء دائما هم "تيار الهوية"، أي الإسلاميون بمختلف تعبيراتهم وحلفاؤهم في تشكيل "جبهة الخلاص الوطني"، رغم أن زعيم هذه الجبهة هو قيدوم المناضلين اليساريين الأستاذ أحمد نجيب الشابي.

غياب نصوص في المراجعات هي حالة عامة تشمل أغلب التعبيرات السياسية، سواء ممن مارسوا الحكم أو ممن مارسوا المعارضة قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021، وهي حالة لا تساعد على طمأنة عموم الناس بكون تلك الطبقة السياسية قد تعافت، لا من نقائصها النظرية فقط، بل وأساسا من عُقدها النفسية ومن لوثاتها الأيديولوجية ومن أنانيتها وأوهامها ومن حالة الإنكار
هذا الاستثناء كشفه الدكتور رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المحبوس في حبس المرناقية منذ أكثر من عامين، وقد جاء في تدوينة له على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي بتاريخ 31 أيار/ مايو ما يلي: "حوار سياسي لا تمثل فيه حركة النهضة وجبهة الخلاص وكل مكونات الساحة السياسية القابلة بحوار جامع وبقيم العيش المشترك، هذا الحوار المزيّف لن يكون شعاره استعادة الديمقراطية، لأنه يفتح الأبواب لأصوات دافعت عن الانقلاب وبررته، وأرادت توظيفه لتصفية خصومها السياسيين، فلما فشلت في ذلك انقلبت عليه دون أن تغير أهدافها".

كما عبر عدد من الناشطين في مجالي الفكر والسياسة، عن عدم اطمئنانهم لمختلف الأطراف المتنادية إلى تحالف "نضالي" ضد مسار 25 تموز/ يوليو، لكون تلك الأطراف، بنظرهم، غير مبدئية بل ويُحمّلونها هي مسؤولية "تخريب" التجربة الديمقراطية، وهي نفس الفكرة التي أكدها رياض الشعيبي في ذات التدوينة بقوله:

"ظهور بعض الأصوات من مخلفات الأوطاد والاقصائيين مستغلين مواقعهم داخل بعض منظمات المجتمع المدني لتمرير مواقف سياسية وأيديولوجية لا ديمقراطية وتبريرها باستعادة أكاذيب ما قبل 25 جويلية، يكشف خارطة انتشار طابور التخريب الوظيفي الذي تمارسه هذه الأصوات".

غياب نصوص في المراجعات هي حالة عامة تشمل أغلب التعبيرات السياسية، سواء ممن مارسوا الحكم أو ممن مارسوا المعارضة قبل إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021، وهي حالة لا تساعد على طمأنة عموم الناس بكون تلك الطبقة السياسية قد تعافت، لا من نقائصها النظرية فقط، بل وأساسا من عُقدها النفسية ومن لوثاتها الأيديولوجية ومن أنانيتها وأوهامها ومن حالة الإنكار، رغم أن كل تلك "الطبقة" تتعرض لعملية تحييد تام عن المشهد حتى صارت، في الغالب، مجرد ظاهرة احتجاجية في البيانات والندوات الصحفية وبعض الوقفات الدورية، بمعزل عن جمهور المواطنين الذين كانوا منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011 وقود كل أعراس الديمقراطية؛ يأتونها طواعية وحماسة في طوابير منحت السياسة هيبة والسياسيين مهابة.

لقد خسر أغلب السياسيين أنفسهم يوم خسروا السياسة بما هي أرقى الفنون.. "فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ" (القمر: 22).

x.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء تونس مبادرات الديمقراطية تونس اسلامي ديمقراطية مبادرات ايديولوجي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یولیو 2021 هی حالة ی علنون

إقرأ أيضاً:

البنك الأهلي يستعرض مبادرات المسؤولية الاجتماعية والابتكار المجتمعي

 

 

مسقط- الرؤية

استضاف البنك الأهلي اللقاء الإعلامي السنوي في نسخته الثانية في المبنى الرئيسي بالوطية، بحضور مجموعة من الإعلاميين والصحفيين من مختلف وسائل الإعلام في سلطنة عُمان، إذ شكّل اللقاء منصة استثنائية تؤكد التزام البنك بدوره الاجتماعي، وتبرز الإعلام كشريك فاعل يسهم في خدمة المجتمع ودفع مبادراته الإيجابية نحو تأثير ملموس ومستدام.

وألقت جمانة الهاشمية، مساعد المدير العام ورئيسة قسم التسويق والتواصل المؤسسي، كلمة رحبت فيها بالحضور، معبرة عن اعتزاز البنك بالشراكة المستمرة مع الإعلام باعتباره عمادًا أساسيًا في نقل رسائل البنك ومبادراته المجتمعية إلى الجمهور.

وأكدت الهاشمية أن الإعلام ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل شريك استراتيجي يساهم في صياغة التجربة المصرفية بصورة حيّة وشفافة، ويعزز من أثر المبادرات المجتمعية على حياة الأفراد والمجتمع بأسره، مسلطة الضوء على الدور المحوري للإعلام في دعم الابتكار وتشجيع المشاريع التي ترتكز على الثقة والمسؤولية المشتركة في بناء مجتمع مزدهر ومستدام.

وتضمن اللقاء عرضًا بعنوان "كيف يصنع مشروع واحد اقتصادًا إبداعيًا كاملًا" قدمه محمد بن حمود الجابري، الرئيس التنفيذي لشركة زمكان، حيث استعرض أهمية المشاريع الريادية في تحفيز الابتكار وبناء اقتصاد قائم على المعرفة، بما يسهم في خلق فرص جديدة ويعزز من النمو الاقتصادي والاجتماعي.

وفي إطار الحوار المفتوح، أقيمت جلسة نقاشية تحت عنوان "أثر الإعلام في تعزيز المسؤولية الاجتماعية"، شارك فيها المكرمة سناء بنت عبدالرحمن الخنجرية، رئيسة مجلس إدارة جمعية الرحمة للأمومة والطفولة، وخالد الرواحي، مدير معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين، والإعلامي سالم بن محمد العمري، مدير عام إذاعة الوصال، ومحمد بن حمود الجابري، الرئيس التنفيذي لشركة زمكان، وخالد العوض، المدير التنفيذي للتسويق في شركة مباشر.

وناقشت الجلسة النقاشية مختلف السبل الكفيلة بتعزيز التعاون والتنسيق بين وسائل الإعلام والمؤسسات المصرفية ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدةً أهمية الدور المحوري للإعلام في دعم المبادرات المجتمعية وترسيخ مبدأ الشراكة المستدامة، حيث يسهم هذا التكامل في تحسين ظروف الفئات المستهدفة، والارتقاء بمستوى رفاهية المجتمع ككل.

وسلّطت الجلسة الضوء على عدد من المبادرات الإعلامية الهادفة إلى مساندة شرائح مختلفة من المجتمع، ولا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال إبراز قصصهم وتحدياتهم واحتياجاتهم، بما يعزز وعي المجتمع تجاه هذه الفئة ويشجع على إدماجها ودعمها بشكل أكبر.

وفي نسخته الثانية، جاء اللقاء الإعلامي السنوي للبنك الأهلي نتيجة حرصه المتواصل على خدمة المجتمع وتعزيز مسؤوليته المجتمعية، ليصبح حدثًا متميزًا يجمع بين الرؤية الاستراتيجية والإبداع المجتمعي، ويؤكد ريادته في دعم المبادرات الاجتماعية وتمكين الإعلام ليكون شريكًا فاعلًا في خدمة المجتمع. واستعرض البنك خلال اللقاء مبادراته المتنوعة التي شملت دعم الأسر المعسرة، وتعزيز التعليم الدامج للطلاب المكفوفين، وتمكين المرأة، ورعاية الأسر ذات الدخل المحدود والأيتام، إلى جانب مساهماته في المبادرات الرمضانية ومبادرة العودة إلى المدارس، مجسدة بذلك رؤيته في أن يكون شريكًا فعّالًا في بناء مجتمع مزدهر، حيث يلتقي العطاء بالمسؤولية الاجتماعية لخدمة كافة فئات المجتمع.

مقالات مشابهة

  • أمير عزمي يهاجم مجلس الزمالك: وعود بلا تنفيذ وغياب للاستقرار الإداري
  • جامعة العاصمة تحصد المركز الأول في خدمة المجتمع والبيئة بين الجامعات المصرية
  • صحة سوهاج تحصد المركز الخامس على مستوى الجمهورية في مبادرة دعم صحة المرأة
  • العقبة: تكافل اجتماعي في مواجهة الشتاء وتحديات الأمطار الاستثنائية
  • تونس: السجن 12 سنة بحق السياسية المعارضة عبير موسي بعد طعنها في أوامر الرئيس قيس سعيّد
  • البنك الأهلي يستعرض مبادرات المسؤولية الاجتماعية والابتكار المجتمعي
  • تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات مع ترجيح تأجيلها إلى تموز وترقّب الموقف الأميركي
  • بإقبال كبير.. انطلاق عرض سيمبا.. الأسد الملك علي مسرح 23 يوليو بالمحلة
  • بإقبال كبير.. مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد انطلاق «سيمبا.. الأسد الملك»
  • وزير الزراعة: برنامج الأغذية العالمي شريك رئيسي في دعم المبادرات الوطنية