يمانيون | تقرير

في مشهد تعبوي غير مسبوق، تتصاعد ملامح التفاعل الشعبي مع معركة التحرر الفلسطينية إلى مستويات جديدة من الجهوزية والتأهب، لتؤكد مرة أخرى أن اليمن – بقيادته وشعبه وجبهته الداخلية – بات حاضرًا فعليًا في قلب المعركة الإقليمية الكبرى ضد المشروع الصهيوأمريكي.

ففي يوم واحد فقط، شهدت محافظتا حجة وإب ثلاث فعاليات تعبوية كبرى: عرض عسكري حاشد في مديرية وشحة لأكثر من 1500 مجاهد، ومسير راجل أمني في مركز محافظة حجة، ومسيرات ووقفات لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديريتي ذي السفال والسبرة بمحافظة إب.

تتضافر هذه الفعاليات في التعبير عن وحدة الجبهة الداخلية، والتحامها الكامل مع الموقف الثوري المقاوم، واستعدادها الدائم لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، ليس فقط دفاعًا عن اليمن بل دعمًا فعليًا ومباشرًا للقضية المركزية للأمة: فلسطين.

عرض تعبوي في وشحة.. ألف وخمسمئة مقاتل في ساحة الجهاد
في مديرية وشحة بمحافظة حجة، نظّمت شعبة التعبئة عرضًا عسكريًا شارك فيه أكثر من 1500 من خريجي الدورات العسكرية المفتوحة، في تظاهرة ميدانية عبّرت عن روح الجهوزية العالية، والتفاعل الكامل مع التصعيد الميداني في غزة.
العرض الذي تقدّمه وكيل المحافظة الدكتور طه الحمزي وعدد من القيادات المحلية، عكس حجم الاهتمام الرسمي والشعبي برفع مستوى التأهب والتعبئة، وترجمة مخرجات الدورات التعبوية إلى فعل عسكري منضبط ومتماسك.

المشاركون رفعوا شعارات البراءة من أعداء الإسلام والخونة والعملاء، مؤكدين أنهم على استعداد تام للتضحية في سبيل الوطن ودعم المقاومة الفلسطينية.. كما أعلنوا تفويضهم الكامل للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في اتخاذ ما يراه مناسبًا من قرارات وإجراءات ضمن استراتيجية الردع والرد المباشر على العدوان الصهيوني.

الوكيل الحمزي أشاد في كلمته بالمواقف الثابتة لأبناء وشحة، وبدورهم المتقدم في معركة الوعي والتحرير، مؤكدًا أن التدريب والتأهيل العسكري سيستمر بوتيرة أعلى، لتتحول كل مديريات حجة إلى معسكرات تعبئة لا تهدأ، وخنادق مقاومة لا تُخترق.

جهاز الأمن في حجة.. رسالة جاهزية وموقف ميداني متقدم
في موازاة العرض في وشحة، شهد مركز محافظة حجة مسيرًا راجلًا لمنتسبي الأجهزة الأمنية، انطلق من مركز المدينة حتى منطقة “قَدم”، رافعين شعارات مناهضة لأمريكا و”إسرائيل”، ومؤكدين جهوزيتهم الكاملة لخوض أي مواجهة دفاعًا عن الوطن وانتصارًا لفلسطين.

المسير تقدّمه مدير المديرية عصام الوزان، ومدير أمن المديرية المقدم بسام الحباشي ونائبه المقدم عبدالرحمن القعادي، في حضور يؤكد أن الأمن في حجة لا يكتفي بتأمين الجبهة الداخلية، بل يضع نفسه في الصفوف الأمامية من معركة الوعي والمقاومة.

وأكد القياديان الأمنيان أن هذه الفعالية تأتي في إطار تعزيز الجاهزية الأمنية والتعبير عن الانتماء الصادق للقضية الفلسطينية، مشددين على أن المعركة اليوم ليست محصورة في غزة، بل تشمل كل بقعة من بقاع هذه الأمة، واليمن في طليعتها.

إب تتحرك ميدانيًا.. مسيرات “طوفان الأقصى” تواصل التعبئة
وفي محافظة إب، شهدت مديريتا ذي السفال والسبرة مسيرات ووقفات تعبوية نفذها خريجو دورات التعبئة العامة – المستوى الأول والثاني – ضمن برنامج “طوفان الأقصى” الذي بات عنوانًا تعبويًا متكاملًا في إطار دعم المعركة الفلسطينية.

في عزلة حُبير بذِي السفال، نظّم عشرات الخريجين وقفة تعبوية جسدت استعدادهم التام للمضي في خط الجهاد، فيما نفذ نحو 70 خريجًا من عزلة عينان في مديرية السبرة مسيرًا عسكريًا رمزيًا عكس مهاراتهم القتالية والتزامهم التنظيمي.

المشاركون جددوا العهد بالثبات في نصرة الشعب الفلسطيني، وأكدوا أن التحاقهم بهذه الدورات نابع من وعي إيماني عميق بالمسؤولية، واستعدادهم للمشاركة في كل معارك الأمة ضد الاستكبار العالمي، معتبرين أن كل ما يجري في غزة هو معركة هوية وكرامة يجب أن تُخاض من كل جبهات الأمة الحية.

التعبئة اليمنية كجزء من استراتيجية الردع الإقليمي
لا يمكن قراءة هذه الفعاليات بمعزل عن السياق العام للمرحلة، إذ تتكثف مؤشرات التكامل بين الجبهات – من غزة إلى صنعاء – في معركة واحدة لم تعد رمزية أو خطابية، بل تأخذ طابعًا عسكريًا ميدانيًا يتطور بشكل تصاعدي.

إن التحركات التعبوية في حجة وإب وغيرها من المحافظات اليمنية، تشير إلى أن برنامج الدورات المفتوحة، ومسيرات “طوفان الأقصى”، ليست مجرد فعاليات جماهيرية بل بنية تأسيسية لإعادة إنتاج المجتمع المقاوم، وبناء قوة ردع شعبية منظمة ومتفاعلة مع القرار المركزي للقيادة.

كما تعكس هذه الفعاليات وعيًا سياسيًا متقدمًا بأن القضية الفلسطينية لم تعد حبيسة الجغرافيا، وأن مشروع “الفوضى والتطبيع” الذي يقوده المحور الصهيوأمريكي – ومعه أدواته في الداخل العربي – لن يمر من بوابة اليمن، بل سيُواجه بجدار من الدم والوعي والبندقية.

اليمن.. حاضر في فلسطين بالسلاح والرجال والقرار
في ضوء هذه التحركات، يصبح واضحًا أن اليمن – بقيادته وشعبه – لا يخوض معركة مناكفة سياسية ولا تضامنًا موسميًا، بل ينخرط فعليًا في معركة الأمة الكبرى، رافعًا شعار “القدس أقرب” ومترجمًا إياه إلى تحرك عسكري وتنظيمي متصاعد.

من مديرية وشحة، إلى شوارع مدينة حجة، وصولًا إلى مديريات إب، يرسم اليمن خريطة جديدة للمقاومة، ويُعيد الاعتبار لسؤال الكرامة والسيادة الذي كاد يُطمس في زوابع التطبيع والخيانة.

إنها معركة “الفتح الموعود”.. وإن اليمن يُعلن جهوزيته الكاملة، لا بالكلام بل برجالٍ أقسموا ألا يُسلموا الراية إلا في القدس، مرفوعة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

حضرموت على صفيح ساخن.. ما الذي يحدث حول حقول النفط؟

تشهد محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن توترا عسكريا بعد اشتباكات، أمس الأحد، بين قوات حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي، قرب منشأة نفطية إستراتيجية، وهو ما ينذر بتشظ جديد للبلاد ودخولها في طور آخر من الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد والمدفوعة بنزعات استقلالية وأجندة إقليمية.

ويتنازع المحافظة الغنية بالنفط 3 أطراف رئيسية، الأول الحكومة الشرعية في عدن المتمسكة بوحدة اليمن، والثاني المجلس الانتقالي، الساعي إلى الانفصال والذي يرى في حضرموت جزءا لا يتجزأ من مشروع دولة "الجنوب العربي". والثالث حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.

ما الذي يحدث

دفع المجلس الانتقالي في اليمن بألوية ووحدات عسكرية تحت مسمى قوات "الدعم الأمني"، بقيادة العميد صالح علي بن الشيخ أبو بكر المعروف باسم "أبو علي الحضرمي"، وذلك في "محاولة للسيطرة على المحافظة ومكامن النفط" كما يقول زعيم حلف قبائل حضرموت ووكيل أول محافظة حضرموت عمرو بن حبريش.

يأتي هذا التحرك العسكري بعد قيام قوات "حماية حضرموت" المدعومة من حلف القبائل، بتأمين منشآت حقول نفط المسيلة، استباقا لسيطرة قوات "الدعم الأمني" عليها.

ويقول تحالف قبائل حضرموت إن هناك مشروعا للسيطرة على نفط حضرموت يشمل حقول الإنتاج وخطوط النقل وموانئ التصدير، وإن السيطرة على ميناء الضبة ومحاولة الوصول إلى شركة بترومسيلة تعد جزءا من هذا المشروع.

وأكد حلف قبائل حضرموت في بيان عقب اجتماع موسع له أن أي تمركز لما سماها "قوات خارجية" على أرض حضرموت يُعدّ "احتلالا" وسيجري التعامل معه بالقوة، واتخاذ خطوات وصفها بأنها "حاسمة" لمواجهة ما قال إنها تحركات خطرة تقوم بها قوى وافدة من خارج المحافظة.

من جانبه، قال المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الثانية التابع للمجلس الانتقالي إنه دفع مساء الأحد بعدد من الألوية العسكرية لدعم وإسناد القوة المتواجدة في المنشآت النفطية بقطاع المسيلة.

إعلان

لكنه اتهم القوات التابعة لعمرو بن حبريش "باقتحام المنشأة النفطية والاعتداء على القوات الحضرمية المكلّفة بحمايتها"، مؤكّدا أنه "لن يسمح بذلك وسيضرب بيد من حديد".

ما خلفية الصراع

تحظى حضرموت بأهمية إستراتيجية بالغة، إذ تمثل 36% من مساحة البلاد، وتضم موانئ رئيسية كميناءي المكلا والشحر، إضافة إلى ميناء الضبة النفطي، وتنتج نحو 80% من نفط اليمن، فضلا عن امتلاكها أكبر احتياطي نفطي ما يجعلها بوابة اقتصادية وسياسية يتنافس الجميع للسيطرة عليها.

وفي مقابل تلك الأهمية يقول أبناء حضرموت إن ثروات المنطقة لا تنعكس على المحافظة وأهلها إذ يعانون من تردي الخدمات وغياب الحلول الحكومية، كما أنهم لا يحظون بتمثيل حقيقي في إدارة محافظتهم ومواردها النفطية.

ورغم أن حضرموت بقيت بعيدة عن المواجهات المباشرة بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال سنوات الحرب، فإنها عانت من تداعيات الصراع وبسط النفوذ المحلي والإقليمي.

فالحكومة الشرعية في عدن تتمسك بوحدة اليمن، في حين يسعى المجلس الانتقالي لبسط سيطرته على حضرموت في إطار مشروعه الانفصالي عن اليمن، أما الضلع الثالث في المثلث الذي يتنازع حكم حضرموت فهو حلف قبائل حضرموت، الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.

هذا المزيج من المطالب، الحكم الذاتي من جهة، والانفصال من جهة ثانية جعل حضرموت ساحة صراع نفوذ داخلي وإقليمي، بين قوى محلية (قبائل، نخب محلية) وقوى مدعومة من جهات خارجية.

ما هو حلف قبائل حضرموت

حلف قبائل حضرموت هو تشكيل قبلي تعود جذوره إلى عام 2013 كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى نيل الحقوق وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، وعرف عنه مناهضته للمجلس الانتقالي الجنوبي.

يسعى الحلف إلى تطبيق الحكم الذاتي في المحافظة، وبات يملك قوة عسكرية في عدد من مديريات حضرموت مترامية الأطراف ولا تخضع لوزارة الدفاع اليمنية. ويتبنى الحلف خطابا يدعو لتمكين سكان حضرموت من إدارة شؤون محافظتهم بعيدا عن الوصاية المركزية.

ويقول مراقبون ومحللون سياسيون إن حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط، تشهد تداخلا معقدا بين القوى العسكرية المحلية والإقليمية، وسط تنافس متصاعد على النفوذ وتطورات عسكرية على الأرض تنذر بإضافة المزيد من الانقسامات في البلاد التي تعاني من ويلات الحرب منذ أكثر من عقد.

وتخضع محافظة حضرموت لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ويدعمها تحالف تقوده السعودية تدخّل في البلاد في مارس/آذار 2015 بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.

ما موقف الحكومة الشرعية

لم يصدر أي تعليق وزاري من الحكومة اليمنية حتى الآن، كما لم تتخذ الحكومة الشرعية أي إجراء لتخفيف حدة الاحتقان في محافظة تنعم باستقرار نسبي، خاصة مع لهجة الخطاب الحادة والتهديدات والحشد العسكري من جميع الأطراف.

وحذر عضو مجلس القيادة الرئاسي باليمن فرج البحسني من أن حضرموت تمر بمرحلة وصفها بأنها "الأخطر منذ عقود"، داعيا إلى وقف التصعيد الذي قد يدفع المحافظة نحو صراع داخلي "لا رابح فيه".

وقال البحسني، وهو محافظ سابق لحضرموت، في بيان إن المحافظة تساق نحو "انقسامات لا تخدم إلا أعداءها"، محذرا من أي محاولات لاستعراض القوة وذلك بعد بيان أصدرته السلطة المحلية بقيادة المحافظ المعزول مبخوت بن ماضي وتضمن تحذيرات من خطوات قد تدفع نحو "الفوضى".

إعلان

ويرى تقرير صادر عن مركز سياسات اليمن أن غياب الدولة المركزية وسّع من مساحة النفوذ القبلي، وعزز الانقسامات المحلية، مما يهدد بتحول المحافظة إلى ساحة صراع جديدة، ما لم يتم احتواء التوترات المتصاعدة.

مقالات مشابهة

  • حضرموت على صفيح ساخن.. ما الذي يحدث حول حقول النفط؟
  • 30 نوفمبر.. يوم التحرير الذي يعرّي حقيقة المواقف اليوم
  • خبير عسكري: معركة بوكروفسك تحدد مصير شرق أوكرانيا
  • يوم التحرير الذي يعرّي حقيقة المواقف اليوم
  • حضرموت تحت النار .. تصعيد عسكري وقبلي بين أدوات السعودية والإمارات
  • محافظ أبين: معركة الاستقلال قادمة ولا بقاء لأدوات الاحتلال في أرض اليمن
  • قبائل اليمن تتدفق إلى ميدان السبعين في مسيرة «التحرير خيارنا والمحتل إلى زوال» 
  • أبو الغيط: منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الولاية الأصيلة في الإدارة والحكم
  • الجهاد الإسلامي تمنح وكالة سبأ درع “طوفان الأقصى” لدورها في دعم القضية الفلسطينية
  • حلف حضرموت: “معركة التحرير” بدأت وأهم مناطق المحافظة تحت سيطرتنا الكاملة