أقبل العيد.. وقلمي ينزف دمًا
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
سالم البادي (أبو معن)
غزة، هذه البقعة الصغيرة على خارطة فلسطين المحتلة، تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من الصمود والمُعاناة.
ومع حلول عيد الأضحى المبارك، تتجلى في غزة تناقضات الحياة بأبهى صورها، وتتجلى فيها أروع معاني الإباء والصمود والنضال والثبات، ففي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بهذه المناسبة السعيدة والشعيرة الإسلامية المباركة، يعيش أهل غزة واقعًا مختلفًا، واقعًا يمزج بين الفرح والألم، بين الأمل واليأس.
العيد في غزة ليس مجرد يوم للاحتفال، بل هو رمز للصمود والتحدي، إنه فرصة لإحياء الأمل في نفوس الأطفال والشباب، وتذكيرهم بأن الحياة تستمر رغم كل الصعاب. هذا العيد لا توجد شوارع لتتزين بالأضواء والزينة، ولن تنتشر رائحة الحلويات والأطعمة الغزية الشهية، وتصدح أصوات الأسى والألم والوجع والحزن بدلًا من الأناشيد، ولكن يبقى هناك دائمًا بريق من الأمل يخيّم على الأجواء.
يتواصل الحزن على الشهداء والجرحى، والحزن على الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها شعب غزة المكلوم.
ورغم القتل المستمر والتشريد والجوع والعطش، يظل العيد في غزة عيدًا يزيد الناس حبًا وتآخيًا، تعاونًا وتكافلًا وتعاضدًا، كأنهم الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى باقي الجسد بالسهر والحمى.
عيدًا يذكرهم بأنهم جزء من أمة مؤمنة مسلمة واحدة، وأنهم قادرون على تجاوز كل المحن والويلات التي تعصف بهم منذ عقود طويلة وأزمنة مديدة.
إنه عيد يبعث برسالة أمل للعالم، مفادها أن شعب غزة لديه حياة أقوى من الموت، وأن إرادته لا تُقهر أبدًا.
غزة الأبية الشامخة كشموخ الجبال، تلك المدينة التي لطالما عانت من ويلات الحروب والحصار، تجد نفسها في العيد أسيرة لجراحها العميقة، ففي كل زاوية من زواياها، تتردد أصداء الألم والمعاناة، وتتجلى مأساة إنسانية لا مثيل لها على مر التاريخ الإنساني، البيوت المدمرة، والأرواح التي أزهقت، وما زالت تحت الركام، والعيون التي تترقب عودة الغائبين، كلها تشكل خلفية حزينة لاحتفالات العيد.
الأطفال الذين فقدوا أحلامهم وبراءتهم، حتى إنهم لا يجدون في العيد فرصة مؤلمة لتذكر ما فقدوه، ألعابهم المدمرة، وضحكاتهم التي انطفأت، تجعل من العيد ذكرى قاسية لماضٍ جميل تلاشى.
الأمهات اللاتي فقدن أزواجهن وأبناءهن وإخوانهن، يواجهن العيد بقلوب مفطورة مفجوعة، يراقبن أطفالهن وهم يعيشون في ظروف قاسية، ويحاولن جاهدات أن يزرعن فيهم الأمل رغم كل الأسى والألم والوجع والفقد.
المستشفيات شبه المدمرة التي تعج بالجرحى والمرضى تتحول في العيد إلى ساحات حرب صامتة.
الأطباء والممرضات الذين يعملون بلا كلل ولا ملل، ليلًا ونهارًا، يواجهون صعوبات جمّة في توفير الرعاية الصحية اللازمة، في ظل انعدام الإمدادات والأدوية والمستلزمات الطبية.
العيد هنا يذكرنا بأن الجراح لا تلتئم بسرعة ولا بسهولة، وأن المعاناة الإنسانية لا تعرف حدودًا.
على العالم أن يوفر الحماية والدعم لأطفال غزة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية والتعليم، يجب على العالم أن يعمل على تحقيق السلام والعدالة لضمان مستقبل أفضل لأطفال غزة.
وإنهاء معاناة شعب غزة يتطلب حلًا سياسيًا شاملًا ودائمًا فوريًا، ويجب أن يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، مع وقف كامل للعنف والقتال لإنقاذ الأرواح، إلى جانب رفع الحصار المفروض على غزة للسماح بحرية الحركة وتدفق السلع والمساعدات الإنسانية، علاوة على إعادة الإعمار من بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية التي دمرتها الحرب.
كما يجب تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية لتوحيد الصف الفلسطيني، ويتعين على المجتمع الدولي أن يدعم حل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تعيش بسلام وأمن.
ونشير هنا كذلك إلى أن المنظمات الدولية عليها دور حيوي يجب أن تؤديه تجاه شعب غزة المحاصر، ويشمل هذا الدور على النحو الآتي:
أولًا: تقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمأوى والملابس والمساعدات الأخرى الأساسية للفلسطينيين المحتاجين.
ثانيًا :توفير الحماية للمدنيين من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من خلال مراقبة الوضع وتقديم الدعم القانوني والسياسي.
ثالثًا: الدعوة إلى المساءلة من خلال الضغط على العدو الصهيوني المحتل للامتثال للقانون الدولي وحقوق الإنسان، والمطالبة بإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
رابعًا: الدعوة إلى حل سياسي والضغط على العدو للتوصل إلى حل سياسي دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتوجد أطراف متعددة تتحمل مسؤولية معاناة أطفال وشعب غزة، وتشمل:
الكيان الصهيوني المحتل: بسبب الحصار المفروض على غزة والعمليات العسكرية المتكررة التي تؤدي إلى تدمير البنية التحتية ومقتل المدنيين.
والمجتمع الدولي: بسبب الفشل في إيجاد حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما يسمح باستمرار العنف والمعاناة.
كما تؤدي دول الإقليم دورًا مهمًا في الصراع في غزة، ويتجلى هذا الدور في عدة جوانب:
أولًا: الدعم السياسي والمالي، يجب أن تقدم بعض الدول دعمًا سياسيًا وماليًا للفلسطينيين، وخاصة قطاع غزة المدمر.
ثانيًا: تحاول بعض الدول التوسط بين العدو الصهيوني وحركات المقاومة الفلسطينية للتوصل إلى اتفاقات وقف إطلاق النار أو حلول سياسية.
ثالثًا: يمكن أن تؤثر دول الإقليم على الرأي العام في المنطقة والعالم بشأن الصراع في غزة، إذا ما ارتأيت ذلك بسبب وضعها السياسي والاقتصادي والجغرافي.
وبصفتها حليفًا رئيسيًا واستراتيجيًا وعسكريًا وأمنيًا للكيان الصهيوني، يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا حاسمًا في إنهاء الحرب في غزة من خلال عدة طرق:
أولًا: يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على العدو المحتل للعودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ثانيًا: يمكن للولايات المتحدة أن تعمل كوسيط أو تسهّل المحادثات بين الطرفين.
ثالثًا: يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها الدبلوماسي للضغط على الكيان المحتل للامتناع عن العمليات العسكرية التي تؤدي إلى خسائر في صفوف المدنيين وتدهور الوضع الإنساني في غزة.
رابعًا: يمكن للولايات المتحدة زيادة مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين في غزة، مما يساعد على تخفيف المعاناة الإنسانية وتقديم الدعم الأساسي.
خامسًا: يمكن للولايات المتحدة أن تساهم في جهود إعادة الإعمار في غزة بعد انتهاء الحرب، مما يساعد على تحسين الظروف المعيشية وتعزيز الاستقرار.
سادسًا: يمكن للولايات المتحدة أن تجدد التزامها بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يعتبره الكثيرون أساسًا لتحقيق السلام الدائم.
باختصار... يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها السياسي والدبلوماسي والمالي لدعم وقف الحرب في غزة، وتخفيف المعاناة الإنسانية، والمساهمة في إيجاد حل دائم للصراع.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خريطة توضح المواقع الثلاث التي تشملها الهدنة التكتيكية في غزة
(CNN)-- أعلنت إسرائيل عن "وقفة تكتيكية يومية للأنشطة العسكرية" في ثلاث مناطق بغزة لإتاحة وصول المزيد من المساعدات إلى السكان، وسط غضب دولي متزايد إزاء المجاعة في القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الخطوة "تدحض الادعاء الكاذب بالتجويع المتعمد في قطاع غزة".
جاءت هذه الهدنة - التي ستسمح للجيش بفتح ممرات لتسهيل إيصال المساعدات من الأمم المتحدة ووكالات أخرى - متأخرة جدًا بالنسبة لعشرات الفلسطينيين، حيث أفاد مسؤولون في غزة بوفاة المزيد من الفلسطينيين بسبب سوء التغذية، وبين من يحاولون يائسين الحصول على المساعدات من القوافل ومواقع التوزيع.
وفي حين رحبت وكالات الأمم المتحدة بـ"التوقف التكتيكي"، فإن هناك تساؤلات حول ما إذا كان هذا التوقف كافيا بعد أشهر من وصول القليل جدا من المساعدات إلى غزة.
تشمل الهدن التكتيكية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي ثلاث مناطق على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط - المواصي، ودير البلح، وجزء من مدينة غزة - وكان من المفترض أن تكون معظمها مناطق آمنة. نشر الجيش الإسرائيلي خريطة توضح المناطق التي ستسري فيها الهدنة، لكنه وضع علامة حمراء على بقية القطاع كـ"منطقة قتال خطرة".
بدأت الهدنة يوم الأحد وتستمر عشر ساعات، من الساعة العاشرة صباحًا حتى الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنها ستستمر يوميًا "حتى إشعار آخر".
ومن الجوانب المهمة للإعلان الإسرائيلي إنشاء "مسارات آمنة" مُخصصة من الساعة السادسة صباحًا حتى الحادية عشرة مساءً بالتوقيت المحلي، لتمكين قوافل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من توزيع الغذاء والدواء بأمان. وقد تعرضت مئات الشاحنات للنهب في الأشهر الأخيرة، غالبًا على يد أشخاص يائسين، وأحيانًا على يد عصابات إجرامية، وسيُشكل إيصال المساعدات بأمان إلى مستودعات غزة تحديًا كبيرًا.
إسرائيلالجيش الإسرائيليانفوجرافيكحركة حماسغزةنشر الاثنين، 28 يوليو / تموز 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.