إبراهيم عليه السلام إمام الهُدى وقائد المسيرة العالمية في مشروع الله الإلهي .. قراءة في المعاني والدلالات الواردة في الدرس السادس للسيد القائد يحفظه الله
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
يمانيون / خاص
في قلب التاريخ الإنساني، وعلى مفترق طريق الإيمان، يبرز نبي الله إبراهيم عليه السلام بوصفه نموذجًا فريدًا للإيمان المطلق، والطاعة الكاملة، والدور الرسالي العالمي الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان. لم يكن مجرد نبي، بل إمامًا للناس، أسوةً وقدوةً، جعل الله له مقامًا خاصًا في منظومة الهداية الربانية.
في الدرس السادس من سلسلة قصص الأنبياء، يفتح السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) نافذة واسعة على المعاني العميقة والدلالات العظيمة في سيرة هذا النبي الجليل، فيكشف عن طبيعة الإمامة الإلهية، وشروطها، ورسالتها، ويضع أمامنا إبراهيم في موقعه الحقيقي كصانع التحول الحضاري والديني، وركنٌ أساس في مشروع الله لهداية البشرية.
رحلة الهجرة، بناء الكعبة، إحياء الشعائر، الدعاء بإمامة الذرية، المواقف الخاشعة، والتجرد الكامل لله… كلها ملامح لصورة إبراهيم الإمام، الذي لا تزال مواقفه تُلهم المؤمنين وتُرشدهم إلى الطريق المستقيم.
في هذه القراءة، نستعرض أبرز معاني الدرس، ونغوص في عمق الرؤية القرآنية، كما يشرحها السيد القائد، لنستخرج الدروس، ونستلهم من إبراهيم روح الإيمان والمسؤولية..
تناول السيد القائد يحفظه الله موقع إبراهيم عليه السلام في سُلَّم النبوة والهداية باعتباره ركنٌ في سلسلة الهُداة مؤكداً أن نبي الله إبراهيم ليس فقط أحد الأنبياء، بل هو ركنٌ محوري في سلسلة الأنبياء والرسل، ودوره يتجاوز الزمان والمكان إلى العالمية، ما يعني أنه نموذج يُحتذى به حتى من قبل الأنبياء والرسل من بعده.
الهجرة ومهامه الرسالية
هجرته من بابل إلى الشام، ثم إلى مكة، كانت جزءًا من خطة إلهية لتهيئة الأرض لدوره العالمي في الهداية وتأسيس أُسُس الدين الإلهي العالمي.
الهداية لا تورَّث
قوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124]: يشير إلى أن منصب الإمامة والهداية لا يُمنَح بالوراثة أو بالقرار الشخصي، بل هو اختصاص إلهي خالص ، هذه الآية تجسّد رفض الله أن يتولى هذا المقام من كان ظالمًا مهما كان نسبه أو قرابته، مما يؤكد على عدالة هذا المقام وسموّه.
من صفات إبراهيم عليه السلام
إتمامه للابتلاءات بنجاح: قوله تعالى {فَأَتَمَّهُنَّ} يدل على أن إبراهيم بلغ درجة الكمال في الامتحانات الإلهية، حتى استحقّ مقام الإمامة.
نفسية المؤمن الحق: رغم مكانته، كان في منتهى الخضوع والتواضع، حتى عندما يُؤمر ببناء الكعبة، يتضرّع إلى الله بطلب قبول العمل: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}.
الإمامة الإلهية
ليست منصبًا تشريفيًا، بل تكليفًا يتطلب مؤهلات خاصة إيمانية وروحية وعملية.
هي منهج حياة في خدمة الناس وهدايتهم، والإمام الحق يُقْتدى به، لا لموقعه فقط بل لأفعاله ومواقفه ومنهجه.
الكعبة وبيت الله الحرام في رسالة إبراهيم
بناء البيت الحرام: يعكس عُمق الدور العالمي لإبراهيم، ويُجسّد انطلاق مركز الهداية الدينية من مكة، لتكون منارةً روحية للناس جميعًا.
إحياء الحج: الحج لم ينقطع، حتى مع ما علق به من شوائب في الجاهلية، وجاء الإسلام ليعيده إلى صفائه، استمرارًا لمسيرة إبراهيم.
مقام إبراهيم: يرمز لوحدة الدين الإلهي، وهو أثر ملموس يربط المسلمين بسيرة إبراهيم عمليًا وروحيًا.
شعور الإنسان المؤمن بالافتقار إلى الله
من المعاني الراقية التي أشار إليها السيد القائد حفظه الله : أن الإنسان المؤمن – حتى حين يؤدي عملًا صالحًا – لا يستشعر المِنَّة أو الفضل على الله، بل يعيش شعور التقصير، كما عاشه إبراهيم وإسماعيل وهما يبنيان الكعبة، يدعوان الله لقبول العمل.
البيت الحرام: مركز البركة والهداية والمنافع
القرآن وصفه بأنه: “مباركًا وهدى للعالمين” و”مثابةً وأمنًا” و”فيه آيات بينات”.
البركات والهداية لا تتحقق تلقائيًا، بل بقدر ما يُقبل الناس بإيمان ووعي على البيت، يستفيدون من منافعه وهداياته.
وحدة المسيرة الإلهية في الحج
الحج كما شُرع في الإسلام هو امتداد طبيعي لحج إبراهيم عليه السلام، وفيه إشارات عملية إلى وحدة الدين الإلهي، وربط بين أمة محمد عليه الصلاة والسلام والأمم السابقة.
خاتمة
نبي الله إبراهيم عليه السلام هو إمام الهُداة، ومنار الهدى العالمي، ومثاله يُحتذى في التجرّد لله، الطاعة التامة، والنفسية الخاشعة المتواضعة، وحرصه على استمرار مسيرة الهداية في ذريته.
الإمامة والهداية مقامٌ رفيع لا يُنال بالميراث أو القرابة، بل بالاصطفاء الإلهي، والتأهيل الروحي والإيماني.
الحج والكعبة هما معلمان مرتبطان بسيرة إبراهيم، يحفظان وحدة الدين، ويمثلان محورًا للهداية الروحية والبركات للناس عبر الزمان.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: إبراهیم علیه السلام السید القائد
إقرأ أيضاً:
البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في اللقاء الرسمي للبابا لاون بلبنان
في زيارة تاريخية تحمل أبعادًا روحية وسياسية، وصل قداسة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان، حيث استهلّ برنامجه بلقاء رسمي مع أعضاء السلك الدبلوماسي في القصر الجمهوري، ببعبدا.
جاء ذلك بمشاركة غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، ونيافة الأنبا باسيليوس فوزي، مطران إيبارشية المنيا للأقباط الكاثوليك، وأصحاب الغبطة، بطاركة الكنائس الكاثوليكية الشرقية.
صانعي السلاموشكّل اللقاء منصة لإطلاق رسالة قوية بعنوان زيارته: "طوبى لصانعي السلام"، حملت دعوة واضحة إلى الرجاء، والمصالحة، وصناعة مستقبل مشترك للبنانيين.
وفي كلمة مؤثرة، ركّز الحبر الأعظم على ثلاث ركائز أساسية لصانعي السلام.
أولًا: صمود الشعب اللبناني: أشاد الأب الأقدس بقدرة اللبنانيين على إعادة النهوض رغم التحديات، معتبرًا أن هذه القدرة على الولادة من جديد بشجاعة هي السمة الأبرز لصانعي السلام الحقيقيين.
ثانيًا: مقاومة التشاؤم: دعا قداسة البابا إلى رفض ثقافة اليأس، والعجز، والتمسّك بلغة الرجاء التي تبني ولا تهدم، وتحفّز على بداية جديدة مهما تعاظمت الصعوبات.
ثالثًا: الالتزام بالخير العام: شدّد بابا الكنيسة الكاثوليكية على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، والعمل بروح جماعية تسعى إلى الحياة والنموّ معًا، شعبًا واحدًا، وصوتًا واحدًا.
كذلك، دعا عظيم الأحبار إلى السير في طريق المصالحة الشاق، وشفاء الذاكرة كشرط أساسي للسلام الدائم، مشيدًا بجرأة من اختاروا البقاء في لبنان، أو العودة إليه، مسلّطًا الضوء على الدور المحوري للنساء في حفظ الروابط، وصنع السلام.
واختتم قداسة البابا لاون الرابع عشر رسالته بتصوير رمزي للسلام بوصفه رقصة، ولغة للفرح، تنبع من الروح القدس، وتُصغي إلى الآخر بصدق وانفتاح.
ومن جهته، رحّب رئيس الجمهورية جوزيف عون بقداسة البابا، مؤكدًا مكانة لبنان الفريدة كوطن صغير بمساحته، كبير برسالته
واعتبر الرئيس اللبناني أنّ لبنان أرض مقدّسة مطبوعة بتاريخها العريق، ونموذج فريد يقوم على شراكة متوازنة يضمنها الدستور بين المسيحيين، والمسلمين، معتبرًا أنّ هذه الشراكة هي جوهر رسالته في المنطقة.
وجّه الرئيس عون نداءً صريحًا إلى المجتمع الدولي، للحفاظ على لبنان بوصفه النموذج الأخير للعيش المشترك الحر، والمتساوي، محذرًا من أن سقوط هذا النموذج سيُطلق شرارات التطرّف والعنف في المنطقة، كما استعاد المقولة الشهيرة للبابا القديس يوحنا بولس الثاني: "لبنان هو أكثر من بلد. إنه رسالة في الحرية والتعددية".
وفي ختام كلمته، أطلق الرئيس اللبناني رسالة صمود وتحدٍ: "لن نموت، ولن نرحل، ولن نيأس، ولن نستسلم، فلبنان سيبقى فسحة اللقاء الوحيدة في الشرق".
وبهذا اللقاء المفعم بالمعاني، انطلقت زيارة قداسة البابا لاوُن الرابع عشر إلى لبنان، محمّلة برسائل رجاءٍ للشعب، وتأكيدًا على أهمية الحفاظ على الهوية التاريخية للبلاد كجسر حضاري وروحي بين مكوّناتها.