د. عبدالله الغذامي يكتب: النسق وأزمة العقل
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
لا الشاعر ولا غير الشاعر يستطيعان التحرر من الأنساق ولن يتحرر الناقد أيضاً إلا لو تحرر الطبيب مثلاً من الفيروسات، وحسبُ الطبيب أن يتعرف على الفيروس وأن يحاول تعريفه وتمييزه والتعرف على فعله وتأثيره، وكذلك الحال مع الأنساق فهي تصيب الكل ودورنا هو في التعرف عليها وكشفها ومن ثم الوعي بها ونقدها، وهذه هي مهمة الناقد الثقافي التي تشبه مهمة الطب في التعرف على الفيروسات، ولكن لن يأتي اليوم الذي تنتهي فيه الفيروسات ولا اليوم الذي تنتهي فيه الأنساق، وتظل مفاهيم الهيمنة وتضخم الذات والتعالي على المختلف، وتحويل الجميل إلى قبيح، ستظل هذه كلها أنساقاً تتجدد وتبدل جلودها وتحتال لديمومتها لأن النفس البشرية ميالةٌ للتركيز على الذات مقابل سحق الغير، وإن بدرجات.
والأزمات المعرفية هي معضلةٌ ثقافية شاملة منذ زمن أفلاطون وحتى اليوم، وأفلاطون هو من قال مثلاً إن المساواة والحرية شرٌّ مؤكد لأنهما تساويان بين العبد والسيد، وهذه بدايةٌ مرعبة للفلسفة وهي تتكرر في الاقتصاد الرأسمالي وفي السياسة الليبرالية وفي النسقيات في أوروبا الحديثة كما في أوروبا الاستعمار والعنصرية، وكذلك نراها في وريثة أوروبا التي هي أميركا بكل نسقياتها الثقافية الاستعلائية، وهذا يحدث على مستوى الثقافات كلها، أمماً وأفراداً. وأزمة الثقافة هي أيضاً أزمة كل إنسان على وجه البسيطة، فقط تختلف العناوين والمستويات، أما الإنتاج فليس من العدالة القول إن النتاج الإبداعي والنقدي العربي متأخران، بل إن لدينا إبداعاً عظيماً وخطاباً نقدياً عظيماً، ومهما لاحظنا من نصوص متخلفة فإن الجيد عادةً هو الأقل، ويكثر الرديء بجوار الجيد وهذا طبع ثقافي كما نرى مثلاً إعلاماً عالمياً جيداً وبجانبه غثاءٌ كثير. والعبرة فقط في اتجاه الرؤية، وإن طلبنا الجيد فلن نعجز عن تمييزه.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي
إقرأ أيضاً:
تحولات الروح الشاعرة في بيت الشعر بالشارقة
الشارقة (الاتحاد)
في إطار «منتدى الثلاثاء» الذي يقدم في كل مرة تجارب إبداعية مميزة، نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 29 يوليو 2025، شارك فيها كل من الشعراء: متوكل زروق، وهبة شريقي، ويوسف الحمود، وذلك بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وعدد كبير من الشعراء والنقاد.
قدم الأمسية فواز الشعار، وألقى - بدايةً - الشاعر متوكل زروق نصوصاً تفيض بتجليات الوطن والشجن، وبتحولات الروح الشاعرة، وفي نصوصه الأخرى، ظهرت عاطفة الحب والشوق التي تزينت بلمسات من الصور الشعرية الرقيقة. بعد ذلك، قدمت الشاعرة هبة شريقي قصائدها، ومنها نص عنوانه «هروب حر»، الذي تطرقت فيه إلى الحياة وما في طريقها من خيبات وتجارب إنسانية، كما قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان «خلف أبواب القصيدة»، كان موضوعها يدور حول الشعر وتداعياته في دواخل الشعراء.
واختتم الأمسية الشاعر يوسف الحمود، الذي قرأ قصيدة تحمل عنوان «براري الأمس»، والتي تناول فيها أيضاً علاقة الشاعر بالعالم حوله، وفي نفس السياق، قرأ نصاً آخر عنوانه «أوج القصيدة»، عبر فيه عن تساؤلات الشاعر وأحزانه وأحلامه. وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية.