موسكو– لا تزال السلطات الروسية تواجه خيارات صعبة لتعويض الخسائر الناجمة عن مصادرة أصولها المالية، لا سيما على ضوء الحديث عن نية بلدان أوروبية إرسال 3 مليارات دولار كأرباح فائضة من الأصول الروسية المجمدة إلى غريمتها أوكرانيا.

وعاد ملف الأصول الروسية المجمدة إلى السطح بعد أن أعلنت شركة "يوروكلير" للخدمات المالية انخفاض دخلها من هذه الأصول بنسبة 7.

5% على أساس سنوي، لتكون بذلك المرة الأولى التي لم تحقق فيها سوى 1.47 مليار يورو (1.68 مليار دولار) من إيرادات الفوائد من استثمار الأصول الروسية للربع الأول من عام 2025.

ووفقا للشركة التي يقع مقرها في بلجيكا، أدت العقوبات والإجراءات المضادة الروسية إلى نفقات مباشرة بقيمة 22 مليون يورو (25 مليون دولار)، في الوقت الذي حققت فيه الأرباح المتعلقة بالأصول الروسية، الخاضعة لضريبة الشركات البلجيكية، عائدات ضريبية للدولة بقيمة 360 مليون يورو (410 ملايين دولار).

علاوة على ذلك، أعلنت "يوروكلير" أنها تعتزم تعويض المستثمرين الذين يدّعون أن موسكو صادرت أموالهم، بمبلغ 3 مليارات يورو من الأصول الروسية المجمدة، وهو جزء من إجمالي مبلغ 10 مليارات يورو (11.4 مليار دولار) يخص الشركات والأفراد الروس الذين خضعوا لعقوبات الاتحاد الأوروبي عام 2022.

إعلان خسائر تراكمية

وبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، جمّدت الدول الغربية أصول البنك المركزي الروسي على شكل نقد وأوراق مالية بقيمة تربو على 260 مليار يورو (نحو 296.5 مليار دولار)، أكثر من ثلثيها في شركة "يوروكلير".

موسكو تدرس خيار الرد بالمثل من خلال مصادرة أصول المستثمرين الأجانب المودعة في حسابات داخل البلاد (شترستوك)

وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، حققت "يوروكلير" ربحا قدره 5.1 مليارات يورو (نحو 5.82 مليارات دولار) من الأصول الروسية، وبعد ذلك في 31 أكتوبر/تشرين الأول، صرّحت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، بأن العمل جار على فك تجميد احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية، لكنها لم توضح الكيفية التي سيتم من خلالها ذلك.

وتعتبر موسكو العقوبات الغربية غير قانونية، وتطالب برفعها وتشدد على أنها لن تتنازل عن حقوقها في الأصول المجمدة.

وحذّرت وزارة الخارجية الروسية من أنها ستعتبر أي إجراءات تتعلق بالأصول المجمدة "سرقة"، ووعدت بالدفاع عن المصالح الروسية أمام القضاء، محذّرة من العواقب.

إجراءات انتقامية

ويرى الخبير المالي أركادي تولوف، أن خيار "الإجراءات الانتقامية" هو الأكثر ترجيحا، ويتمثل بمصادرة الأصول والأوراق المالية للمستثمرين الأجانب المُودعة في حسابات الفئة "ج" ردا على مصادرة الغرب للأصول الروسية.

وحسب ما يقول للجزيرة نت، قد يبدأ سحب المدفوعات على الأصول المُجمّدة في حسابات من الفئة "ج" لصالح الدولة، مضيفا أن موسكو قد تدرس أيضا اتخاذ تدابير لتجميد الأصول المتداولة خارج البورصة، والتي تشمل الضرائب والمنح والتبرعات الخاصة.

ووفقا له، فإن هذا الخيار هو الوحيد إذا رفض المستثمرون الأجانب المشاركة في برنامج مبادلة أصول، يحصل فيه المشاركون الغربيون في السوق على أوراق مالية أجنبية مُجمدة، بينما يحصل الروس على أوراق مالية روسية مُجمدة.

ويوضح أن الفئة "ج" هي الأصول المالية والأوراق المالية للمستثمرين الأجانب المُودعة في حسابات قد تتأثر بهذه الإجراءات، وتشمل هذه الأصول السندات والأسهم والخيارات والعقود الآجلة وصناديق الاستثمار المشتركة وغيرها من الأدوات المالية.

إعلان

مع ذلك، يعتقد المتحدث أن من المرجح أن يظل الصراع حول الأصول المجمدة نقطة خلاف رئيسية في علاقات روسيا مع الدول الغربية، وقد يؤدي هذا إلى مواجهات دبلوماسية مطولة وعقوبات إضافية.

تسوية معقدة

من جانبه، يرى الخبير في القانون الدولي، دانييل بيترينكو أن أحد خيارات التسوية قد تكون موافقة روسيا على استخدام 300 مليار دولار من الأصول السيادية المجمدة في أوروبا لإعادة إعمار أوكرانيا، بشرط أن يتم إنفاق جزء من هذه الأموال على خُمس مساحة البلاد التي تسيطر عليها القوات الروسية.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن هذه الموافقة قد تأتي كجزء من اتفاق سلام محتمل في ظل سعي موسكو وواشنطن لإنهاء الحرب.

لكنه يشير إلى معضلة يمكن أن تواجه الموافقة الروسية، تتمثل في أن البنك الدولي يقدر تكلفة إعادة الإعمار والتعافي في أوكرانيا بـ486 مليار دولار، وهو ما يتجاوز حجم الأصول الروسية المجمدة.

وزارة الخارجية الروسية تصف مصادرة الأصول بأنها تصرف غير قانوني، وتؤكد تمسكها بحقوقها والدفاع عنها (رويترز)

ومع ذلك، يرجح المتحدث أن تواصل روسيا المطالبة برفع التجميد عن الأصول كجزء من تخفيف تدريجي للعقوبات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأوروبي نفسه سيواجه خطر مواجهة عواقب سلبية جراء مواصلة مصادرة الأصول الروسية، لأن ذلك قد يُقلل من جاذبيته للمستثمرين ورجال الأعمال.

وفي التدليل على ذلك، يستشهد بعدم وجود إجماع بين المشاركين في قمة لندن الأخيرة حول النزاع الأوكراني بشأن مسألة مصادرة الأصول الروسية المجمدة، فيما يخص الانتقال من تجميد الأصول الروسية إلى مصادرتها.

ويتابع أن معظم قادة الدول المشاركة في القمة، وإن اعتبروا مصادرة الأصول الروسية فكرة جيدة، فإن بعضهم أبدى حذرا من هذا الاقتراح، خوفا من عواقب على اليورو أو النظام المصرفي الأوروبي، فضلا عن أنه من المستحيل مصادرة الأصول الروسية قانونيا، لأنه من البديهي أنه إذا تمت مصادرة الاحتياطيات، فسترد روسيا بإجراءات مماثلة.

إعلان

ووفقا له، من المرجح أن يظل الصراع حول الأصول المجمدة نقطة خلاف رئيسية في علاقات روسيا مع الدول الغربية، وقد يؤدي إلى مواجهات دبلوماسية مطولة وعقوبات إضافية ومواصلة السعي إلى تفاقم عزلة روسيا الاقتصادية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج الأصول الروسیة المجمدة مصادرة الأصول الروسیة الأصول المجمدة ملیار دولار من الأصول فی حسابات

إقرأ أيضاً:

صفقة تاريخية بـ 16.5 مليار دولار.. شراكة استراتيجية بين سامسونغ وتسلا

أعلنت شركة سامسونغ إلكترونيكس الكورية الجنوبية عن توقيع اتفاقية ضخمة مع شركة تسلا الأمريكية لتصنيع رقائق ذكاء اصطناعي من الجيل السادس، في صفقة تبلغ قيمتها 22.8 تريليون وون كوري (16.5 مليار دولار أمريكي)، تمتد حتى نهاية عام 2033.

وتُعدّ هذه الصفقة بمثابة دفعة قوية لوحدة تصنيع الرقائق المتعثرة لدى سامسونغ، التي تكافح منذ فترة لتعزيز قدرتها التنافسية في سوق أشباه الموصلات العالمية.

وأكد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، أن مصنع الشركة الجديد في تايلور بولاية تكساس سيكون مقراً لإنتاج شريحة الذكاء الاصطناعي “AI6″، مشدداً على أن هذه الاتفاقية تمثل “أهمية استراتيجية لا توصف”، مضيفاً عبر منصة “إكس” أنه سيشرف بنفسه على خط الإنتاج بالتعاون مع سامسونغ لتحسين الكفاءة التشغيلية.

وارتفعت أسهم سامسونغ في بورصة سيؤول بنسبة 5% عقب الإعلان، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر، وسط تفاؤل واسع بأن هذه الصفقة ستعزز من مكانة الشركة في سوق تصنيع الرقائق المتقدمة، لاسيما مع تراجع حصتها السوقية إلى 7.7% في الربع الأول من العام، مقارنة بـ8.1% في الربع السابق، بحسب بيانات شركة “ترند فورس”.

وقال فيي-سيرن لينغ، المدير التنفيذي في “Union Bancaire Privee” بسنغافورة: “سامسونغ تواجه صعوبات كبيرة في استغلال طاقتها الإنتاجية بالكامل، وهذا العقد مع تسلا قد يمثل نقطة تحول تساعدها على جذب مزيد من العملاء”.

من جهته، يرى محللو “بلومبرغ إنتليجنس” أن العقد يعكس تعافياً في إنتاج رقائق 2 نانومتر لدى سامسونغ، ويُتوقع أن يساهم في زيادة مبيعات وحدة تصنيع الرقائق بنحو 10% سنوياً بين عامي 2025 و2033.

يأتي ذلك في وقت تتسابق فيه سامسونغ مع منافستها الكبرى TSMC لإطلاق الجيل القادم من الرقائق المتقدمة، في ظل ازدياد الطلب العالمي على حلول الذكاء الاصطناعي، وخاصة في قطاع السيارات الكهربائية والتقنيات المتقدمة.

آخر تحديث: 28 يوليو 2025 - 20:29

مقالات مشابهة

  • صفقة تاريخية بـ 16.5 مليار دولار.. شراكة استراتيجية بين سامسونغ وتسلا
  • تقرير: الحروب التجارية الأمريكية تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـ2 تريليون دولار
  • كيف تتأثر تركيا بعقوبات ترامب الثانوية المحتملة على روسيا؟
  • نصف مليار يورو.. هل يتعرض ليفربول لعقوبة بسبب صفقاته الصيفية؟
  • مصر تنفق 550 مليار دولار في البنية التحتية لدعم الاستثمار السياحي
  • شركة هندية تدافع عن تصدير شحنة مركّب متفجّر إلى روسيا بقيمة 1.4 مليون دولار
  • عبدالمنعم إمام: رئيس الوزراء ووزير المالية بيستلفوا 2 مليار جنيه كل يوم الصبح حتى يوم الجمعة
  • تسلا تخسر المليارات بعد تخلصها من 75٪ من عملة البيتكوين
  • بسبب ترامب.. فولكس فاجن تسجل خسائر بقيمة 1.5 مليار دولار
  • زيلينسكي: نحتاج 65 مليار دولار سنويا لمواصلة الحرب ضد روسيا