اليابان تفتح ذراعيها لاستثمارات الخليج في زمن أميركا أولًا
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
تُسارع طوكيو اليوم إلى إعادة صياغة بوصلتها الاستثمارية، في وقت تتراجع فيه الثقة بالاعتماد الحصري على الشركاء التقليديين.
وترى وكالة بلومبيرغ الاتجاه الياباني نحو جذب رؤوس الأموال الخليجية بات خيارا إستراتيجيا لا مجرّد انفتاح اقتصادي عابر، في ظل توترات مع أكبر شركائها التجاريين: الصين، والولايات المتحدة التي تشهد تحولات بتبني سياسة "أميركا أولا".
وتحرص اليابان على أن يشكل هذا الانفتاح حاجز أمان يحميها من مخاطر التقلبات الجيوسياسية واحتدام صراع القوى العظمى على التكنولوجيا والأسواق، كما ترى طوكيو في الخليج شريكا قادرا على تطوير الاستثمارات المتقدمة داخل الصناعات اليابانية الحيوية.
وفي خطوة تعكس تحولا جذريا، دعت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي، خلال منتدى استثماري في طوكيو، مستثمري دول الخليج إلى ضخ رؤوس أموال في اليابان بكلمة واضحة: "استثمروا في اليابان".
من جهتها، نجحت شركة يابانية ناشئة في جذب تمويل خليجي، فقد حصلت "موجين إنك" المتخصصة في الروبوتات على 133 مليون دولار من مجموعة مستثمرين يقودها صندوق استثماري خليجي، مما يؤشر إلى إقبال فعلي بعد سنوات من التردد.
وجاء الحدث بعد أيام من منتدى سعودي ياباني في طوكيو حضره كبار المسئولين المصرفيين وقادة الصناعة، منهم كبار الصناديق المصرفية اليابانية ورجال أعمال خليجيون، مما يدل على جدية وتنسيق في إعادة رسم خريطة الاستثمارات بين الطرفين.
دوافع اقتصادية وإستراتيجية تتجاوز الطاقةولا يقتصر انفتاح اليابان على جذب رأسمال خليجي، فهذا التحوّل مدفوع بمخاوف أوسع. واليوم، تنظر اليابان -التي لطالما اعتمدت على الشرق الأوسط لتأمين الطاقة- إلى الخليج على أنه شريك إستراتيجي قادر على دعم التنويع الاقتصادي والصناعي.
إعلانكما أظهر التقرير أن التوترات المتصاعدة مع الصين -أهم شريك تجاري لليابان- دفعت طوكيو إلى إعادة النظر في اعتمادها على شريك أو سوق واحد فقط.
وفي الوقت ذاته، ترى الشركات اليابانية أن التعاون مع رؤوس الأموال الخليجية يوفر فرصة للاستثمار في قطاعات التقنية المتقدمة والصناعات الثقيلة، وهي مجالات تحتاج إلى ضخ استثمارات كبيرة وبنية تحتية حديثة.
وتشير المؤشرات إلى حصاد أولي لهذا المسار من حيث استثمارات خليجية واقعية في شركات يابانية، وتعاون متزايد في قطاعات التقنية والصناعة، وتعزيز مكانة طوكيو بوصفها وجهة استثمارية بديلة لأسواق متقلبة.
ووفق تحليل بلومبيرغ، تُعد هذه الخطوة "خط دفاع اقتصادي" لليابان في مواجهة التقلبات الجيوسياسية، خصوصا في ظل صعوبة الاعتماد على شريك واحد أو تبعية طويلة لمورد أو سوق معين.
كما أن إعادة تنويع مصادر الاستثمار والشراكة مع دول خليجية تمنح اليابان مرونة أكبر في إدارة اقتصادها، وتخفّف من المخاطر المرتبطة بصدمات الطاقة أو تصاعد التوترات مع الصين أو أميركا.
ماذا يعني هذا الأمر للعالم؟هذا التوجّه الياباني نحو الخليج يعكس -حسب بلومبيرغ- تحوّلا في خريطة التحالفات الاقتصادية من اعتماد على دول محددة إلى شراكة متعددة الأبعاد تجمع بين التمويل الخليجي والخبرة والتكنولوجيا اليابانية.
كما يفتح الباب أمام شراكات إستراتيجية بين الشرق الأوسط وآسيا في مجالات الصناعة، والتكنولوجيا، والطاقة، والبنى التحتية، مما قد يعيد تشكيل بعض صناعات العالم ويخفف من الهيمنة التقليدية لدول غربية أو اقتصادات محدودة.
وفي سياق تغيرات الاقتصاد العالمي وتصدّع سياسات التجارة والاعتماد الأحادي، تبرز اليابان اليوم بوصفها وجهة جاذبة للمستثمر الخليجي الباحث عن استقرار، وتنويع، وابتكار في آن واحد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تدعم اليابان في نزاعها مع الصين بشأن حادثة الرادار
انتقدت الولايات المتحدة، للمرة الأولى، الصين لتوجيهها رادارات نحو طائرات عسكرية يابانية خلال تدريب عسكري الأسبوع الماضي، وهي حوادث تضاربت روايات الجارتين الآسيويتين بشأنها وسط تصاعد التوترات.
يأتي هذا الاشتباك قرب جزر أوكيناوا اليابانية بعد أن أثارت رئيسة الوزراء اليابانية، سناء تاكايتشي، نزاعًا مع بكين الشهر الماضي بتصريحاتها حول كيفية رد طوكيو على هجوم صيني محتمل على تايوان.
وترى الصين بسيادتها على تايوان ذات الحكم الديمقراطي، ولم تستبعد استخدام القوة للسيطرة على الجزيرة، التي تقع على بعد يزيد قليلاً عن 100 كيلومتر (62 ميلاً) من الأراضي اليابانية، وتحيط بها ممرات بحرية تعتمد عليها طوكيو.
حادثة الرادارقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في إشارة إلى حادثة الرادار، إن تصرفات الصين لا تُسهم في السلام والاستقرار الإقليميين. إن التحالف الأمريكي الياباني أقوى وأكثر وحدة من أي وقت مضى. والتزامنا تجاه حليفتنا اليابان ثابت لا يتزعزع، ونحن على اتصال وثيق بشأن هذه القضية وغيرها من القضايا".
رحّب كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، مينورو كيهارا، بهذه التصريحات، قائلاً إنها "تُظهر قوة التحالف الأمريكي الياباني".
وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، أرسلت اليابان طائرات مقاتلة لمراقبة القوات الجوية الروسية والصينية التي كانت تُجري دوريات مشتركة في أنحاء البلاد.
أخطر حادثة منذ سنواتشكّل توجيه الطائرات المقاتلة الصينية راداراتها نحو الطائرات اليابانية، أخطر مواجهة بين الجيشين في شرق آسيا منذ سنوات.
تُعتبر هذه التحركات خطوة تهديدية لأنها تُشير إلى هجوم محتمل، وقد تُجبر الطائرة المستهدفة على اتخاذ إجراءات مراوغة.
ووصفت طوكيو هذه التحركات بأنها "خطيرة".
في المقابل، قالت بكين إن الطائرات اليابانية اقتربت مرارًا من البحرية الصينية وعرقلتها أثناء قيامها بتدريبات طيران من على حاملات الطائرات شرق مضيق مياكو، والتي سبق الإعلان عنها.
وفي حديثه للصحفيين في تايبيه، قال رئيس تايوان لاي تشينج تي، إن المناورات الصينية "سلوك غير لائق".
وأضاف: "ندعو الصين أيضًا إلى إظهار المسؤولية التي تليق بقوة عظمى. السلام لا يُقدّر بثمن، والحرب لا رابح فيها. يجب على جميع الأطراف تعزيز السلام، والصين تتحمل هذه المسؤولية".
تدهورت العلاقات بين أكبر اقتصادين في آسيا بشكل حاد منذ أن صرّحت رئيسة وزراء اليابان تاكايتشي أمام البرلمان الشهر الماضي بأن أي هجوم صيني على تايوان قد يُشكّل "وضعًا يُهدد البقاء" ويُثير ردًا عسكريًا محتملاً من طوكيو.
طالبت بكين بتراجعها عن تصريحاتها، واتهمت طوكيو بتهديدها عسكريًا، ونصحت مواطنيها بعدم السفر إلى اليابان.
السفير الأمريكي لدى اليابانوأعرب السفير الأمريكي لدى اليابان، جورج جلاس، علنًا عن دعمه لليابان في عدة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ بدء النزاع الدبلوماسي، لكن الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين أمريكيين كبار آخرين التزموا الصمت.
وأفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن ترامب، الذي يعتزم زيارة بكين العام المقبل لإجراء محادثات تجارية، اتصل هاتفيًا بتاكايتشي الشهر الماضي، وحثها على عدم تصعيد النزاع.