الثورة نت:
2025-08-01@08:41:01 GMT

عصابات ومرتزقة

تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT

 

لا شيء جديد، وكل ما يمارسه كيان الاحتلال هو من صُلب طبيعة أي كيان يسعى إلى إخضاع شعب آخر لسلطته ونهب ثرواته.

في الحالة الفلسطينية يسعى الاحتلال إلى التخلّص من السّكان الأصليين، من خلال تقليل أعدادهم بشتى السُبل وهو ما يسميه التوازن الديمغرافي الذي يجب أن يضمن له تفوّقاً عدديًا لصالح العنصر اليهودي، وتفوّقًا في السّيطرة على مساحات الأرض، هذا يشمل كل فلسطين التاريخية، وكذلك السّيطرة الثقافية والّلغوية في الحيز العام، والهيمنة الإعلامية على الصّعيدين المحلي والدّولي التي تقلب الباطل حقاً والحقّ باطلاً.

وهذا يتجلّى في السيطرة على المصطلحات اللغوية والتعريفات، مثل كلمة “إرهاب وتخريب وجهاد وتحرير وعصابات ومسلحون وبرابرة وهمج”، وغيرها، بحيث يسيطر الاحتلال على صيغة التعبير والتّعريف، ويُلزم الآخرين على التّعامل بها، بعضهم يمارس هذا وهو مُضلَّل والبعض يمارسه مع سبق إصرار.

السّيطرة تشمل محاولات تشكيل قوى من الشّعب الخاضع للاحتلال، لتقوم بالتّخريب والاغتيالات وإضعاف الجبهة الداخلية للشّعب الضحية وبثّ الفوضى بين صفوفه والسّيطرة، هذه القوى قد يمنحها الاحتلال تشكيل سلطة فرعية ويدرّبها ويسلّحها ويخصّص لهذا الغرض ميزانيات وأدوات قمع من عتاد وسجون وأموال.

هذا ما فعله وتفاخر به بيبي نتنياهو عندما طُرحت قضيّة مَن يُدعى أبو الشّباب الذي يقود عصابة في جنوب قطاع غزّة.

هذه العصابة تمارس جرائمها بدلا من يد الاحتلال المباشرة، فقد حوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى مصائد للموت، حيث يتعرّض الجياع الذين يقتربون من هذه المراكز إلى إطلاق الرّصاص والقذائف من هذه العصابات وكذلك مباشرة من الاحتلال.

يزعم الاحتلال أن هذه عصابات من أهل قطاع غزّة أنفسهم وهي التي تسطو على المساعدات، بل وأنّ هناك دولة عربية تدرّبهم. هذا ليس مستبعدًا ولكنّه يحتاج إلى تأكيد.

تهدف هذه المجموعات إلى التسبّب بالمزيد من الانقسامات الداخلية، وصناعة فوضى وزرع الفتنة بين العشائر، ومن ثم إظهار عجز المقاومة عن السّيطرة وبالتّالي، الترحيب بوجود الاحتلال لأنّه قادر على ضبط الأمن، ووقف حالة الفوضى، والتّعامل معه كأهوَن الشّرين، أو القبول بالتهجير كملاذ أخير للنجاة من الفوضى وفقدان الأمن، إضافة إلى التجويع والقصف.

هنالك أمثلة كثيرة لمثل هذه الحالة من تجنيد العملاء، كان آخرها جيش لبنان الجنوبي الذي سلّحه الاحتلال ودرّب مقاتليه، وكانت مهمّته إشغال المقاومة اللبنانية عن الاحتلال وإلحاق الخسائر بها، والتجسّس، والقيام بأعمال تخريبية داخل قرى ومدن الجنوب بتنسيق وتعاون مع الاحتلال، وبدا في حينه وكأنّ الجنرال أنطون لحد لن يُهزم، ما دام أنّه مدعوم من الاحتلال، وقد بلغ عدد جنوده حوالي 3000 عنصر.

ولكن جيش الاحتلال تركهم يواجهون مصائرهم عندما انسحب فجأة عام 2000 من جنوب لبنان، تحت شدّة ضربات المقاومة اللبنانية.

البريطانيون إبان استعمارهم للهند سلّحوا ودرّبوا عشائر لتنوب عنهم في عمليات القمع، واخترعوا نظريّة ” الأجناس المحاربة” أي التي تصلح للقتال، مثل السّيخ والغوركا والبلوش والراجبوت وغيرهم.

هذا ما فعلته فرنسا في الجزائر، فأقامت جيشًا من الجزائريين لقمع الثوّار وبثّ الرّعب والفوضى، وجرائم في غاية البشاعة من قتل واغتصاب وتعذيب للوطنيين وأسرهم وحرق قراهم، وبلغ عدد هذا الجيش أكثر من 200 ألف مقاتل، انحلّ بعد انتصار الثورة، وانتقم الجزائريون من عشرات آلاف منهم، وفرّ عشرات آلاف إلى فرنسا التي عاملتهم بعنصرية، وما زالوا يعانون حتى يومنا.

كذلك في جنوب إفريقيا حيث قامت السّلطات العنصرية بتسليح ودعم عصابات من السّكان الأصليين السّود، قاموا بأدوار تخريبية ضد أبناء شعبهم، منها عمليات اغتيال وتخريب ضد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.

في داخل مناطق الـ48 هنالك بذور تنمو بقوّة برعاية وزير الأمن القومي الكاهاني بن غفير، وهي عصابات أفقدت مجتمعنا الأمان، فانتشرت جرائم القتل حتى باتت شبه يومية.

المجرمون يمارسون الجريمة بشعور أنّهم محميّون، وهذا لم يعد سرًّا، فقد اعترف قادة من الشّرطة بأنّ هناك يدًا فوق أيديهم تمنعهم من القيام بعملهم في مكافحة الجريمة، ومن المتوقّع أن تزداد هذه الحالة من فوضى السّلاح تفاقمًا، إذا ما استمرّت هذه الحكومة وأعيدت مركّباتها الكاهانية إلى السُّلطة.

هذا يعني أنّ الشّرق الأوسط الجديد الذي أعلنه نتنياهو وحكومته لا يستثني عرب ال 48 من المعادلة الجديدة. في قطاع غزّة عصابة أبو الشّباب، نواة لميليشيا برعاية الاحتلال، وربّما بدعم دولة عربية أو أكثر.

في الضفة الغربية تصعيد الاستيطان والاعتداءات على المواطنين وأملاكهم، وإضعاف السّلطة في رام الله بحيث أنها لا تمون على شيء، سوى ما يطلب منها مثل اعتقال ناشطين ضد الاحتلال، وهو ما يضع السُلطة في مواجهة شعبها، الأمر الذي يعني دق الأسافين بين الضّحايا خدمة للاحتلال.

وفي مناطق الـ48 فإن المهمّة التخريبية، مناطة بعصابات الإجرام لإغراق مجتمعنا في مختلف الآفات التي تجعل حياة الناس جحيمًا، يشجّع الفئات الشّابة على الهجرة، وسواءً مارست هذه العصابات جرائمها بوعي لنتائجها الاجتماعية والوطنية أم من غير وعي، فهذه مقدّمة لما يُخطّط لنا باعتبارنا جزءًا من الرؤية الجديدة للشّرق الأوسط الذي أعلنه النّظام العنصري في إسرائيل، ويعمل على تنفيذه.

كاتب فلسطيني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

صراع المال الذي سيشكل مستقبل أوروبا

كارل بيلت - 

«المال هو الذي يجعل العالم يستمر في الدوران»، هكذا تغنّي فتاة الاستعراض سالي بولز في مسرحية «كباريه»، المسرحية الموسيقية الشهيرة التي تدور أحداثها على خلفية انحطاط جمهورية فايمار. من المؤكد أن المال سيشكل مستقبل أوروبا، حيث يضطر القادة السياسيون في مختلف أنحاء القارة إلى اتخاذ قرارات مؤلمة حول كيفية تخصيص الأموال العامة في عالم متقلقل على نحو متزايد.

من المنتظر أن تعمل ثلاث أولويات عاجلة على إرهاق الموارد المالية العامة في أوروبا خلال السنوات القليلة المقبلة. الأولى -والأكثر وضوحا- هي الدفاع. الواقع أن القوة الدافعة نحو زيادة الإنفاق العسكري تتمثل في المقام الأول في الرغبة في الرد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلا عن انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المستمر لحلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقد جعلت هذه الضغوط مجتمعة من تعزيز موقف أوروبا الدفاعي ضرورة استراتيجية.

الأولوية الثانية والأكثر إلحاحا هي دعم أوكرانيا في معركتها ضد روسيا. إذا انهارت دفاعات أوكرانيا، فمن المرجح أن تنفجر روسيا في نوبة هياج انتقامية. وضمان قدرة أوكرانيا على الاستمرار في الدفاع عن نفسها يتطلب أن تتجاوز الحكومات الأوروبية التزامات الإنفاق الدفاعي الحالية.

وأخيرا، هناك العملية المطولة المتمثلة في إعداد ميزانية الاتحاد الأوروبي القادمة المتعددة السنوات، والتي ستغطي الفترة من 2028 إلى 2034. وقد قدمت المفوضية الأوروبية اقتراحها بالفعل، لكن التحدي الحقيقي يكمن في المستقبل، حيث يتعين على البلدان الأعضاء والبرلمان الأوروبي إجراء مفاوضات داخلية قبل الاتفاق على الأرقام النهائية. يتضمن اقتراح المفوضية زيادة تمويل الأمن، والالتزامات العالمية، والقدرة التنافسية، فضلا عن تقديم دعم إضافي لأوكرانيا.

ورغم أن هذه الأولويات حظيت بتأييد واسع الانتشار، فإن إعادة تخصيص الموارد اللازمة لتمويلها كانت موضع جدال حاد. من المأمون أن نقول إن اللجنة تتجه نحو مواجهة سياسية مريرة قبل التوصل إلى الإجماع. على الرغم من حدة هذه المعارك المرتبطة بالميزانية، فإن الميزانية التي تقترحها المفوضية تبلغ 1.26% فقط من الدخل الوطني الإجمالي في بلدان الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين. وبينما تزيد هذه النسبة عن الحالية (1.13%)، فإن الزيادة الصافية متواضعة نسبيا بمجرد احتساب تكاليف خدمة الديون الناتجة عن فورة الاقتراض التي أعقبت جائحة كوفيد-19.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالدفاع، تصبح الأرقام أكثر أهمية بدرجة كبيرة. فقد تنامت ميزانيات الدفاع في مختلف أنحاء أوروبا في السنوات الأخيرة بنسبة الثلث تقريبا، حيث تنفق معظم الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو حوالي 2% من ناتجها المحلي الإجمالي أو تقترب من هذا المعيار.

ولكن حتى هذا لم يعد كافيا. ففي قمة الناتو في يونيو في لاهاي، تعهد الأعضاء بإنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2035، مع تخصيص 1.5% إضافية للاستثمارات المرتبطة بالدفاع والأمن في عموم الأمر. ويبدو أن نسبة 1.5% الإضافية مصممة لاسترضاء ترامب، الذي دعا الحلفاء الأوروبيين مرارا وتكرارا إلى زيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يعتمد جزء كبير من هذا الإنفاق الإضافي على المحاسبة الإبداعية بدلا من التمويل الجديد الحقيقي. كما يتطلب دعم أوكرانيا خلال الحرب وإعادة بناء البلاد في نهاية المطاف التزاما ماليا كبيرا. وبينما تتفاوت التقديرات، فإن مبلغ 100 مليار دولار سنويا، على سبيل المثال، سيعادل ما يزيد قليلا على 0.4% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مجتمعين -وهو مبلغ كبير ولكن ليس من السهل على الإطلاق إدارته.

عند مرحلة ما خلال فترة الميزانية 2028- 2035، سيكون من اللازم معالجة تكلفة إعادة بناء أوكرانيا. تشير تقديرات بعض الدراسات إلى أن تكلفة إعادة البناء قد تبلغ نحو 500 مليار دولار، وإن كان هذا الرقم يشمل المناطق التي قد تبقى تحت السيطرة الروسية في المستقبل المنظور. وسوف يعتمد قدر كبير من الأمر أيضا على ما إذا كانت الضمانات الأمنية، واحتمالات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، قد تعزز بيئة مواتية للاستثمار الخاص على نطاق ضخم.

بطبيعة الحال، قد تنشأ مطالب جديدة، وسوف يفرض هذا ضغطا إضافيا على موارد أوروبا المالية. على سبيل المثال، خفّضت عدة حكومات أوروبية بالفعل مساعدات التنمية أو حولت جزءا منها لدعم أوكرانيا. ورغم أن هذا قد يكون ردا ضروريا في الأمد القريب على الحرب الروسية - الأوكرانية، فإن عواقبه في الأمد البعيد تظل غير واضحة. في الوقت الراهن، تلبي النرويج والسويد والدنمارك فقط هدف الأمم المتحدة المتمثل في تخصيص 0.7% من الدخل الوطني الإجمالي لمساعدات التنمية. وبعد التخفيضات الكبيرة التي أجرتها إدارة ترامب على المساعدات الخارجية وإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تنشأ حجة قوية لصالح تركيز أوروبا على شغل هذا الفراغ. فالعالم الأكثر يأسا سيكون أشد تقلبا وأقل أمنا، وهذا كفيل بجعل التنمية ضرورة استراتيجية وأخلاقية في آن واحد.

لن يكون الوفاء بكل هذه الالتزامات سهلا، وخاصة بالنسبة للحكومات التي تعاني بالفعل من ارتفاع العجز وارتفاع الدين العام. وتخميني أن دول شمال أوروبا ستصل إلى هدف الإنفاق الدفاعي وفقا لحلف الناتو بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2035، في حين ستفشل دول جنوب أوروبا -باستثناء اليونان- في الأرجح في تحقيقه.

مع توجه كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا إلى الانتخابات بحلول عام 2027، من المرجح أن تظل الشهية السياسية لخفض الإنفاق اللازم لزيادة ميزانيات الدفاع محدودة. يتضح هذا الاتجاه بالفعل في توزيع المساعدات لأوكرانيا. في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، ساهمت دول الشمال الأوروبي بمبلغ 6.8 مليار دولار، وقدمت المملكة المتحدة 5.3 مليار دولار، وقدمت ألمانيا نحو 760 مليون دولار، بينما لم تقدم إسبانيا وإيطاليا سوى جزء بسيط من هذه المبالغ. من عجيب المفارقات هنا أن بلدان الاتحاد الأوروبي التي توصف غالبا بأنها «مقتصدة» هي ذاتها الراغبة بالفعل في تقديم التمويل اللازم لتعزيز أولويات الاتحاد المتفق عليها.

من ناحية أخرى، تفضّل الدول الأقل اقتصادا الدعوة إلى مزيد من الاقتراض، حتى برغم أن المجال المتاح لها للقيام بذلك بنفسها محدود. هذه التوترات تحرك الآن المعركة المحتدمة حول موارد أوروبا المالية. والتناقض صارخ بين موافقة الناتو السريعة على تعهدات الإنفاق الضخمة، وجدال الاتحاد الأوروبي حول مبالغ أصغر كثيرا. مهما كانت النتيجة، فإن المعركة المالية القادمة ستختبر مدى قدرة قادة أوروبا واستعدادهم لمواجهة التحديات الأمنية الخطيرة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • “رونالدو… نجم النصر الذي لا يبتسم للإعلام النصراوي”
  • صراع المال الذي سيشكل مستقبل أوروبا
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • ما الذي يخطط له الاحتلال في السويداء؟ ممر إنساني أم فخ عسكري؟
  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • "حماس" تحذر من خطورة الوضع الذي يعانيه الأسرى داخل سجون الاحتلال
  • كيف يفكر الوحش الذي يستخدم التجويع لإخضاع الشعوب؟
  • الأمير الذي نام طويلاً.. واستيقظت حوله الأسئلة