شهدت صناعة السينما خلال السنوات الأخيرة تحوّلا جذريا، خاصة في هوليود، مع صعود المنصات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم وديزني بلس. ولم تعد هذه المنصات مجرد وسيلة لعرض الأفلام، بل أصبحت تمتلك اليد العليا في تحديد طبيعة المحتوى الموجّه للجمهور. فالأفلام اليوم لا تُصنع فقط انطلاقا من رؤية فنية، بل وفق تحليلات بيانات وخوارزميات دقيقة تتحكم في مدة الفيلم وأفكاره وحتى نوع النهايات التي يفضلها المشاهدون.

في مقابل هذا الصعود، ارتفعت أصوات مغايرة من مخرجين كبار مثل كريستوفر نولان ودينيس فيلنوف وتود فيلد، الذين رفضوا اختزال السينما في كونها "محتوى" مصمم للشاشات الصغيرة. هؤلاء المخرجون ما زالوا يؤمنون بأن السينما فن وتجربة إنسانية يجب أن تُعرض أولا في قاعات العرض، وأن تظل وفية لرؤية المبدع قبل أن تخضع لمنطق المنصة والخوارزمية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من أجل فلسطينlist 2 of 2الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحمر السينمائيend of listمنصات تراقب سلوك المشاهدين

باتت المنصات تراقب سلوك المشاهدين بدقة: متى يتوقفون عن المشاهدة، ما المشاهد التي تتكرر، والأنماط التي يفضلها الجماهير أكثر من غيرها، لتبني عليها قرارات إنتاج المحتوى. حيث إن القرارات تبنى على ذوق الجمهور، بالإضافة إلى حسابات رقمية خوارزمية دون الاهتمام بالرؤية الفنية الخاص.

وقد ظهرت ضمن هذا السياق مجموعة أفلام ناتجة عن الخوارزميات، مثل النشرة الحمراء، والرجل الرمادي ومشروع آدم، والتي يربط بينها مجموعة عناصر مشتركة؛ منها أن البطولة لنجوم من الصف الأول، بالإضافة إلى الحبكة السريعة، ومشاهد الحركة المكثفة، والنهايات المفتوحة التي تمهد لأجزاء قادمة.

مع ذلك لا يمكن اعتبار هذه الأعمال ضعيفة فنيا، لكنها صنعت لترضي أكبر شريحة جماهيرية ممكنة بأقل قدر من المغامرة، أي أنها أفلام تميل إلى التقليدية والنمطية وتبتعد عن التجريب الفني، خاصة بعد إعلان منصة نتفليكس في العام الجاري عن استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد الحوارات الأولية ومعالجة الصور، ليظهر أن الخوارزميات لا تحدد فقط المنتج النهائي ولكنها تقرر أيضا طريقة إنتاجه وفقا لرغبة الجمهور المستهلك.

آراء ضد منصات البث

في مواجهة هيمنة الخوارزميات على منصات البث، التي تنتج أعمالا فنية محسوبة بدقة وفق معايير رقمية مسبقة، يقف عدد من أبرز المخرجين العالميين دفاعا عن السينما بوصفها فنا تعبيريا إنسانيا مستقلا قائما على الرؤية والإبداع.

إعلان

من بين هؤلاء المخرج كريستوفر نولان، الذي كان من أوائل المعارضين لهيمنة المنصات الرقمية، إذ انتقد عرض الأفلام عبرها وحذر من أن الأعمال التي تُصدر حصريا على هذه المنصات مهددة بالزوال من مكتباتها الرقمية مستقبلا، مما يعرض الإرث السينمائي للخطر. على العكس من ذلك، يرى نولان أن الأفلام المعروضة في دور السينما تظل محفوظة وحيّة من خلال النسخ المادية التي يمكن صونها للأجيال القادمة.

التجربة لا تُختبر إلا في القاعة

أما المخرج دينيس فيلنوف، صاحب فيلم "كثيب" (Dune)، فكان أكثر تشددا في رفضه لسطوة المنصات على شروط العرض. فقد أصر على عدم إتاحة روابط رقمية لأفلامه حتى للنقاد، مؤكدا أن التجربة السينمائية الحقيقية لا يمكن اختبارها إلا داخل قاعات السينما، حيث يعيش المشاهد طقوس المشاهدة الجماعية بكل ما تحمله من تفاعل ومشاعر مشتركة، لا على شاشة هاتف أو حتى على جهاز تلفاز منزلي.

أما المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، فقد كان الرافض الأكبر لتحويل السينما إلى مجرد محتوى، وحذر من اختزال العمل الفني إلى مجرد منتج رقمي ضمن سيل لا نهائي من المحتوى المقترح، مؤكدا أن السينما ليست للكم ولكن للقيمة، معربا عن قلقه من تراجع الأصوات الفنية الفردية في ظل سطوة التكنولوجيا. .

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات التی ت

إقرأ أيضاً:

إدعاء الإصابة.. قوانين جديدة لتقليل إضاعة الوقت في كأس العرب 2025

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عن تطبيق قوانين جديدة تتعلق بالتعامل مع الإصابات خلال بطولة كأس العرب 2025، المقررة إقامتها في قطر بين 1 و18 ديسمبر الجاري، في خطوة تهدف للحد من إضاعة الوقت وتعزيز النزاهة التنافسية على أرض الملعب.

عمرو السولية: لم نأتي للمشاركة فقط وهدفنا لقب كأس العرب 2025

 وتعتبر هذه التجربة الأولى من نوعها على مستوى البطولات الدولية، حيث سيخضع اللاعب المصاب لفترة استبعاد مؤقت محددة مع المحافظة على عدالة اللعب.

ووفق القرارات الجديدة، سيتم استبعاد اللاعب المتعرض للإصابة لمدة دقيقتين خارج الملعب بمجرد تدخل الجهاز الطبي لعلاجه، بحيث يخوض فريقه تلك الفترة بعشرة لاعبين فقط. ويهدف هذا القانون إلى تقليل حالات الادعاء بالإصابات واستغلال التوقفات لوقف رتم المباراة، وضمان أن الفرق تلعب وفق نسق سريع ومتواصل دون إهدار الوقت.

وأوضح بييرلويجي كولينا، رئيس لجنة الحكام في "فيفا"، أن الاستبعاد المؤقت لن يطبق على حارس المرمى، كما أنه لن يشمل اللاعب الذي يتعرض لإصابة بسبب تدخل تسبب في بطاقة صفراء أو حمراء للخصم، وذلك لتفادي العقاب المزدوج وضمان العدالة في كافة الحالات. ويعد هذا القانون خطوة متقدمة نحو ضبط الإيقاع التنافسي للمباريات وتحقيق توازن بين حماية اللاعبين والحفاظ على نسق اللعب.

ويعتبر هذا التعديل فرصة لاختبار تطبيق القوانين بشكل عملي في بطولة كبيرة مثل كأس العرب، حيث تتنوع الفرق المشاركة من الناحية التكتيكية والبدنية، ما يسمح للحكام والمراقبين بتحليل أثر هذه القوانين على الأداء الجماعي والفردي. كما أن التجربة ستساهم في تقييم إمكانية تعميم هذه القواعد على بطولات أخرى مستقبلية.

وأكد كولينا أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات هو حماية العدالة التنافسية ومنع أي فريق من استغلال توقفات اللعب أو التلاعب بالإيقاع لمصلحته، مع الحفاظ على سلامة اللاعبين في نفس الوقت. ويشير المسؤولون في "فيفا" إلى أن هذه التجربة ستكون مرجعًا لتقييم تأثير القوانين الجديدة على المباريات بشكل عام.

وبذلك، تعزز كأس العرب 2025 مكانتها كمنصة لتطبيق قرارات مبتكرة في عالم كرة القدم، حيث سيتمكن الجمهور من متابعة تجربة حقيقية لتطبيق القوانين الحديثة التي تهدف إلى تحسين جودة المباريات، وزيادة الإثارة، وضمان لعب نزيه وعادل بين المنتخبات المشاركة.

مقالات مشابهة

  • أحمد عنيزان يُتوج بجائزة أفضل صانع محتوى اقتصادي في قمة آيكون للإعلام
  • موجة عالمية لحظر وصول المراهقين لمنصات التواصل والبداية من أستراليا
  • الواصلة فاصلة «ادفع حتي تشاهد»
  • إدعاء الإصابة.. قوانين جديدة لتقليل إضاعة الوقت في كأس العرب 2025
  • السينما العمانية تسجل حضورا لافتا في مهرجان فجر السينمائي بشيراز
  • مهووسة تبدد 163 ألف دولار في البث المباشر
  • السينما من أهم وسائل التعبير.. المحكمة الإدارية توضح سبب موافقتها على فيلم الملحد
  • 5 عروض جديدة على منصات رقمية أمريكية بمناسبة الأعياد
  • جنوب إفريقيا توقف 4 رجال للاشتباه في خرقهم قوانين حظر دعم الجيوش الأجنبية
  • رشيد مشهراوي: السينما الفلسطينية وصلت إلى مكانة عالمية رغم الظروف الصعبة