روسيا تشن غارة قاتلة على خاركيف وسط تعثر محادثات السلام
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
كييف (زمان التركية)- قالت السلطات الأوكرانية إن ضربات روسية جديدة على مدينة خاركيف بشمال شرق البلاد أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 60 آخرين بينهم أطفال في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، فيما واصلت موسكو هجماتها المتواصلة بعد رفضها وقف إطلاق النار غير المشروط.
أطلقت روسيا أعدادا قياسية من الطائرات بدون طيار والصواريخ على أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، في تصعيد لثلاث سنوات من القصف اليومي، في الوقت الذي حددت فيه مطالب صارمة ــ رفضتها كييف ووصفتها بأنها “إنذارات نهائية” ــ لوقف غزوها.
ومرة أخرى، تحملت مدينة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا، التي تبعد 30 كيلومترا فقط (18 ميلا) عن الحدود الروسية، العبء الأكبر من الهجوم.
وقال عمدة بلدية خاركوف إيغور تيريخوف على تطبيق تيليجرام: “تم تنفيذ 17 غارة بواسطة طائرات بدون طيار معادية في منطقتين من المدينة الليلة”.
وقال حاكم منطقة خاركوف أوليج سينيجوبوف إن ثلاثة أشخاص قتلوا.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس في المدينة بنايات سكنية متضررة وسيارات محترقة وشوارع مليئة بالحطام بعد الهجمات.
ركضت أولينا خوروجيفا إلى الردهة – بعيدًا عن النوافذ – مع طفليها عندما سمعت طائرات بدون طيار قادمة.
وقال الصيدلي البالغ من العمر 41 عاما لوكالة فرانس برس “كان الأصغر سنا مستلقيا على الأرض ويداه على رأسه. كنت فوقه”.
سمعنا اقترابه. صمت، ثم ارتطمنا بالحائط… دوّت انفجارات أخرى، ثم سمعنا صراخ الناس: “النجدة! النجدة!”
وكان جارها البالغ من العمر 65 عامًا أحد القتلى في الهجوم.
وفي وقت مبكر من صباح الأربعاء، رأى مراسل وكالة فرانس برس رجال الإنقاذ ينقلون جثة أحد السكان القتلى من مبنى سكني في كيس أسود للجثث.
محادثات السلام المتوقفةقالت القوات الجوية الأوكرانية إن روسيا أطلقت 85 طائرة بدون طيار خلال الليل، وهو عدد أقل من عدد الطائرات التي أطلقت في الأيام الأخيرة.
وحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجانبين على التوصل إلى اتفاق سلام
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب بدوره إلى زيادة الضغوط على روسيا بفرض عقوبات اقتصادية صارمة، قائلا إنها ستحد من قدرتها على شن الحرب.
ومن المتوقع أن يؤكد ماكرون هذه الرسالة خلال لقائه ترامب وزعماء أوروبا في قمة مجموعة السبع في كندا، والتي تبدأ يوم الأحد.
فشلت جولتان من محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا في تحقيق تقدم في إنهاء الحرب.
رفضت روسيا الدعوات إلى وقف إطلاق النار غير المشروط وطالبت أوكرانيا بالتخلي عن أراضيها والسعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
لكن الجانبين اتفقا على تبادل أكثر من ألف أسير حرب وتسليم جثث الجنود القتلى، وتبادل مجموعات من الجنود الأسرى يومي الاثنين والثلاثاء.
وجاءت الهجمات بعد أن قصفت روسيا مدينة خاركيف يوم السبت فيما وصفه تيريكوف بأنه “الهجوم الأقوى” على المدينة منذ بداية الحرب.
ردت كييف بشن ضربات جوية انتقامية على روسيا، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية إن 32 طائرة أوكرانية بدون طيار تم اعتراضها خلال الليل.
وقد قلل الجانبان من أهمية أي فرصة لتحقيق تقدم في المحادثات في إسطنبول.
ورغم أنه لم يرفض الدبلوماسية، فقد وصف زيلينسكي إجراء المزيد من المحادثات مع الوفد الروسي الحالي – الذي وصفه في السابق بأنه “رؤوس فارغة” – بأنه “لا جدوى منه” لأنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على وقف إطلاق النار.
وفي الأسبوع الماضي، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتن كييف بأنها نظام “إرهابي” وتساءل عن سبب رغبته في التفاوض معهم
Tags: خاركيفروسياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: خاركيف روسيا بدون طیار
إقرأ أيضاً:
هل يتراجع مسار السلام بين روسيا وأوكرانيا تحت ضربات التصعيد؟
باتت الحرب الروسية الأوكرانية على موعد مع مرحلة جديدة بعد التصعيد العسكري المتبادل مؤخرا، وتعثر المفاوضات الهادفة إلى إنهاء الحرب المتواصلة منذ 3 أعوام ونيف، وسط تناقض مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالحرب.
يأتي ذلك في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 6 يونيو/حزيران 2025 توجيه ضربة صاروخية مكثفة استهدفت مكاتب التصميم ومؤسسات الصناعة العسكرية ومراكز التدريب الأوكرانية وغيرها من مواقع الطاقة والنقاط الحيوية، ردًًّا على هجمات كييف الأخيرة التي استهدفت 4 مطارات عسكرية روسية وعشرات الطائرات الرابضة فيها.
ويرى محللون أن التصعيد المتبادل قاد إلى توترات انعكست على سير المفاوضات التي عقدت في تركيا، مما يهدد مسار الحوار وخطة وقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنـة، حيث يضع هذا التصعيد تحديات كبيرة أمام الجهود والوساطات الدولية الرامية لإيجاد حل سلمي من شأنه إنهاء الصراع.
ويبدو أن الأجواء المشحونة بين روسيا وأوكرانيا فعلت فعلها حتى على مستوى الصفقات الجزئية، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا تماطل في تنفيذ صفقة لتبادل جثث جنود يبلغ عددهم نحو 6 آلاف، ليصبح مصيرهم معلقا إلى أجل غير مسمى.
واعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن "حجج كييف" في عدم المضي في الصفقة "من غير المرجح أن تكون معقولة"، بينما رأى ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أن "كييف لا تتسلم جثث جنودها لأنها تخشى الاعتراف بأن هناك 6 آلاف جثة ولا تريد دفع تعويضات لأرامل الجنود".
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هذه القضية تحتاج إلى دراسة متأنية للغاية والتحقق من كل شيء، مضيفا أنه "من بين 6 آلاف جثة تم تحديد 15% فقط من هويات الجنود"، وفقا لما نقلته صحيفة "أوكراينسكايا برافدا".
إعلانوفي وقت لاحق، أعلنت الهيئة الحكومية الأوكرانية المسؤولة عن الملف، الأربعاء، استعادة جثامين نحو 1212 من جنودها الذين قتلوا في روسيا في واحدة من أكبر العمليات من نوعها منذ بدء الهجوم الروسي قبل أكثر من 3 سنوات.
هل تواطأ الغرب مع الهجوم الأوكراني؟
من وجهة نظر روسيا، فإن أوكرانيا بادرت إلى تنفيذ هجماتها بالمسيرات في عمق الأراضي الروسية قبل يوم من المفاوضات بهدف إفشالها وبدفع من جهات داخل الولايات المتحدة وأوروبا تريد للحرب أن تستمر.
وفي تأكيد من موسكو لوجهة نظرها بوجود تواطؤ غربي مع أوكرانيا غير معلن لإفشال المفاوضات، قال رئيس وفد المفاوضات الروسي فلاديمير ميدينسكي إن الوفد الأوكراني في مفاوضات عام 2022 بدا أكثر استقلالية وحرية مما كان عليه هذا العام، لافتا إلى أنه كان من الممكن توقيع معاهدة السلام في 28 فبراير/شباط 2022 لو أرادت أوكرانيا ذلك واتخذت القرارات بنفسها وفقا لما نقلته قناة "آر تي".
لكن مسؤولا حكوميا أوكرانيا قال لرويترز غداة الهجوم إن أوكرانيا لم تخطر الولايات المتحدة مسبقًا بالهجمات، وهو ما أكدته مصادر بإدارة الرئيس دونالد ترامب، بقولها لشبكة "سي بي إس" الأميركية إن البيت الأبيض لم يكن على علم بالهجوم.
ويرى مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث الإستراتيجية والخبير بالشأن الروسي آصف ملحم أن مفتعل الهجوم الأوكراني غير المسبوق يريد إعاقة المفاوضات وتفجيرها، مضيفا أن الجانب الروسي "فهم الرسالة فورا وأرسل وفده إلى تركيا، لأن روسيا تريد الوصول إلى سلام عادل وشامل وطويل الأمد".
من جهته، يرى الباحث محمود علوش أن الظروف التي يمكن أن تنقل مستوى المسار السياسي من مستوى النقاش والدبلوماسية المكثفة إلى مستوى الإنتاج الفعلي للحلول لا تزال بعيدة أو لم تنضج بعد"، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلى أنه "ربما في الفترة المقبلة ستبقى هناك حالة من عدم الوضوح في سباق بين المسار السياسي والعسكري، وأن هذه الحرب لن تنتهي إلا بتسوية سياسية".
إعلانورغم التعاطي الروسي البارد مع الهجوم الأوكراني الذي وصف بالجريء وغير المسبوق، فإن المراقبين أجمعوا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يدعه يمر من دون رد قاس، وهو ما حدث في 6 يونيو/حزيران الجاري مع توجيه موسكو أكبر هجوم لها بالمسيرات على أوكرانيا منذ بدء الحرب، الأمر الذي خلّف قتلى وجرحى واستهدف منشآت عسكرية وسككا حديدية.
وفي تعليقه، خلص الخبير ملحم في حديثه للجزيرة نت إلى استبعاد إمكانية عقد لقاء -في ظل أجواء التصعيد المتبادل- بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني.
مصالح أوروبية بين الحرب والسلام
وبينما تدعم الدول الأوروبية مسار السلام بين موسكو وكييف، تخشى من أن يؤدي إنهاء الحرب بطريقة تسمح لروسيا بإعلان انتصارها إلى أضرار على أمنها الإستراتيجي والحاجة إلى ترميم منظومتها للردع المنهارة، لا سيما في ظل تراجع المظلة العسكرية الأميركية في أوروبا.
ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية الروسية، قدمت الدول الأوروبية دعما ماديا وعسكريا بلغ نحو 138 مليار يورو مساعدات مادية، أي بأكثر من 23 مليار يورو مما قدمته الولايات المتحدة الأميركية ونحو 64 مليار يور مساعدات عسكرية، وذلك وفقا لتقديرات موقع متتبع للدعم الأوكراني الرسمي.
كذلك أعلنت دول أوروبية عدة من داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، وفق مقترح فرنسي وألماني، انخراطها في محادثات لتشكيل تحالف عسكري يهدف إلى حماية أوكرانيا وإرسال قوات إليها في حال التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، وأبدت دول في غرب أوروبا دعمها للفكرة أو استعدادها لنقاشها.
فما الذي ستجنيه الدول الأوروبية من ضخ كل هذه المساعدات رغم أنها تعيش أزمة اقتصادية خانقة في السنوات الأخيرة؟
تشير هذه المعطيات إلى تمسك أوروبي بدور مهم في مسار الحرب في أوكرانيا وأيضا في طريقة إنهائها، وذلك بما يتفق مع المصالح الأوروبية على المستويات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية.
إعلانيرى الدكتور محمود علوش أن "الدول الأوروبية لديها مصلحة في أن يكون هناك سلام بين روسيا وأوكرانيا، ولكن هذا السلام لا يعني انتصارا لروسيا، لذلك هم يواجهون مشكلة كبيرة الآن، ويعتقدون أن الدفع الأميركي باتجاه أي سلام مع روسيا يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية على مصالحهم".
ويعتقد علوش أن الانخراط الأوروبي في دعم عملية السلام هو أمر حيوي ومهم وسيكون ضرورة لإنجاح فرص هذه العملية، ولكنّ لديهم هاجسا كبيرا من هذا المسار من جهة، ومن السياسة الأميركية التي ينتهجها ترامب في ما يتعلق بالحرب وعلاقته مع روسيا من جهة أخرى.
ويمكن القول إن أوروبا تستطيع عرقلة أي سلام لا يحقق مصالحها وترى أنه يحقق النصر لروسيا ولا يضمن سلاما عادلا بين موسكو وكييف، بحسب الباحث والمحلل السياسي.
تصعيد روسي متواصل ولكنه محسوب
يتوقع خبراء ومحللون أن الرد الروسي لن يقف عند حدود هجمات 6 يونيو/حزيران 2025، بل سيكون بداية لتصعيدات عسكرية في مناطق أوكرانية متعددة، إذ كشفت السلطات الأوكرانية في 9 يونيو/حزيران 2025 أن روسيا هاجمت البلاد بنحو 479 مسيرة في ليلة واحدة، وقد اعتبرته أكبر رقم قياسي لهجمات الطائرات المسيرة منذ بداية الصراع.
وعن طريقة الرد الروسي الأخير على الهجمات الأوكرانية الأخيرة وإمكانية استمراريته، قال الخبير السياسي آصف ملحم "إن الجانب الأوكراني أراد استفزاز روسيا للقيام برد نووي ما، لأن استهداف أوكرانيا بقنبلة نووية تكتيكية سيؤدي إلى هروب جميع الأموال والخبرات والصناعات والمهارات من أوروبا إلى أميركا، وهذا الشيء أدركته روسيا فورا، لذلك هي غير معنية بأي رد نووي على أوكرانيا، مع العلم أن ما قامت به كييف يستدعي هذا الرد".
من جانبه، أكد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أن "هذا التصعيد من الممكن أن يقوّض الفرص الجديدة الناشئة من أجل دفع مسار عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا، ولكن هذا المسار لا يزال قويا على الرغم من التصعيد لمجموعة من الاعتبارات".
إعلانفبرأي علوش، فإن روسيا وأوكرانيا بحاجة لحل سياسي ينهي هذه الحرب، وأيضا انسجاما مع التحول في الموقف الأميركي بعد تولي ترامب السلطة وتركيزه على مسار السلام والذي أصبح أقرب إلى الواقعية مما كان عليه في السنوات السابقة، بالإضافة إلى الدبلوماسية التي تقوم بها تركيا والتي تشكل عاملا مساعدا لتعزيز فرص السلام بين البلدين.
ويرى أن روسيا تحاول تحييد المسألة الأوكرانية من العلاقة مع الولايات المتحدة، إذ تحاول تسوية مشاكلها مع أميركا وترك الأزمة الأوكرانية كأنها أزمة أوروبية لا علاقة لأميركا بها.