إنَّ مسيرةَ النصرِ والعزّةِ لا تُبنى إلّا على صخرةٍ من إيمانٍ متينٍ، وعلى ركيزةٍ لا تُزلزلها عواصفُ الزمانِ، ألا وهي الولايةُ الإلهيّة؛ ذاك الولاءُ الروحيُّ العظيمُ، الرابطُ بينَ اللهِ ورسولهِ وأهلِ الإيمانِ المخلصينَ.
فالولايةُ ليستْ لفظًا عابرًا، ولا مفهومًا شائعًا يُقالُ ويُنسى، بل هي مبدأٌ كونيٌّ سامٍ، يشعُّ نورهُ في قلبِ كلِّ معركةِ حقٍّ في وجهِ باطلِ الطاغوتِ والاستكبارِ، والعدوّ اليهوديِّ الذي غيّر وجهَ التاريخِ بظلمٍ وجورٍ.


قالَ اللهُ تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 56)، آيةٌ ليست وعدًا عابرًا، بل إعلانٌ صريحٌ عن سرِّ الغلبةِ التي لا تُقهَر، وعن الولايةِ التي بها يُكتسحُ الاستكبارُ والطغيانُ، وتُقهرُ أعتى جيوشِ الأرضِ.
فيا لَها من ولايةٍ!
يا مفتاحَ الغيبِ، وذخرَ الأنبياءِ، وسرَّ الوجودِ في كلِّ الأزمانِ والأمكنةِ!
وليُّ اللهِ ومُواليه، إمامُ الحقِّ المصطفى، عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام، الذي حَلَّقَ بهِ النورُ في عُلُوِّ الأعالي، فكانَ نورًا يُضيءُ ظلماتِ الجهلِ، ويُهدمُ صروحَ الطغيانِ.
إنّ الولايةَ ليستْ مجرَّدَ لفظٍ أو صيغةٍ في قاموسِ الدينِ أو السياسةِ، بل هي قَسَمُ الإيمانِ، ورمزُ الوفاءِ، وأعلى درجاتِ الموالاةِ الروحيةِ والفكريةِ، التي تلتقي عندها القلوبُ قبل الأيدي، فتُشكّلُ اتحادًا كونيًّا بينَ الإلهِ ووليّهِ.
إنّها حركةُ الحياةِ التي تقودُ المجاهدينَ نحو تحقيقِ الانتصاراتِ الكبرى، وبلورةِ المجدِ الأبديِّ في سماءِ الأحرارِ.
وتتجلّى صرخةُ الولايةِ كشعارٍ يترددُ صداهُ في وجدانِ المجاهدينَ، وهو نبضُ توكُّلٍ وإيمانٍ متجسِّدٍ في ساحاتِ المواجهة، وميدانِ الجهادِ المقدس.
ولقد وجدتْ جذورُ هذه الولايةِ العظيمةِ منبرًا شامخًا في اليمنِ الحبيبِ، حيث أحبَّ أهلُ الحقِّ أميرَ المؤمنينَ عليًّا عليه السلام، وتبنّوا نهجهُ المباركَ في معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدّس.
هناك، في الأرضِ الطاهرة، بزغَ نورُ الولايةِ، فبلغتْ معاركُ العزِّ فيها ذروتَها، وتجسَّدتْ الإرادةُ الإلهيةُ على أيدي أبطالٍ صنعوا من اليمنِ معقلًا منيعًا في وجهِ جيوشِ الطغاةِ.
لقد كان الفتحُ الموعودُ في اليمنِ بدايةً لانتصاراتٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ عظيمةٍ، أغلقت البحارَ والمحيطاتِ في وجهِ الأعداءِ، وأهانت البحريةَ الأمريكيةَ، وفرضت حصارًا بحريًّا وجوِّيًّا خانقًا على العدوِّ الإسرائيليّ.
وبقيادةِ السيد عبد الملك الحوثي (يحفظه الله)، استُهدفت مواقعُ حيويةٌ وحسّاسةٌ في عمقِ العدوِّ، فكان الصمودُ اليمنيُّ نموذجًا يُحتذى بهِ في التضحيةِ والعزّةِ، بل كان نَبْضُ الولايةِ الإلهيّةِ يتدفَّقُ من عروقِ الرجالِ، ويحفرُ في صخورِ التاريخِ أسمى معاني الثباتِ والحكمةِ في مواجهةِ محاولاتِ الهيمنةِ والإذلالِ.
السيدُ عبد الملك الحوثي (يحفظه الله): القائدُ الحكيمُ وحاملُ رايةِ الولايةِ:
إنَّ السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله، رمزُ الولايةِ في زمنِنا، هو المثالُ الحيُّ للولاءِ المطلقِ للهِ ورسولهِ، ولقادةِ الحقِّ والعدلِ.
الرجلُ الذي ورثَ مشعلَ الولايةِ على طريقِ الإمامِ عليٍّ عليه السلام، حملَ لواءَ المقاومةِ بشجاعةٍ وتفانٍ، فكان صمّامَ أمانِ المشروعِ القرآنيِّ في اليمن، وسيدَ العزمِ والإرادةِ التي لا تلين.
هو قائدٌ لا يُقيمُ وزنًا للظروفِ أو التحدياتِ، بل يتحدّاها بإيمانٍ لا يُضاهى، وحكمةٍ بالغةٍ تتخطّى حدودَ السياسةِ التقليديةِ، تُمكِّنه من قراءةِ الميدانِ قراءةَ الثاقبِ، وقيادةِ المجاهدينَ بأسلوبٍ يجمعُ بينَ الصلابةِ والمرونةِ، وبينَ الحزمِ والرحمةِ، وبينَ العلمِ والعملِ.
إنَّه حاملُ لواءِ الولايةِ في زمنِ المؤامراتِ، وزمنِ الاصطفافِ الشيطانيِّ ضدَّ قوى الإيمانِ والكرامةِ، لكن بصمودهِ وثباتهِ، كان المنارةَ التي تهدي أبناءَ اليمنِ، وكلَّ أحرارِ الأمةِ.
كلماتُهُ وتصريحاتُهُ ليستْ مجرَّدَ كلامٍ عابرٍ، بل دروسٌ في الفهمِ العميقِ للإسلامِ السياسيّ، ومواقفُهُ في ساحاتِ المعركةِ ليست ردودَ فعلٍ، بل تجسيدٌ حيٌّ لتعاليمِ الولايةِ التي تُثمرُ انتصاراتٍ على الأرضِ، وتُرسِّخُ قواعدَ العدلِ والحريةِ، وتُنشئُ رجالًا لا يخشَونَ الموتَ، بقدرِ ما يخشَونَ التخاذلَ عن الحقِّ.
وهكذا، فإنَّ السيد عبد الملك الحوثي (يحفظه الله) هو السهمُ الذي لا يُخطئُ هدفَه، وهو القلبُ النابضُ للولايةِ في اليمنِ، والذي صقلَ أبطالَ الجهادِ، وصنعَ من أرضِ اليمن معقلًا للانتصارِ على الطاغوتِ واليهودِ، ليكون امتدادًا طبيعيًّا لجذورِ الولايةِ الإلهيّةِ التي أصبحت منبعًا لقوةِ محورِ المقاومة، ومصدرًا لثباتِ فلسطين.
اليمنُ مهدُ الولايةِ… وفلسطينُ ثمرةُ صمودِها:
وإذا كانت اليمنُ مهدَ الولايةِ وجذورَها الراسخة، فإنَّ فلسطينَ هي الثمرةُ الغاليةُ، التي تحملُ صمودًا أسطوريًّا في وجهِ عدوٍّ مستكبرٍ وجبّارٍ.
المقاومةُ الفلسطينية، وبخاصةٍ في غزّة، جسّدتْ روحَ الولايةِ الحقيقيةِ التوّابةِ لله، التي بها تعانقُ الأرواحُ السماواتِ، وتستمرُّ في كسرِ حلقاتِ الحصارِ والعدوانِ، محقّقةً انتصاراتٍ لم يكن العدوُّ يظنُّها مُمكنةً.
إنَّ سرَّ هذا الصمودِ الأسطوريِّ في غزة، هو انتسابُ المجاهدينَ الحقيقيينَ إلى ولايةِ اللهِ ورسولهِ والذين آمنوا، فكانت المقاومةُ الفلسطينيةُ تجلِّيًا حيًّا للولايةِ الإلهيةِ، وامتدادًا لفعلِ الإيمانِ الذي انطلق من اليمنِ، وما زالَ نبضُهُ يترددُ في كلِّ رصاصةٍ، وكلِّ كلمةٍ، وكلِّ صرخةٍ تحطِّمُ جبروتَ الطغاةِ.
في الختام:
يا أصحابَ الحقِّ، وأعلامَ الولايةِ الإلهيّةِ، اقرؤوا في كتابِ المجدِ ما سَجّلته دماؤُكم على صفحاتِ التاريخِ، فإنَّ النصرَ الحقيقيَّ لا يُدرَكُ إلّا بتولّي اللهِ ورسولِهِ والذين آمنوا.
إنَّ صرخةَ الولايةِ التي تهزُّ عروشَ الطغاةِ، وتُدمّرُ أصنامَ الاستكبارِ، هي العنوانُ الذي لا يغيبُ عن وجدانِ المجاهدينَ، ومنارةُ الهدايةِ التي تضيءُ دروبَ الأحرارِ.
تلكم هي الولايةُ التي بزغَ نورُها في يمنِ الفتحِ الموعودِ، حيث جُسّدتْ عزائمُ الرجالِ، وانطلقت رياحُ الجهادِ المقدّسِ، فسدّت البحارَ والمحيطاتِ في وجهِ أعداءِ الله، وجعلتْ من اليمنِ حائطَ صدٍّ منيعًا، وسيفًا مسلولًا على رقابِ المعتدينَ.
ومن ثمارِها الباهرةِ: صمودُ غزةَ الأسطوريُّ، حيث يشبُّ المجاهدونَ على روحِ الولايةِ، ويكتسبون منها عزمًا لا يلينُ، ويصنعون بأرواحهم أعظمَ النصرِ.
هذه هي الولايةُ الإلهيّةُ: حيث ينبضُ القلبُ بالإيمان، وتنتصرُ الروحُ بعزيمةِ اللهِ وقائدِ الثورةِ السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله، لتكون فلسطينُ حديقةَ الولايةِ، واليمنُ مهدَ الانتصارِ، ومصدرَ الإلهامِ.
فليشهدِ التاريخُ، وليشهدِ العالمُ، أنَّ الولايةَ هي سرُّ النصرِ، وعنوانُ العزّةِ، وركيزةُ المجدِ الأبديّ.
وفي ختامِ هذا السردِ المفعمِ بروحِ الولايةِ الإلهيّةِ، نرفعُ الأكفَّ إلى بارئِ الأكوانِ، قائلينَ بخشوعٍ وإيمانٍ:
اللهمَّ إنّا نتولاك، ونتولّى رسولَك، ونتولّى الإمامَ عليًّ، ونتولّى من أمرتنا بتولّيه، سيّدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي.
اللهمَّ إنّا نبرأُ من عدوِّك، وعدوِّ نبيّك، وعدوِّ الإمامِ عليٍّ، وعدوِّ من أمرتنا بتولّيه، سيّدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي.
فبهذا الولاءِ الصادقِ، وبصدقِ الانتماءِ للولايةِ، ننتصرُ، ونمضي، ونكتبُ على جبينِ الزمانِ: نحنُ حزبُ الله… ونحنُ الغالبون.
“كاتبٌ وباحثٌ سياسيٌّ مناهضٌ للاستكبارِ العالميّ”

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

من منى إلى فلسطين.. هل غاب الإيمان أم غيّبوه؟

الأسوار المنيعة

هنالك ما منه بد أن يقال عن أهلنا في فلسطين، إنه لا يمكننا الخروج من الوضع الفلسطيني المعاصر بالأدوات نفسها التي تشكل منها والتي فقدت قدرتها على العطاء، السلطة الفلسطينية الحالية ابنة حقبة اليسار والقومية والتحرر من الاستعمار، وخضعت لعوامل التغير بناء على تغير تلك الظروف، ولا تزال تتغير بهذا النمط حتى تزول. ليستا، الفيتنام وجنوب إفريقيا، بأحسن قدوة نتأسى بها، لقد مرت أسود بأولى القبلتين وحققت فيها الانتصار، ومشروع صلاح الدين ليس جبهة جمّع لها شخصيات وجمعيات، إنها عقيدة ساق لها الأمة جمعاء فطرد بها الصليبيين.

عنفوان الثورة يبدأ في الضعف والتلاشي عندما يقبل الثوار على أنفسهم وعلى ما في أيديهم المذلة والهوان بتلقي الضربات من دون رد يذكر؛ لا بد أن يستوعب الثوار السوريون أن لكل حياة كريمة ضريبة تدفع، وأن المناورة من أجل كذا وكذا لا تمنع من استخدام الشوكة كلما جد جدها. وفي التاريخ أمثلة لا تحصى على هذا، منها إنفاذ الخليفة الثاني الوصية النبوية بإرسال جيش أسامة رغم تعري المدينة من الحماية، ومنها تحرش المغرب بالجزائر عقب الاستقلال، وإيران على أفغانستان بعد جلاء الأمريكان... وفي كل هذه الأمثلة كانت الغلظة هي التي وجدها المعتدون.

برنامج إيران العسكري عامة والنووي خاصة قد توجه، وآيته ما فعله النظام في طهران بالكيان المحتل "المحصن" بالقباب الزجاجية بعد استشهاد نصر الله، فكيف بغير الكيان المشرعة سماؤهم؟ حتى القصف بالنووي لا يجدى نفعا مع الجبال الشاهقة التي تحمي القوة الإيرانية. يبقى الحل الموضوعي الذي أنصح به "ليندسي غراهام"- هذا المراهق السياسي- وإدارة "ترامب" المتهورة بالعودة إلى سياسة "باراك أوباما" في الاحتواء، عندما طلب في عهدته الأخيرة من السعودية أن تتقاسم النفوذ مع إيران، علما بأن مصلحة السعودية الآن هي في التحالف مع تركيا لتكون أيديهما العليا. السعودية خادمة الحرمين الشريفين لا سليلة الثورة العربية الكبرى.

أقفاص المماليك

لا تسمع من خطيب "رسمي" خطبة رنانة تحيي النفوس وتهتز لها عروش السلاطين، محال ذلك اليوم إلا ما كان خارج النطاق، كما حدث مع الخطيب المسجون ظلما صالح آل طالب (فك الله قيده)! خطبة يوم عرفة كغيرها من خطب الحرمين الشريفين حجج على أصحابها أمام شهود بالملايين غير راضين عما يلقى فيها، يدع الخطيب هموم الأمة وآمالها ويقتصر على عظة باردة ودعاء طويل يرضي ولاة الأمور، ثم يتظاهر الخطباء بالصلاح والوقار لجلب الانتباه وتحقيق المكانة بين الناس؛ إنها مهزلة حقيقية تقع على منابر رسول الله.

الحد من عدد الحجاج بهذه النسبة المجحفة من أجل "خدمتهم وأمنهم" ليس مبررا البتة للتواني عن السعي الجاد وفق رؤية علمية استشرافية لتهيئة المشاعر المقدسة لتستوعب المزيد من الحجاج، إن ذلك يطرح ألف سؤال وسؤال، خاصة إذا استحضرنا رغبة المملكة في تنظيم كأس العالم لكرة القدم واستعدادها لإنفاق "ما يلزم" في غضون السنوات القادمة كي تستوعب ملايين من اللاهين خلال شهر واحد، في حين لم يتم إنجاز خطط التوسعة رغم مرور عقود، ولا أحسبها ستنتهي في عقود أخرى قادمة.

إحصائيات الخدمات في موسم الحج "بروباغندا" تتحطم عند مشاهدة الواقع. ولقد حججت العام الماضي وشاهدت أن منى بخيامها ليست صالحة لصد الحر ولا لإقامة تعبدية مناسبة. كما أن المعاملة من "القوات الخاصة" الموكل إليها تأطير الحجيج فظة، والعمال الآسيويون عموما يتسولون أكثر مما يخدمون. والوفيات بسبب سوء التسيير وقلة التهيئة العمرانية للمشاعر المقدسة، لا لسبب آخر خارج عن مهام إدارة الموسم المعظم.

هو ذاك إذن، ولهذا ترى نسبة الحجيج لا تتعدى الواحد من كل ألف مسلم، ولا يسعى القائمون على إدارة الحج لرفع النسبة عاما بعد آخر، علما بأن المشاعر المقدسة خلقت ووضعت لتستوعب كل من استطاع إلى الحج سبيلا، وهم أكثر بكثير من المسموح لهم بالحج اليوم. ولا سبب وجيها لتعثر التوسيعات مقارنة بالتهيئة السريعة لمشاريع الترفيه ومدن الأحلام كـ "نيوم!"

تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!مبنى الجمرات أحسن ما بني من إنشاءات في المشاعر المقدسة، شيد هندسيا ليستوعب الملايين لا مليونا ونصفه. الحرارة والحجاج غير النظاميين ليستا حجة لتبرير ما يزهق من أرواح جاءت متشوقة لتحج ثم تؤوب إلى أهلها؛ قضية غير النظاميين لا تعجر سلطة قادرة على إدارة الحج بإحكام، ناهيك أنها تحمل معنى آخر بأن أعدادا كثيرة من المسلمين ترغب في أداء هذا الركن ولا تجد لذلك سبيلا؛ أما قضية الطقس فمقدور على تذليلها بالمظلات، والاستراحات، والسلالم السيارة والمياه... لأن طريق عرفات- الجمرات هو طريق حياة أو ممات.

تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!

كيف يمكن الجمع بين التبشير بالديمقراطية وما تتطلبه من معارضة تضمن تجديد النظام السياسي وبين الثناء على التجربة الملكية العربية في إدارة ثرواتها الهائلة وقد "حققت" لشعوبها رخاء اقتصاديا فاقت فيه دولا اسكندنافية! علما بأن النرويج حدّت من استخدام الطاقة الأحفورية لتبقي ثوراتها للأجيال القادمة ولم تنفق في يومين تريليونات من الدولارات سفها بغير علم على السراب والوهم. فإذا كان ولا بد من التخلي ولو فرضيا عن الإعجاب بالديموقراطية فلنيمم شطر الدولة الإسلامية في عهديها النبوي والراشدي ولندرس التجربة، ففيها كل الخير للأمة وللبشرية.

تسويق الأوهام

الساسة الغربيون يدمنون على بيع الأوهام لمن يصدقها، بل يعتبرونها "مخدرا" لشعوب لا راعي لها، يهبهم بعض الوقت لتدبير شؤون المنطقة كما يريدون، وما من مشروع لهم نجح وما من رؤية عندنا صالحة حتى الساعة. للدولة العبرية خطط متعددة كلها تصب في تقوية موقعها وإضعافنا، ورغم التناقضات الصداعة فيما بين الصهاينة إلا أنهم يديرونها بما لا يؤدي إلى الانهيار حتى الآن، ولن تستمر سياستهم ناجعة إذا ما بقيت المقاومة تضغط على بنية الكيان وتحمّي الصدام بين متناقضاتها، وذلكم مكمن الهشاشة في هذه الملحمة التاريخية.

تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة.تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة. يبقى التحدي الأكبر للأمريكان في الإرادة الإلهية، التي تأبى الاستكبار في الأرض والطغيان، فتأخذ الظالم بعد أن تفتح له أبواب كل شيء، ومراقبة ذلك استشراف حقيقي للمستقبل.

المنظور الأمريكي للروس لم يتغير بعد ورطة أفغانستان، لأنه دفع بهم مجددا إلى أوكرانيا، لكن هل تعلّم الأمريكان من تجربة الروس الأفغانية كما يجب؟ وماذا عن الخيبة في العراق؟ القول بأن "الصناعة الجهادية" ماركة أمريكية خالصة فيه نظر، فأمثال أسامة والظواهري وغيرهما ليسا سهلي الاستيعاب والاستدراج، وقد قضيا على أيدي القوات الأمريكية بعدما نالا منها في الحادي عشر من أيلول نيلا شديدا، وقد دفع أسامة نفسه شبهة العمالة هذه بالقول إنها كانت تقاطع مصالح.

لا يؤمن الغرب الرأسمالي بما يسمى "القيم الغربية للديمقراطية"، بعضنا يصدق هذه الأكذوبة ويروج لها ويحاكم الغرب على أساسها، وهو لاه عنا بما يحقق له الربح والسيطرة والنفوذ ولا تهمه الدماء، إنه منطق الاستعمار على الدوام وقد عاد إليه الغرب بشكل أكثر صلافة. "تعجبني" خطابات ممثل الجزائر في مجلس الأمن ومرافعاته الصادقة عن قيم الإنسانية والرحمة، وهو جالس بين ذئاب وتماسيح جائعة! على الفلسطينيين أن يقاتلوا حتى يحكم الله بينهم وبين أعدائهم.

مقالات مشابهة

  • الحوثي … “إسرائيل” تريد إخضاع شعوب المنطقة كلها
  • ( نص ) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم الولاية
  • العودة إلى نهج الولاية أو السقوط في مستنقع التبعية .. قراءة في خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى يوم الولاية (تفاصيل)
  • من منى إلى فلسطين.. هل غاب الإيمان أم غيّبوه؟
  • كلمة مرتقبة للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة يوم الولاية
  • “عيد الولاية” الحوثي.. معركة تطييف اليمن لترسيخ “الحق الإلهي” وتصفية الجمهورية
  • اليمن.. مطالبات وطنية ببدء معركة الخلاص من «الحوثي»
  • مندوبا عن الملك وولي العهد…العيسوي يعزي الأزايدة وآل الداود وآل عواد
  • الحوثي: تخاذل الأمة عن فلسطين تفريط في المسؤولية الدينية والإنسانية (شاهد)