أشار محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة "أليانز" ورئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، في مقال تحليلي موسّع نُشر في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على إيران جاءت في وقت بالغ الحساسية للاقتصاد العالمي، مما يفاقم التهديدات المرتبطة بالركود التضخمي، ويضعف قدرة الأسواق على امتصاص الصدمات.

وأوضح العريان أن هذه التطورات "تزيد من المخاطر على النمو والتضخم"، في وقت تضاءلت فيه قدرة صناع السياسات النقدية والمالية على التحرك بسبب معدلات الفائدة المرتفعة وعجز الميزانيات.

وأكد أن "خطورة الآثار السلبية ستعتمد على مدى وضخامة الضربة الإسرائيلية وعلى رد الفعل الإيراني".

ارتفاع أسعار النفط وتراجع الأسواق

وشهدت الأسواق المالية رد فعل سلبيا واضحًا، حيث ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 7% فوق 74 دولارا للبرميل، رغم أن هذا المستوى يبقى دون ذروة يناير/كانون الثاني الماضي التي قاربت 82 دولارًا.

ارتفاع أسعار النفط يزيد من حدة الضغوط التضخمية العالمية (شترستوك)

وأضاف العريان أن "الأسواق تترقب كيف سيكون رد فعل منظمة أوبك بلس"، مشيرًا إلى أن الارتفاع التدريجي في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة يسهم في دفع رياح الركود التضخمي عبر الاقتصاد العالمي.

إعلان

وعكس انخفاض مؤشرات الأسهم حالة من القلق المتزايد في أوساط المستثمرين بشأن النشاط الاقتصادي، في ظل احتمال تراجع شهية الاستهلاك والإنتاج.

تحذيرات من البنك الدولي

وكان البنك الدولي خفّض في وقت سابق من هذا الشهر توقعاته للنمو العالمي في 2025 إلى 2.3%، أي أقل بنحو نصف نقطة مئوية من التقديرات السابقة بداية العام.

ورغم أنه لم يتوقع ركودًا عالميا، فإنه حذر من أنه إذا تحققت هذه التوقعات، فإن العقد الأول من القرن الحالي سيكون الأبطأ نموًا منذ ستينيات القرن الماضي.

وبُنيت هذه التقديرات على فرضية أن متوسط سعر النفط سيكون 66 دولارًا للبرميل في 2025، و61 دولارًا في العام التالي، الأمر الذي قد يتغير جذريًا في ظل تصاعد التوترات.

ضغوط إضافية على صانعي السياسات

وأشار العريان إلى أن البنوك المركزية ستضطر إلى تشديد مراقبتها للضغوط التضخمية، مما يُضعف احتمال خفض أسعار الفائدة قريبًا، كما أن الحكومات ستكون مقيدة بشأن تحفيز النمو عبر السياسة المالية بسبب استمرار معدلات الفائدة المرتفعة وحساسية المستثمرين للعجز والدين العام.

وخصّ العريان المملكة المتحدة كمثال على الدول التي قد تواجه صعوبات مضاعفة، حيث سلطت مراجعة الإنفاق الأخيرة الضوء على المخاطر التي قد تهدد الأسر البريطانية بمزيد من الضرائب في موازنة أكتوبر/تشرين الأول، مما قد يمحو أثر أي تخفيض محتمل في الفائدة من قبل بنك إنجلترا.

تآكل النظام الاقتصادي الأميركي

ولفت العريان الانتباه إلى تأثيرات غير مباشرة أعمق للأزمة، تتعلق بتآكل النظام الاقتصادي العالمي القائم على الهيمنة الأميركية.

رد الفعل المحدود للسندات الأميركية يكشف تراجع الثقة في الملاذات التقليدية (الفرنسية)

وقال "مع مرور الوقت، قد تُعد هذه الفوضى الجديدة في الشرق الأوسط عاملا إضافيا في تآكل النظام الاقتصادي العالمي بقيادة أميركا"، مضيفًا أن ذلك قد يدفع الدول إلى تقليل اعتمادها على الآليات الجماعية للضبط والاستقرار، وتعزيز قدراتها الذاتية، مما يُضعف الكفاءة العامة للاقتصاد العالمي.

إعلان مؤشرات مقلقة من الأسواق المالية

ولاحظ العريان أيضًا رد الفعل "الضعيف نسبيًا" في أسواق السندات الأميركية والدولار بعد الهجوم، إذ لم تُسجّل المكاسب التقليدية التي عادة ما تحققها الأصول الآمنة في الأزمات.

وعلّق "هذا الأمر يُثير القلق على المدى الطويل"، مشيرا إلى أن "الدول التي تميل إلى الإفراط في حيازة الدولار والأصول الأميركية قد تعيد النظر في هذه الإستراتيجية إذا استمر تراجع النفوذ الأميركي".

واختتم العريان مقاله بتحذير صريح "بأي طريقة ننظر بها إلى التأثيرات الاقتصادية والمالية لهذا التصعيد الجديد في الشرق الأوسط، فإن النتيجة واضحة: إنها أخبار سيئة في وقت سيئ للغاية"، مضيفا أن الأسواق أصبحت مضطرة للتعامل مع مجموعة متزايدة من العوامل الجيوسياسية غير المستقرة، مما يشجع على تفتت النظام الاقتصادي الحالي ويزيد من احتمالات عدم الاستقرار المالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج النظام الاقتصادی إلى أن فی وقت

إقرأ أيضاً:

أسعار النفط تتراجع مع تقييم السوق لتبعات توتر الشرق الأوسط

عواصم ، وكالات: سجل سعر نفط عُمان الرسمي اليوم تسليم شهر أغسطس القادم 68.73 دولار أمريكي، مرتفعا بمقدار دولارين أمريكيين و12 سنتًا مقارنة بسعر الأربعاء والبالغ 66.61 دولار أمريكي.

تجدر الإشارة إلى أنَّ المعدل الشهري لسعر النفط الخام العُماني تسليم شهر يونيو الجاري بلغ 67 دولارًا أمريكيًّا و87 سنتًا للبرميل، منخفضًا 4 دولارات أمريكية و64 سنتًا مقارنةً بسعر تسليم شهر مايو الماضي.

وعلى الصعيد العالمي ، تراجعت أسعار النفط اليوم وبددت المكاسب التي سجلتها في وقت سابق من جلسة التداول الآسيوية، إذ تقيم السوق أثر قرار الولايات المتحدة نقل أمريكيين من الشرق الأوسط قبل محادثات مرتقبة مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 73 سنتا أو 1.1 بالمئة إلى 69.04 دولار للبرميل . كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 66 سنتا أو واحدا بالمئة إلى 67.49 دولار.

وقفز الخامان الأربعاء بأكثر من أربعة بالمئة إلى أعلى مستوياتهما منذ أوائل أبريل .

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستنقل أفرادا أمريكيين من الشرق الأوسط لأنه "قد يكون مكانا خطيرا". وأضاف أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وتصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي.

وأدى تصاعد التوتر مع إيران إلى زيادة احتمالات اضطراب إمدادات النفط. ومن المقرر أن يجتمع الطرفان يوم الأحد.

قال أرن راسموسن المحلل في (جلوبال ريسك) في منشور على منصة (لينكد إن) إن "الكابوس الحقيقي بالنسبة لسوق النفط هو إغلاق مضيق هرمز... إذا أغلقت إيران هذا الممر الضيق، فقد يؤثر ذلك على ما يصل إلى 20 بالمئة من تدفقات النفط العالمية".

وحذرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية من أن التوتر المتزايد في الشرق الأوسط قد يصعد النشاط العسكري، مما قد يؤثر على حركة الملاحة في الممرات المائية الرئيسية. ونصحت الهيئة السفن بتوخي الحذر عند المرور عبر الخليج وخليج عُمان ومضيق هرمز.

وذكرت رويترز اليوم نقلا عن مصادر أمريكية وعراقية أن الولايات المتحدة تستعد لإخلاء جزئي لسفارتها في العراق وستسمح لأسر العسكريين الأمريكيين بمغادرة مناطق في أنحاء الشرق الأوسط بسبب المخاطر الأمنية المتزايدة في المنطقة.

والعراق هو ثاني أكبر منتج للخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية.

وقال مسؤول أمريكي إن أسر العسكريين قد يغادرون البحرين أيضا.

وقال كلفن وونج كبير محللي السوق لدى أواندا أن الأسعار انخفضت بعد أن بلغت مستويات مقاومة فنية خلال ارتفاعات الأربعاء كما يراهن بعض المتعاملين في السوق على أن يسهم اجتماع الأحد بين الولايات المتحدة وإيران في تهدئة التوتر.

وكرر ترامب مرارا تهديده بقصف إيران إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق يتعلق بأنشطة إيران النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم.

وحذر وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده من أن بلاده ستستهدف القواعد الأمريكية في المنطقة إذا فشلت المحادثات النووية وبدأت الولايات المتحدة تصعيدا عسكريا.

ويعتزم المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سلطنة عمان يوم الأحد لمناقشة رد طهران على المقترح الأمريكي بشأن التوصل لاتفاق نووي.

وأعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية انتهاك إيران لالتزاماتها في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، وذلك للمرة الأولى منذ ما يقرب من 20 عاما.

مقالات مشابهة

  • بي بي سي: صراع إسرائيل وإيران يهدد بتقويض النظام الاقتصادي الدولي
  • مخاوف بين المستثمرين من تصعيد في الشرق الأوسط تعيد الدولار كملاذ آمن
  • بيتكوين تنهي أسبوعا إيجابيا فوق 105 آلاف دولار رغم اضطرابات الشرق الأوسط
  • توترات إسرائيل على إيران يشعل الأسواق.. أسعار النفط تواصل الصعود ومخاوف من اضطرابات في الإمدادات
  • الذهب يرتفع 3.7% بسبب توترات الشرق الأوسط
  • مع تواصل التوترات في الشرق الأوسط… استمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية
  • أسعار النفط تواصل الصعود مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران ومخاوف من اضطرابات في الإمدادات
  • 10% زيادة في أسعار النفط.. اقتصادي: الضربة الإٍسرائيلية لإيران تسببت في اضطراب الأسواق
  • أسعار النفط تتراجع مع تقييم السوق لتبعات توتر الشرق الأوسط