سواليف:
2025-08-03@05:35:30 GMT

“حين صار الأسيتون طلاء أظافر… وصار عندهم دولة!”

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

“حين صار #الأسيتون طلاء أظافر… وصار عندهم دولة!”
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

منذ أيام، أوردت صحيفة نيويورك تايمز، ونقلت عنها قناة الجزيرة، خبرًا عاجلًا مفاده أن مركزًا بحثيًا إسرائيليًا تعرّض لأضرار جسيمة واندلع فيه #حريق هائل بعد استهدافه بصواريخ إيرانية. لم يمر وقت طويل حتى كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن هذا المركز ليس إلا معهد “وايزمان للعلوم”، أحد أخطر العقول العلمية التي قامت عليها بنية الكيان الصهيوني.

ما إن سمعت الخبر، تمنيت – من قلبي لا من عاطفتي – أن يكون المستهدف هو هذا المعهد تحديدًا. فلو كان هناك “قلب” للكيان الصهيوني خارج المؤسسة العسكرية، فهو #معهد_وايزمان. المعهد الذي لا يصنع فقط العلماء والتقنيات، بل يُنتج كذلك #السياسات والدولة والاستراتيجية والهيمنة.

ولا عجب. فهذا المعهد لم يُنشأ بعد تأسيس “إسرائيل”، بل قَبْله بأربعة عشر عامًا. تأسس عام 1934، أي حين كان بعض العرب يظنون أن التعليم العالي رجسٌ من عمل الاستعمار، أو عندما كان آخرون يعتقدون أن بناء الدولة يبدأ من القصيدة أو من المجالس القبلية. أما الصهاينة فاختاروا طريقًا آخر: العلم، لا العويل.

مقالات ذات صلة إيران تنشر فيديو لمراكز أمنية وعسكرية حساسة تنوي استهدافها في تل أبيب 2025/06/16

وايزمان… كيميائي يصنع دولة!
مؤسس المعهد، حاييم وايزمان، لم يكن جنرالاً، ولا أمير تنظيم، بل كان عالم كيمياء روسيًا. نجح أثناء الحرب العالمية الأولى في تطوير طريقة لإنتاج الأسيتون بالتخمير الصناعي – مادة تُحوَّل بسهولة إلى متفجرات تُستخدم في صناعة الذخيرة. لم يُطالب بريطانيا بمقابل مالي، بل قدّم اختراعه على طبق من العلم، فحصل على ما هو أغلى: وعد بلفور.

بعدها، لم يتوجه وايزمان إلى “الخطابة”، بل إلى تأسيس “الجامعة العبرية”، ومعهد “التخنيون”، ومستشفى “هداسا”، قبل أن يُتوَّج رئيسًا لأول “دولة” تُبنى على عقل العالم، لا على مزاج الجمهور.

المفارقة الكبرى: نحن الذين خُصص لنا وعد إلهي بالعلم، نتعامل معه كمشروع رفاهية، وهم الذين لا نص في كتبهم عن “اقرأ”، بنوا به كيانًا يهدد المنطقة ويبتزّ العالم.

نحن والبحث العلمي… حكاية الحقد على العقل
ولكي لا نظلم أنفسنا كثيرًا، لنقف قليلًا أمام محاولة الرئيس جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن الماضي لتأسيس “المركز القومي للبحوث”، ليكون ردًا علميًا على التفوق الإسرائيلي. كانت الفكرة نبيلة، والرؤية وطنية، لكن سرعان ما تكالبت البيروقراطية، والتقشف، والمحاباة، والنكايات السياسية على الفكرة، فاختنقت قبل أن تنضج.

تحول المركز من محراب للعلم إلى أرشيف مكدّس للأوراق. مختبراته تنتج “خطة خمسية لإصلاح الفساد”، لا حلولًا علمية. أما ميزانيته، فصارت أقرب إلى ميزانية مقصف مدرسة، لا مركز أبحاث. بينما في الجانب الآخر من الحدود، كانت ميزانية معهد وايزمان تفوق ميزانيات وزارات كاملة في بعض دولنا.

وبينما هم يحوّلون الأسيتون إلى متفجرات استراتيجية، نحن حوّلناه إلى مادة لإزالة طلاء الأظافر، بكل ما في ذلك من رمزية صادمة. عندهم، يتحول المختبر إلى جيش، وعندنا يتحول إلى رفّ مهجور في ممر متهالك من جامعة فقيرة الدعم.

النتائج؟ واضحة ومؤلمة.
نحن الآن مستهلكون في سوق التقنية، لا مصنعون. زبائن دائمون في حفل العلم الحديث، بلا دعوة. نستورد الرقائق الدقيقة، ونفاخر بتطبيقات مستنسخة. لا نملك أقمارًا صناعية ولا مشاريع بحثية عابرة للحدود، ولا مخترعين يملؤون جوائز نوبل، إلا من هربوا من واقعنا إلى جامعات الخارج.

أما الكيان الصهيوني، فمن رحم معهد وايزمان خرجت تقنيات الزراعة الحديثة، وأسلحة الذكاء الاصطناعي، والمنصات التجسسية، والدواء، وحتى أدوات التحكم في وعي البشر عبر المعلومات. بعض باحثي المعهد حصلوا على جوائز نوبل. نحن بالكاد نحصل على جائزة “أفضل خطبة في مؤتمر التنمية المستدامة”.

رسالة من العقل إلى صناع القرار
العدو الحقيقي ليس الصاروخ، بل التأخر العلمي. العدو ليس وايزمان، بل التواطؤ الطويل مع الجهل. لا يمكن لدولة أو أمة أن تنهض بلا مؤسسة علمية قوية، حرة، مستقلة، محترمة ومدعومة. لا يمكننا أن ننافس في الحرب إن لم ننتصر أولًا في المختبر.

نعم، ما فعلته إيران باستهداف معهد وايزمان هو رسالة سياسية وأمنية، لكنها أيضًا صفعة حضارية لنا جميعًا: أنتم، أيها العرب، لم تفشلوا فقط في الرد على وايزمان… بل فشلتم في تقليده!

الختام… بلطخة من الأسيتون
في معجم وايزمان، الأسيتون مادة تُصنع منها دولة.
في معجمنا، الأسيتون مادة تُلمّع بها الأظافر.
وبين الاثنين… فرق حضاري عمره قرن، ندفع ثمنه كل يوم، بالدم، والخسارة، والتبعية.

فيا سادة القرار: إن أردتم تحرير الأرض، فابدؤوا بتحرير المختبر.
وإن أردتم مجدًا، فدعوا المايكروفون قليلاً… وامسكوا بالميكروسكوب.
فالوطن لا يُصنع على الشاشة… بل يُولد في أنبوب اختبار.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الأسيتون حريق معهد وايزمان السياسات معهد وایزمان

إقرأ أيضاً:

“إكس” تُتهم بالإهمال في قضية فيديو إباحي لأطفال

صراحة نيوز- أعادت محكمة استئناف اتحادية أمس فتح جزء من دعوى قضائية ضد منصة «إكس» المملوكة لإيلون ماسك، تتهمها بتوفير بيئة تستغل الأطفال، رغم تمتعها بحصانة واسعة تجاه محتوى المستخدمين.

ورغم رفض المحكمة بعض الادعاءات، قررت أن «إكس» يجب أن تُحاسب بسبب إهمالها في الإبلاغ الفوري عن فيديو يحتوي على صور غير لائقة لقاصرين، حيث تأخرت الشركة في الإبلاغ للجهات المختصة.

وتعود القضية لأحداث ما قبل استحواذ ماسك على «تويتر» عام 2022، حين استُدرج طفل يبلغ 13 عامًا وصديقه عبر «سناب شات» لتقديم صور فاضحة لشخص اعتقدوا أنه فتاة قاصر، لكنه كان تاجر مواد إباحية للأطفال. ثم تم نشر هذه الصور على «تويتر»، حيث استغرق حذفها والإبلاغ عنها تسعة أيام بعد مشاهدات تجاوزت 167 ألفًا.

كما تواجه «إكس» اتهامات بصعوبة نظام الإبلاغ لديها، مما يعوق التصدي للمواد الإباحية الخاصة بالأطفال.

مقالات مشابهة

  • من أجمل ما قرأت.. قيل في “الحب”
  • وزير الخاجري البريطاني :هناك أصواتًا تسعى لفرض واقع يقوم على فكرة “إسرائيل الكبرى”
  • الجزائر تنضم إلى نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحد “PAPSS”
  • “إكس” تُتهم بالإهمال في قضية فيديو إباحي لأطفال
  • هل تسهم الاعترافات العالمية بـ “دولة فلسطين” في إنهاء الحرب على غزة؟
  • هيئة التخطيط والإحصاء تناقش خطة تطوير معهد التخطيط الاقتصادي والاجتماعي في سوريا
  • دوبلاج وكارتون.. مواهب صاعدة من معهد الفنون المسرحية في معكم منى الشاذلي
  • بسبب اتهامات بـمخالفة قيم الجمهورية.. معهد فرنسي يلغي تسجيل طالبة فلسطينية من غزة
  • هل تصح الصلاة مع وجود طلاء الأظافر؟.. الإفتاء تجيب
  • بديل الكليات.. قائمة بأسماء المعاهد المعتمدة في مصر 2025