دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- منح كائن صغير بخياشيم متموجة، وبشرة خضراء متوهجة العلماء دليلًا كبيرًا لحل واحدة من أكبر أسرار البيولوجيا، أي تجدّد الأطراف.

يُعرف السمندل المائي، المعروف باسم "أكسولوتل"، بقدرته غير العادية لإعادة نمو الأطراف المفقودة الناجمة عن الإصابة أو البتر.

الآن، كشف الباحثون المزيد عن العملية المعقدة وراء هذه القدرة الخارقة في دراسة جديدة نُشرت الثلاثاء في مجلة "Nature Communications".

قال كبير الباحثين في الدراسة وأستاذ علم الأحياء ومدير معهد التصوير الكيميائي للأنظمة الحية في جامعة "نورث إيسترن" بأمريكا، جيمس موناجان: "لطالما كان السؤال القائم منذ فترة طويلة في هذا المجال هو: ما هي الإشارات التي تُرشد الخلايا في موقع الإصابة إلى إعادة نمو اليد فقط، على سبيل المثال، أو إلى إعادة نمو الذراع بالكامل"؟

السمندل المائي يفتح نافذة على سر تجدد الأطراف لدى البشر. Credit: Alyssa Stone/Northeastern University

بيّنت دراسة أن مادة تُدعى حمض الريتينويك، والتي توجد عادة في علاجات حب الشباب التي تحتوي على الريتينول، هي المسؤولة عن إرسال الإشارات للخلايا المصابة في السمندل المائي حول أجزاء الجسم المفقودة وإعادة تكوينها.

أوضح موناجان أنّ حمض الريتينويك مهم في نمو الأجنة البشرية أيضًا، إذ يُرشد الخلايا إلى أماكن نمو الرأس، والقدمين.

تم تعديل هذه الكائنات وراثيًا لفهم كيفية استخدامها لحمض الريتينويك.Credit: Timothy Duerr

لكن لسببٍ غير معروف، تفقد غالبية خلايا الجسم القدرة على "الاستماع" لإشارات الجزيء التجديدية أثناء وجودها في الرحم.

رأى موناجان أنّ دراسة وظيفة إشارات حمض الريتينويك في هذه البرمائيات، قد تساعد في تطوير طرق جديدة للشفاء والعلاجات الجينية للبشر.

دراسة حمض الريتينويك في سمندل الماء

لا يتوهج سمندل الماء في الظلام بشكل طبيعي. 

لرصد إشارات حمض الريتينويك، استخدم فريق موناجان سمندل ماء مُعدّل وراثيًا يُصدر ضوءًا أخضر فلوريًا كلما كان الجزيء يُنشِّط الخلايا المصابة.

حقن الفريق كميات زائدة من حمض الريتينويك في أجسام السمندل لمراقبة تأثيره، حيث كان الكائن ينمو أكثر مما يحتاجه في موقع البتر، مستبدلًا يدًا بذراع كاملة.

لفهم كيفية استخدام السمندل لمستوياته الطبيعية من حمض الريتينويك لتجديد أطرافه بشكلٍ أفضل، غيّر موناجان وفريقه النهج الذي يعتمدونه.

شرح موناجان: "اكتشفنا أن هناك إنزيمًا واحدًا مسؤول عن تكسير حمض الريتينويك في أجسام (السمندل)". 

وأضاف: "هذا أمر مثير حقًا وأدهشنا، لأنه يوضح أنّه يتم التحكم بمستويات حمض الريتينويك (الطبيعية) عبر تحطيمها".

بمعنى آخر، لا تنمو يد سمندل مصابة لتُصبح ذراعًا، ويعود ذلك جزئيًا إلى أن الإنزيم، الذي يُدعى "CYP26B1"، يمنع عملية التجديد من التفاقم، بحسبما أوضحت كاثرين ماكوسكر، وهي الأستاذة المساعدة في علم الأحياء بجامعة ماساتشوستس في أمريكا.

لم تشارك ماكوسكر في الدراسة، لكنها تجري أيضًا أبحاثًا حول تجدّد أطراف السمندل.

حتى الآن، لا يزال فهم هذه العلاقة في الجهاز التجديدي لسمندل الأكسولوتل جزءًا من اللغز.

ما يمكن أن يتعلمه البشر من السمندل

أوضح موناجان أنه عندما تُصاب خلايا السمندل المائي، فإنّها تمر بعملية تُسمى فقدان التمايز (dedifferentiation)، حيث تفقد "ذاكرتها" وتعود إلى الحالة الجنينية. 

خلال هذه الحالة الجنينية، تُركز الخلايا على توليد أطراف جديدة، ويمكنها مرة أخرى الاستماع إلى إشارات حمض الريتينويك للبناء والنمو.

أمّا الخلايا البشرية، فلا تفقد التمايز عند الإصابة، لذلك لا يمكنها الاستجابة لإشارات حمض الريتينويك.

بدلاً من ذلك، تتفاعل أنسجتنا مع الإصابة عن طريق التندّب، حيث تفرز كميات كبيرة من الكولاجين وتنهي العملية عند هذا الحد.

لكن ماذا لو كانت هناك طريقة تُمكّن الخلايا البشرية من الاستجابة لهذه الأوامر لبناء الأطراف من جديد؟

قال موناجان: "هذا السؤال بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بالعلاج الجيني، لأننا ربما لا نحتاج إلى إضافة جينات أو إزالة جينات لتحفيز التجدد لدى البشر، بل يمكننا ببساطة تفعيل الجينات المناسبة في الوقت المناسب، أو إيقافها في الوقت المناسب".

وجد ماكوسكر أنّ تجدد الأطراف لدى البشر لا يزال على الأرجح أمرًا بعيد المنال، لكن بمجرّد أن يفهم العلماء المزيد عن آلية إشارات حمض الريتينويك، فقد تساعد التكنولوجيا في إعادة هذه القدرة التجديدية إلى الخلايا البشرية، ما يساهم في شفاء الجروح ومنع التندّب.

أبحاثاكتشافاتنشر الاثنين، 16 يونيو / حزيران 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أبحاث اكتشافات

إقرأ أيضاً:

الإمارات تستعرض جهود دعم ودمج أصحاب الهمم

نيويورك: «الخليج»
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في أعمال الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (COSP18)، التي عقدت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك خلال الفترة من 10 إلى 12 الجاري وترأس وفد الدولة سناء بنت سهيل، وزيرة الأسرة.
وخلال إلقاء البيان الوطني لدولة الإمارات أثناء المناقشة العامة، أكدت سهيل التزام الدولة الراسخ بدعم وتمكين أصحاب الهمم، مشيرةً إلى قدراتهم المميزة وحقهم في الفرص المتكافئة للمشاركة في نهضة الوطن.
وقالت: «في دولة الإمارات، نؤمن بأن الأشخاص ذوي الإعاقة، أو كما نُسميهم «أصحاب الهمم»، هم شركاء في بناء الوطن، يمتلكون قدرات تستحق التقدير وفرصاً متكافئة للتمكين والمشاركة، ومن هذا المنطلق، اعتمدت الدولة نهجاً شاملاً لبناء مجتمع يحتضن جميع أفراده قائم على قيم التسامح والعدالة».
وأضافت سناء بنت سهيل أن الإمارات حققت تقدماً ملحوظاً في تمكين أصحاب الهمم عبر ستة محاور رئيسية تشمل، الرعاية الصحية، والتعليم، والتوظيف، والحماية الاجتماعية، وإمكانية الوصول، والمشاركة المجتمعية، كما أكدت أن هذه المحاور مدعومة بإطار تشريعي قوي، أبرزها القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006، إلى جانب استراتيجيات محلية، مثل استراتيجية أبوظبي ودبي لدمج أصحاب الهمم.
وتناول البيان الوطني مجموعة من الإنجازات، مثل تطوير بيئات تعليمية دامجة تشمل المدارس وبرامج التدخل المبكر وبرامج التدريب والمنح الدراسية، فضلاً عن إنشاء أكثر من 35 مركزاً حكومياً متخصصاً وتأهيل وترخيص أكثر من 46 مركزاً خاصاً لخدمة أصحاب الهمم.
كما أشار البيان إلى الجهود المبذولة في مجال التوظيف، بما في ذلك تعزيز بيئة العمل الدامجة في القطاعين الحكومي والخاص، وتطوير بنية تحتية صديقة لأصحاب الهمم تشمل وسائل النقل والمرافق العامة، مع اعتماد التكنولوجيا المبتكرة لتيسير الوصول إلى الخدمات. وفي القطاع الصحي، تقدم الدولة خدمات متكاملة تشمل العلاج والتأهيل والدعم النفسي، إلى جانب برامج تدريبية تعزز استقلالية أصحاب الهمم، مثل المهارات الحياتية وخيارات المعيشة المدعومة.
وعلى الصعيد الدولي، سلطت الضوء على استضافة الإمارات لمجموعة من الفعاليات الكبرى، منها مؤتمر إعادة التأهيل الدولي 2024، ودورة الألعاب الأولمبية الخاصة 2019، والقرار التاريخي في 2019 باستضافة مقر اللجنة البارالمبية الآسيوية، وهي خطوات تؤكد التزام الإمارات بقضايا أصحاب الهمم على المستويين الإقليمي والدولي.
ضمّ وفد دولة الإمارات إلى الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف نخبة من ممثلي وزارة الأسرة، والمجلس التنفيذي لإمارة دبي، بالإضافة إلى دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، ومؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، ومؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، واللجنة البارالمبية الآسيوية، ومؤسسة سدرة، وذلك بالتنسيق مع البعثة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة. ويجسد هذا التشكيل روح التعاون البناء وتوحيد الجهود الوطنية بين مختلف الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الثالث والقطاع الخاص لتعزيز الدعم الشامل لأصحاب الهمم ضمن منظومة مستدامة ومتكاملة، تفعِّل المسؤولية المشتركة.
الملتقى الثقافي والدبلوماسي
استضافت دولة الإمارات - على هامش أعمال الدورة- فعالية «الملتقى»، التي تشكّل حدثاً ثقافياً ودبلوماسياً يهدف إلى تعزيز الحوار بين كافة الأطراف العالمية المعنية بهذا الموضوع الحيوي. ومثّل الحدث الذي جمع مجموعة كبيرة من الضيوف منصة لتبادل الأفكار حول سبل الدعم والتمكين اللازمة لهذه الفئة المهمة.
تؤكد مشاركة دولة الإمارات في مؤتمر الدول الأطراف الثامن عشر دورها المحوري كقائد عالمي في صياغة السياسات والأنظمة الشاملة. وقد جسدت مشاركة الوفد الإماراتي الذي جمع بين الهيئات الحكومية ومؤسسات النفع العام، النهج الشامل للدولة في التصدي للتحديات وبناء الفرص السانحة لأصحاب الهمم.
وتتطلع دولة الإمارات إلى تعزيز هذا الزخم في جلستها المخصصة تحت عنوان «إعلاء أصواتنا: طموح جماعي نحو إعادة تصور الدمج المجتمعي لكافة الأفراد». وستتيح هذه الجلسة المحورية استكشافاً معمقاً لاستراتيجيات دولة الإمارات المبتكرة للشمولية، وستكون بمنزلة منصة لتعزيز تعاون أكبر بين أصحاب المصلحة العالميين.

مقالات مشابهة

  • علاج جديد يفتت الخلايا السرطانية بالأشعة تحت الحمراء
  • الإمارات تستعرض جهود دعم ودمج أصحاب الهمم
  • سعيود يمنح موافقته للانضمام إلى الخلود السعودي
  • الحفاظ على سائل التبريد.. مفتاح سلامة محرك سيارتك
  • مراهق ينهي حياة صغير أثناء مشاجرة مع والدته في المعصرة
  • جريمة قتل بشعة في لندن بسبب مفتاح مفقود!
  • محمود فوزي : دعم الدولة والالتفاف حول القيادة السياسية مفتاح النجاح
  • إقليم كوردستان يمنح تأشيرة عبور ترانزيت للعالقين في مطار إسطنبول
  • علي جمعة: لسانك مفتاح الجنة أو سبيل الهلكة