تقرير أممي عن انتهاكات حقوق الإنسان بإريتريا ومناخ القمع المستمر
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
أصدر المقرر الخاص المعني بأوضاع حقوق الإنسان في إريتريا محمد عبد السلام بابكر تقريرا حديثا أفاد بأن المواطنين الإريتريين يعانون من انتهاكات ممنهجة على يد الحكومة، مما يعكس تحديات جسيمة في احترام الحقوق الأساسية في هذا البلد الواقع في القرن الأفريقي.
انتهاكات متعددةوأعرب التقرير عن قلقه حيال استمرار سياسة الاحتجاز التعسفي، حيث يُعتقل المواطنون دون محاكمات عادلة أو إجراءات قضائية شفافة.
كما يتعرض كثير من المعتقلين للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، ولا سيما المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين والعاملين في المجتمع المدني، مما يعمّق مناخ الخوف في البلاد.
كما لفت التقرير إلى اضطهاد ديني يمتد إلى الأقليات، موضحا أن الحكومة تتدخل بشكل غير قانوني في الشؤون الدينية، مما يعرّض الأفراد للملاحقة بسبب معتقداتهم.
وعلى الرغم من كفالة الدستور لحرية الدين، فإن الواقع يشير إلى قيود شديدة وانتهاكات منظمة ضد كل من يعبّر عن إيمانه علنا.
وتناول التقرير نظام الخدمة الوطنية الإلزامية، التي تفرضها الحكومة على جميع المواطنين. وقد تم انتقاد هذا النظام بشدة لأنه يتجاوز الحدود المقبولة دوليا، إذ يُجبر المواطنون على العمل في الجيش أو في مؤسسات مدنية لمدة غير محددة وفي ظروف تُوصَف بأنها استغلالية وقسرية.
من جهة أخرى، أضاء التقرير على معاناة اللاجئين الإريتريين الذين فروا من بلادهم هربا من القمع.
وأكد أنهم يعيشون في ظروف قاسية في دول الجوار، ويواجهون التمييز والمعاناة الاقتصادية، إلى جانب صعوبات كبيرة في الحصول على الحماية القانونية والخدمات الأساسية، مما يجعلهم من أكبر تجمعات اللاجئين في العالم.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة الإريترية لم تتخذ أي خطوات جادة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، بل تستمر في تعزيز القمع.
إعلانودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمحاسبة الحكومة، وتعزيز الضغط الدولي لوقف الانتهاكات وحماية حقوق المواطنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بهي الدين حسن لـعربي21: السجون المصرية تحوّلت إلى مسالخ بشرية.. والسيسي لن يقوم بأيّ إصلاحات
قال الحقوقي المصري البارز ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، إن "السجون المصرية تحوّلت إلى مسالخ بشرية"، مستبعدا تماما احتمالية إقدام نظام السيسي على إصلاحات جذرية أو محدودة في ملف حقوق الإنسان خلال المرحلة المقبلة.
وشدّد حسن، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "مصر صارت خارج أي تصنيف أو تقييم تقليدي لحقوق الانسان. لم يعد السؤال عن مدى التدهور؛ فالوقوف عند مؤشرات رقمية محددة لحالة أي من الحقوق والحريات الأساسية قد يُشكّل خداعا للرأي العام حول حقيقة الانحطاط في مدي تمتع المصريين بالحق في الكرامة، وبحد أدنى من ضمانات حياة إنسانية مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية".
ولفت إلى أن نمط الحكم الذي ينتهجه نظام السيسي "يفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الاستدامة، حتى على المدى المتوسط؛ فالمعادلة التي يتبعها أدّت وتؤدي، يوما بعد يوم، إلى الهبوط بمستوى ملايين المصريين نحو قاع غير مسبوق من الفقر، منذ نشأة نظام الحكم العسكري في مصر، في وقت تتجه فيه مصادر المنح والقروض الخارجية إلى التناقص".
ودعا الحقوقي المصري البارز، كل النخب السياسية الإسلامية واليسارية والليبرالية إلى "القيام بمراجعة شاملة لمسار مصر ولتفاعلات هذه النخب ذاتها منذ تحرر مصر من الاحتلال الأجنبي 1956، ووضع خريطة طريق جديدة – بالتعاون مع الإصلاحيين الباقين من عهد مبارك -– للنهوض بمصر، ومسابقة الزمن لتعويض التخلف الهائل لمصر في كافة المجالات".
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تصف واقع حقوق الإنسان في مصر اليوم بعد مرور نحو 12 عاما على انقلاب صيف 2013؟ وما الذي تغير اليوم؟
مصر صارت خارج أي تصنيف أو تقييم تقليدي لحقوق الانسان. لم يعد السؤال عن مدى التدهور؛ فالوقوف عند مؤشرات رقمية محددة لحالة أي من الحقوق والحريات الأساسية قد يُشكّل خداعا للرأي العام حول حقيقة الانحطاط في مدي تمتع المصريين بالحق في الكرامة، وبحد أدنى من ضمانات حياة إنسانية مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، كالتي تتمتع بها بالفعل بدرجات متفاوتة أغلبية شعوب العالم.
هل رصدتم مؤخرا حملات اعتقال جديدة تشنّها السلطات المصرية، كما ذكرت بعض التقارير الحقوقية؟ وما الأسباب الكامنة وراء هذه الحملات؟
حملات الاعتقال لم تتوقف يوما منذ 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن.
كيف تنظرون إلى الانتهاكات المتواصلة بحق المعتقلين السياسيين في "سجن بدر 3"، والتي أدّت إلى محاولات انتحار جماعية؟ وهل بات المعتقلون يفضلون الموت على الاستمرار في هذا الواقع القاسي؟
لقد لعب الخبراء النازيون الألمان الذين جري الاستعانة بهم لتأسيس الأجهزة الأمنية في مصر في الأسابيع الأولي لانقلاب 23 تموز/ يوليو 1952 دورا بشعا في تحويل السجون المصرية إلى مسالخ بشرية (بدلا عن أن تكون مؤسسات رعاية وإصلاح). مَن أتيح لهم قراءة مذكرات المعتقلين السياسيين من الشيوعيين والإخوان المسلمين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لن يفاجئ على الاطلاق بما يجري مؤخرا في "سجن بدر 3".
ما دلالات قرار رفع اسم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح من قوائم الإرهاب؟ وهل يُعد ذلك مؤشرا على قرب الإفراج عنه؟
علاء عبد الفتاح – مثل عشرات ألوف السجناء السياسيين الحاليين في مصر – هو أسير لا يسري عليه أي قانون أو إجراءات قضائية. أيّة مزاعم بخلاف ذلك مع علاء أو غيره لا تغير من حقيقة أن علاء وآلاف آخرين ما كان يجب أن يقضوا في السجن يوما واحدا. علاء عبد الفتاح – مثله مثل آخرين – لم يكن إرهابيا، وعلى مَن أزالوا اسمه أن يعتذروا له وللرأي العام على إدراج اسمه وتعويضه – وألوف آخرين – عن المعاناة والسنوات التي ضاعت من عمرهم.
كيف تابعتم انتخابات مجلس الشيوخ؟ وما مدى نزاهتها في رأيكم؟
للأسف لم أهتم بمتابعة ما يُسمى "انتخابات" ما يُسمى "مجلس الشيوخ"، ولا أظن أنني سأتابع ما يُسمى "انتخابات" ما يُسمى مجلس النواب. كلاهما يصعب تطبيق عليهما معايير الانتخابات أو المجالس النيابية. كلا المجلسين ليسا أكثر من "مبصمة" في حذاء الحاكم الأوحد. هي مناسبة في كل الأحوال لإدراك كم بلغ مستوي الفساد السياسي في مصر، والمالي أيضا.
إلى أي مدى نجح عبد الفتاح السيسي في بناء ما يُسمّى "الجمهورية الجديدة" أو "الجمهورية الثانية"؟ وهل بات نظامه أكثر رسوخا واستقرارا؟
السيسي نجح في تعزيز الطابع "الملوكي" الفردي في دولة مازال دستورها يقول إن نظامها جمهوري. هو يتمتع بسلطات لا يحظى بها ملوك في دول ملكية راسخة. في واقع الأمر أن دولا ملكية مثل بريطانيا أو السويد وهولندا وغيرها هي أكثر "جمهورية" عشرات المرات من "مملكة السيسي".
واقع الأمر أن تحوّل مصر إلى ما سمّاه أحد الأكاديميين "جملكة" (أي الجمع في نظام واحد بين بعض خصائص النظامين الجمهوري والملكي) لم يبدأ كما ظن البعض مع بروز سيناريو محتمل لتوريث الحكم لجمال مبارك، بل بدأ في اليوم التالي للقضاء على النظام الملكي بعد انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952.
من زوايا متعددة؛ ربما كان النظام الملكي في مصر بعد ثورة 1919 قد أتبع تقاليد "جمهورية" عصف بها الانقلاب الذي زعم التحوّل لنظام جمهوري، رغم أن "النظام الجمهوري" المزعوم أبقي على نظام التوريث الملكي، ولكن في إطار أبناء المؤسسة العسكرية.
برأيك، هل نجح نظام السيسي في تعزيز وترسيخ الحكم العسكري في مصر أم أنه يخصم من رصيد "دولة يوليو" ويُضعف مستقبل الحكم العسكري؟
لا شك أن السيسي نجح، على المدى القصير المنظور، في تعزيز ما يسميه الأكاديمي الفلسطيني المعروف يزيد صايغ "جمهورية الضباط"، وذلك من خلال المزج بين الإفراط الهائل في تمكين المؤسسة العسكرية من الهيمنة على مصادر الثروة المادية في مصر، وإدارتها "غير الرشيدة" لصالح أفرادها، باعتبارها الضامن القوي والرئيسي لاستمرار السيسي في الحكم.
في المقابل، حرص السيسي على عدم إبقاء أي مسؤول عسكري كبير في منصبه لفترة طويلة قد تساعده على التحول إلى مركز قوة وخطر محتمل عليه، وذلك بالتوازي مع استمرار القمع الضاري لكل الأصوات التي يُخشى أن تُشكّل نواة معارضة في مصر.
لكن هذا النمط من الحكم يفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الاستدامة، حتى على المدى المتوسط؛ فهذه المعادلة أدّت وتؤدي، يوما بعد يوم، إلى الهبوط بمستوى ملايين المصريين نحو قاع غير مسبوق من الفقر، منذ نشأة نظام الحكم العسكري في مصر، في وقت تتجه فيه مصادر المنح والقروض الخارجية إلى التناقص، بالتوازي مع انفتاح أبواب واعدة بالنمو "الرشيد" في دول أخرى في المنطقة، مثل سوريا ولبنان، وربما لاحقا العراق، تجتذب أموال دول الخليج والمؤسسات المالية الدولية.
هل تجاوزت السلطات المصرية المراجعة الدورية الشاملة الرابعة أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بسلاسة، رغم الانتقادات الحقوقية الكثيرة التي وُجّهت لها سابقا؟
جرت خلال المراجعة الدورية الشاملة لحالة حقوق الإنسان في مصر محاكمة دقيقة وشاملة، بما في ذلك الممارسات التجميلية الفاشلة، مثل ما يُسمى "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" والمجلس القومي لحقوق الإنسان. ومع ذلك، لم تحظَ هذه المحاكمة بالاهتمام الإعلامي الكافي، نظرا لانشغال الرأي العام ووسائل الإعلام بحمّام الدم المتواصل نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
هل تتوقعون أن يُقدم النظام على إصلاحات جذرية حقيقية في ملف حقوق الإنسان خلال المرحلة المقبلة؟
لا أتوقع إصلاحات جذرية ولا محدودة، ولكن ربما يتم إنزال وجوه كومبارس جديدة تقوم بذات الوظائف، لكنها قد تساعد على منح وهما خادعا بأنها "رسل إصلاح".
هل السيسي لا يزال يتمتع بذات الحصانة السياسية والإسناد الإقليمي والدولي؟
ما زال السيسي يتمتع بدعم أطراف عربية ودولية مؤثرة، إلا أن هذا الدعم يشهد تراجعا تدريجيا بسبب عجزه عن إصلاح أوضاع مصر، أو على الأقل تقليص حجم الدعم المالي الهائل الذي يُمنح لدولة واحدة، بينما نظامها عاجز حتى عن إجراء إصلاح اقتصادي أو مالي أو إداري – ولو محدود أو متواضع - يوقف النزيف الهائل في الموارد.
من ناحية أخرى، لم يظهر حتى الآن على سطح الأحداث أي بديل واضح للسيسي — سواء كان فردا أو جماعة — من داخل نظام الحكم أو من النخب السياسية، سواء اليسارية أو الإسلامية أو الليبرالية.
من وجهة نظركم، كيف يمكن وقف هذا الانحدار الحاد في الحريات العامة، في ظل السيطرة الكاملة للسلطة على مؤسسات الدولة المصرية؟
ليس هناك بديل سوي اضطلاع كل النخب السياسية الإسلامية واليسارية والليبرالية بالقيام بمراجعة شاملة لمسار مصر ولتفاعلات هذه النخب ذاتها منذ تحرر مصر من الاحتلال الأجنبي 1956، ووضع خريطة طريق جديدة – بالتعاون مع الإصلاحيين الباقين من عهد مبارك - للنهوض بمصر، ومسابقة الزمن لتعويض التخلف الهائل لمصر في كافة المجالات (بما في ذلك حقوق الانسان).
هذا التخلف الحضاري والتنموي والحقوقي بدأ قبل السيسي بعقود، لكنه ساهم للأسف بضيق أفقه السياسي والفكري والتنموي في تجذيره وتحصينه. كان الاستقلال الوطني حلما كافح من أجل تحقيقه ملايين المصريين على مدار سبعة عقود، لكن مَن قادوا البلاد حينذاك أهدروا ثمار الاستقلال واستنزفوا الاقتصاد الوطني في مشاريع اقتصادية غير مدروسة ومغامرات سياسية وهمية وهزائم عسكرية غير مسبوقة، ووظفوا الثمار المحدودة للاستقلال لتعزيز حكم الفرد وتنمية طبقة العسكريين التي توارثت الحكم. طريق تصحيح مسار مصر ونهوضها لتأخذ مكانها اللائق بين دول العالم لا يبدأ من 3 يوليو 2013، بل قبل ذلك بستة عقود.