في نوفمبر 2013، استوقفني ـ كما استوقف العالم آنذاك ـ خبر مهم يتعلق بالفضاء، واكتشاف هذا العالم المليء بالغموض والأسرار، بعد إطلاق الهند أول مركبة فضائية خاصة بها، في مهمة استكشافية إلى المريخ، أو ما يُسمى «الكوكب الأحمر».
بعد 10 سنوات، أي في أغسطس 2023، شاهدنا حلقة جديدة ناجحة من المسلسل الهندي، الذي تدور أحداثه ـ في قالب علمي تكنولوجي فضائي ـ حول فكرة تعزيز الهند لمكانتها، كقوة عظمى حقيقية في الفضاء.
قبل أيام، هبطت بسلام، المركبة «تشاندرايان ـ 3»، على القطب الجنوبي غير المستكشف للقمر، لتصبح الهند الدولة الرابعة ـ بعد روسيا وأمريكا والصين ـ في الهبوط على القمر، وأول دولة تهبط على أحد قُطْبَيْه، بعد محاولة سابقة لم يُكتب لها النجاح في سبتمبر 2019، بسبب عطل برمجي.
ذلك الإنجاز الهائل، جعل الهند على «مرمى حجر»، من تقديم قفزات أخرى، عجزت دول عظمى عن تحقيقها، في ظل سِباق عالمي محموم، يدور في فلك السيطرة على الفضاء الخارجي، ومعرفة بعض أسراره المذهلة.
وبما أن «القطب الجنوبي للقمر» أصبح منطقة علمية وجيولوجية، فإن كثيرًا من البلدان تحاول الوصول إليها؛ لما يمثله من قاعدة للاستكشاف المستقبلي، في ظل الاعتقاد بأنه بات مصدرًا محتملًا للمياه والأكسجين.
نتصور أن التجربة الأخيرة الناجحة للهند، بتنفيذها هبوطًا سلسًا ومُحْكَمًا على سطح القمر، بواسطة المركبة «Chandrayaan-3»، ستُخَلِّف دَوِيًّا هائلًا في مجال اكتشاف الفضاء، خلال السنوات القليلة القادمة.
إن هذا الحدث الاستثنائي لم يكن «فيلمًا أو مسلسلًا هنديًا»، بل كان «واقعًا حقيقيًا» و«تجربة مبهرة»، خصوصًا أن الهند لا تتوقف عن إبهار العالم بين الحين والآخر، لكن اللافت هو حجم التكلفة والإنفاق المالي «الزهيد»، على تلك المهمة الاستكشافية الفريدة.
وبعيدًا عن رفضنا القاطع للانتهاكات المستمرة بحق المسلمين الهنود، إلا أن هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، أو نتيجةَ ضربة حظ، وإنما نِتاج عمل دؤوب وتخطيط مدروس، وإرادة وعزيمة وإصرار على النجاح، واهتمام كبير بالبحث العلمي والتكنولوجيا، وطموح أمة لها تاريخ ضارب في القِدم، تبحث عن حاضر مزدهر، ومستقبل مشرق.
إن الإبهار الهندي الجديد، يجعلنا نؤكد ضرورة أن يكون البحث العلمي الجاد، محور حياتنا واهتماماتنا بالمرحلة المقبلة، فمصر بحضارتها وتاريخها وجغرافيتها وثروتها البشرية ليس مكانها أن تقف موقف المتفرج على «الأفلام والمسلسلات الهندية»، خصوصًا في مجالات التقنية والبرمجيات وعلوم الفضاء.
أخيرًا.. يجب أن تكون لدينا إرادة حقيقية، ووضع خطة واضحة المعالم، قابلة للتنفيذ، لتطوير البحث العلمي، ورصد ميزانية ضخمة، تفوق أي مشاريع أو مجالات أخرى عديمة الجدوى، واضعين بعين الاعتبار أنه «بالعلم وحده تحيا الأمم».
فصل الخطاب:
يقول الفيلسوف الإنجليزي «توماس براون»: «يجب ألا تقترب من العلم بروح التاجر».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القطب الجنوبي للقمر فيلم هندي محمود زاهر المركبة تشاندرايان 3 البحث العلمي اكتشاف الفضاء سطح القمر
إقرأ أيضاً:
الجمعية العمومية والمؤتمر الثلاثي السنوي للشراكة بين الأكاديميات.. البحث العلمي تكشف التفاصيل
كشفت الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي، تفاصيل استضافة مصر لفعاليات الجمعية العمومية والمؤتمر الثلاثي السنوي للشراكة بين الأكاديميات.
وقال الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد سالم، مقدم برنامج كلمة أخيرة، المذاع عبر قناة اون، مساء اليوم الأحد، إن هذا الحدث يُعد إنجازًا مشرفًا للدولة المصرية ويعكس ثقة المجتمع العلمي الدولي في قدرات مصر التنظيمية والعلمية، مضيفا أن الدعم المتنامي الذي توليه الدولة لقطاع البحث العلمي كان عاملًا حاسمًا في إسناد تنظيم هذه الفعاليات إلى مصر.
واضاف الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي، أن السنوات الأخيرة شهدت اهتمامًا غير مسبوق بتعزيز البنية التحتية البحثية وتوفير التمويل اللازم للمشروعات العلمية.
وفي السياق نفسه أشارت الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي، إلى أن هذا الاهتمام انعكس في زيادة عدد المشروعات البحثية والتعاون الدولي بين المؤسسات المصرية ونظيراتها بالخارج، فضلًا عن دعم الكوادر الشابة وتمكين الباحثين من المشاركة في المحافل الدولية.