خطيب المسجد الحرام: محاسبة النفس أوضح دليل على كمال عقل المرء
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته واجتناب نواهيه ومساخطه.
وقال الشيخ أسامة بن عبدالله خياط، خلال خطبة الجمعة اليوم: "إن وقفة التوديع مثيرة للأشجان، ومهيجة للأحزان؛ إذ هي مصاحبة للرحيل، ومؤذنة بالانقضاء, لقد مضى عام كامل، تقلبت فيه الأحوال، وفنيت الأعمار، وحلت بالأمة فيه نوازل, وإذا كان ذهاب الليالي والأيام عند الغافلين اللاهين لا يعدو كونه مضي يوم ومجيء آخر، فإنه عند أولي الأبصار باعث حي من بواعث الاعتبار، ومصدر متجدد من مصادر العظة والادكار، كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه، فيما رواه الحسن البصري رحمه الله عنه: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك", ويصوره أيضًا قول بعض السلف: "كيف يفرح بمرور الأعوام من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟ كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وحياته إلى موته؟" وقول بعضهم: "من كانت الليالي مطاياه، سارتا به وإن لم يسر".
وأشار الدكتور أسامة، إلى أن أولي الألباب يتوقفون عند وداع العام وقفة مراجعة للذات ومحاسبة للنفس، مثل التاجر الحاذق الذي يتفقد تجارته، فينظر إلى أرباحه وخسائره، باحثًا عن الأسباب، متأملًا في الخطأ والصواب, وإن سلوك المسلم الواعي هذا المسلك الرشيد، ليفوق ذلك في شرف مقاصده، ونبل غاياته، وسمو أهدافه؛ لأنه يسعى إلى الحفاظ على المكاسب الحقة التي لا تبور تجارتها، ولا يكسد سوقها، ولا تفنى أرباحها، من كنوز الأعمال، وأرصدة الباقيات الصالحات التي جعل الله لها مكانًا عليًا، ومقامًا كريمًا، وفضلها على ما سواها، فقال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا).
وتابع: لذا كانت العناية بهذه المراجعة، والحرص على هذه المحاسبة، ديدن الأيقاظ، ونهج الراشدين، لا يشغلهم عنها لهو الحياة ولغوها، وزخرفها وزهرتها وزينتها، فيقطعون أشواط الحياة بحظ وافر من التوفيق في إدراك المنى، وبلوغ الآمال، والظفر بالمقاصد، والسلامة من العثرات, وعلى النقيض منهم، أولئك الغافلون السادرون في غيهم وغفلتهم، فإنهم لا يفيقون من سكرتهم، للنظر في مغانمهم ومغارمهم، ولا لاستصلاح ما فرط منهم، والاعتبار بالمصائب، والاتعاظ بالنوازل، فهم ممن نسي الله فأنساهم العمل لما فيه صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وعقباهم.
وأوضح الشيخ أسامة، أن ارتباط المراجعة والمحاسبة بالتغيير نحو الأفضل والأكمل هو ارتباط وثيق وقوي، فالمراجعة والمحاسبة تكشف للإنسان مواطن النقص والخلل والعيوب, فإذا عزم المصحح، وأخلص النية، واتضح له الطريق، وأحسن العمل، جاءه عون الله بمدد لا ينقطع، فيُحسن عاقبته ويجزيه خير الجزاء, إن الحاجة إلى سلوك نهج المراجعة والمحاسبة ليست مقتصرة على أفراد أو فئة معينة، بل الأمة الإسلامية بأسرها في حاجة ماسة إليها، ولا يمكنها الاستغناء عنها، وهي تودع عامًا مضى وتستقبل عامًا جديدًا، ولكن هذه المراجعة والمحاسبة تتسع أبعادها، ويعم نفعها، وتعظم فائدتها بالنسبة للأمة.
وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام أن محاسبة النفس هي أوضح دليل على كمال عقل المرء، وحرصه التام على أسباب سعادته ونجاحه في كل ما يفعل ويترك, وهي وقفة لا بد لكل عاقل أن يقفها مع نفسه بعد كل عمل، وعند نهاية كل مرحلة، وفي ختام كل مهمة، إذا أراد أن يستقيم أمره، ويصلح حاله، ويسلم مصيره، لينال الفوز العظيم في الدنيا والآخرة، مؤكدًا أهمية المداومة على هذه المراقبة الصادقة المحكمة، خاصة عند استقبال مرحلة جديدة من العمل، واستئناف مسيرة الحياة، مع الاعتماد على ما مضى، وعزم على التصحيح والتخطيط لما بقي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم محاسبة النفس المراجعة والمحاسبة خطیب المسجد الحرام
إقرأ أيضاً:
هل العزومات في الأفراح وردت عن النبي؟.. الإفتاء: إطعام الطعام سُنة مؤكدة
أجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال يقول فيه سائله: "هل الوجبات الغذائية والعزومات في الأفراح سُنة؟".
وفي إجابته عن السؤال، أكد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، أن إطعام الطعام في الأفراح من السُّنَن النبوية المؤكدة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أولِم ولو بشاة»، أي ادعُ الناس وأطعمهم ولو كان ما تقدمه بسيطًا.
أمين الإفتاء: إطعام الطعام سُنة مؤكدة في كل الأفراحوأشار أمين الإفتاء إلى أن المقصود هو الإطعام في ذاته، لا شكل الوجبة، قائلاً: «سيبنا من مصطلح الوجبات الغذائية وخلينا في المعنى الأوسع، سواء كان الإطعام في صورة وجبات، أو بوفيه مفتوح، أو ذبيحة تُوزع؛ فالأصل أن إطعام الطعام سُنة مؤكدة في كل الأفراح والاجتماعات».
هل يجب الوضوء قبل قراءة القرآن أو تجديده حال فساده؟.. اعرف رأي الإفتاء
حكم أداء صلاة الجنازة على الميت الغائب.. الإفتاء تجيب
الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
ما حكم صلاة الضحى أثناء أذان الظهر؟.. الإفتاء تجيب
وفي هذا السياق، حذرت الدكتورة نيفين مختار، الداعية الإسلامية، من صور الإسراف والتبذير في الأفراح، مؤكدة على أهمية تطبيق التعاليم الإسلامية في حياتنا اليومية.
وأوصت الداعية الإسلامية، بالالتزام بمبدأ الاعتدال وتجنب الإسراف والتبذير، منوهة بأن الحديث عن الإسراف ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو حجة نُقيمها على أنفسنا.
وأضافت الداعية الإسلامية أننا نعيش في عصر يشهد الكثير من النعم، سواء كان ذلك في الماء أو الطعام، لذا من المهم أن نكون واعين لكيفية استهلاك هذه النعم، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل المدينة: 'أطعموا الطعام'".
حكم إقامة حفلات الأفراحوكان الدكتور أسامة الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، أشاد بجمال الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الفرح والسرور في حياة الإنسان، مؤكدًا أن الشرع الشريف لا يمنع الأفراح، بل يُهذِّبها ويقوِّمها ويوجهها بالشكل الذي يحفظ الذوق والقيم والمبادئ الأصيلة.
وقال الدكتور أسامة الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، إن الشريعة كلها رحمة وود ومحبة وجمال، ولا تعرف التهجم ولا الخشونة، بل تدعو إلى الطمأنينة والسعادة والسلام والرجاء.
وأضاف الدكتور أسامة الجندي "الشرع الشريف يقولك افرح، افرح في النجاح، في الزواج، في الرزق، لكن بشرط ألا تفرح بعيدًا عن الله سبحانه وتعالى، بل افرح مع الله ووفق ما يرضيه".
وأوضح الدكتور أسامة الجندي أن الإسلام لا يمنع الفرح والاحتفال، مستشهدًا بقول الله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"، مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفرحون في مناسباتهم ولديهم شواهد كثيرة في هذا السياق.
وأكد الدكتور أسامة الجندي أن إدخال السرور على قلب المسلم من أحب الأعمال إلى الله، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم"، وقوله أيضًا: "من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره سره الله تعالى يوم القيامة".
وشدد على أهمية ألا تتحول الأفراح إلى سلوكيات سلبية أو ممارسات خارجة عن الذوق العام، مثل المبالغة في الأزياء أو التصرفات غير اللائقة، مشيرًا إلى ضرورة التمسك بقيم البساطة والحياء والأدب والذوق حتى تكون أفراحنا مرضية لله وموافقة لروح الشريعة الإسلامية.