نظّمت مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، مساء اليوم السبت بمقرها بالرباط، محاضرة فكرية ألقاها أستاذ علم الاجتماع عبد الرحيم العطري، تحت عنوان « النخب والتحولات المجتمعية: الأدوار والإبدالات paradigmes الجديدة، سلّط خلالها الضوء على التحولات العميقة التي يشهدها مفهوم النخبة وأدوارها في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية والرقمية المتسارعة.

في مستهل مداخلته، اعتبر العطري أن « النخبة جزء من المشكلة وجزء من الحل »، مشددًا على ضرورة إعادة التفكير في شروط إنتاج النخب بالمجتمعات المعاصرة، حيث ميز بين ثلاثة مسارات رئيسية: النخبة المستحقة عن طريق الكفاءة والجدارة، النخبة الوراثية التي تُكرّس عبر الامتيازات العائلية أو ما وصفه بـ »الدماء الزرقاء »، وأخيرًا نخب تجمع بين الوراثة والكفاءة.

وأكد المتدخل أن مفهوم « الاستحقاق » لم يعد كافيًا، مشيرًا إلى أن الواقع يبرز نوعًا جديدًا من النخب، مثل « النخبة الرقمية » التي تفرزها منصات التواصل الاجتماعي من خلال « البوز » وعدد المشاهدات والتفاعلات، بدلًا من الكفاءة الفكرية أو العلمية.

وارتكزت المحاضرة على سؤال مركزي: ما النخبة التي نريد؟ ليقترح تصورًا يقوم على ثلاث وظائف أساسية للنخبة:
1. التنوير: عبر محاربة الجهل ونشر الوعي.
2. التحرير: من الفقر والتصورات المتكلسة.
3. التغيير: عبر إعادة بناء الفهم وإبداع مقاربات جديدة في التفكير والتحليل.
وفي حديثه عن التحولات المجتمعية، أشار المتدخل إلى ظاهرة التفكك الاجتماعي وتراجع أدوار الأسرة والمدرسة لصالح تأثير الفضاء الرقمي، موضحًا أن « التنشئة الاجتماعية اليوم باتت تمر عبر الشاشات »، مضيفًا أن « الرقمي لم يعد مجرد وسيلة بل أصبح مؤسسة تنشئة موازية ».
كما تناول العطري التحولات القيمية، مشيرًا إلى فرض معايير جديدة من قبل المؤسسات الدولية، وتنامي الخطاب الهوياتي الفردي، ومظاهر قبول اجتماعي جديدة في المجتمع المغربي رصدتها دراسات مثل تلك الصادرة عن المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية.

وعن واقع النخب السياسية الحالية، قسّمها إلى ثلاثة مسارات:
مسار الموالاة والانخراط في منطق الاستفادة، ومسار المعارضة، ومسار الانسحاب والتفرج، وهو ما وصفه بـ »الحياد السلبي ».
وخص بالذكر النخب المثقفة التي قال إنها « مارست التلبس الإيديولوجي، سواء في إتجاه موالاة السلطة أو معارضتها أو حتى عبر صمتها ».
كما أشار إلى التحدي الجديد الذي تواجهه النخب التقليدية والمثقفة، والمتمثل في بروز « المؤثر الرقمي » الذي صار يزاحم الأكاديمي والسياسي في التأثير وتشكيل الرأي العام، بل ويتحدث في كل القضايا دون تخصص خاصة مع تنامي استعمال أدوات التواصل الرقمي مثل التدوينات والصور ومقاطع الفيديو كأوعية لتوجيه الرأي العام.
وانتقد المحاضر كذلك دور الإعلام الذي أصبح يتأرجح بين كونه ناقلًا للخبر أو فاعلًا سياسيًا أو حتى مؤرخًا ومناضلًا، كما تطرق إلى دور الدولة التي صارت – على حد تعبيره – « أكثر يسارية من اليسار في خطابها ».
واختتم العطري مداخلته بالدعوة إلى استعادة أدوار المثقف والنخبة، مؤكدًا الحاجة إلى نخب تنويرية وتحريرية وتغييرية. وركّز على ضرورة تحصين ثلاث مؤسسات حاسمة:
الأسرة باعتبارها حاضنة أولى للإبداع، والمدرسة التي تتعرض لما أسماه « السحل الرمزي »، والإعلام الذي يجب أن يستعيد أدواره التثقيفية والإخبارية.

 

كلمات دلالية التنشئة الإجتماعية الرقمي المثقف عبد الرحيم العطري مؤسسة عابد الجابري

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: التنشئة الإجتماعية الرقمي المثقف

إقرأ أيضاً:

مجلة أوروبية: الدبيبة فشل في كل شيء.. والميليشيات المسلحة هي المسيطرة

ليبيا – كشف تقرير تحليلي نشرته مجلة “إنترناشيونال بولوتكس كالتشر آند سوسايتي” الأوروبية، أن الاشتباكات المسلحة المتكررة في طرابلس تؤكد هشاشة الأمن في العاصمة، في ظل سيطرة الميليشيات المسلحة على مفاصل الدولة، وفشل حكومة عبد الحميد الدبيبة في تحقيق وعودها منذ 2021.

الميليشيات.. “قطع شطرنج” بيد النخبة السياسية
وبحسب التقرير الذي نقلت أبرز نقاطه صحيفة المرصد، وصفت المجلة الأوروبية الميليشيات المسلحة بـ”قطع شطرنج”، مؤكدة أن هذه الجماعات المتنافسة هي من تُحكم قبضتها على البلاد، فيما تبقى الدولة غائبة عن المشهد، ووعود الدبيبة بإعادة الأمن والاستقرار مجرد وهم لم يتحقق.

سلام بعيد المنال وسط تواطؤ سياسي
وأشار التقرير إلى أن السلام الدائم في ليبيا لا يزال حلمًا بعيد المنال في غياب مؤسسات فاعلة وهياكل ديمقراطية شرعية، مشددًا على أن النخبة السياسية الحاكمة ترفض التخلي عن الوضع القائم خوفًا من فقدان سلطتها، وتواصل تعزيز نفوذها عبر الميليشيات وشبكات المصالح الاقتصادية والمؤسسية.

اختراق الدولة بدل إصلاحها
وسلّط التقرير الضوء على فشل فكرة دمج الميليشيات ضمن وزارتي الداخلية والدفاع، إذ تحوّل هذا الإجراء من وسيلة لإصلاح السياسة الأمنية إلى أداة لاختراق الدولة ونهبها، ما تسبب في صراعات متواصلة داخل العاصمة، لم تعد مجرد حوادث عرضية بل نتيجة حتمية لصراع منهجي على السلطة.

الدبيبة مسؤول عن تدهور الوضع الأمني
وهاجم التقرير رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، محمّلاً إياه مسؤولية استمرار العنف والتدهور الأمني، إلى جانب فشله في توفير الاستقرار أو ضمان سيادة القانون، أو الوفاء بتعهده بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في موعدها.

ترجمة المرصد- خاص

 

مقالات مشابهة

  • مدير مؤسسة توليد الكهرباء يبحث مع ممثلي شركة UCC نتائج الجولات الميدانية التي تم تنفيذها
  • الاتحاد العربي للتطوير والتنمية: لدينا شراكات متنوعة مع الكيانات الاقتصادية الكبرى
  • مالك بن نبي بين حصار الاستعمار وصراعات النخب.. قصة تهميش عبقري النهضة
  • جلسة حوارية تناقش تحديات أدوار المرأة المتعددة
  • العصر الرقمي وتأثير الشاشات .. كيف تُحد من أضرارها؟
  • مجلة أوروبية: الدبيبة فشل في كل شيء.. والميليشيات المسلحة هي المسيطرة
  • ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير
  • وسيط المملكة: مؤسسات الوساطة تواجه تحديات التحول الرقمي وتأمين المساواة في ولوج المرافق العمومية
  • ماركا تصف تعادل الهلال بـ”الخيبة” وتحديات ألونسو تتكشف مبكرًا