نبوءة حزقيال وحرب إيران وتمهيد الخلاص المسيحاني لإسرائيل
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
في ظل الاعتقادات الدينية التي ترافق الدعم المطلق لقيام دولة إسرائيل الذي يقدمه أتباع المسيحية الصهيونية في أميركا -المعروفين بالألفيين- تطرح تساؤلات كبيرة عن موقع حرب إسرائيل على إيران في تلك المعتقدات.
وفي معتقدات هؤلاء أن إنشاء دولة إسرائيل وتجميع اليهود في فلسطين هو تحقيق لنبوءات العهد القديم وشرط لمجيء الملك المسيح ليحكم ألف سنة، لتحقيق ما يسمونه بالخلاص المسيحاني في نهاية الزمان.
ويزعم أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه منح مرسوما إلهيا لتحقيق النبوءات المسيحية بمواجهة إيران، وأن تدخله بشكل مباشر في هذه الحرب ما هو إلا استجابة لنداء الرب، كما زعم سفيره في إسرائيل مايك هاكابي.
ففي مقال بعنوان: "قد تكون النظرة الإنجيلية لمايك هاكابي هي المفتاح" نشرته على موقع "فوروورد" تؤكد الأستاذة المُحاضرة في الجغرافيا البشرية بجامعة كوينز بلفاست الأميركية تريستان ستورم أن المسيحيين الصهاينة يرون في المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران تحقيقا لنبوءة توراتية بالغة الأهمية.
وتنقل ستورم عن المؤرخ الفرنسي فرانسوا هارتوغ قوله إن المؤشرات على نهاية العالم باتت كثيرة، وإن الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران يعد خطوة في هذا الاتجاه خصوصا بالنسبة للمسيحيين الصهاينة الذين يترقبون هذا الحدث بفارغ الصبر.
وفي السياق ذاته اعتبرت افتتاحية لمجلة "تريبين كريستيين" (المنبر المسيحي) الفرنسية بعنوان: "إسرائيل وإيران: هل تتحقق نبوءة حزقيال؟" نشرت الثلاثاء الماضي أن حدة المواجهة بين إسرائيل وإيران تدل على أن هذا الصراع أكثر من مجرد تنافس إستراتيجي "إنها حرب ذات جذور توراتية، تنبأ بها النبي حزقيال قبل آلاف السنين".
وتختار المجلة اقتباسات من هذه النصوص المزعومة جاء في أحدها: "يا ابن آدم، وجّه وجهك نحو أرض مأجوج.. وتنبأ عليه.. واخرج أنت وكل جيشك.. معهم فارس وكوش كلهم بدروع وخوذ.. إلى أرض مستعادة.. سأكسرك أنت وجيشك على جبال إسرائيل".
إعلانوتشرح المجلة المسيحية الفرنسية أنه بالنسبة لمعتنقي الصهيونية الدينية، فإن هذه المقاطع هي تفسير لأحداث الأزمنة الحالية: تجميع اليهود وهجوم تحالف من الأعداء من الشمال بما في ذلك بلاد فارس، ثم الحرب الشاملة.
وتوضح المجلة أنه مما يعضد الجانب الديني في هذه المواجهة تنامي نفوذ الشخصيات الدينية والقومية في إسرائيل التي ترى أن الحرب ضد إيران ليست دفاعية فحسب، بل هي جزء من عملية روحية، وخطوة نحو ما تصفه بالخلاص الذي وعد به الأنبياء.
وتؤكد المجلة أنه حتى لدى الطرف الآخر (إيران) فإن الصبغة الدينية لهذه الحرب حاضرة أيضا، إذ ينتظر معتنقو المذهب الشيعي الإثني عشري عودة المهدي، أو من يصفونه بالإمام الغائب، الذي سيقضي بمجيئه على الظلم في الأرض.
وتخلص المجلة إلى أنه رغم أهمية القضايا الجيوسياسية والنووية وقضايا الطاقة في الصراع الحالي فإن صعود الخطاب الديني على الجانبين يجعل الصراع أكثر غموضا وأكثر خطورة، حيث إن الحرب التي يعتقد كل طرف فيها أنه يتصرف باسم الله تصبح حرب اللاعودة.
وفي مقال على موقع هارفست الأميركي بعنوان "هجوم إسرائيل على إيران: تحديث لنبوءات الكتاب المقدس" يتساءل كبير قساوسة كنيسة هارفست في كاليفورنيا وهاواي جريج لوري كيف تتوافق هذه المرحلة الجديدة من الصراع بين إسرائيل وإيران مع نبوءات الكتاب المقدس؟ وهل تُمثل هذه اللحظة تحقيقًا لنبوءة محددة عن نهاية العالم؟
يجيب كبير القساوسة: "نعم ولا. فقد تنبأ الكتاب المقدس بوضوح بأن إسرائيل ستتشتت ثم تتجمع من جديد، وقد تحقق ذلك في 14 مايو/أيار 1948، كما تنبأ الكتاب المقدس أيضًا "بأنه في الأيام الأخيرة سيظهر تحالف عظيم من الشمال – بما في ذلك بلاد فارس- ضد إسرائيل مع أن ما نراه اليوم ليس تحقيقًا كاملًا لتلك النبوءة، إلا أنه بلا شك نذير شؤم".
لكن لوري يقول إن الكتاب المقدس لم يقتصر على الإشارة إلى تجميع اليهود بل أوضح أنه ستزداد عزلتهم، وهذا ما يحدث، كما تنبأ الكتاب المقدس بتصاعد معاداة السامية في آخر الزمان، وهذا ما يحدث أيضا.
تتجلى نظرة الصهيونية الدينية لهذه الحرب بشكل واضح في رسالة السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي التي وجهها إلى ترامب في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، وكتب فيها "لقد نجاك الله في بنسلفانيا.. أعتقد أنك ستسمع من السماء لصوت أهم بكثير من صوتي أو صوت أي شخص آخر".
وتعتبر الباحثة ستورم في مقالها أن هاكابي هو أقوى صهيوني مسيحي في العالم، وتؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي يُصوّر فيها أنصار ترامب الإنجيليون ترامب على أنه مُنح مرسومًا إلهيًا فيما يتعلق بإيران.
ففي ولايته الأولى قارنوه بالملكة إستر، حيث قال وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو إن ترامب "رُبِّيَ لمثل هذا الوقت، تمامًا مثل الملكة إستر، للمساعدة في إنقاذ الشعب اليهودي من الخطر الإيراني".
كما قارنه البعض بالملك كورش الذي يوصف أيضا في المعتقدات التوراتية بأنه أداة الله الفارسية التي حرّرت اليهود.
إعلانوالآن، يُكلف الله ترامب -حسب أنصاره من الإنجيليين- بمهمة توراتية مماثلة، ولكن على عكس كورش وإستر، فإن مهمة ترامب -كما تصورها هاكابي- ليست إنقاذ اليهود، "بل هو لإحداث خطفٍ وشيك، يُرفع خلاله جميع المؤمنين الحقيقيين إلى مقاعد المدرجات في السماء لمشاهدة المسيح يهزم جيوش المسيح الدجال في تل مجدو".
لكن المفارقة أنه حسب هذا الاعتقاد سيموت معظم اليهود باستثناء قلة ممن سيتحولون إلى المسيحية.
وتعتبر الباحثة أن رسالة هاكابي تحثّ ترامب، بشكلٍ غير مباشر، على الانضمام إلى الحرب على اعتبار أن الصراع الإسرائيلي الإيراني مُنبأ به في الكتاب المقدس: "لم تطلبوا هذه اللحظة، بل هذه اللحظة طلبتكم"، كما جاء في الرسالة.
إرشاد الرب
وتوضح الباحثة أنه انطلاقا من هذه المعتقدات فإن الصهاينة المسيحيين يدعون أن أفعالهم بإرشاد الرب، وهو ما يرون أنه يجردهم من أي مسؤولية سياسية عما يقع بسبب أفعالهم بما في ذلك تبرعهم بملايين الدولارات للمستوطنات وللجيش الإسرائيلي، رغم ما يمارسه من جرائم إبادة في قطاع غزة.
وهم مدفوعون باعتقاد مفاده أن الدولة اليهودية يجب أن تغطي الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط وأن تمحى الأراضي الفلسطينية، كجزء من العملية المؤدية إلى نهاية العالم.
وتعتبر ستورم أنه لم يعد ممكنا التعامل مع التنبؤات الصهيونية المسيحية باعتبارها مجرد خرافات جيوسياسية عنصرية، فقد تغلغلت في الدوائر الغربية خصوصا في أميركا.
ودخل المسيحيون الصهاينة، الذين يؤمنون بها إيمانًا راسخًا، إلى أروقة السلطة، لا سيما ضمن الفريق الحاكم حاليا في البيت الأبيض، بدءا بالرئيس ترامب ومرورا بوزير الدفاع بيت هيغسيث ووصولا إلى السفير هاكابي، وهو ما يجعل المخاطر مرتفعة لإمكانية أن يدفع الفكر المسيحي الصهيوني الولايات المتحدة إلى صدام مباشر مع إيران.
نقل موقع شبكة ترينيتي التلفزيونية المسيحية الأكثر مشاهدة في أميركا عن القس جويل روزنبرغ قوله إن هناك نبوءتين في الكتاب المقدس يتجاهلهما معظم الناس تتعلقان بمستقبل إيران، إحداهما كتبها النبي حزقيال عن حرب يأجوج ومأجوج، والأخرى كتبها النبي إرميا، وستحدث كلتاهما قبيل عودة المسيح ليُرسّخ حكمه الأرضي.
وأضاف روزنبرغ أن "الرب يقول إنه سيدمر القدرة العسكرية لإيران"، ويستدل على هذا بنص مزعوم جاء فيه "وأجلب على عيلام (اسم قديم لإيران) الرياح الأربع من 4 جهات السماء، وبددهم بكل تلك الرياح، ولا تكون أمة إلا ويدخل عليها منفيو عيلام".
يعتبر روزنبرغ أن ذلك تحقق ابتداء من عام 1979 مع الثورة الإسلامية في إيران التي أطاحت بنظام الشاه، حيث تشتت الإيرانيون بعدها وتفرقوا في أنحاء العالم، فعندما تلتقي الإيرانيين الذين يعيشون في المنفى تلاحظ أنهم تركوا الإسلام واعتنقوا الإيمان، حسب وصفه.
ويضيف روزنبرغ ثم تأتي نقطة التحول عندما يقول الله لإرميا إن المستقبل هو إيران، "سأضع عرشي في عيلام"، وهو ما يفسره قائلا: "إن الله سينقل عرشه الروحي إلى إيران، وسوف يدمر النظام، سوف يدمر جيشهم، فهو سيباركهم بأن يجعل يسوع يستقر في إيران لتتحول إلى بلد مرسل للمبشرين وليتحول المسلمون الشيعة المتطرفون والمتعصبون الذين يكرهون إسرائيل حاليًا إلى أمة من "الرسل مثل بولس".
الفرس لا يعادون إسرائيلوفي السياق ذاته تبحث دراسة على موقع "إغليز ديي فيفان" بعنوان "العماليق وإيران والنبوءة" في أسباب التغير المفاجئ في العلاقات بين إيران وإسرائيل بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979، وكيف تحول صديق سابق لإسرائيل والولايات المتحدة، بين عشية وضحاها، إلى أسوأ عدو لهما.
إعلانوتقول الدراسة كان الشاه يعتبر نفسه الوريث لملوك الإمبراطورية الفارسية القديمة، وتؤكد الدراسات الديمغرافية إلى أن غالبية السكان الإيرانيين الحاليين لا يزالون من أصل فارسي، بينما تشير المصادر التاريخية والتوراتية إلى أن الشعب الفارسي لم يكن عدوا للشعب اليهودي.
وتضيف الدراسة إن كثيرا من الناس لا يفهمون أن الحكومة الإيرانية بعد سقوط الشاه سقطت في أيدي أقلية ليست من أصل فارسي، فمن هذه الأقلية؟
تعتبر الدراسة أنه استنادا للكتاب المقدس والتاريخ فإن ملوك الفرس منذ العصور القديمة كان لديهم موقف إيجابي عموما تجاه الشعب اليهودي، وهي سمة ظلت موجودة في زمن الشاه محمد رضا بهلوي في القرن الـ20 فقد كان بعض وزرائه من اليهود.
غير أن الدراسة تتحدث عن ملك من ملوك الإمبراطورية الفارسية كان استثناء بعداوته لليهود حيث حاربهم وأراد استئصالهم ويدعى هامان حسب الكتاب المقدس، لكنه لم يكن من أصل فارسي، بل كان عماليقيا.
وتشير الدراسة إلى التشابه بين موقف هامان العماليقي تجاه الشعب اليهودي وما حدث في إيران منذ تولي آية الله الخميني للسلطة بعد الإطاحة محمد رضا بهلوي، وتلاحظ الدراسة أن هناك تشابها حتى في الأسماء حيث يشترك "الخميني" في نفس الجذر مع اسم "هامان".
وتخلص الدراسة إلى أن الأمة الفارسية في إيران وقعت تحت تأثير أقلية العماليق الذين تولوا مقاليد السلطة بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي.
يعتبر رئيس تحرير مجلة "كريستيانيتي توداي" راسل مور في مقال بعنوان: "لا تُلقِ باللوم على نبوءات الكتاب المقدس في الحرب مع إيران" أن ربط مخططات النبوءات بالأحداث الجيوسياسية المعاصرة قد يثير حماس الجمهور وتخويفه، لكنه مدعاة لإثارة الشكوك أيضا.
ففي السابق ربط كثيرون بين تأسيس دولة إسرائيل ومجيء المسيح، ونسبوا للكتاب المقدس أن ذلك سيحدث خلال 40 عاما، لكن ثبت زيف ذلك.
ولاحقا اعتاد جيل الحرب الباردة سماع أن الاتحاد السوفياتي هو يأجوج ومأجوج، ولكن الاتحاد السوفياتي انهار، ثم قيل إن العراق بابل جديدة، وإن صدام حسين هو نبوخذنصر جديد، وبالتالي سيكون ما يسمى الخطف على الأبواب، ولم يحدث شيء من ذلك.
ورغم ما أورده الكاتب أعلاه من تنبؤات سابقة ثبت زيفها، تعود حاليا مزاعم النبوءات للواجهة في الدوائر الغربية فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية الإيرانية وفي النهاية تكتسب جمهورا.
ويفسر بعض الدارسين ذلك بتعقيد الطبيعة البشرية وأن الناس لا يتعلمون التعليم الصحيح، بل يختارون لأنفسهم معلمين ومرشدين حسب أهوائهم، فيبتعدون عن سماع الحق، وينحرفون إلى الخرافات التي يتلذذون بسماعها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إسرائیل وإیران الکتاب المقدس رضا بهلوی فی إیران إلى أن
إقرأ أيضاً:
عدوان إسرائيل على إيران يُبعد ترامب عن ثلاثة من أقرب حلفائه
واشنطن- في الوقت الذي لم يقرر فيه بعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفه الحاسم من التدخل العسكري إلى جانب إسرائيل في هجومها على إيران، اهتزت علاقاته بثلاثة من أقرب حلفائه اليمينيين الذين يعتبرون أكثر ممثلي تيار ماغا شهرة ونفوذا.
وهؤلاء هم:
الإعلامي الشهير تاكر كارلسون الذي يعتبره كثيرون صوت ترامب الأهم. العقل الإستراتيجي ستيف بانون الذي يعتبر مفكر ترامب. النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين من ولاية جورجيا، زعيمة تيار ماغا في مجلس النواب.وابتعد ثلاثتهم عن ترامب بعدما أجمعوا على عدة مبادئ أهمها "التخلي عن إسرائيل" ومبدأ "دعهم يخوضون حروبهم الخاصة".
ورفض ترامب انتقادات حلفائه، ورد قائلا "حسنا، بالنظر إلى أنني الشخص الذي طوَّر (أميركا أولا) وبالنظر إلى أن المصطلح لم يتم استخدامه حتى جئت، أعتقد أنني الشخص الذي يقرر ذلك".
وبالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يقولون إنهم يريدون السلام -يواصل ترامب- "لا يمكنك الحصول على سلام إذا امتلكت إيران سلاحا نوويا، لذلك بالنسبة لجميع هؤلاء الأشخاص الرائعين الذين لا يريدون فعل أي شيء حيال امتلاك إيران للسلاح النووي، أقول لهم: هذا ليس سلاما".
صوت ترامبعُرف عن كارلسون قربه الشديد من ترامب وأبنائه، وقد تحدث في المؤتمر العام للحزب الجمهوري في يوليو/تموز 2024 قبل دقائق من اعتلاء ترامب المنصة، وقبوله الترشح رسميا للرئاسة.
ومن هنا، يعتبر صبَّ كارلسون الكثير من غضبه على الرئيس، متهما إياه بالرغبة في بالمشاركة بالحرب الإسرائيلية ضد إيران، مفاجئا إلى حد بعيد.
وجادل كارلسون بأن المخاوف من حصول إيران على سلاح نووي في المستقبل القريب لا صحة لها. وقال إن الحرب معها لن تؤدي فقط إلى سقوط "الآلاف" من الأميركيين في الشرق الأوسط، ولكن "ترقى إلى خيانة عميقة" لقاعدة ترامب و"تنهي رئاسته" فعليا.
إعلانوكرر هذا الادعاء في رسالته الإخبارية، متهما ترامب بـ"التواطؤ في أعمال الحرب" عبر "التمويل وإرسال الأسلحة إلى إسرائيل". وأضاف "إذا أرادت إسرائيل شن هذه الحرب، فلها كل الحق في ذلك، إنها دولة ذات سيادة، وتفعل ما يحلو لها".
قوة أيديولوجيةانضم بانون إلى حملة ترامب الرئاسية الأولى كرئيس تنفيذي لها قبل انتخابات 2016، وكان له الدور الرائد في إعادة تشكيل رسائلها، مع التركيز على الشعبوية والقومية والتشدد في الهجرة.
وبعد فوز ترامب بولايته الأولى، أصبح بانون كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون الإستراتيجية، وصوَّرته وسائل الإعلام الأميركية على أنه قوة أيديولوجية وراء سياسات ترامب الأكثر إثارة للجدل.
كما أيد بانون مزاعم ترامب بتزوير الانتخابات عام 2020. ووجهت إليه تهمة ازدراء الكونغرس لرفضه التعاون مع تحقيقات 6 يناير/كانون الثاني، وقضى شهورا في السجن، ويعد عرَّاب الترويج لترشح ترامب لفترة حكم ثالثة بالمخالفة للدستور.
وبعد بدء إسرائيل هجماتها على إيران، غرّد بانون يقول "أؤيد إسرائيل كدولة ذات سيادة كاملة، ولكن عندما يتخذون خطوات أحادية الجانب على افتراض أن أميركا ستخوض معاركهم، عندها يصبح الأمر خطيرا، يجب أن نتخذ قرارات تضع أميركا أولا".
I support Israel as a sovereign nation fully.
But when they make unilateral moves assuming America will fight their battles, that’s when it gets dangerous.
We must make decisions that put America first. pic.twitter.com/5Taq8ND1Kt
— STEVE BANNON ???????? (@Stevebannon_sk) June 16, 2025
وفي لقاء إذاعي جمع بانون وكارلسون، قال الأخير إن "النقطة المهمة هي ضرورة التركيز على بلدنا، حيث ولدنا، وحيث كانت عائلتي تقطن لمئات السنين، كان هذا هو وعد ترامب بالانتخابات الأخيرة". وأشار الاثنان إلى عدد من قضايا السياسة الداخلية التي يفضل أن تركز عليها إدارة ترامب، كالهجرة وأزمة "مخدّر الفنتانيل".
في حين قال بانون مشيرا إلى إسرائيل "إنهم قرروا وحدهم الذهاب للحرب، إنهم لا يريدون منك الدفاع عنهم فحسب، بل يريدون منا أن نشترك في هذا الهجوم".
وقد انتقد كارلسون أيضا كل النداءات من أنصار إسرائيل بأن تدخل الولايات المتحدة في الصراع، وكتب على منصة إكس يقول "الانقسام الحقيقي ليس بين من يدعم إسرائيل أو الداعمين لإيران أو الفلسطينيين. الفجوة بين أولئك الذين يشجعون العنف بشكل عرضي، والذين يسعون إلى منعه، بين دعاة الحرب وصانعي السلام".
توصف العلاقة بين ترامب وغرين بالوثيقة جدا، لدرجة يمكن معها القول إنها واحدة من أعمق العلاقات بين الرئيس وأي عضو حالي في الكونغرس.
وتتميز غرين بالولاء الشخصي الكبير والاصطفاف الأيديولوجي العميق مع ترامب، وبينهما منفعة سياسية متبادلة، وهو يكرر وصفها بالقول إنها "محاربة قوية" و"شخصية مميزة جدا".
وانتقدت هذه النائبة عن الحزب الجمهوري عن ولاية جورجيا، والتي تعتبر من أكثر مؤيدي حركة "أميركا أولا" من اعتبرتهم "جمهوريين مزيفين يتخبطون بشأن انخراط واشنطن في حرب أخرى لتغيير نظام الشرق الأوسط".
Everyone is finding out who are real America First/MAGA and who were fake and just said it bc it was popular.
Unfortunately the list of fakes are becoming quite long and exposed themselves quickly.
Anyone slobbering for the U.S. to become fully involved in the Israel/Iran war…
— Rep. Marjorie Taylor Greene???????? (@RepMTG) June 15, 2025
إعلانوعلى منصة إكس، نشرت غرين تغريدة حادة جاء فيها أن أي شخص يتأرجح من أجل أن تشارك أميركا بشكل كامل في الحرب الإسرائيلية الإيرانية ليس من تيار "أميركا أولا".
وأضافت أن "الرغبة في قتل الأبرياء أمر مثير للاشمئزاز، لقد سئمنا وتعبنا من الحروب الخارجية، ماغا تريد السلام العالمي لجميع الناس، لا أن يقتل جيشنا ويصاب جسديا وعقليا للأبد، نحب جيشنا الأميركي، ونحبهم ليساعدونا بتأمين حدودنا ومدننا وللدفاع عن شعبنا وبلدنا".
"السلام أولى"ومضت غرين مشيرة إلى ما أحدثته الحروب السابقة في الشرق الأوسط من كوارث على الجنود الأميركيين العائدين. وقالت "أنفقنا تريليونات الدولارات، وتعاملنا مع تداعيات الموت، وتفجير الجثث، وحوادث الانتحار، ومشكلات اضطراب ما بعد الصدمة، كل ذلك لأنهم أخبرونا بالدعاية عن سبب وجوب التضحية بأنفسنا للدفاع عن حدود بلد آخر".
وعبَّرت عن رغبتها بوقف كل الحروب، وقالت "لا أريد أن أرى إسرائيل تُقصف أو تقصف إيران أو قصف غزة، ولا رؤية أوكرانيا تتعرض للقصف أو قصف روسيا، ولا نريد أن نشارك أو يطلب منا دفع ثمن أي منها".
وتابعت "لدينا دينا قيمته أكثر من 36 تريليون دولار، وجبال من مشاكلنا الخاصة، واتخاذ هذا الموقف ليس معاديا للسامية، إنه عقلاني وعاقل ومحب تجاه جميع الناس، إن السلام والازدهار للجميع ليس انعزاليا، بل يؤدي إلى صفقات تجارية عظيمة واقتصادات عظيمة تساعد جميع الناس".
ولم يقتصر الابتعاد عن ترامب على هؤلاء الثلاثة، إذ أن هناك شخصيات وازنة، أقل شهرة من الثلاثة السابقين، كالنائب توماس ماسي (جمهوري من كنتاكي) والنائب السابق مات جايتز (جمهوري من فلوريدا) وكبير مستشاري البنتاغون السابق دان كالدويل، أبعدتهم مواقفهم ضد التدخل العسكري إلى جانب إسرائيل من الرئيس ترامب.