أمريكا تخطط لاستخدام القوة العسكرية ضد عصابات المخدرات المكسيكية
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
نقلت واشنطن بوست عن مسؤولين أمريكيين القول بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تقيم خططا لاستخدام القوة العسكرية ضد عصابات المخدرات المكسيكية.
وذكرت الصحيفة ذاتها ان المناقشات تراوحت بين استخدام مدمرات بحرية لإطلاق صواريخ على قادة العصابات.
وفي وقت سابق ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، في خطوة مثّلت تصعيدًا مفاجئًا على جبهة التبادل التجاري بين ضفتي الأطلسي، وأثارت ردود فعل غاضبة من عدة عواصم أوروبية.
في المقابل، أعلنت الحكومة المكسيكية أنها أُبلغت رسميًا بالقرار الأمريكي خلال اجتماع رفيع المستوى مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية.
وأوضحت في بيان أنها تعتبر القرار غير عادل، وأنها أعربت عن رفضها الصريح له خلال المحادثات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أمريكا المكسيك قوة عسكرية عصابة المخدرات إدارة الرئيس دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
الخط الأصفر في غزة.. والخطة الأمريكية في أوكرانيا
حين طرحت إدارة ترامب خطة النقاط الثماني والعشرين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حاولت واشنطن أن تقدم نفسها كقوة صانعة للسلام، لكنها في العمق كانت تعيد رسم خريطة المنطقة الأوروبية بالطريقة نفسها التي سمحت بها لإسرائيل أن تعيد رسم غزة تحت غطاء الخط الأصفر. وفي الحالتين، تبدو الولايات المتحدة الطرف الذي يملك القدرة على إيقاف النزيف لكنه يفضل إدارة الخرائط بدل وقف الحروب.
فالخطة التي صاغتها واشنطن لا تحمل ملامح اتفاق تفاوضت عليه الأطراف، بل تشبه وثيقة كُتبت بعيدا عن أوكرانيا، ثم عُرضت عليها للتوقيع. إذ تعترف الخطة ضمنا بسيطرة روسيا على القرم ودونيتسك ولوغانسك، وتجميد خطوط الجبهة في خيرسون وزابوريجيا على ما هي عليه، لتصب في اتجاه واحد: تثبيت واقع خلقته القوة المسلحة ومنحه شرعية سياسية بغطاء أمريكي.
ثم تذهب الخطة أبعد من ذلك حين تفرض على كييف إجراء انتخابات عامة خلال مئة يوم من دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، في لحظة ضعف داخلي وإنهاك شعبي وانقسام سياسي. وهذا الشرط لم يأت بحثا عن ديمقراطية بقدر ما جاء بحثا عن قيادة جديدة تتعامل مع الخطة كقدر سياسي لا مفر منه، وتضمن لواشنطن وجود سلطة لا تمانع في تمرير خريطة صيغت خارج إرادة البلاد.
وتضيف الخطة قيودا عسكرية صارمة: تخفيض حجم الجيش، ومنع الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وربط القدرة الدفاعية الأوكرانية بضمانات أمريكية فضفاضة لا تحدد أداة الرد ولا زمنه. وبهذه القيود، تتحول أوكرانيا من دولة تحاول حماية سيادتها إلى دولة شبه محايدة تعتمد على إرادة خارجية لا يمكن التنبؤ بها.
أما في أوروبا، فقد خلفت الخطة موجة قلق واسعة. إذ تدرك العواصم الأوروبية، وخاصة دول البلطيق وشرق أوروبا، أن الخطة تمنح موسكو ما فشلت في انتزاعه بالكامل عبر السلاح، وتفتح الباب لسابقة قد تدفع روسيا إلى إعادة اختبار حدود دول أخرى، بينما ترى برلين وباريس أن واشنطن صادرت القرار الأوروبي، وفرضت تسوية لا تراعي موازين الأمن القاري ولا مصالح القارة نفسها.
وفي الداخل الأوكراني، يتعامل الشارع مع الخطة بوصفها تنازلا سياديا خطيرا، بينما تخشى القيادة السياسية أن يؤدي رفضها إلى فقدان الدعم الأمريكي الذي تستند إليه أوكرانيا في صمودها العسكري. وهكذا تجد كييف نفسها بين ضغط واشنطن وابتزاز موسكو وقلق شعب أنهكته الحرب.
وعلى الجانب المقابل، تتصرف موسكو بثقة واضحة، لأن الخطة تمنحها معظم ما تريد: مناطق نفوذ ثابتة، وتخفيفا للضغط العسكري، ونافذة نحو رفع تدريجي للعقوبات. ولذلك تلتزم روسيا صمتا محسوبا، لأن المكاسب التي تجنيها لا تحتاج إلى ضجيج سياسي.
وعند هذه النقطة، يصبح الربط بين غزة وأوكرانيا ضروريا لا ترفا تحليليا، فالمشهد في الحالتين واحد: خطوط تتقدم، وحدود تتمدد، وشعوب تجبر على قبول ما لا يمكن قبوله.
وبقدر ما تبدو خطة أوكرانيا وثيقة سياسية، فإنها في جوهرها الوجه الأوروبي للخطة التي غضت واشنطن الطرف عنها في غزة. فالمنطق واحد، والخط الأصفر واحد، واليد التي تسمح بتمديد الخرائط هناك هي اليد نفسها التي ترسم خرائط القوة هنا. وفي الحالتين، تتصرف واشنطن كقوة ترى الحرب فرصة لتغيير منار الأرض، لا مناسبة لوقف نزيف الشعوب. ولذلك تبدو أوكرانيا اليوم كأنها تسير في الطريق ذاته الذي مشت فيه غزة؛ أرض يعاد ترسيمها بقرارات فوقية، ومعابر تفتح وتغلق بضغط القوة، وخط أصفر يزحف بلا رادع بينما العالم يتفرج.
وما بين غزة وأوكرانيا، تطل الحقيقة التي حاولت واشنطن إخفاءها: إنها لا تمسك ميزان العدل، بل تمسك مقبض القوة، وتطلقه حيث تشاء؛ تسمح لإسرائيل أن تغير ملامح القطاع كما تريد، ثم تطالب أوكرانيا أن تقبل بخريطة رسمتها موسكو تحت عين أمريكية صامتة. وفي هذا العبث بمعالم الأرض، تتردد تلك الحكمة الأثرية التي تقول إن من يغير منار الأرض يجلب على نفسه اللعنة، لأن الخرائط التي تفرض بالعنف لا تمحو الذاكرة، بل تضيف إليها جرحا لا يندمل.
إن أخطر ما في السياسة الأمريكية أنها تقدم الخرائط على العدالة، وتقدم مصالح القوة على استقرار الشعوب. ففي غزة تركت الخط الأصفر يتقدم مترا بعد متر، وفي أوكرانيا تركت خطوط روسيا تتجمد وتتحول إلى حدود سياسية. وفي الحالتين، أدارت واشنطن ظهرها للضمير الدولي، فبدت وكأنها لا تبحث عن سلام، بل عن صيغة جديدة للهيمنة.
ويبقى السؤال: هل تستطيع دولة تخوض حربا على وجودها أن تقبل بخريطة صيغت خارج حدودها؟ وهل يمكن لخطة أمريكية أن تصنع استقرارا في كييف وقد عجزت عن صنعه في غزة؟ أم أن التاريخ سيعيد رسم المشهد حين ينقشع غبار السلاح، وتدرك الشعوب أنها وحدها صاحبة الحق في أرضها وحدودها؟