قال البابا لاوون الرابع عشر، يوم الأحد، بعد الضربات الأميركية على مواقع نووية في إيران إن "البشرية تصرخ وتطالب بالسلام" إزاء "الأخبار المقلقة القادمة من الشرق الأوسط"، داعيا الدبلوماسية إلى "إسكات السلاح".

وقال البابا في ختام صلاة التبشير الأسبوعية في الفاتيكان إن "كل عضو في الأسرة الدولية يتحمل المسؤولية الأخلاقية بوضع حد لمأساة الحرب قبل أن تتحول إلى هاوية لا يمكن ردمها".

وتابع مخاطبا آلاف المصلين في ساحة القديس بطرس "اليوم أكثر من أي وقت مضى، البشرية تصرخ وتطالب بالسلام. إنها صرخة تتطلب مسؤولية وعقلانية، ولا ينبغي أن يطغى عليها ضجيج الاسلحة والخطابات التي تحض على النزاع".

وقال "لا يمكن لأي انتصار بالأسلحة أن يعوض عن معاناة الأمهات وخوف الأطفال والمستقبل المسلوب. دعوا الدبلوماسية تسكت الأسلحة. ولتبنِ الأمم مستقبلها على أعمال السلام ولا على العنف والنزاعات الدامية".

وشدد على أن "الحروب تترك جراحا عميقة في تاريخ الشعوب".

وحذر البابا من جهة أخرى، من خطر التغاضي عن الضرورة العاجلة لتأمين مساعدات إنسانية لقطاع غزة المدمر والمهدد في ظل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المستمرة منذ أكثر من عشرين شهرا.

وقال "في هذا السياق الخطير الذي يشمل إسرائيل وفلسطين، قد يتم تناسي المعاناة اليومية للسكان، وخصوصا في غزة ومناطق أخرى حيث الحاجة العاجلة إلى مساعدة إنسانية ملائمة تزداد إلحاحا".

المصدر: قناة اليمن اليوم

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟.. قراءة معمقة بتداعيات تصعيد بالشرق الأوسط

في فجر يوم مشحون بالتوترات، نفّذت الولايات المتحدة الأمريكية هجوما استهدف منشآت نووية إيرانية استراتيجية في فوردو ونطنز وأصفهان. لم تكن هذه العملية مجرد ضربة عسكرية اعتيادية، بل إعلان صريح عن دخول المنطقة في مرحلة جديدة من التصعيد الشامل، تُعيد رسم موازين القوى وتُظهر هشاشة الخطوط الحمراء التي طالما اعتُبرت ثوابت في اللعبة الإقليمية.

كسر استراتيجي للردع التقليدي: قرار أمريكي فردي في توقيت حرج

الضربة الأمريكية، التي نفذت في توقيت مفاجئ خلال عطلة الأسواق المالية، تشير إلى اتخاذ قرار سياسي منفرد على أعلى المستويات في واشنطن، وربما بعيدا عن المشاورات التقليدية مع المؤسسة العسكرية. وقد وصف بعض المحللين هذا القرار بأنه جاء في سياق استعراض عضلات على حساب التوازن الإقليمي، مع تجاهل التقديرات التحذيرية من انزلاق لا يمكن السيطرة عليه.

تجدر الإشارة إلى أن المنشآت المستهدفة في إيران تُعد من الأعمدة الأساسية لبرنامجها النووي، وتُشير تقديرات استخبارية إلى أنها تحتوي على مئات أجهزة الطرد المركزي عالية التقنية التي تُسرّع إنتاج المواد النووية، وهو ما جعل الضربة تبدو محاولة لقطع الطريق على إيران نحو السلاح النووي.

الرد الإيراني: دقة استثنائية واحترافية عسكرية

رد إيران على الهجوم لم يكن مجرد رد فعل عاطفي أو ناري، بل كان تعبيرا عن استراتيجية مدروسة بعناية عالية. أطلقت إيران حوالي 30 صاروخا باليستيا ضمن "الموجة العشرين" من عملية "الوعد الصادق 3"، استهدفت خلالها مطار اللد، ومراكز الأبحاث البيولوجية، وقواعد عسكرية أساسية داخل الأراضي المحتلة.

الأمر اللافت هو أن بعض هذه الصواريخ اخترقت منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية الإسرائيلية، وسبق صافرات الإنذار، ما يعكس تفوقا تكنولوجيا واضحا في القدرات الإيرانية، وهو أمر قد يعيد حسابات تل أبيب، التي اعتقدت لسنوات أن دفاعاتها الجوية غير قابلة للاختراق.

وفقا لتقارير أولية، أصيب ما لا يقل عن 15 شخصا بينهم في حالة حرجة، في حين تعرضت منشآت حيوية لأضرار كبيرة، رغم محاولات الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيما على حجم الخسائر.

إسرائيل بين القلق الداخلي وتقييم الواقع الجديد

في تل أبيب، يقف الجمهور والقيادة الأمنية في مواجهة حقائق مرّة. فالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي طالما اعتبرت نفسها صاحبة المبادرة، وراعية الردع في المنطقة، وجدت نفسها في موقف دفاعي حرج، مع اعترافات داخلية بأن الضربة الأمريكية "أنقذت إسرائيل من مهمة شبه مستحيلة" كانت تتمثل في استهداف منشأة فوردو النووية الواقعة تحت الأرض.

هذه الاعترافات تُظهر هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي، وتعكس ضعفا في الاستعدادات والتقييم الاستخباري تجاه التهديد الإيراني الجديد. كما أن استنفاد "بنك الأهداف" الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية بحسب الإعلام العبري يجعلها الآن في موقف التبعية والرد بدلا من المبادرة.

إيران.. بين الحنكة الاستراتيجية والصبر القانوني

حافظت إيران على خطاب دبلوماسي قانوني، حيث أكدت أن الرد قادم لكن "ليس انفعاليا"، مؤكدة أن المنشآت المستهدفة كانت "مفرغة من المواد النووية الخطرة"، ما يوحي بأن طهران كانت متوقعة للضربة، واستعدت لها بحذر متزن.

إضافة إلى ذلك، وجهت إيران تهديدا ضمنيا للولايات المتحدة بأن "كل مواطن أمريكي في منطقة الشرق الأوسط بات هدفا مشروعا"، في مؤشر واضح على رفع مستوى التصعيد في خطابها السياسي، مع محاولة للحفاظ على شرعية الرد على الساحة الدولية.

واشنطن بين التصعيد السياسي والتردد العسكري

يواجه البيت الأبيض أزمة داخلية بين حماسة ترامب لفرض وقائع جديدة على الأرض، وتوجس البنتاغون من تداعيات توسيع الصراع. هجوم كهذا -وصفه بعض الخبراء بـ"غير المحسوب"- يضع الولايات المتحدة في مأزق استراتيجي مع خطر انزلاق غير مرغوب فيه نحو مواجهة طويلة الأمد، لا تخدم مصالحها.

كما أن توقيت الضربة خلال عطلة الأسواق يشير إلى محاولة تفادي اضطرابات اقتصادية، إلا أن الرد الإيراني السريع قد يعيد إشعال التوترات ويزيد من حجم المخاطر الاقتصادية الإقليمية والدولية.

السيناريوهات المستقبلية: تلاقي جبهات متعددة وتحولات إقليمية

في ضوء هذه التطورات، من المتوقع أن تتجه المنطقة نحو حرب استنزاف متعددة الجبهات تشمل:

- لبنان: حيث يحتفظ حزب الله بترسانة من الصواريخ والقذائف الدقيقة التي يمكنها تغيير قواعد الاشتباك.

- العراق: مع الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، التي أصبحت جاهزة للرد في حال تصعيد إضافي.

- غزة: التي قد تفتح جبهة جنوبية مفاجئة في ظل حالة الاستقطاب المتصاعدة.

هذا السيناريو قد يشمل عمليات سرية، واغتيالات، وهجمات سيبرانية، ومواجهات غير مباشرة، ما يطيل أمد الأزمة ويصعب التنبؤ بنتائجها.

تحولات عميقة في ميزان القوى الإقليمي

الضربة الأمريكية والرد الإيراني يكشفان عن انهيار "الردع النفسي" الذي سيطر على الشرق الأوسط لعقود، وتأكيد قدرة إيران على توجيه ضربات مباشرة داخل العمق الإسرائيلي، وهو ما يغيّر قواعد اللعبة الأمنية بشكل جذري.

كما أن إسرائيل تبدو اليوم أكثر رهبة من قدرة إيران على فرض نفسها كقوة إقليمية قادرة على الردع الاستراتيجي، بينما الولايات المتحدة تدخل في مأزق يصعب فيه المحافظة على استراتيجيات السيطرة التقليدية.

خاتمة: مواجهة لا هوادة فيها على مفترق طرق

الشرق الأوسط اليوم يقف على حافة تحولات غير مسبوقة، حيث لن تكون النزاعات مقتصرة على أطراف محلية أو إقليمية، بل دخلت في صراع دولي مباشر. الخيارات محدودة: إما طريق ضبط تصعيد جماعي وحذر، أو الانزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة تهدد استقرار المنطقة لعقود.

في ظل غياب خطوط حمراء ثابتة، وتفوق تقني عسكري إيراني جديد، يمكن القول إن القادم قد يكون أشد ضراوة وأعمق تداعيات، مع انعكاسات عالمية لا تخفى على أحد.

بيانات وأرقام داعمة (للتوثيق)

- وفق تقديرات استخباراتية، تمتلك إيران أكثر من 300 جهاز طرد مركزي متطور في منشآت نووية متعددة.

- أطلقت إيران خلال الرد الأخير 30 صاروخا باليستيا بدقة تفوق 85 في المئة في الإصابة المباشرة لأهدافها.

- تكاليف الأضرار المادية داخل إسرائيل تقدر مبدئيا بمئات الملايين من الدولارات، مع أضرار نفسية كبيرة في المجتمع المدني.

مقالات مشابهة

  • ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟.. قراءة معمقة بتداعيات التصعيد بالشرق الأوسط
  • ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟.. قراءة معمقة بتداعيات تصعيد بالشرق الأوسط
  • الأمم المتحدة: الوضع الحالي يتطلب تغليب الدبلوماسية ولغة الحوار
  • البابا : البشرية تطالب بالسلام
  • تقدمت بها 3 دول.. مسودة قرار بمجلس الأمن لوقف فوري لإطلاق النار بالشرق الأوسط
  • البابا يدعو إلى السلام ويدعو الدبلوماسية لإسكات السلاح إزاء التوترات في الشرق الأوسط
  • البابا عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية: دعوا الدبلوماسية تتحدث بدلاً من الأسلحة
  • القصف الأميركي لإيران يشل حركة الطيران بالشرق الأوسط
  • كاتبان أميركيان: ترامب يوشك أن يكرر أخطاء بوش بالشرق الأوسط