هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
بينما يزداد الترقب في الشرق الأوسط إزاء مصير المواجهة بين إيران وإسرائيل، برزت إشارة لافتة من تل أبيب نقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مفادها أن وقف إطلاق النار بات مرهونا بإعلان صريح من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة إن تل أبيب ستقبل وقف إطلاق النار "غدا" إذا أعلن خامنئي أنه يريده، مضيفين أن إسرائيل حققت أهدافها الإستراتيجية من الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، ولا ترغب في الدخول بحرب استنزاف طويلة.
وفي هذا السياق، يشير مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز أن مراكز القرار الأساسية في إيران، والمتمثلة في مجلس الأمن القومي وهيئة الأركان العامة والمرشد الأعلى، لا تزال تلتزم الصمت، وهو ما يجعل من الصعب التكهن بالمسار المقبل للأزمة، لا سيما أن هذه الأطراف وحدها تملك صلاحية حسم الخيارات الكبرى.
وتعليقا على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية، يلفت فايز إلى أن طهران ما زالت مستمرة في ضرب العمق الإسرائيلي، ويرى أنه "لا أحد يتوقع أن يخرج المرشد الأعلى علي خامنئي ويقول كفى، ويعلن انتهاء الحرب".
ويضيف أن التصريحات التي خرجت حتى الآن صدرت من مستويات أقل، مثل مستشار المرشد علي شمخاني، الذي ألمح إلى أن "اللعبة لم تنتهِ بعد"، كما رفض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دعوات التهدئة الأميركية، معتبرا أن الدعوة لا معنى لها في ظل استمرار الضربات.
لكن رغم الرواية الإسرائيلية عن تدمير منشآت فوردو وأصفهان ونطنز بالكامل، فإن فايز يؤكد أن مصادر في طهران ترى في هذه التصريحات بعدا سياسيا أكثر من كونها تقنيا.
إذ تشير تقديرات إيرانية، وبعضها مدعوم من مصادر غربية، إلى أن منشأة فوردو لم تُخرج فعليا من الخدمة، وأن برنامج إيران النووي لا يزال قائما في بنيته الأساسية.
إعلانولفت فايز إلى أن البنية النووية الإيرانية واسعة وموزعة على امتداد الجغرافيا الإيرانية، ولا تقتصر على المنشآت الثلاث المستهدفة، مما يجعل الحديث عن "إعادة البرنامج إلى الوراء عقدا من الزمن" أقرب إلى مبالغة دعائية منه إلى تقييم إستراتيجي حقيقي.
الموقف الإسرائيليبدورها، نقلت مراسلة الجزيرة في فلسطين نجوان سمري أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أجمعت على أن تل أبيب تسعى فعليا لإنهاء العمليات العسكرية داخل إيران، لكنها تشدد على أن القرار النهائي بيد خامنئي، في محاولة لتحميل طهران مسؤولية استمرار التصعيد.
وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بما فيها قادة متقاعدون ومسؤولون سابقون، سبق أن حذروا من الدخول في حرب طويلة مع إيران، وهو ما يعكس إدراكا لدى صناع القرار الإسرائيليين بصعوبة تحمل مواجهة مفتوحة وممتدة مع طهران.
وترى إسرائيل أنها ألحقت ضررا بالغا بالبرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد الضربات الأميركية على منشأتي أصفهان وفوردو، إذ ذكرت بعض المصادر أن منشأة نطنز قد دُمّرت بالكامل، فيما تُطرح تساؤلات جدية داخل إسرائيل حول مصير اليورانيوم المخصب الذي كان داخل تلك المنشآت وقت القصف.
وتنقل سمري أن بعض التقديرات تشير إلى أن كميات كبيرة من المواد المخصبة دُفنت تحت الأنقاض، في حين يفترض آخرون أن إيران ربما نقلت هذه المواد إلى مواقع سرية قبل الهجوم، وهو ما يزيد من قلق إسرائيل ويجعلها تتابع الوضع الاستخباراتي عن كثب.
وأضافت أن هناك قناعة آخذة في التبلور داخل إسرائيل بأن الجولة الحالية من العمليات العسكرية قد شارفت على نهايتها، وأن المطلوب الآن هو الانتقال إلى مرحلة سياسية تفاوضية، لكن وفقا لشروط تحددها واشنطن وتل أبيب، وليس بالضرورة عبر توافق إقليمي أوسع.
وفي خلفية المشهد، تؤكد تقارير إسرائيلية أن الهجمات الأخيرة أعادت برنامج إيران النووي سنوات إلى الوراء، إلا أن محللين إسرائيليين يعترفون بصعوبة القضاء الكامل على طموحات إيران النووية، خاصة في ظل قدراتها التقنية المتراكمة ومعرفتها الذاتية التي تم تطويرها خلال العقود الماضية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال محتمل
في ظل تصاعد الحرب مع إسرائيل، لجأ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى ملجأ محصن وأوقف الاتصالات الإلكترونية تحسباً لأي محاولة اغتيال محتملة. اعلان
في ظل تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، اختار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الاحتماء في ملجأ محصن، معزولاً عن الاتصالات الإلكترونية، تحسباً لأي محاولة اغتيال محتملة من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة. ووفقاً لثلاثة مسؤولين إيرانيين مطّلعين على خطط الطوارئ، لم يعد خامنئي يتواصل مع قادة المؤسسة العسكرية إلا عبر مبعوث موثوق، وأوقف استخدام الأجهزة الإلكترونية لتعقيد عملية تتبّعه، بحسب "نيويورك تايمز".
وفي خطوة نادرة وغير مسبوقة، قام خامنئي، البالغ من العمر 86 عامًا، بتسمية ثلاثة رجال دين بارزين كمرشحين لخلافته، في حال مقتله. كما وضع سلسلة بدائل لقيادات عسكرية عليا في حال اغتيالهم، ما يكشف عمق إدراكه للتهديدات المحدقة بالجمهورية الإسلامية ونظامه المستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود، حسبما جاء في الصحيفة.
وبحسب المسؤولين الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، فإن هذه الإجراءات جاءت بعد الضربات المفاجئة التي شنّتها إسرائيل يوم الجمعة الماضي، والتي وصفت بأنها الأوسع منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات، حيث خلفت دمارًا كبيرًا في طهران، فاق ما أحدثه صدام حسين خلال ثماني سنوات من الحرب.
ورغم الهول الأولي للهجمات، أعادت طهران تنظيم صفوفها سريعاً وبدأت بشن ضربات يومية مضادة على أهداف داخل إسرائيل، من بينها منشآت طبية ومصفاة حيفا للنفط ومبانٍ دينية وسكنية.
لكن في الكواليس، تشير معلومات الصحيفة إلى أن القيادة الإيرانية تستعد لسيناريوهات متعددة، خاصة مع تزايد الاحتمالات بدخول الولايات المتحدة على خط المواجهة. فقد أبلغ خامنئي "مجلس خبراء القيادة" بضرورة اختيار خليفته بسرعة من بين الأسماء الثلاثة التي قدّمها، في حال مقتله، لتأمين انتقال سريع ومنظم للسلطة.
Relatedخبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على جني مكاسب آنية من تصاعد وتيرة الحربشبهه بهتلر.. أردوغان يشن هجوماً غير مسبوق على نتنياهو ويؤكد: النصر سيكون حليف إيران صواريخ لم تُستخدم بعد: تعرّف على تفاصيل الترسانة الإيرانية "الفتّاكة"يُذكر أن ملف الخلافة كان حتى وقت قريب محظوراً في الأوساط السياسية والدينية، وسط تكهنات تركزت على نجله مجتبى، رجل الدين المقرب من الحرس الثوري، إلا أن اسمه لم يكن ضمن المرشحين الثلاثة. أما الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، فكان مرشحاً بارزاً قبل أن يُقتل في حادث تحطم مروحية عام 2024.
ومنذ بداية الحرب، ظهر خامنئي مرتين عبر رسائل مصورة مقتضبة، متعهداً بأن الإيرانيين "لن يرضخوا لحرب مفروضة"، في وقت أصبحت فيه منشآته السابقة في طهران خالية، بعد أن انتقل إلى ملجأ تحت الأرض بسبب كثافة الضربات الإسرائيلية.
الهجمات طالت قواعد عسكرية ومنشآت نووية وبنى تحتية حيوية، وأسفرت عن مقتل وجرح المئات، بينهم قادة عسكريون كبار قُتلوا في عمليات دقيقة نفذتها وحدات خاصة أو طائرات مسيّرة داخل أحياء مكتظة.
ووفق ما نقلته تسجيلات صوتية لمسؤولين إيرانيين، فإن "الخلل الأمني والاستخباري الكبير" هو ما مكّن إسرائيل من تنفيذ هذه الهجمات، وسط تزايد المخاوف من وجود عناصر استخبارية إسرائيلية ناشطة داخل الأراضي الإيرانية. وبحسب ما قاله مهدي محمدي، مستشار رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف: "قُتل كبار قادتنا خلال ساعة واحدة فقط".
وعلى وقع هذه التهديدات، فرضت وزارة الاستخبارات بروتوكولات صارمة: منع استخدام الهواتف المحمولة، وإلزام كبار المسؤولين بالبقاء تحت الأرض، وفرض حظر شبه كامل على الإنترنت والمكالمات الدولية. كما أمهلت "المجلس الأعلى للأمن القومي" من يتعاون مع "العدو" حتى نهاية الأحد لتسليم أنفسهم ومعداتهم، ملوّحة بعقوبة الإعدام بعد المهلة.
الحرب أدّت إلى إخلاء مناطق واسعة من طهران، وتحولت العاصمة إلى مدينة شبه خالية تخضع لنقاط تفتيش كثيفة. ومع ذلك، كشف سياسيون إصلاحيون، أبرزهم محمد علي أبطحي، عن تماسك شعبي ورسمي غير مسبوق خلف المرشد، رغم الانقسامات السابقة.
حتى الأصوات الناقدة للنظام، داخل إيران وخارجها، أعادت ترتيب أولوياتها. فقد أكد العديد من النشطاء والفنانين والرياضيين وقوفهم مع "تراب الوطن"، رغم اختلافاتهم مع السلطة. وكتب لاعب المنتخب الوطني سعيد عزت اللهي: "قد نختلف، لكن تراب إيران خط أحمر".
في مشهد تضامن غير مألوف، فتحت الفنادق وقاعات المناسبات أبوابها لإيواء النازحين، وقدّم المتطوعون خدمات متنوعة، من التبرع بالعلاج النفسي إلى المساعدة في توفير الغذاء. وقال رجل أعمال يُدعى رضا، متحدثًا من ملجأه قرب بحر قزوين: "نحن خائفون، لكننا متحدون. هذه حرب على بلدنا، على إيران".
حتى الحائزة على نوبل للسلام، الناشطة نرجس محمدي، المعروفة بنقدها للنظام، أطلقت تحذيراً ضد الحرب، مؤكدة في حديث مع "بي بي سي" أن "الديمقراطية لا تُبنى عبر العنف والحروب".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة