متحف الآثار في إسطنبول.. مرآة لتاريخ الحضارات المتعاقبة على تركيا
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
إسطنبول "العُمانية": يعدُّ متحفُ الآثار في مدينة إسطنبول من أبرز المعالم الثقافية في الجمهورية التركية، إذ يُجسد عبر معروضاته الغنية والمتنوعة محطات من التاريخ الإنساني العريق، ويُبرز تسلسل الحضارات التي قامت على أرض تركيا منذ آلاف السنين.
تأسس المتحف عام 1891م خلال الحقبة العثمانية في منطقة “سلطان أحمد”، ويضم في أروقته ثلاثة أقسام رئيسة تحتوي على قطع أثرية نادرة تعود إلى حضارات مختلفة من بينها الحيثية، واليونانية، والرومانية، والبيزنطية، والإسلامية، إلى جانب أدوات ومقتنيات تشمل العملات، والمجوهرات، والمخطوطات، والصور التاريخية.
وقال ظفر أيدن المسؤول الإعلامي في بلدية إسطنبول في تصريحٍ لوكالة الأنباء العُمانية: إن المتحف يُعد من أهم المتاحف العالمية، لما يحتويه من إرث إنساني ثمين يُوثّق تاريخ الحضارات التي تقاطعت في هذه المنطقة عبر العصور. وأكد أن المتحف يُشكل مرجعًا رئيسًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الأناضول والشرق الأوسط.
ويتميّز المتحف بترتيب معروضاته وفق تسلسل زمني في قاعات متخصصة، مما يمنح الزائر تجربة تعليمية ومعرفية شاملة، كما يتمتع بتصميم معماري عثماني أصيل يضفي على المكان طابعًا تاريخيًّا مميزًا.
ويُقدر عدد القطع الأثرية المحفوظة في المتحف بأكثر من 800 قطعة، إضافة إلى آثار تخص الديانات السماوية، وهو ما يعكس التنوّع الديني والثقافي في تاريخ المنطقة.
ويستقطب المتحف أعدادًا كبيرة من الزوار من مختلف دول العالم، بوصفه مركزًا للثقافة والمعرفة، ومصدرًا لإلهام الأجيال لفهم ماضيهم المشترك من منظور علمي وإنساني.
ويواصل متحف الآثار في إسطنبول أداء رسالته الحضارية، محافظًا على كنوز التاريخ ومُعززًا للتفاهم بين الشعوب عبر ما يعرضه من شواهد على الإرث الثقافي المتعدد والمتجذر في عمق التاريخ.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حفر إذابة تختبئ في محافظة ظفار العُمانية بين الجيولوجيا والخيال
ولاية طاقة (سلطنة عمان) "أ.ف.ب": تتوارى فجوات عملاقة لا يعرف كثيرون بوجودها أو أصلها في قلب الجبال الخضراء لمحافظة ظفار في سلطنة عمان حيث يعانق الضباب الكثيف الصخور الجيرية، وتُنسج حولها روايات مختلفة.
على بُعد نحو عشرين دقيقة بالسيارة من وادي دربات، إحدى أكثر وجهات ظفار السياحية ازدحاما، تختبئ إحدى تلك الحفر المثيرة للدهشة، ومع ذلك لا يرتادها إلا قليل من الزوار، ممن يفتّشون عن عجائب الطبيعة الخفية.
ويقول عبد السلام صواخرون (47 عاما)، وهو مرشد سياحي من ظفار، مشيرا الى الفوهة الواسعة للحفرة المسمّاة "إذابة شيحيت"، إن عمقها يمتد بين 45 و75 مترا، وقطرها بين 120 و60 مترا.
ويشير إلى أن الروايات الشعبية المتداولة تعتقد بأن "إذابة شيحيت" حدثت "بسبب نيزك".
لكن التفسير العلمي يستند إلى عوامل طبيعية وجيولوجية اجتمعت في مكان واحد حتى تكوّنت تلك الفجوات على مدى آلاف السنين.
ويقول الباحث في الجيولوجيا علي فرج الكثيري، ولديه أيضا مؤلفات عن النيازك، إن الحفر الموجودة في الجبال والمسماة حفر الإذابة أو الحفر الانهيارية "ليست نتيجة لاصطدام النيازك".
ويوضح أنه من الناحية الجيولوجية، هناك ثلاثة عوامل رئيسية لتكوّن حفر الإذابة "كلها موجودة في محافظة ظفار". وتُختصر في تخلّل المياه في الشقوق أو عبر المسامات الصخرية حاملة معها ثاني أكسيد الكربون الذي يتفاعل ليتكوّن حمض مخفّف (كاربونيك آسيد) يذيب الصخور الجيرية عبر الشقوق، فتتوسع الحفر وتصير كهوفا أو مغارات كبيرة مع استمرار هذه الوتيرة لآلاف السنين.
وعلى بُعد نحو ثلاثين دقيقة بالسيارة شرق شيحيت، تقع حفرة "طوي اعتير" التي تُعد من أشهر الحفر في المنطقة، إذ وضعت فيها سلالم تتيح للزوار الاقتراب من الفوهة والتجوّل جزئيا حولها والتقاط صور.
و"شيحيت" و"طوي اعتير" اثنتان من أربع حفر إذابة تتوزع في محافظة ظفار في جنوب سلطنة عمان بين جبال تلفّها رطوبة الضباب وتكسوها خضرة كثيفة، إلى جانب الحفرتين الأخريين وهما "كهف طيق" و"شعت".
ويوضح الكثيري أن هذه هي الحفر "الموثقة رسميا حاليا في ظفار، والتي تمّت دراستها ونزلت إليها فرق علمية وبحثية".
ويقول الكثيري إن حفرة "كهف طيق" أكبرها، بل "من بين الأكبر على مستوى العالم". ويبلغ قطرها 150 مترا فيما يصل عمقها إلى 211 مترا، وفق أرقام وزارة الإعلام العمانية.
وحوّلت ضخامة وفرادة تلك الحفر هذه الأماكن من مجرد ظواهر جيولوجية إلى مساحات مفتوحة للخيال الشعبي.
ويُقال إن اسم "طوي اعتير" يعود إلى بئر الطيور بلغة محلية يتحدثها أهالي جبال ظفار، في وصف للفجوة العميقة التي تحلّق حولها وداخلها الطيور، فتملأ المكان بالأصداء.
ويكسو الخضار هذه الحفر التي تنبض بالحياة، وفق صواخرون الذي يشير الى أن المياه تجري في أعماق "إذابة شيحيت" وتستوطنها كائنات حيّة، مثل الطيور والزواحف، إلى جانب حيواني النيص والربّاح.
وفي موسم خريف ظفار الممتد من أواخر يونيو حتى سبتمبر، والذي لا يشبه سواه في دول الخليج، تهطل أمطار خفيفة متواصلة تشبه الرذاذ، لتكسو الجبال بغطاء نباتي كثيف غير بعيد عن مناطق صحراوية.
وعلى حسب تقلبات الطقس وساعات النهار، قد يبتلع الضباب الحفرة بالكامل أو ينقشع فجأة مانحا المصوّرين فرصا ذهبية لالتقاط مشاهد نادرة خصوصا من الأعلى.
واكتسبت "طوي اعتير" شهرة عالمية منذ العام 1997 بعدما وثقها فريق من المغامرين السلوفينيين بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، وتُعد أيضا من بين أكبر حفر الإذابة في العالم، بحسب وزارة الإعلام العمانية.
لكن يظل هذا التراث الطبيعي بحاجة إلى صيانة وحماية، إذ يعتبر مثلا محيط حفرة "إذابة شيحيت" خطرا على الزوار، ويسهل حصول انزلاقات للأشخاص.
ويؤكّد محافظ ظفار مروان بن تركي آل سعيد أن السلطات تُولي أهمية كبيرة لإجراءات السلامة، وتعمل بالتعاون مع شركات متخصصة على تأهيل المواقع السياحية وضمان جاهزيتها للزوار.