الضربة الأمريكية لإيران.. فشل الردع وعودة مُحتملة للدبلوماسية
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
أحمد الفقيه العجيلي
في خطوة تُعدّ الأخطر منذ سنوات، وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية ضربة عسكرية مُباشرة ضد منشآت إيرانية حساسة، في تصعيد غير مسبوق يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر الإقليمي والدولي.
الضربة جاءت عقب سلسلة من الهجمات التي شنّتها إيران- بشكل مباشر أو عبر حلفائها- ضد الكيان الصهيوني، وأثبتت فيها طهران قدرتها على تجاوز خطوط الردع التقليدية، وإيصال رسائل قوة على أكثر من جبهة.
الضربات التي تلقاها الكيان الصهيوني مؤخرًا؛ سواء من غزة أو لبنان أو اليمن، أربكت حساباته، وكشفت محدودية قدرته على تحجيم النفوذ الإيراني أو إضعاف بنيته النووية. ومع تكرار هذه الضربات، شعرت واشنطن بأن الرهان على الردع الإسرائيلي وحده لم يعد كافيًا. وجاءت الضربة الأمريكية إذًا كرسالة مباشرة، تقول فيها واشنطن إنها لن تسمح بترسيخ معادلة جديدة للقوة في المنطقة خارج إرادتها.
لكن هذه الضربة لم تكن مجرد دعم لحليف مأزوم، بل خطوة استباقية لإعادة رسم خطوط اللعبة من جديد، ولتوجيه ضربة نوعية قد تطال أجزاء من البرنامج النووي الإيراني نفسه
ومن أبرز تداعيات هذا التصعيد احتمالية لجوء إيران إلى استخدام أحد أهم أوراقها: مضيق هرمز. هذا الممر الحيوي، الذي تمر عبره نحو ثلث صادرات النفط المنقولة بحرًا في العالم، يُعد شريان الطاقة العالمي، وأي تهديد له- حتى لو كان محدودًا- من شأنه أن يُحدث هزة عنيفة في أسواق النفط العالمية.
ارتفاع أسعار النفط، واضطراب سلاسل الإمداد، وزيادة تكلفة الشحن والتأمين، ستكون أولى النتائج، مع ما يُرافقها من ضغط اقتصادي عالمي، وخاصة على الدول الصناعية الكبرى المستوردة للطاقة.
وفي ظل هذا التوتر، تتابع دول مجلس التعاون الخليجي المشهد بحذر بالغ؛ حيث إن موقعها الجغرافي القريب من بؤرة الصراع يجعلها عرضة لأي تداعيات أمنية أو اقتصادية. ورغم حرصها على عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة، فإنَّ أي تصعيد في الملاحة أو استهداف للبنية التحتية الإقليمية قد يفرض عليها تحديات جسيمة، تتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية مصالحها وبين عدم الانخراط في المواجهة الكبرى.
في المقابل، يدور حديث داخل الأوساط السياسية الغربية عن ضرورة فتح مسار موازٍ للدبلوماسية. الضربة قد تكون أيضًا رسالة ضغط هدفها دفع إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، بعد تعثّر المحادثات السابقة وخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.
والإدارة الأمريكية على ما يبدو تتبنى خيارًا مزدوجًا يجمع بين الضغط العسكري المحدود، والعرض السياسي المشروط، وهو أسلوب استخدمته واشنطن مرارًا في ملفات دولية معقدة، سعيًا لتحقيق أهداف استراتيجية دون الانزلاق إلى حرب شاملة. لكن نجاح هذا المسار يعتمد على استعداد طهران للتفاوض من موقع لا تراه خضوعًا، وعلى مدى التفاهم بين القوى الكبرى (أوروبا، روسيا، الصين) بشأن شكل الحل وتوازناته.
وختامًا.. إن المشهد الحالي لا يُنبئ بانفراجة قريبة؛ بل يشير إلى دخول المنطقة طورًا جديدًا من الصراع المركب، حيث تتداخل فيه أدوات الحرب التقليدية مع رسائل الدبلوماسية المشروطة. ولذلك يمكن القول إن الضربة الأمريكية ليست نهاية مرحلة؛ بل ربما بداية لمرحلة أخطر، تتطلب يقظة دولية حقيقية، وإرادة سياسية تمنع انزلاق المنطقة إلى صدام شامل قد لا يملك أحد القدرة على احتوائه إذا انفجر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بلومبرج: 4 سيناريوهات محتملة تواجه الاقتصاد العالمي بعد الضربات الأمريكية لإيران
قالت وكالة بلومبرج الأمريكية، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية والانضمام إلى الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران، أدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة جديدة من المخاطر الجيوسياسية، وأعاد رسم حسابات الأسواق العالمية التي كانت تعتقد سابقًا أن ترامب يميل إلى التصعيد الكلامي أكثر من الفعل العسكري.
وبحسب التقرير، فإن الهجوم العسكري الأمريكي، والذي أطلقت عليه واشنطن اسم "عملية رعد منتصف الليل"، شكّل صدمة مفاجئة للأسواق المالية وشركاء أمريكا التجاريين، خاصة بعد سنوات من السياسات التجارية المضطربة والحروب الجمركية التي خاضها ترامب خلال ولايته الأولى.
عاجل ـ كوريا الشمالية تندد بالهجوم الأمريكي على إيران عاجل- الجيش الإسرائيلي يعلن تعميق ضرباته داخل إيران مع التركيز على مقرات الحرس الثوري أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل الاقتصاد العالمي:السيناريو الأول: تنازلات دولية أمام الحسم الأمريكيترى بلومبرج أن بعض العواصم الدولية قد تفسر تحرك ترامب العسكري كدليل على جديته، ما يدفعها إلى تقديم تنازلات تجارية سريعة لواشنطن قبل انتهاء المهلة الممنوحة لفرض الرسوم الجمركية الجديدة.
ويمثل هذا السيناريو ما يتمناه البيت الأبيض، لأنه يعزز موقف ترامب التفاوضي عالميًا دون تعريض الأسواق لمزيد من الاضطرابات.
السيناريو الثاني: تصعيد عسكري يقود لصيف مضطرب
في حال قررت إيران الرد بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم ممرات النفط في العالم، وارتفعت أسعار النفط بشكل حاد، فستكون النتيجة صدمة اقتصادية عالمية مصحوبة بتقلبات في الأسواق المالية، وتباطؤ في النمو العالمي.
في هذا السيناريو، قد يتراجع ترامب عن تصعيد الرسوم الجمركية، لكن الضرر الاقتصادي سيكون قد وقع بالفعل، مع بقاء أجواء عدم اليقين لفترة طويلة.
السيناريو الثالث: تعاون عالمي للحد من الأثر الاقتصادي
في هذا السيناريو المتفائل، تتكاتف الدول الكبرى لتخفيف الأثر الاقتصادي للهجوم، من خلال ضبط أسعار النفط والتنسيق بين البنوك المركزية والمؤسسات المالية.
وقد يؤدي هذا التعاون الدولي إلى تقليص تداعيات الهجوم إلى أزمة مؤقتة ومحدودة الأثر على الأسواق العالمية.
السيناريو الرابع: الركود العالمي الكبير
وصفته بلومبرج بأنه الأسوأ. في هذا السيناريو، تستمر إيران في التصعيد وتستخدم ورقة النفط بكل قوتها، مغلقةً صادرات الخليج بالكامل، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل جنوني، بالتزامن مع إصرار ترامب على زيادة الرسوم الجمركية على الصين وأوروبا وغيرها، مما يتسبب في انهيار التجارة العالمية ودخول الاقتصاد العالمي، ومعه الاقتصاد الأمريكي، في ركود عميق أشبه بما حدث في أزمات القرن التاسع عشر.