المشاريع الصغيرة سبيل خريجي الجامعات السورية لتحدي البطالة
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
حماة– لم يكن الطبيب البيطري عبد الرحمن الشيخ غنامة يتخيّل أن مشروعا صغيرا، بحجم كشك قهوة ولا تتجاوز مساحته مترًا مربعًا، سيمنحه شعورًا بالاستقلال والنجاح أكثر من سنوات دراسته الجامعية كلها. فبعد تخرجه من كلية الطب البيطري في حماة، اصطدم عبد الرحمن بواقع صعب: فلا توجد فرص عمل أو رواتب مجدية أو مستقبل واضح في اختصاصه.
ويقول عبد الرحمن "أسست مشروعي بمشاركة قريب لي ساعدني برأس مال بسيط، وبدأت بتطبيق أفكاري بعد أن رصدت وضع البلد السيئ عند تخرجي". ومن كشك متواضع أطلق عليه اسم "كافي بنز" استطاع أن يبني هوية خاصة له في المدينة، عبر تقديم القهوة بطرق مبتكرة مع حلويات محلية بسيطة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لا تحتاج أن تولد بائعا محترفا كي تبيع مثل المحترفينlist 2 of 2عُماني يقود ابتكارا تقنيا لإنتاج ماء الورد في الجبل الأخضرend of listوقصة هذا الشاب ليست استثناءً، بل هي واحدة من عشرات القصص التي تتكرر يوميا في حماة (وسط سوريا) حيث يتحوّل الخريجون الجامعيون إلى أصحاب مشاريع صغيرة، بعد أن أُغلقت أبواب الوظائف أمامهم، في القطاعين العام أو الخاص.
نقص الفرص واستغلال سوق العمل
ويعاني الشباب السوري بعد التخرج من فجوة واسعة بين المؤهل الأكاديمي والواقع العملي. فتراجُع سوق العمل في ظل الانهيار الاقتصادي، وخروج التجار، والركود الذي تعانيه البلاد منذ 2016، كلها عوامل دفعت الخريجين إلى البحث عن مسارات بديلة. وفي ظل غياب السياسات الحكومية الفعالة لاستيعاب الطاقات الشابة، باتت المشاريع الصغيرة ملاذًا لا مفر منه.
الشاب ورد حوّاري تخرج عام 2024 من كلية التجارة والاقتصاد قسم التسويق الإلكتروني، وقد تأخر في تخرجه حتى بلغ 34 عاما من عمره بسبب محاولته تفادي الخدمة الإلزامية في عهد النظام المخلوع.
ويقول ورد "أمضيت سنوات في الجامعة أتنقّل بين سنوات الرسوب كي لا أذهب إلى الجيش. وعندما تخرّجت، كان النظام قد سقط، لكن الصدمة كانت في سوق العمل".
وبعد بحث طويل، واجه ورد صدمة الرواتب المقترحة "العروض التي وصلتني لم تتجاوز 20 دولارًا شهريًا مقابل 10 ساعات عمل يوميًا".
إعلانولأنه لم يكن يمتلك رأس مال، بدأ بالتفكير بمشروع لا يحتاج إلى تمويل، فكانت فكرته بتنظيم وتنسيق الحفلات والمناسبات، ورغم أنها لم تكن فكرة مألوفة في المدينة لكنها فتحت له طريقًا جديدًا.
وأنشأ ورد مكتبا صغيرا، يعمل فيه اليوم مع فريق محدود لتنظيم الأعراس والحفلات. ويؤكد أن مشروعه بات مصدر دخله الأساسي، ويأمل أن يبني به مستقبله بعيدًا عن الوظائف الحكومية أو الخاصة التي "لم تَعُد تعني شيئًا في الواقع الحالي".
راما جمعة شحود، خريجة معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية في حماة عام 2024، لم تكن حالها أفضل. وتقول في حديثها للجزيرة نت "بحثت عن عمل يناسبني، مثل مهنة التعليم، لكن ضعف الرواتب كان عائقًا أمامي". وتضيف "ذهبت إلى خيار مشروع صغير يمكن أن يمنحني استقلالًا، فبدأت ببيع وتأجير فساتين السهرة، ومارست هوايتي في تصميم الأزياء وخياطتها".
وتقول راما "كوّنت فريقا صغيرا وفتحت متجرا بمساعدة بسيطة من عائلتي. واستعنت بنصائح من أهل الخبرة، وواجهت صعوبات كبيرة خاصة في الجانب المادي، لكنني بدأت خطوة بخطوة، مستندة إلى مبدأ أن لكل مجتهد نصيبا". وبفضل تصميمها، استطاعت تحقيق نجاح خلال شهرين فقط، وتطمح الآن إلى توسيع عملها وافتتاح فروع في سائر المحافظات.
وتضيف "أنصح كل شاب وشابة أن يبدأ من نقطة شغفه، وأن يضع أهدافًا مرافقة لمسيرته الدراسية، لأن تحقيق النجاح يتطلب قرارًا بالبدء، مهما كانت الظروف صعبة".
تحكّم السوق ورواتب متدنية
وفي ظل الواقع الاقتصادي المتردي، يشتد الضغط على الشباب السوري، خاصة في مدينة مثل حماة التي شهدت نزوح رؤوس الأموال وهجرة التجار. وقد ارتفعت البطالة إلى مستويات كبيرة، لكن المشهد واضح في الأسواق المحلية.
الصحفي نضال الياسين من صحيفة "حماة اليوم" يشير إلى أن الخريجين يعانون من استغلال واضح في سوق العمل، مضيفا "هناك عدد كبير من الشباب يقبلون برواتب متدنية فقط لأنهم لا يملكون خيارات بديلة، وأصحاب الأموال يستغلون قلة الفرص وكثرة الباحثين عن عمل".
ويضيف "القطاع الحكومي بدوره عاجز عن استيعاب الكم الهائل من الخريجين، رغم المرسوم الرئاسي الأخير الذي صدر في 19 يونيو/حزيران، ورفع الحد الأدنى للأجور الحكومية إلى أكثر من 750 ألف ليرة (ما يعادل 72 دولارا). لكن هذا الرقم لا يزال غير كافٍ، ولا تتوفر فرص فعلية حقيقية لتوظيف عشرات الآلاف من الخريجين".
ويؤكد الياسين أن انتشار مشاريع البيع الإلكتروني، وتجارة الملابس المستوردة عبر الإنترنت، وتسويق المنتجات اليدوية على منصات التواصل الاجتماعي، كلها مؤشرات على رغبة الخريجين في الخروج من دوامة الانتظار والالتحاق بركب العمل، حتى لو كان خارج اختصاصهم تمامًا.
بين المبادرة الفردية وغياب السياسات العامةوتشير هذه النماذج إلى حقيقة مثيرة للتأمل، فالنظام التعليمي السوري لا يواكب احتياجات السوق، والحكومة لا توفر أرضية اقتصادية تتيح تشغيل الشباب، مما يدفع الخريجين إلى الاعتماد على أنفسهم.
ورغم المبادرات الفردية الملهمة، لا يمكن اعتبار المشاريع الصغيرة حلا كافيا لأزمة البطالة البنيوية.
إعلانويبقى السؤال مفتوحًا: إلى متى سيبقى خريجو الجامعات السورية معلقين بين طموح أكاديمي لم يعد مجديًا، وواقع اقتصادي لا يمنحهم سوى خيارات محدودة؟ وهل يمكن أن تُبنى سياسات وطنية فعلية تحوّل هذه المبادرات الفردية إلى منظومة إنتاجية تصنع فرصًا، وتعيد بناء الثقة بين الجامعة وسوق العمل؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ريادة سوق العمل
إقرأ أيضاً:
تعزيز التنسيق في العمل الإنساني بين محافظة حماة واللجنة الدولية للصليب الأحمر
حماة-سانا
بحث معاون محافظ حماة لشؤون التربية والزراعة حسن الحسن مع مديرة البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في دمشق سبل تعزيز التنسيق والتعاون في مجال العمل الإنساني على مستوى محافظة حماة، وتحديد الاحتياجات والأولويات الملحة في مختلف القطاعات.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء أبرز التحديات الإنسانية التي تواجه العمل الميداني بهدف وضع آليات فاعلة لتجاوزها بما يسهم في دعم الاستجابة الإنسانية، وتحقيق الأثر المطلوب على أرض الواقع.
وأكد الحسن حرص محافظة حماة بمختلف جهاتها ومؤسساتها على التعاون والتنسيق مع المنظمات الإنسانية وفق الأطر القانونية المعتمدة، وبما يضمن وصول الخدمات والدعم إلى مستحقيه بكفاءة وشفافية.
حضر اللقاء مدير مكتب البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر إلياس سلوم.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر محافظة حماة 2025-06-30Zeinaسابق الصحة تبحث آليات تطوير الرعاية الصحية للأطفال انظر ايضاً برعاية محافظة حماة فعالية شبابية للتعريف بمعالم المدينة الأثرية وحرفها اليدوية التراثيةآخر الأخبار 2025-06-30افتتاح المؤتمر الطبي الـ21 لكلية الطب في جامعة اللاذقية 2025-06-30مباحثات سورية باكستانية لتعزيز التعاون الطبي 2025-06-30العربية للطيران تستأنف رحلاتها إلى سوريا بعد توقف لسنوات 2025-06-30فرق الإطفاء تتابع جهود إخماد أكثر من 10 حرائق حراجية في ريف اللاذقية 2025-06-30مجلس الأمن يمدد ولاية قوة الأمم المتحدة في الجولان السوري “أوندوف” 2025-06-30فيدان: استقرار سوريا يعود بالنفع على المجتمع الدولي بأسره 2025-06-30الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية بين البلدين 2025-06-30محافظ حلب يبحث مع وفد أممي برنامج دعم التعافي في حلب وريفها 2025-06-30الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها إلى سوريا 6 تموز القادم 2025-06-30تشكيل لجنة صياغة نهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية في سوريا
صور من سورية منوعات شركة صينية تطرح روبوتاً لإزالة الأعشاب الضارة بالليزر 2025-06-30تحذير علمي: ارتفاع الحرارة يؤثر في القدرات الإدراكية 2025-06-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |