واشنطن- منذ ولايته الأولى، دأب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التلويح بأحقيته في نيل جائزة نوبل للسلام، مستندا في ذلك إلى ما يعتبره إنجازات كبرى في السياسات الدولية، بينها اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، ومقاربته لما يسميه "السلام عبر القوة".

وعاد الحديث عن الجائزة مؤخرا، بعدما أعلنت الحكومة الباكستانية ترشيحه لنيلها على خلفية "جهوده لاحتواء التصعيد بين إسلام آباد ونيودلهي"، وهو ما تبعه ترشيح آخر من عضو جمهوري في مجلس النواب الأميركي.

يأتي ذلك في وقت نفّذت فيه إدارة ترامب الثانية ضربات غير مسبوقة على منشآت نووية إيرانية، وواصلت تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل في حربها على غزة. وما هو ما يثير تساؤلات حول مدى انسجام سياساته مع المعايير الأخلاقية والإنسانية التي تُبنى عليها عادة قرارات لجنة نوبل.

فجوة قيم

وبينما يستند أنصار ترامب في اعتباره مرشحا "يستحق" الجائزة إلى ما يرونه "إنجازات حقيقية" على الأرض، خصوصا بعد الضربات الأخيرة التي أنهت تصعيدا خطيرا بين إيران وإسرائيل، يرى بعض الجمهوريين أن الجائزة قد تتعارض جوهريا مع صورته كما يراها ويروّج لها.

ويستبعد النائب الجمهوري السابق توماس غاريث، الذي كان يعمل ضمن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، أيّ احتمال بأن يُمنح ترامب جائزة نوبل "لأن هناك فجوة قيم حقيقية بينه وبين الجهة التي تختار الفائزين".

ويشيد غاريث، في حديث خاص للجزيرة نت، بما اعتبره "تحركا مذهلا" من ترامب، أوقف من خلاله اندلاع حرب إقليمية مفتوحة، قائلا "العالم الآن أكثر أمانا مما كان عليه قبل شهر فقط، لو سألتني قبل أسبوعين فقط لقلت إننا على شفا كارثة".

ويفصّل في 3 ملفات قد تشكّل -برأيه- من الناحية النظرية مبررات حقيقية لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام:

الأول: ما وصفه باحتواء خطر الانزلاق إلى مواجهة نووية بين باكستان والهند، معتبرا أن التهدئة التي تمّت في حينها لا تحظى بالتقدير الكافي. الثاني: يشير إلى اتفاقيات أبراهام التي وُقّعت في الولاية الأولى لترامب، ويرى أنها تجاوزت ما حققه أي رئيس أميركي خلال 50 عاما. الثالث: إدارة التصعيد الأخير مع إيران الذي يرى فيه "إنجازا نادرا" في القدرة على إيقاف الحرب في لحظة حرجة. إعلان "براند" سياسية

ومع أن النائب الجمهوري السابق لا يخفي إعجابه بما يعتبره إنجازا دبلوماسيا مفاجئا لترامب في الملف الإيراني والقضايا المذكورة، إلا أنه لا ينتمي لمعسكر "الترامبيين المتشددين"، بل يوضح أنه عرف الرئيس الأميركي من موقع المؤيد حينا والمختلف معه حينا آخر، مشددا على أنه "لا يفهم من يقدسونه ولا من يعارضونه بشكل مطلق".

ويرى غاريث أن ترامب يستفيد من ادّعاء الاستحقاق أكثر من الفوز نفسه، ويوضح أن الجائزة بحد ذاتها لا تخدم الصورة التي يحرص ترامب على ترسيخها لدى قاعدة أنصاره، فهو "لا يسعى للاعتراف المؤسسي بقدر ما يستثمر في كونه ضحية مرفوضة من المؤسسة"، وهي -وفقا له- فكرة مركزية في "البراند" (العلامة) السياسية الخاصة به.

ووفقا له، يعرف ترامب أن الجائزة لن تُمنح له، ويستمتع بترويج هذه المفارقة، و"هو يحب أن يردد: أنا أستحق الجائزة لكنهم لن يمنحوها لي، وحتى لو حصلت معجزة وفاز بها، فإن ذلك قد يفقده جزءا من صورته أمام قاعدته لأنها قائمة على الصدام مع المؤسسة، لا الاعتراف بها".

في المقابل، يرى معارضو ترامب أن مجرد الحديث عن جائزة نوبل في سياق سجله السياسي يمثل مفارقة أخلاقية كبيرة. فخلال ولايتيه الأولى والثانية، يواجه انتقادات حادة بسبب قراراته المتعلقة بمنع مواطني دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، وتصريحاته التي توصف بـ"التحريضية" ضد المهاجرين، فضلا عن انحيازه ودعمه المطلق لإسرائيل في حرب غزة.

مصدر سخرية

في هذا السياق، يقول صلاح الدين مقصود، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في نيوجيرسي، إن سعي ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام "أمر يبعث على السخرية". ويضيف للجزيرة نت أن "تصرفاته وشخصيته وسياساته لا تنسجم مع القيم التي ارتبطت تقليديا بحائزة نوبل".

ويرى مقصود أن أي مرشح يجب أن يُظهر التزاما حقيقيا بالقيم الإنسانية ليُعتبر جديرا بهذا النوع من التقدير، مضيفا أن "الرئيس ترامب -لأسباب كثيرة- أقرب لأن يكون نكتة من أن يكون مرشحا جديا لهذه الجائزة المرموقة".

ومنذ إنشائها عام 1901، تحتفظ لجنة نوبل النرويجية بالجائزة لمن يسهمون بجهود استثنائية في تسوية النزاعات وإحلال السلام. وقد فاز بها 4 رؤساء أميركيين:

ثيودور روزفلت عام 1906 لدوره في إنهاء الحرب اليابانية الروسية. وودرو ويلسون عام 1919 لمبادرته في تأسيس عصبة الأمم. جيمي كارتر عام 2002 تقديرا لجهوده في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. باراك أوباما عام 2009، بعد أقل من 9 أشهر على توليه الرئاسة تقديرا لما وصفته اللجنة بـ"تعزيز الدبلوماسية الدولية"، وقد أثار القرار نقاشا واسعا آنذاك داخل الولايات المتحدة وخارجها، كما أثار سخرية ترامب الذي علّق في أكثر من مناسبة قائلا "حتى أوباما لا يعرف لماذا مُنح الجائزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جائزة نوبل

إقرأ أيضاً:

ترامب يهدد ممداني بالاعتقال بعد فوزه بترشيح بلدية نيويورك

صراحة نيوز- حقق زهران ممداني، المرشح الشاب لرئاسة بلدية نيويورك، فوزًا مفاجئًا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ما جعله الأوفر حظًا لمنافسة رئيس البلدية الحالي إريك آدامز في الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وأكد مجلس الانتخابات في نيويورك، الثلاثاء، فوز ممداني بعد حصوله على 56% من الأصوات في الجولة الثالثة من التصويت بنظام ترتيب التفضيلات، متجاوزًا السياسي المخضرم أندرو كومو. ويُعد هذا الفوز نقطة تحول لسياسي شاب غير معروف نسبيًا حين بدأ حملته، ويمثل التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي.

ممداني، البالغ من العمر 33 عامًا، هو مسلم من أصل أوغندي، ويصف نفسه بأنه “اشتراكي ديمقراطي”، وقد أثار فوزه قلقًا داخل أوساط الحزب الديمقراطي، وسط تخوف من استغلال الجمهوريين لآرائه السياسية التقدمية، خاصة مواقفه المؤيدة لحقوق المهاجرين وانتقاداته لإسرائيل.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب شن هجومًا عنيفًا على ممداني، واصفًا إياه بأنه “شيوعي مجنون بنسبة 100%”، وهدد باعتقاله إذا لم يتعاون مع سلطات الهجرة، مضيفًا: “لا نحتاج إلى شيوعي في هذا البلد، وإذا وُجد فسنراقبه عن كثب”.

ممداني بدوره قال في مقطع فيديو حديث إن هدفه هو “إعادة بناء ثقة الناخبين بالحزب الديمقراطي”، مشيرًا إلى أنه تمكن من كسب أصوات في مناطق كانت قد دعمت ترامب سابقًا.

كما أثارت مواقفه من القضية الفلسطينية، خاصة انتقاداته للحرب على غزة، جدلًا واسعًا واتهامات بمعاداة السامية، وهي اتهامات نفاها بشكل قاطع، مؤكدًا تمسكه بالدفاع عن حقوق الإنسان دون تمييز.

مقالات مشابهة

  • ترامب يهدد ممداني بالاعتقال بعد فوزه بترشيح بلدية نيويورك
  • قطر تتسلّم جائزة تيبيراري الدولية للسلام في أيرلندا
  • تكريم الفائزين بالدورة الـ 2 من جائزة أوزبكستان للجودة الحكومية
  • جعفر حسان يؤكّد أهميَّة مأسسة جائزة الحسين بن عبدالله الثَّاني للعمل التطوُّعي
  • المسرحية الموسيقية «هاميلتون» والمؤرخ رون تشيرنو يحصلان على جائزة ميدالية الحرية
  • مستشار الأمن القومي الأمريكي: ترامب خاض الحرب ضد إيران لأسباب شخصية
  • «الأرشيف» يكرّم الفائزين في جائزة «المؤرّخ الشاب» بدورتها الـ15
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يكرم الفائزين في جائزة المؤرخ الشاب
  • أبو طربوش: نسعى لاكتشاف عقول عربية مبتكرة تحمل حلولًا لمستقبل أفضل