اعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل متزايد على منصته الخاصة "تروث سوشال" لإدارة قرارات حاسمة تتعلق بالحروب والدبلوماسية. من التدخل في التوتر بين الهند وباكستان الى إعلان ضرب منشآت نووية في إيران، ورفع العقوبات عن سوريا وهدنة غزة. اعلان

في سابقة لم يشهدها التاريخ السياسي الحديث، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد رسّخ أسلوبًا غير تقليدي في إدارة ملفات الحرب والدبلوماسية، مستعيضًا عن القنوات الرسمية والمؤسساتية بمنصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، التي تحوّلت إلى منبر قرارات حاسمة تمس الأمن العالمي وتعيد رسم خرائط النفوذ الجيوسياسي.

بعيدًا عن غرف العمليات، وتقارير البنتاغون، وتحليلات الاستخبارات، يختار ترامب أن يصدر أبرز قراراته بشأن الحروب والعقوبات والتفاهمات الدولية عبر منشورات لا تتجاوز بضع كلمات. هذه الظاهرة الجديدة في الحُكم تعكس تحولًا جذريًا في كيفية قيادة "أقوى دولة في العالم"، حيث المنشور أكثر وقعًا من البيان الرئاسي، وأكثر تأثيرًا من المؤتمرات الصحفية.

هدنة غزة

أعلن ترامب، الأربعاء، عبر "تروث سوشال"، أن إسرائيل وافقت على شروط مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا. وأضاف: "نأمل أن تقبل حركة حماس بهذا الاتفاق، لأن البديل سيكون أسوأ بكثير"، في إشارة واضحة إلى احتمال التصعيد إذا فشلت الجهود.

مرة أخرى، لم تصدر المبادرة عبر الخارجية الأميركية أو مبعوثي البيت الأبيض، بل جاءت مباشرة من "حساب الرئيس".

التدخل بين الهند وباكستان: منشور لوقف الحرب

في مايو المنصرم، حين كادت الأزمة بين الهند وباكستان أن تتحول إلى صراع نووي بعد اشتباكات حدودية، كتب ترامب منشورًا مباشرًا يقول فيه: "بعد ليلة طويلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة، يسرني أن أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار كامل وفوري. أهنئ كلا البلدين على استخدام المنطق السليم والذكاء العالي. أشكركم على اهتمامكما بهذا الأمر".

منشور يعقب القصف

في 23 يونيو/حزيران الحالي، استخدم ترامب "تروث سوشال" ليعلن تفاصيل عملية عسكرية أميركية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية.

رفع العقوبات عن سوريا

في آخر يونيو نفسه، وبينما كان العالم يراقب تطورات الملف السوري، فجّر ترامب مفاجأة حين أعلن عبر منصته رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وكتب: "آن الأوان للشعب السوري أن ينطلق نحو السلام والازدهار".

الإعلان لم يأتِ عبر وزارة الخزانة أو وزارة الخارجية، بل مباشرة من حساب الرئيس.

Relatedترامب يعلن موافقة إسرائيل على هدنة لمدة 60 يوماً في غزة.. والأنظار تتجه إلى موقف حماسفي ظلّ جدل واسع.. مجلس الشيوخ الأميركي يمرّر مشروع قانون ترامب للضرائبهل يسقط ترامب الجنسية الأمريكية عن زهران ممداني؟إدارة الأزمات من المنصة: ارتجال أم استراتيجية؟

تحوّلت منصة "تروث سوشال"، التي أطلقها ترامب عام 2021 بعد حظره من تويتر، إلى أداة فعل وتأثير سياسي حقيقي، وليس مجرد وسيلة تواصل. فبين إعلان التفاوض والإفصاح عن الضربات العسكرية، تُدار ملفات حساسة من خلال "ما يكتبه الرئيس" أكثر من "ما تُعلنه الإدارة".

لكنّ هذا النمط من القيادة يطرح تساؤلات جدّية حول غياب البنية المؤسساتية في صنع القرار. فالرئيس، في هذه الحالة، لا يكتفي بدور القائد الأعلى، بل يتجاوز المؤسسات، ويجعل من نفسه المتحدث والمنفذ والمُقرِّر.

يقول الخبير في الشؤون الأميركية، البروفيسور ريتشارد هاس، في مقال بصحيفة Foreign Affairs: "حين يُدار الأمن القومي عبر منشورات فورية غير مدققة، تصبح المؤسسات مُجرّد تابع لصوت الرئيس، وتذوب المسافة بين الرأي الشخصي وقرار الدولة".

منصة للرأي العام أم لصنع القرار؟

في الدول الديمقراطية، اعتُبرت وسائل التواصل الاجتماعي امتدادًا لصوت الناخبين والمجتمع المدني، لكن في "الحالة الترامبية"، تحوّلت إلى وسيلة لإدارة الدولة. فقرارات العقوبات، والضربات العسكرية، والوساطات الدبلوماسية، والتوجهات الاقتصادية تُعلَن أولًا عبر "تروث سوشال".

ظاهرة ترامب أم مستقبل الحكم؟

ما يقوم به ترامب قد يبدو للبعض فوضويًا أو غير مألوف، لكنه يفرض واقعًا جديدًا في العلاقة بين وسائل الإعلام وصانع القرار خصوصا في ظل التوجس الذي لطالما أظهره الرئيس الجمهوري تجاه السلطة الرابعة. فبينما يُنظر إلى هذه الظاهرة بوصفها امتدادًا لأسلوبه الشعبوي، فإنها أيضًا تكشف تحوّلاً عميقًا في أدوات ممارسة الحكم، وتعيد تعريف مفهوم "المؤسسة الرئاسية" في الولايات المتحدة.

فهل تصبح منصة "تروث سوشال" نموذجًا جديدًا للحكم الرئاسي في القرن الحالي؟ أم تبقى مجرّد ظاهرة عابرة تنتهي مع عهد ترامب؟ الإجابة ما زالت مفتوحة، لكن المؤكد أن السياسة العالمية في عرف سيد البيت الأبيض لم تعد تُصنع فقط في الغرف المغلقة، بل أيضًا أمام الكاميرات ومنصة تواصل خاصة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي فرنسا دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي فرنسا الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب حروب السياسة الخارجية وسائل التواصل الاجتماعي دونالد ترامب إسرائيل إيران روسيا النزاع الإيراني الإسرائيلي فرنسا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا سوريا مجاعة تركيا الهند وباکستان تروث سوشال

إقرأ أيضاً:

ترامب يوقع أمرًا لتخفيف العقوبات عن سوريا

ترامب يوقع أمرًا لتخفيف العقوبات عن سوريا

مقالات مشابهة

  • قبول: غدًا آخر يوم لإضافة الرغبات التي تتطلب شروطًا خاصة
  • منصة قبول: غدًا آخر يوم لإضافة الرغبات التي تتطلب شروط قبول خاصة
  • ترامب: إسرائيل وافقت على شروط إتمام وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا
  • أمريكا.. مجلس الشيوخ يقر مشروع قانون ترامب للموازنة
  • الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي إنهاء العقوبات على سوريا
  • معهد أمريكي: الهدنة بين أمريكا والحوثيين.. منحت الأخيرين القوة وأضعفت الحكومة والانتقالي (ترجمة خاصة)
  • الرئيس اليمني يقول إن لقاءاته بالأحزاب السياسية ليست منصة دعائية
  • البيت الأبيض: الرئيس دونالد ترامب يوقع أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا.
  • ترامب يوقع أمرًا لتخفيف العقوبات عن سوريا