ملامح مرحلة أمنية استراتيجية جديدة في الخليج العربي
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
د. طارق عشيري أكاديمي مقيم بسلطنة عمان
تشهد منطقة الخليج العربي تحولات استراتيجية متسارعة فرضت على دولها تحديات أمنية غير مسبوقة، في ظل بيئة إقليمية مضطربة وتراجع الضمانات التقليدية التي كانت توفرها القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وبينما كانت دول الخليج تعتمد لعقود على تحالفات خارجية لضمان أمنها، بدأت معالم مرحلة جديدة تتشكل، تتطلب إعادة النظر بشكل جذري في مفهوم الأمن القومي وأدواته واستراتيجياته.
حيث تراجع الدور الأمريكي الذي طالما اعتُبر الضامن الأمني الأول للمنطقة، وباتت تعيد تموضعها، وتركز على مناطق أخرى كآسيا والمحيط الهادئ، ما يجعل دول الخليج مطالبة بتقوية أمنها الذاتي وتوسيع شراكاتها الدفاعية.
لم تعد التهديدات تقتصر على الجيوش أو الهجمات الصاروخية، بل تشمل الحرب السيبرانية، وتخريب المنشآت النفطية، والحروب بالوكالة، وكلها تتطلب أدوات أمنية واستراتيجيات جديدة.
وتقارب إيران مع دول كالصين وروسيا، ومحاولاتها تطوير منظومتها الدفاعية والهجومية، يزيد من تعقيد المشهد ويضغط على دول الخليج لإعادة التفكير في توازن الردع.
وقراءة أكثر تعمقا، أن دول الخليج بدأت تنوّع مصادر تسليحها وتحالفاتها (مثل التعاون مع فرنسا، والصين، والهند، وتركيا)، بهدف تقليل الاعتماد على طرف واحد.
وهناك حديث متزايد عن ضرورة تطوير "أمن خليجي موحد"، من خلال تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي كمنصة تنسيق أمني جماعي بدلًا من اعتماد كل دولة على حدة.
وهذا يفرض ملامح استراتيجية أمنية جديدة تعمل على تعزيز التصنيع العسكري المحلي لتقليل التبعية الخارجية، وتبني الأمن السيبراني كأولوية وطنية، وبناء تحالفات إقليمية جديدة تشمل دولًا مثل الأردن ومصر، والانخراط في ترتيبات أمنية مرنة ومتعددة الأقطاب، لا تقتصر على الغرب والعمل على دمج الأمن الاقتصادي والطاقي ضمن المنظومة الأمنية.
بالطبع، إليك خاتمة مناسبة للمقال الذي يبدأ بالمقدمة السابقة عن إعادة النظر في الاستراتيجيات الأمنية لدول الخليج.
في ظل عالم يتغير بوتيرة متسارعة، لم يعد بالإمكان لدول الخليج الاعتماد على مفاهيم أمنية تقليدية أو تحالفات أحادية الجانب. إن مستقبل الأمن الخليجي مرهون بقدرة هذه الدول على تطوير رؤية استراتيجية شاملة، تعتمد على تنويع الشراكات، وتعزيز القدرات الذاتية، ودمج الأمن الاقتصادي والتكنولوجي ضمن منظومتها الدفاعية. فالمعادلات الجديدة تتطلب أدوات جديدة، والتحديات التي يفرضها الحاضر لا يمكن مواجهتها بذات الآليات التي صيغت في الماضي. ومن هنا، فإن إعادة النظر في الاستراتيجيات الأمنية لم تعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان الاستقرار والسيادة في بيئة إقليمية لا تعرف الثبات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: إعادة النظر دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
عين تطلق ستة كتب صوتية جديدة لتعزيز المحتوى العربي المسموع
في سياق جهودها المستمرة لتعزيز المحتوى الصوتي العربي، أعلنت منصة "عين" عن تدشين ستة كتب صوتية جديدة، تضاف إلى مكتبتها المتنامية، في إطار مشروع "الكتاب الصوتي" الذي أطلقته وزارة الإعلام في عام 2021. وتتوزع الكتب الجديدة بين مجالات اللغة، والسرد القصصي، والرواية، وأدب الطفل والفتيان، لتواصل المنصة إثراء الفضاء السمعي العربي بمحتوى متنوع يخاطب مختلف الأعمار والاهتمامات.
لغة بلا أخطاء شائعة
الكتاب الأول الذي انضم إلى قائمة "عين" هو "أخطاء لغوية شائعة" للكاتب العُماني خالد بن هلال العبري، والصادر عن مكتبة الجيل الواعد عام 2006. يعالج الكتاب بأسلوب مبسط وعملي أبرز الأخطاء الشائعة في اللغة العربية، مع شروحات توضح الصواب اللغوي وتيسر تطبيقه. يقول العبري في مقدمة الكتاب: "من واجب العربي الغيور على لغته؛ أن يتحرى في كلامه الصواب، وألا يجد في نفسه غضاضة أن يعود إلى الصواب بعد أن يقال له: أخطأتَ". يقع الكتاب في 192 صفحة من القطع المتوسط، وقد قرأه بصوته حسن العميري، وأخرجه للمنصة محمد الشملي.
سرد جبلي بنكهة التراث
أما الكتاب الثاني فهو "ثلاث قصص جبلية" للقاص والروائي العُماني محمود الرحبي، الصادر عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع دار "الآن" الأردنية عام 2020. وهي قصص جميلة تحول اليومي العادي إلى استثنائي، وتمزج بين التراث والواقع بأسلوب رشيق وساخر، معيدة صياغة حكايات قديمة برؤية معاصرة، وراصدة هموم البسطاء بلغة سهلة ممتنعة تمنح القارئ تجربة إنسانية ممتعة ومؤثرة. يقع الكتاب في 78 صفحة من القطع المتوسط. وقرأ قصصه المذيع إبراهيم اليحمدي، وأخرجها صوتيًّا أسعد الرئيسي.
قصة طفل يخفي يديه
الكتاب الثالث هو قصة للأطفال بعنوان "قفازاي الأسودان" للكاتبة العُمانية د. وفاء الشامسي، والصادر عن مكتبة الثعلب الأحمر في مسقط عام 2024. تحكي القصة التي تقع في 28 صفحة، معززة برسوم جميلة من الفنانة سهير الخربوطلي، عن طفل يُخفي يديه المصابتين بالحروق خلف قفازين أسودين، وتقدّم رسالة إنسانية مؤثرة عن تقبل الذات، وتجاوز الخجل من التشوهات الجسدية، في قالب إنساني تربوي يعزز التعاطف والثقة بالنفس. قرأت القصة المذيعة ماجدة المزروعي، وأخرجتها فنيًّا فاطمة الرواس.
رحلة عبر الكواكب
الكتاب الرابع هو رواية "الأمير الصغير" للكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، بترجمة مهدي الزواوي، والصادر عن دار نثر بمسقط عام 2023 في 160 صفحة من القطع المتوسط. نُشِرَت هذه الرواية لأول مرة عام 1943، وتُرجِمت إلى أكثر من 300 لغة، لتصبح من أكثر الكتب المقروءة حول العالم، وتحظى بمكانة خاصة لدى القراء من مختلف الأعمار. وهي رواية تتأمل مفاهيم الحب والبراءة والوجود من خلال رحلة طفل قادم من كوكب بعيد، في حوار مع طيار صادفه في الصحراء، في سرد يتمتع بعمق رمزي يدعو للتأمل في القيم الإنسانية. قرأ الرواية المذيع أحمد الكلباني، وأخرجها حمد الوردي.
قصص تبوح بالحالة
الكتاب الخامس هو "أحلام معلقة على جسر وادي عدي" للقاص العُماني حمود سعود، الصادر عن دار سؤال في بيروت عام 2019، وهو مجموعة قصصية تقع في 136 صفحة من القطع المتوسط، تقدم عبر قصصها المتنوعة سردًا تأمليًّا يُنصت لما هو هامشي وخافت، لا تدفعه الحبكة بل تقوده اللغة والحالة. في واحدة من قصص الكتاب الجميلة يقول السارد: "بدايةً لم يكن أعمى، كان مبصرًا في طفولته، أبصر النجوم والأشجار والجبال والأصوات، وفي شبابه أبصر المسافات والجوع والحروب والرصاص، في شيخوخته أبصر روحه في العتمة. لم أسأله لكي أعرف، بل عرفتُ من حكاياته الليلية، أو ما تبقى من حكاياته". قرأ النص بصوته المذيع صالح العامري، وأخرجه جمال الشعيلي.
ديناصورات وموسيقى
الكتاب السادس موجه للفتيان، وهو بعنوان "الولد الذي يحب الديناصورات"، من تأليف الشاعر والكاتب العراقي قاسم سعودي ورسوم دينا عماد، وصادر عن منشورات مصابيح لكتاب الطفل في بغداد عام 2024 في 68 صفحة من القطع المتوسط. يتألف الكتاب من ثماني قصص تتناول موضوعات ملهمة ومؤثرة مستوحاة من حياة الناشئة، تعكس اهتماماتهم، وأحلامهم، وتحدياتهم، وتفتح أمامهم آفاقًا للتفكير والإبداع، وتشجعهم على اكتشاف ذواتهم ومواجهة الحياة بثقة. قرأت الكتاب المذيعة حنيفة العبري، وأخرجه هزاع الراسبي.
يُشار إلى أن منصة "عين" تعمل على تدشين دفعة جديدة من الكتب الصوتية في الفترة المقبلة، تعزيزًا لمهمتها في جعل المعرفة أكثر شمولًا وسهولة، من خلال الصوت بوصفه وسيلة للقراءة، والتعلّم، والتفاعل مع الأدب والفكر على نحو جديد.