(الجبهة المنسية في معركة الكرامة)
تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT
عندما اندلعت الحرب في السودان لم يسلم منها حجر او بشر لكن ثمة شرائح تضررت بشكل مذدوج جسديا و إقتصادياً ، معنوياً و مادياً و من بينها شريحة أهل الدراما السودانية التي يمكن القول دون مبالغة إنها اكثر الفئات تضرراً رغم دورهم المحوري في تشكيل وعي المجتمع و حفظ هويته .
كتبت من قبل مقال بعنوان ( الحل في الدراما ) و وصفت الدراما السودانية بانها ليست مجرد فن للترفيه او ملء لساعات البث كما يعتقد بعض ساستنا الاغبياء بل هي وسيلة ناجعة لحل كثير من قضايا المجتمع السياسية و الإجتماعية بل و ربما اكثرها فاعلية و إستدامة فالدراما تعيد تشكيل السلوك و تحاكي الألم و تطرح الاسئلة التي يعجز السياسيون عن طرحها و تربي الاجيال على مفاهيم الأنتماء و التعايش و المواطنة و المحاسبة دون ان تطلق رصاصة واحدة .
لكن الحرب بكل قسوتها ضربت هذا القطاع الحيوي الذي كان يترنح اساساً قبل الحرب ، فقد اغلقت المسارح و تبعثرت الفرق الفنية و انقطع رزق الممثلين و المخرجين و الكتّاب و المصورين و حتى الفنيين الصغار الذين يعيشون على هامش الضوء خلف كواليس العمل الدرامي .
لقد تُرك اهل الدراما وحيدين في العراء بلا دعم و لا إلتفاتة من الدولة او حتى من المنظمات الثقافية و بدلاً من ان تستنفر طاقاتهم في توثيق الحرب و كشف بشاعة المليشيا و رسم ملامح العودة عبر اعمال فنية تم تهميشهم و إقصاءهم من المشهد العام .
أي حكومة تسعى لبناء سودان بعد ما الحرب يجب أن تضع الثقافة و الفن في قلب مشروعها الوطني لا على هامشه فالدراما ليست ترفاً بل هي أداة استراتيجية لمعالجة آثار التشوهات و إعادة صياغة العلاقة بين المواطن و الدولة .
لم انسى اهل الدراما في يوم من الايام فهم دائماً في عقلي و قلبي و لكني تذكرتهم اليوم عندما شاهدت مقطع فيديو للاستاذة الممثلة المبدعة جداً إخلاص نور الدين و هي تستضيف زملاءها بمنزلها على راسهم الممثل الجميل فضيل .
لو كنت رئيساً للوزراء في هذه الفترة الحرجة لقمت بإنشاء صندوق خاص لدعم اهل الدراما مالياً و معنوياً ممن تضرروا من الحرب و لقمت بتعيين وزير ثقافة من داخل الوسط الدرامي لان اهل الدراما ادرى بشعابها و يملكون الرؤية و الخيال و الحس الإجتماعي الذي يؤهلهم لإدارة هذا الملف بافق وطني لا بيروقراطي ، فنحن في حوجة ماسة لوزير يؤمن بأن الفن قضية لا مجرد حقيبة و كنت حينها سأختار الدكتور الممثل فيصل احمد سعد الشهير بـ( كبسور ) وزيراً للثقافة فالرجل ليس مجرد فنان بل دكتور مثقف يحمل في عقله ادوات التغيير و في تجربته ما يؤهله لهذا المقعد في هذا التوقيت المفصلي من تاريخ بلادنا .
كذلك كنت ساحرص ايضاً على دعم و تكريم الممثلة إخلاص نور الدين التي اختارت ان تصمد في وجه الحرب داخل السودان و آثرت البقاء وسط النار و قدمت دعمها المعنوي للقوات المسلحة من داخل اصعب منطقتين ( الحاج يوسف المايقوما ) و ( إيد الحد ) بالجموعية ، فإخلاص لم تمثل امام الكاميرا فقط بل مثلت قيم الشجاعة و الوطنية .
اذا اردنا وطناً و مجتمعاً معافى بعد هذه الحرب فلابد ان نعيد الاعتبار للدراما السودانية لا كمجرد مهنة بل كجبهة مقاومة و خط دفاع وطني و مختبر لاعادة بناء الانسان السوداني من الداخل فعدسات الكاميرات عندما نستخدمها باحترافية فانها تبني و ترمم .
نزار العقيلي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: اهل الدراما
إقرأ أيضاً:
مكتب «النائب العام» يشدد على دور العدالة والمجتمع المدني في صون الكرامة
أصدر مكتب النائب العام في دولة ليبيا، من خلال مركز البحوث الجنائية والتدريب، بيانًا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025، وأكد فيه على أن حقوق الإنسان تشكل ركيزة أساسية لكرامتنا في الحياة اليوميةِ، مستشهدًا بالآية الكريمة “وَلَقَدْ كَرَمْنَا بَنِي آدَمَ”.
وشدد البيان على أهمية التشارك والتعاون والتكامل بين الجهات القضائية والمجتمع المدني لتعزيز الحماية القضائية لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن الإنسان بنيان الله وخليفته في الأرض، وأن آدميته مكرمة بأصل خلقهِ، وأن تكريم الإنسان ليس حقوقًا مجردة مفروضة فحسب، بل ضرورة فطرية أساسية لا تستقيم الحياة بدونها.
وأوضح البيان أن هذا التكريم يمثل تقديرًا للأفراد والمؤسسات التي ساهمت في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، ويعكس التزام الدولة بضمان صون الحقوق والحريات، وتفعيل الآليات القضائية والقانونية التي تكفل احترامها، ويبرز دور القضاء والمجتمع المدني في تعزيز العدالة والكرامة الإنسانيةِ.
ويأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان كمناسبة سنوية لتسليط الضوء على جهود الأفراد والمؤسسات في حماية الحقوق والحريات، ويعكس التزام الدولة بتعزيز الحياة الكريمة لجميع المواطنين، ويبرز الدور الحيوي للعدالة والمجتمع المدني في صون الكرامة الإنسانيةِ.
واعتُمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، ليصبح مرجعًا أساسيًا لجميع الدول في حماية الحقوق الإنسانية، ويهدف إلى ترسيخ العدالة والكرامة والمساواة لجميع البشر دون تمييزٍ.
آخر تحديث: 13 ديسمبر 2025 - 08:22