هل ينجح إيلون ماسك في إنشاء حزب سياسي ثالث في أميركا؟
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
تناول الكاتب الأميركي هيرب سكريبنر فكرة الملياردير إيلون ماسك لتكوين حزب سياسي ثالث في الولايات المتحدة، قائلا إنها ليست جديدة وتواجه عقبات هائلة، لكنها ليست مستحيلة التحقيق.
وأوضح في مستهل تقرير له بموقع "أكسيوس" أن السياسة الأميركية شهدت، تاريخيا، محاولات عديدة لتأسيس أحزاب "ثالثة"، لكنها لم تدم طويلا، أو تحقق تأثيرا مؤسساتيا دائما، باستثناء بعض اللحظات البارزة.
وأشار سكريبنر إلى تجربة روس بيرو في 1992، وحزب الخضر في انتخابات 2000، باعتبارهما استثناءات في تاريخ محاولات إنشاء أحزاب "ثالثة.
البنية المؤسسيةوقال إن الخبراء يرون أن السبب الرئيسي لفشل تلك الأحزاب هو افتقارها للبنية المؤسسية والانتشار الشعبي الذي يتمتع به الحزبان الرئيسيان: الجمهوري والديمقراطي.
ويسعى ماسك لتأسيس حزب يكون له دور حاسم في السباقات الانتخابية المتقاربة، خاصة في الكونغرس، ليؤثر في التشريعات ويضمن أنها تعبّر عن "الإرادة الحقيقية للشعب".
وكان قد لمح إلى رغبته في تأسيس الحزب بعد انتقاده لمشروع القانون المالي الشهير الذي وقعه ترامب. وانتقد ماسك قانون ترامب قائلا إنه "ضخم وغير مسؤول".
المسار القانوني
من الناحية القانونية، يقول سكريبنر إن رحلة تأسيس الحزب تبدأ على مستوى الولايات، حيث تختلف شروط الإدراج في أوراق الاقتراع. ففي نورث كارولاينا، مثلا، يُطلب من الحزب جمع حوالي 14 ألف توقيع من 3 دوائر انتخابية مختلفة، كما يتعين تقديم التواقيع لمجالس الانتخابات المحلية.
ويرى بعض الخبراء أن ماسك قد يركّز على ولايات تُعد ساحة معركة انتخابية أو متأرجحة مثل جورجيا ونورث كارولاينا.
وعلى المستوى الوطني، يتطلب الاعتراف بالحزب من قِبل لجنة الانتخابات الفدرالية تقديم طلب استشاري والامتثال لقوانين التمويل الانتخابي، مع تقديم تقارير مالية منتظمة.
إعلانومع ذلك، وفقا للكاتب، يمكن لماسك تفادي هذه المتطلبات عبر تسجيل الحزب كمنظمة سياسية وفق البند 527 من قانون الضرائب الأميركي، مما يمنحه حرية مالية أكبر دون سقف للتبرعات أو قيود على مصادر التمويل.
سكريبنر: يسعى ماسك لتأسيس حزب يكون له دور حاسم في السباقات الانتخابية المتقاربة، خاصة في الكونغرس، ليؤثر في التشريعات ويضمن تعبيرها عن الإرادة الحقيقية للشعب. حضوره الدائم في وعي الجمهوربيد أن التحدي الأكبر، بحسب الخبير السياسي كولين أندرسون، لا يكمن فقط في القوانين والإجراءات، بل في قدرة ماسك على إبقاء "حزب أميركا" حاضرا في وعي الناخبين.
ويقول أندرسون إن العديد من الأحزاب "الثالثة" تقع في خطأ الظهور الموسمي خلال الانتخابات الرئاسية، ثم تختفي لسنوات، مما يضعف تأثيرها ويدمر مصداقيتها.
ويؤكد الكاتب أن ماسك يمتلك أدوات قوية قد تمكّنه من تجاوز هذه العقبات، منها ثروته الهائلة، وشبكته الإعلامية، وقدرته على تمويل لجان عمل سياسي ضخمة لتعبئة الناخبين.
ومع ذلك، فإن النجاح الحقيقي يكمن في خلق هوية سياسية دائمة لحزبه، وتذكير الناخبين به عند لحظة التصويت.
بالتالي، فإن نجاح "حزب أميركا" لن يتحقق بمجرد الإعلان عنه، بل من خلال إستراتيجية طويلة المدى تجمع بين القانون، والإعلام، والتنظيم الشعبي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ترامب والرسوم على ليبيا.. عندما تتحول التجارة إلى سلاح سياسي
في خطوة فُسرت على نطاق واسع بأنها أكثر من مجرد إجراء اقتصادي، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات الليبية إلى الولايات المتحدة. ورغم ضآلة الميزان التجاري بين البلدين، إلا أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية لا يمكن تجاهلها، وتؤكد أن ليبيا لم تعد خارج مرمى أدوات الضغط الجيوسياسي التي تعتمدها واشنطن في مرحلة “الهيمنة الاقتصادية المعكوسة”.
ليبيا في مرمى النار الناعمة
لفهم دلالات القرار الأميركي، لا بد من النظر في حجم التبادل التجاري بين ليبيا والولايات المتحدة، الذي لا يتجاوز 150 مليون دولار سنويًا (وفق إحصاءات العام 2023)، يتمثل معظمه في استيراد ليبيا لمعدات طبية، وقطع غيار صناعية، ومنتجات غذائية. من جانب آخر، لا تصدّر ليبيا فعليًا إلا كميات محدودة من النفط الخام لبعض الشركات الأميركية عبر وسطاء أوروبيين.
إذن، القرار لا يُفسَّر بمنطق اقتصادي صرف، بل هو رسالة سياسية متعددة الأوجه:
أولها، أن واشنطن تريد تثبيت مبدأ استخدام الاقتصاد كوسيلة ردع ضد الدول التي ترى فيها “مراكز اضطراب غير منضبطة”.
وثانيها، توجيه رسالة غير مباشرة لخصومها الجدد في الملف الليبي، خاصة موسكو وباريس، مفادها أن واشنطن ما زالت قادرة على التأثير من بوابة الاقتصاد حتى في بيئات النفوذ المتضارب.
هل ستتأثر ليبيا؟
اقتصاديًا، لن تشعر السوق الليبية بأثر فوري للقرار، بحكم محدودية التعامل المباشر مع السوق الأميركية، واعتماد ليبيا على تركيا، إيطاليا، مصر، الصين، ألمانيا كمصادر توريد رئيسية.
لكن، سياسيًا:
فإن الإجراء يكشف تحولًا مهمًا في النظرة الأميركية إلى الملف الليبي، وربما تهيئةً لإعادة ترتيب أوراق التفاوض داخل ليبيا، خاصة بعد تعثر المسارات الأممية.
كما أنه يضرب مصداقية أطروحات “الشراكة الاقتصادية” التي لطالما بشرت بها الإدارات الأميركية السابقة.
الرسالة بين السطور: إعادة التموضع الأميركي
قد يرى البعض أن ترامب يلجأ إلى هذه الأدوات لكسب أوراق خارجية تُستخدم في مشهد انتخابي داخلي متوتر، لكن واقع السياسة الأميركية يقول أكثر من ذلك: الإدارة الجديدة تُعيد تشكيل العقيدة الأميركية في العلاقات الدولية، معتمدة على أدوات غير عسكرية لكنها موجعة: الرسوم، العقوبات، تقييد التحويلات البنكية، الضغط عبر مؤسسات التمويل الدولية، ومؤخرًا عبر “استدعاء ملفات فساد أو جريمة منظمة” عبر كيانات موازية.
ما المطلوب من ليبيا؟
تحليل سياسي واقتصادي سريع للقرار وآثاره المباشرة وغير المباشرة، لا الاكتفاء بالبيانات الإعلامية. إعادة بناء الاستراتيجية التجارية الليبية بما يضمن التنويع الحقيقي في الشراكات والتوريد، خاصة مع القوى الصاعدة مثل الصين وتركيا والهند. التحرك عبر أدوات القانون الدولي التجاري مثل منظمة التجارة العالمية، ومراسلة البعثات التجارية في أوروبا وأفريقيا لاحتواء أية موجة مشابهة. استخدام الورقة السيادية بذكاء: فليبيا ما تزال ورقة استراتيجية في المتوسط، في الطاقة، في الهجرة غير الشرعية، وفي الأمن الساحلي، ويمكن استثمار هذه المعطيات لإعادة فرض احترام متبادل مع القوى الكبرى، بدلًا من الخضوع لمنطق المعاقبة التجارية.خاتمة: ليبيا ليست ضعيفة، بل مستهدفة
القرار الأميركي يجب أن يُقرأ كتحذير وليس كضربة، وكفرصة لبناء استقلال اقتصادي حقيقي لا يعتمد على هشاشة السوق العالمية. إن بناء دولة ذات قرار سيادي يبدأ من تحصين المنظومة الاقتصادية، وليس فقط من بوابة الأمن والعسكرة.
فليبيا التي كانت يومًا “مفتاح البحر المتوسط”، يجب أن تعود اليوم إلى موقعها: شريكًا لا تابعًا، وفاعلًا لا مجرد متلقٍ لرسائل سياسية ملفوفة في أوراق جمركية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.