#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 159 من سورة الأنعام: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ “.
أجمع المفسرون الأوائل على أن المقصودين في هذه الآية هم أهل الكتاب، لكن مجيء (لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) وتعني براءة النبي من ادعائهم اتصالهم به وتفنيدا لفعلهم هذا أن يكون بقصد اتباعه والولاء له، ولما كان أهل الكتاب ينكرون نبوة رسول الله أصلا، ويرفضون الإيمان بما جاء به، فهم لا يمكن أن يدّعوا أنهم متبعون له، إذا فالمقصودون بقيامهم بتفريق الدين هم من المسلمين المتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليسوا بالطبع متبعي العقائد الأخرى.
ربما أن السبب في ذهاب المفسرين الأوائل الى تفسيرهم هذا، هو ان المسلمين في عصر السلف الصالح كانوا جميعهم على قلب رجل واحد، يأخذون دينهم عن نبيهم، وبالطبع لا يمكن لأحد من بينهم مهما أوتي من العلم والفهم الادعاء بأن له فهما أصوب، واعتقد أولئك المفسرون أن الأمور ستبقى هكذا حتى بعد الغياب المادي لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه ترك أمته على المحجة البيضاء أي المرجعية الواضحة البينة، التي هي الكتاب والسنة، فلا يزيغ المؤمن الحق ولديه هذه المرجعية.
لذلك لم يخطر ببالهم أن يحدث انشقاق وتفرق بين المسلمين ذاتهم.
لكن الانشقاق حدث في نهاية الفترة الراشدة، بسبب التنازع على السلطة وليس اختلافا على العقيدة ولا التشريعات، وتحت المسمى نفسه الذي حذر منه تعالى: التشيع.
ابتدأ الانقسام عندما أعلن معاوية (الذي كان واليا على الشام) خروجه على علي الذي كان بويع أميرا للمؤمنين، ولما كان الشرع لا يجيز أن يكون هنالك أميران للمؤمنين، لأن الدولة الإسلامية يجب أن تبقى موحدة وتحت قيادة واحدة، لجأوا الى التحكيم ، وفشلوا وتطور الأمر ووصل الى الاقتتال.
كما توسع الخلاف بظهور الخوارج، وهم جماعة من المتشددين كانوا من مؤيدي علي، وخرجوا عليه عندما قبل اللجوء التحكيم، واعتبروا ذلك تنازلا عن الحق.
ولما فرض معاوية نفسه بالقوة واستفرد بالحكم، أغرى ذلك المنافقين من الشعوبيين، ورغبة في تمزيق الدولة انضموا الى المتشيعين، وضغطوا لتنصيب ابنه الحسن أميرا في المدينة وبقي معاوية أميرا في دمشق، وعرف الحسن مأربهم، وسعيا لوأد الفتنة ومنعا لتوسع الشرخ آثرالتنازل لمعاوية، لكن الذين سعوا الى تفريق الدين لم يرضهم ذلك فدسوا السم للحسن، وانتقل مركزهم الى البصرة والكوفة، ليبقوا قريبين من مناصريهم من الشعوبيين الفرس الذين كانوا ينفخون في نار الفتنة.
ظل هؤلاء يحرضون الحسن على الثورة على يزيد الذي خلف أباه معاوية، وأرسلوا له كتبا تعدل حمل بعير يعدونه بنصرته ان قدم اليهم، ولما رضخ أخيرا وارتحل باهله أليهم، أرسل أليه يزيد جيشا، فجَبُن المتشيعون عن نصرته ، وتركوه وحيدا في كربلاء مما سهل النيل منه.
وهذا ما أراده الشعوبيون، لتصبح جريمة مقتل آل البيت مأساة غائرة في ضمير المسلمين تغذي الأحقاد وتوسع الشرخ، وواظبوا على ذلك بأن جعلوها مناسبة سنوية تعيد التذكير بالمأساة وتمنع التآم الجرح، ولإدامة التفريق قاموا بتحويل الخلاف من سياسي الى فقهي، فابتدعوا فقها مخالفا للسنة وما توافق عليه الصحابة والتابعين، ولم ينزل الله به من سلطان، سموه بفقه آل البيت، معتبرين أن الإمارة والإمامة والفقه محصورة بذرية علي، وبالغوا في تقديسهم لدرجة اعتبروهم فوق البشر ومنزهين من الخطأ.
ولأن الله يعلم الغيب وما سيحل بالأمة، فقد كانت هذه الآية ضربة قاصمة لحجة اولئك المفرقين للدين، والقائمة على ادعاء التشيع لآل البيت، فجاءت صيغة: (لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) لتنفي انتمائهم نسبا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى قد قدر أن لا يكون للنبي ابناء لكي لا يدعي أحد الانتساب له: “مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ” [الأحزاب:40] ، وتنفي انتماءهم له منهجا لأنهم خالفوا ما تركهم عليه.
وتأتي نهاية الآية: (إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ) لتقطع حجة المتطرفين من الطرف المقابل، القائلين بوجوب مقاتلة هؤلاء المتشيعين، فهذه فتنة قدرها الله، والله وحده هو من سيحاسبهم يوم القيامة، وليس البشر في الدنيا. مقالات ذات صلة موقف عمومي 2025/07/10
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
كتب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على منصة "إكس": "في الذكرى العشرين لاغتيال جبران تويني، نستعيد صوتًا واجه الوصاية بلا خوف، وقلمًا دفع حياته ثمنًا لحرية لبنان. اغتياله كان جزءًا من آلة الترهيب التي استخدمها نظام الأسد ووكلاؤه لكسر إرادة اللبنانيين. اليوم، بسقوط ذاك النظام، يبقى قسمه حياً: الحرية أقوى من القمع، والسيادة لا تُقتل. وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز". مواضيع ذات صلة المجلس الوطني لثورة الأرز: القرار السياسي رهينة حزب الله Lebanon 24 المجلس الوطني لثورة الأرز: القرار السياسي رهينة حزب الله 12/12/2025 10:27:33 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 ثورة الأرز.. انتقاد لأداء السلطة ومطالب بتعديل وزاري طارئ Lebanon 24 ثورة الأرز.. انتقاد لأداء السلطة ومطالب بتعديل وزاري طارئ 12/12/2025 10:27:33 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 عون: استقلالنا حقيقة حيّة لا صفحة من الماضي حقيقة لأن رجالاً ونساءً من هذا الوطن بذلوا دماءهم من أجله فسقطوا شهداء على طريق طويل Lebanon 24 عون: استقلالنا حقيقة حيّة لا صفحة من الماضي حقيقة لأن رجالاً ونساءً من هذا الوطن بذلوا دماءهم من أجله فسقطوا شهداء على طريق طويل 12/12/2025 10:27:33 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 التحكم المروري: طريق عيناتا الارز سالكة امام المركبات ذات الدفع الرباعي او تلك المجهزة بسلاسل معدنية Lebanon 24 التحكم المروري: طريق عيناتا الارز سالكة امام المركبات ذات الدفع الرباعي او تلك المجهزة بسلاسل معدنية 12/12/2025 10:27:33 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 النائب سامي الجميل سامي الجميل النائب سامي حزب الكتائب رئيس حزب الكتائب جبران قد يعجبك أيضاً خطة لحل أزمة اللجنة الأولمبية.. بايراقداريان: هدفنا استعادة الوحدة في الرياضة اللبنانية Lebanon 24 خطة لحل أزمة اللجنة الأولمبية.. بايراقداريان: هدفنا استعادة الوحدة في الرياضة اللبنانية 03:19 | 2025-12-12 12/12/2025 03:19:09 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو والصور.. غارات إسرائيلية متتالية على الجنوب Lebanon 24 بالفيديو والصور.. غارات إسرائيلية متتالية على الجنوب 03:06 | 2025-12-12 12/12/2025 03:06:37 Lebanon 24 Lebanon 24 تعاون أكاديمي واستراتيجي بين الجامعة الأميركية في قبرص ومعهد العوربة الجامعي – لندن Lebanon 24 تعاون أكاديمي واستراتيجي بين الجامعة الأميركية في قبرص ومعهد العوربة الجامعي – لندن 03:03 | 2025-12-12 12/12/2025 03:03:52 Lebanon 24 Lebanon 24 "حزب الله" من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان Lebanon 24 "حزب الله" من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان 03:00 | 2025-12-12 12/12/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 باسيل في ذكرى جبران تويني وفرنسوا الحاج: أرواحهم ما زالت تقاتل فينا Lebanon 24 باسيل في ذكرى جبران تويني وفرنسوا الحاج: أرواحهم ما زالت تقاتل فينا 02:42 | 2025-12-12 12/12/2025 02:42:37 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان Lebanon 24 بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان 13:34 | 2025-12-11 11/12/2025 01:34:13 Lebanon 24 Lebanon 24 شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) Lebanon 24 شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) 08:38 | 2025-12-11 11/12/2025 08:38:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ 11:21 | 2025-12-11 11/12/2025 11:21:06 Lebanon 24 Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات 07:14 | 2025-12-11 11/12/2025 07:14:37 Lebanon 24 Lebanon 24 مداهمة في الأشرفية… وتوقيف مجموعة داخل منزل مُشتبه به Lebanon 24 مداهمة في الأشرفية… وتوقيف مجموعة داخل منزل مُشتبه به 04:39 | 2025-12-11 11/12/2025 04:39:36 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 03:19 | 2025-12-12 خطة لحل أزمة اللجنة الأولمبية.. بايراقداريان: هدفنا استعادة الوحدة في الرياضة اللبنانية 03:06 | 2025-12-12 بالفيديو والصور.. غارات إسرائيلية متتالية على الجنوب 03:03 | 2025-12-12 تعاون أكاديمي واستراتيجي بين الجامعة الأميركية في قبرص ومعهد العوربة الجامعي – لندن 03:00 | 2025-12-12 "حزب الله" من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان 02:42 | 2025-12-12 باسيل في ذكرى جبران تويني وفرنسوا الحاج: أرواحهم ما زالت تقاتل فينا 02:37 | 2025-12-12 انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.. نصائح للسائقين في جرود الضنية (فيديو) فيديو هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ Lebanon 24 هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ 10:00 | 2025-12-11 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 12/12/2025 10:27:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24