دبي (الاتحاد)
قال مجيد حميد جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال، إن توفير الإمدادات غير المنقطعة من الغاز الطبيعي، وبتكاليف معقولة بات يشكل ضرورةٌ حاسمةٌ لتحقيق التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي، مشدداً على الحاجة المُلحّة إلى استثمارات تصل إلى 4.3 تريليون دولار أميركي خلال السنوات الخمس المقبلة لمواكبة الطلب المتسارع على الغاز الطبيعي، وتعويض النقص الحاد في الاستثمارات الذي استمر لعشر سنوات كاملة.


وأكّد جعفر في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح مؤتمر أوبك الدولي بدورته التاسعة ضرورة العمل على تكثيف الاستثمارات، التي تضمن الحفاظ على أنظمة الطاقة الحالية وكذلك تنميتها، تحديداً في الدول النامية التي تشهد أسرع مستويات النمو في العالم بأكمله.
وأضاف: «يواجه العالم تحدياً هائلاً في مجال الطاقة، مع توقعات بنمو الطلب بأسرع وتيرة يسجلها العالم منذ عقود من الزمن. لذا، انتهى عصر تنمية الطاقة المتجددة على حساب مصادر الطاقة الأخرى، وآن أوان تطوير جميع مصادر الطاقة معاً جنباً إلى جنب. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى استراتيجية تكاملية، تضمن تنمية الغاز والنفط والطاقة المتجددة لتلبية احتياجات العالم المتصاعدة».
وشارك جعفر في حلقة نقاش رفيعة المستوى بعنوان «سياسات وأنظمة: مستقبل طاقة عادل وواقعي»، تناولت الحاجة إلى سياسةِ طاقةٍ مدروسة ومنطقية يمكن التعويل عليها لتحقيق الاستدامة، وكان من بين المتحدثين في الجلسة تينغكو محمد توفيق، الرئيس التنفيذي لشركة بيتروناس، وروفشان نجف، رئيس شركة النفط الوطنية لجمهورية أذربيجان «سوكار»، وفرانشيسكو لا كاميرا، مدير عام آيرينا التي يقع مقرها في أبوظبي.
وأوضح جعفر أن نمو الطلب على الطاقة في المستقبل سيأتي في الغالب من الدول النامية، كونها تشهد أعلى معدلات النمو السكاني والتحضر وزيادة الاعتماد على أجهزة التكييف، وهو ما يتطلب موارد جديدة. وأشار في هذا السياق إلى أن أكثر من 1.2 مليار شخص في الدول النامية يفتقرون إلى إمدادات الكهرباء غير المنقطعة، وهي فجوة تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وبيّن جعفر أن الدول النامية تحتاج إلى ما يُمكّنها من تطوير ثرواتها المحلية الوفيرة من الغاز الطبيعي، لتحل محل الوقود الأكثر تلويثاً وتوفير طاقة أنظف بلا انقطاع: «تُرغِم أزمة الطاقة الدولَ النامية على الاعتماد أكثر على الفحم، الأمر الذي يُقوّض بالنتيجة أهداف المناخ والتنمية أيضاً».
وأشار جعفر إلى أن مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي ستزيد الطلب العالمي على الطاقة، لدرجة أن احتياجاتها بحلول 2030 قد تعادل إجمالي الطلب على الكهرباء في اليابان. وأوضح أن مراكز البيانات القائمة على الذكاء الاصطناعي ستتطلب استثمارات تقدر بـ720 مليار دولار في شبكات الكهرباء العالمية، وخاصة في الغرب، لتلبية هذه الزيادة الهائلة في الطلب.
وأضاف: «إن توفر إمداداتٍ غير منقطعة من الغاز الطبيعي وبتكاليف معقولة هو شرطٌ أساسيٌّ لتشكيل نظام طاقة عادل ومنصف، يضمن التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي والرفاه المجتمعي للجميع بلا استثناء».
وبمجرد تحول العالم من الفحم إلى الغاز كوقود لتوليد الكهرباء، قد تنخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 15%، وتأثير ذلك بحد ذاته أقوى وأهم بكثير مما حققته تريليونات استُثمِرَت حتى الآن في الطاقة المتجددة.
ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة، ارتفع الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 2.2% في عام 2024، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط خلال العقد الماضي، بينما زاد الطلب على الكهرباء بنسبة 4.3%، أي أكثر بنحو الثلث من المعدل العام. ويُعزى هذا النمو إلى زيادة الطلب في الدول النامية، إضافة إلى التحول نحو الكهرباء والرقمنة نتيجة ثورة الذكاء الاصطناعي، التي أنعشت نمو الطلب على الطاقة في العالم الغربي بعد سنوات من الركود. وقد شهد الغاز الطبيعي أعلى معدل نمو بين مصادر الطاقة الهيدروكربونية، بزيادة قدرها 115 مليار متر مكعب، أي بنسبة 2.7% في عام 2024، مقارنة بمتوسط سنوي قدره 75 مليار متر مكعب خلال العقد الماضي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: نفط الهلال

إقرأ أيضاً:

اليوم العالمي للسكان.. بطالة الشباب تكشف عجز السياسات أمام الانفجار السكاني

في 11 من يوليو/تموز من كل عام، تحتفل دول العالم باليوم العالمي للسكان، وهو مناسبة تهدف إلى رفع مستوى الوعي بالتحديات والفرص التي يطرحها النمو السكاني المتسارع.

ومنذ أن أقرته الأمم المتحدة عام 1989، أصبح هذا اليوم مناسبة سنوية لتذكير العالم بحجم المسؤولية المشتركة في إدارة قضايا السكان وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ارتفع عدد سكان العالم من 1.6 مليار نسمة في عام 1900 إلى أكثر من 8 مليارات نسمة اليوم. هذا النمو الهائل يُمارس ضغطا متزايدا على الموارد الطبيعية الحيوية كالغذاء والماء والطاقة، ويثير تساؤلات جوهرية بشأن قدرة الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول، خاصة النامية منها، على استيعاب هذه الزيادة.

1.8 مليار شاب في العالم

يأتي شعار الأمم المتحدة لهذا العام ليحمل عنوانا محوريا: "تمكين الشباب من بناء الأسر التي يطمحون إليها في عالم عادل ومفعم بالأمل"، في إشارة إلى أهمية توفير الفرص والموارد التي تسمح لهم بتأسيس مستقبل قائم على الكرامة والاستقلال.

ويبلغ عدد الشباب في العالم اليوم نحو 1.8 مليار شخص تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا، ما يجعلهم الجيل الأكبر في تاريخ البشرية. هذا الجيل يواجه تحديات مركبة تشمل انعدام الأمن الاقتصادي، والتفاوت بين الجنسين، وضعف أنظمة التعليم والصحة، بالإضافة إلى التأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ والنزاعات المسلحة، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

ويُشدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أهمية دور الشباب بقوله: "إنهم لا يشكلون مستقبلنا فحسب؛ بل يطالبون بمستقبل عادل وشامل ومستدام".

ورغم هذه الأهمية، فإن أبرز الحقوق المهدورة للشباب في كثير من المجتمعات تتمثل في غياب فرص العمل اللائقة، وهو ما يحرمهم من الاستقلال الاقتصادي، ويعوق قدرتهم على تأسيس أسر، ويدفع أعدادًا متزايدة منهم نحو الفقر والتهميش.

عدد الشباب العاطلين عن العمل بلغ في العالم عام 2024 نحو 65 مليونا (شترستوك) 65 مليون شاب عاطل عن العمل

ووفقًا لبيانات منظمة العمل الدولية، بلغ عدد الشباب العاطلين عن العمل في العالم عام 2024 نحو 65 مليون شاب وشابة، بينما وصلت نسبة غير  المنخرطين في العمل أو التدريب إلى 20.4%.

إعلان

وقد بلغت البطالة ذروتها في عام 2020 خلال جائحة كورونا، حيث وصل عدد العاطلين إلى نحو 75 مليون شخص، بحسب منصة "ستاتيستا".

وتُظهر الأرقام تفاوتا صارخا بين الدول ذات الدخول المختلفة؛ ففي الدول مرتفعة الدخل، يعمل 80% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عامًا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 20% فقط في الدول منخفضة الدخل.

الأخطر من ذلك أن ما يقرب من ثلثي الشباب العاملين في الدول الفقيرة يشغلون وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم التعليمية، ما يشير إلى فجوة واضحة بين المهارات المكتسبة واحتياجات سوق العمل، كما جاء في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي.

الدول ذات الأداء الأسوأ:

النيجر كيريباتي غيانا الصومال أفغانستان

وهي الدول التي تسجل أعلى نسب للشباب خارج دوائر التعليم والعمل والتدريب (نييت NEET). وتعود هذه المعدلات المرتفعة إلى ظروف متنوعة، من بينها النزاعات المسلحة كما في الصومال وأفغانستان، أو هجرة الكفاءات إلى الخارج كما هو الحال في دول جزر المحيط الهادي.

الدول ذات الأداء الأفضل اليابان السويد هولندا آيسلندا مالطا

حيث سجلت هذه الدول أدنى معدلات بطالة بين الشباب، بفضل أنظمة تعليمية متقدمة، وتدريب مهني فعّال، وسياسات تعليمية متصلة بسوق العمل.

لكن حتى هذه الدول تواجه تحدياتها الخاصة، فاليابان على سبيل المثال، تشهد انكماشا سكانيا وشيخوخة متسارعة، مما يؤدي إلى انخفاض طبيعي في معدلات البطالة بين الشباب نتيجة تقلص حجم القوة العاملة، وهو ما يثير في المقابل قلقًا من نقص العمالة في المستقبل القريب.

17.5 مليون شخص في العالم العربي يبحثون عن عمل (غيتي) البطالة في العالم العربي.. أزمة متجذرة

في المنطقة العربية، حيث يمثل الشباب غالبية السكان، تبرز أزمة البطالة كإحدى أكثر الأزمات إلحاحا وتعقيدا. ورغم تعافي بعض الاقتصادات العربية نسبيا من آثار الجائحة، فإن أسواق العمل لا تزال تعاني من ضعف هيكلي في خلق فرص العمل، وهو ما يعكس فجوة بين النمو الاقتصادي النظري والنمو الحقيقي في فرص التشغيل.

وبحسب منظمة العمل الدولية، يُتوقع أن تبقى معدلات البطالة في المنطقة مرتفعة عند 9.8% خلال عام 2024، وهي نسبة أعلى من معدلات ما قبل الجائحة. وتُعزى هذه النسبة المرتفعة إلى عوامل مركبة تشمل عدم الاستقرار السياسي، والنزاعات المسلحة، والأزمات الاقتصادية، وضعف القطاع الخاص، والضغوط الديمغرافية المتصاعدة.

وقدّرت المنظمة أن 17.5 مليون شخص في العالم العربي يبحثون عن عمل، مما رفع معدل فجوة الوظائف في عام 2023 إلى نحو 23.7%.

تحديات هيكلية في أسواق العمل العربية

ويشير تقرير "التشغيل والآفاق الاجتماعية في الدول العربية – اتجاهات 2024" إلى أن المشكلات لا تتعلق فقط بعدد الوظائف المتاحة، بل بجودتها أيضًا. فعدد كبير من الشباب يعمل في القطاع غير المنظم، دون حماية اجتماعية أو مزايا أساسية.

وفي عام 2023، عانى نحو 7.1 ملايين عامل في المنطقة من فقر العمل، أي ما يعادل 12.6% من إجمالي القوى العاملة.

وتُعزز هذه الأرقام المؤشرات على وجود خلل بنيوي في أنظمة التعليم وتنمية المهارات، حيث لا تزال المخرجات التعليمية غير متوافقة مع حاجات السوق. بل إن الشباب من خريجي الجامعات يواجهون معدلات بطالة مرتفعة نتيجة هذا التباين بين التأهيل والطلب.

طابور من طالبي العمل في فلوريدا بأميركا (الفرنسية) توصيات إستراتيجية لحل الأزمة

وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحويل النمو السكاني إلى فرصة اقتصادية، وأبرزها:

إعلان تبني سياسات اقتصادية وقطاعية شاملة تعزز فرص التشغيل، وتستجيب بمرونة لاحتياجات السوق المحلي. دعم الصناعات التحويلية، وتطوير الخدمات ذات القيمة المضافة لخلق فرص عمل مستدامة وعالية الإنتاجية. إصلاح منظومة التعليم وربطها بالتدريب المهني، مع تعزيز التعلم المستمر مدى الحياة. تسهيل الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد الرسمي، وتحقيق العدالة بين الجنسين في سوق العمل. تحسين أنظمة معلومات سوق العمل، لتوفير بيانات دقيقة تساعد صناع القرار على تصميم سياسات أكثر استجابة للواقع. قنبلة سكانية أم فرصة تنموية؟

إن التحديات التي تطرحها الزيادة السكانية، خصوصًا في فئة الشباب، ليست أرقامًا مجردة، بل انعكاسات حية لواقع اجتماعي واقتصادي يواجه خطر الانفجار إن لم تُعالَج أسبابه البنيوية بجدية واستباق.

ولذلك، فإن الاستثمار في الشباب -عبر التعليم الجيد، وتطوير المهارات، وتوفير فرص العمل اللائق- لم يعد خيارا تنمويا فحسب، بل أصبح ضرورة إستراتيجية لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

فمجتمعات لا توفر لأجيالها الشابة ما يكفل لها العيش بكرامة، لن تستطيع مواكبة التحولات العالمية، ولا بناء مستقبل مستدام.

مقالات مشابهة

  • وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2025 و2026
  • اليوم العالمي للسكان.. بطالة الشباب تكشف عجز السياسات أمام الانفجار السكاني
  • التجارة البينية للبريكس على خطى الدول النامية
  • تصنيف أكبر دول العالم المنتجة للغاز الطبيعي (إنفوغراف)
  • «أدنوك للغاز» توقع اتفاقية مع «سيفي» الألمانية لتوريد الغاز الطبيعي المُسال
  • التوترات التجارية تعيد رسم مشهد الأسواق العالمية وسط استقرار نسبي في أسعار الطاقة
  • أوبك: 18 تريليون دولار استثمارات مطلوبة لقطاع النفط حتى 2050
  • وزير النفط:العراق يمتلك أكثر من (145)مليار برميلاً من النفط و(132) تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي
  • وزير النفط:العراق يمتلك أكثر من (145)مليار برميل من النفط و(132) تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي