الخرطوم تواجه تحدي إعادة التيار الكهربائي بسبب الحرب
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
23/7/2025-|آخر تحديث: 18:59 (توقيت مكة)
.المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ألواح النور.. أنظمة الطاقة الشمسية تنقذ بيوت السودانيين من الظلام
وسط الأزمات المتفاقمة في السودان، يسعى المواطنون جاهدين لاستعادة نمط حياتهم الطبيعي بأبسط الوسائل المتاحة، وعلى رأسها الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية لمواجهة الانقطاع المتكرر للكهرباء. هذا الاتجاه الإجباري نحو الطاقة النظيفة أدى إلى انتعاش سوق الأجهزة المرتبطة بها، من ثلاجات ومكيفات تعمل بالطاقة الشمسية إلى الألواح والبطاريات وخدمات الصيانة، مما أوجد فرص عمل جديدة وأدخل كثيرين في عالم لم يكونوا جزءًا منه من قبل. ورغم التكلفة المرتفعة نسبيًا، إلا أن الكثيرين يرون فيها خيارا أكثر استقرارا وأمانا في ظل الأحداث المتقلبة والخدمات المتعثرة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذا التحول في حال عادت الأوضاع للاستقرار.
الكهرباء تدفع السودانيين نحو الطاقة الشمسيةتقول إلهام علي، المقيمة في مدينة شندي بولاية نهر النيل، إنها لم تكن تتوقع أن تعود لاستخدام أدوات أجدادها، لكنها اضطرت لذلك بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء منذ بداية الحرب. وتوضح في حديثها لـ"الجزيرة نت" أنها تستخدم "الهبابة" – مروحة يدوية مصنوعة من السعف – لإشعال النار، و"الموعلاق" أو "المشعليب" – وهو بديل تقليدي للثلاجة يُصنع من سعف النخيل ويُعلق في سقف المطبخ، بالإضافة إلى استخدام الزير لحفظ الماء، والفانوس للإضاءة، ومكواة الفحم القديمة. رغم أن هذه الأدوات سدّت احتياجاتها اليومية، إلا أن المعاناة لا تزال مستمرة، وتفكر بجدية في ادخار المال لتركيب نظام طاقة شمسية. لكنها تتردد، إذ في حين يرى البعض في هذه الخطوة حلاً جذريًا لأزمة الكهرباء، يحذر آخرون من ضعف كفاءة الأجهزة المتوفرة وسوء جودتها، ما يجعل الاستثمار فيها مخاطرة
تتمتع السودان بظروف مثالية لتوليد الطاقة الشمسية، بفضل مساحاتها الصحراوية والزراعية الواسعة. وقد عززت الحكومة هذا التوجه من خلال أطر تنظيمية وسياسات وطنية تدعم الطاقة المتجددة، أبرزها "قانون الطاقة المتجددة وكهربة الريف" الصادر عام 2013، والذي يشكل الأساس القانوني لمشاريع الطاقة الشمسية خارج الشبكة. كما تقدم الدولة حوافز ضريبية ومالية وإعفاءات جمركية لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
إعلانواقع يؤمن عليه عبده حسين، تاجر في مجال أدوات الطاقة الشمسية في السودان، يقول للجزيرة نت: "قبل الحرب كان لدي شركة تراكتورات وآليات، ومولدات كهرباء بالعاصمة ولكن بسبب الحرب في ذلك الوقت خرجنا إلى ولاية نهر النيل وكنت أبحث عن مشروع بديل بعد أن فقدت تجارتي وكل ما أملك، لذا فكرت في العمل بمجال تجهيزات الطاقة الشمسية، قرابة الثلاث سنوات من العمل على هذا المشروع جعلتني أؤمن أنه مشروع واعد، فالطلب كبير جدا لدرجة أننا كتجار نقوم بحجز البضاعة قبل أن تصل إلى ميناء بورت سودان بالحاويات".
ويتابع: "في البداية عملت على تأسيس منظومات الطاقة الشمسية الزراعية لتوفير المياه للمزارعين عقب ارتفاع سعر الجازولين بسبب الحرب، لكن تزايد الطلب حتى من غير المزارعين مع الانقطاعات المتزايدة للتيار الكهربائي، حيث صارت الخدمة شبه معدومة في بعض الأماكن بسبب سرقات المحولات الكهربائية الحكومية والماكينات من قبل مليشيات الدعم السريع، ما دفع الكثير من المواطنين إلى التفكير في منظومة الطاقة الشمسية كبديل لتوفير الكهرباء وسط الأوضاع السيئة".
رغم فقدان كثير من السودانيين لمصادر دخلهم، لا تزال الطاقة الشمسية تُعد خيارا اقتصاديا بالمقارنة مع الكهرباء العامة، وفقًا لعبده حسين، الذي أوضح أن "الحكومة رفعت سعر الكيلوواط، بينما تقتصر تكلفة الطاقة الشمسية على مرحلة التأسيس فقط، وبعدها يبدأ التوفير". وأضاف أن تأسيس نظام شمسي لمنزل يشغّل ثلاجة، مروحتين، مكيفًا من نوع سبليت، إنارة، مضخة مياه، وتلفاز، يكلّف نحو ألفي دولار.
يعمل أمجد مأمون أحمد (28 عامًا) في صيانة مولدات الكهرباء وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية للأغراض السكنية والزراعية. ويؤكد في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن "الطاقة الشمسية غير مكلفة على المدى الطويل، إذ تُدفع تكلفتها مرة واحدة فقط، وبعدها لا يحتاج صاحبها لأي مصاريف صيانة أو فواتير لمدة لا تقل عن 7 سنوات، إذا تم الحفاظ عليها جيدًا". ويضيف أن العمل في هذا المجال مجزٍ وممتع، خاصة وأنه يعتمد على طاقة نظيفة تستخدمها الدول المتقدمة للحد من التلوث والانبعاثات. ويرى أن السودان قد يستفيد من التوسع في استخدامها، لا سيما بعد تضرر عدد من خزانات ومحطات الطاقة الكهرومائية مثل سد مروي وخزان جبل الأولياء.
مجال واعد.. هل يستمر؟صحيح أن الأوضاع أجبرت عبده على العمل في مجال الطاقة الشمسية إلا أن مستقبلها يبدو مشرقا برأيه، يقول: "الآن هناك بادرة طيبه من بنك الخرطوم حيث قام بتفعيل نظام التمويل للمنازل في حدود 10 مليون جنيه سوداني تسدد على شكل أقساط لمده 24 شهرا فقط لتمويل الطاقة الشمسية".
تعمق عبده في دراسة مكونات الطاقة الشمسية، واكتسب خبرة كبيرة من احتكاكه بالمهندسين العاملين في المجال كصاحب عمل، يقول: "تعلمت أبجديات حسابات الأحمال الكهربائية وكيفية تكوين منظومة متكاملة بحسابات دقيقة، تعلمت أكثر عن جميع الأجهزة المتعلقة بالطاقة الشمسية، ما فتح لي قنوات مع أصحاب مصانع في الصين والهند على مستوى الاستيراد، وأرى أن الطلب سيكون كبير جدا خلال الفترة القادمة".
إعلان